دمرت المدارس وشردت الطلاب.. حرب السودان تنذر بأزمة تعليمية ممتدة
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
الجزيرة نت: مزدلفة عثمان
الخرطوم- يواجه ملايين الطلاب والتلاميذ في السودان مصيرا غامضا مع استمرار الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع وامتدادها لنحو 9 ولايات من أصل 18، حيث تعطلت العملية التعليمة كليا في ظل نزوح واسع ودمار كبير للمؤسسات التعليمية، كما تحولت مئات المدارس في المناطق الآمنة لمعسكرات تأوي الفارين من القتال.
وتسبب النزاع الدائر على مدى 9 أشهر، في نزوح قرابة 6 ملايين نسمة داخليا، نصفهم من الأطفال وحوالي مليون ونصف آخرين لجؤوا لدول مجاورة.
ويجد 5 ملايين طفل أنفسهم محاصرين في مناطق النزاع النشط، وهو ما يعرضهم لخطر فقدان الوصول الحاسم إلى التعليم وخدمات الحماية الأساسية، وفق منظمة إنقاذ الطفولة.
ومع تمدد القتال خارج العاصمة الخرطوم، يؤكد المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر، للجزيرة نت، أن أغلب مؤسسات التعليم العام في المناطق المتأثرة بالنزاع غير جاهزة لاستقبال الطلاب بسبب تدميرها جراء القصف أو استخدامها منصة للحرب أو ثكنات عسكرية.
خطر الأمية
ويؤكد المتحدث ذاته، تحول مدارس كثيرة في المناطق الآمنة لمراكز تأوي النازحين، لافتا الى أن 11 مليون تلميذ كان يجب أن يكونوا في المدارس، غابوا عنها طيلة هذه الفترة.
ويبيّن الباقر أن أكثر من 3 ملايين طفل في المراحل التعليمية الأولى -الصف الأول والثاني والثالث ابتدائي- هم عرضة الآن للأمية بسبب الغياب الطويل عن مقاعد الدراسة.
كما يواجه قرابة مليون و100 طالب من طلاب الشهادة الثانوية مصيرا غير معروف بعد تعذر إنجاز الامتحانات التي كانت مقررة في مايو/أيار 2023.
وتلقي هذه العقبات، وفق المتحدث باسم لجنة المعلمين، بظلالها الكثيفة على مستقبل وأوضاع طلاب المرحلة الثانوية في الصف الثاني وطلاب المرحلة المتوسطة الذين باتوا عرضه للتسرب.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسف" فإن نحو 19 مليون طفل في السودان باتوا خارج المدارس، وهي إحصائية أعلنتها بعد 6 أشهر من بدء النزاع المسلح، محذرة من "كارثة لجيل بأكمله".
وقالت المنظمة -في بيان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي- إن حوالي 6.5 ملايين طفل فقدوا إمكانية الوصول إلى المدرسة جراء تزايد العنف وانعدام الأمن في مناطقهم، مع إغلاق 10 آلاف و400 مدرسة على الأقل في المناطق المتضررة من النزاع.
وينتظر أكثر من 5.5 ملايين طفل يقيمون في مناطق أقل تأثرا بالحرب، أن تؤكد السلطات المحلية إمكانية إعادة فتح المدارس.
أسوأ أزمة تعليمية
وقالت ممثلة المنظمة في السودان، مانديب أوبراين "السودان على وشك أن يصبح موطنا لأسوأ أزمة تعليمية في العالم. لقد تعرض الأطفال لأهوال الحرب لحوالي نصف عام. الآن، بعد أن أُجبروا على الابتعاد عن فصولهم الدراسية ومعلميهم وأصدقائهم، فإنهم معرضون لخطر الوقوع في فراغ سيهدد مستقبل جيل كامل".
وتمدد القتال الضاري لولايات عديدة بما سيرفع أرقام التلاميذ غير القادرين على الوصول للتعليم المستقر.
ورصدت الجزيرة نت إغلاق المدارس في ولايات عدة بينها كسلا والقضارف شرق البلاد وهي من المناطق التي لم تتأثر بالحرب، لكن غالب المباني تحولت لمراكز إيواء للنازحين من ولايتي الخرطوم والجزيرة.
ويُقدّر المعلم بالمرحلة الابتدائية والمتوسطة إلياس باسيل، عدد التلاميذ في السودان بـ11 مليون طالب وتلميذ بينهم 9 ملايين في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، موزعين على قرابة 22 ألف مدرسة في كل أرجاء البلاد، ويحذر من ارتدادهم إلى الأمية وارتفاع نسبة التسرب مع استمرار الحرب والواقع الاقتصادي المتردي.
ويرى باسيل، في حديثه للجزيرة نت، أن نزوح ملايين الأُسر يعد مؤشرا خطيرا على مستقبل العملية التعليمية علما أن ثلث المعلمين والطلاب والتلاميذ في السودان كانوا موجودين في الخرطوم، حيث دارت أشرس المعارك.
ويصف رجل التعليم الظروف التعليمية الحالية بأنها "أسوأ أزمة" يمر بها هذا القطاع في السودان منذ بداية التعليم النظامي، حيث أصبح كل الأطفال في سن المدرسة معرضين للارتداد للأمية في الصفوف الدنيا والتسرب في الفصول العليا.
وانتقد باسيل "غياب دور وزارة التربية والتعليم في ظل هذا الواقع غير المفهوم وغير معلوم النتائج". ولفت إلى أن إنقاذ العملية التعليمية يبدأ بإيقاف الحرب وتوفير أماكن ومسارات آمنة، مؤكدا أن كافة المؤسسات التعليمية غير مؤهلة لاستقبال الطلاب حاليا بعد تدميرها أو تحولها لمراكز إيواء وربما ثكنة عسكرية.
وجزم باسيل بتوقف الدراسة في كل ولايات دارفور الخمس، وولايات القضارف وكسلا والنيل الأزرق الخرطوم والجزيرة، معتبرا أن محاولات استئناف الدراسة في الولايات الشمالية ونهر النيل والبحر الأحمر، تهدف إلى "تحقيق مكاسب سياسية".
ورغم محاولات ولايات آمنة وبعيدة عن الصراع استئناف العام الدراسي؛ فإن معيقات عملية التعليم حالت دون ذلك؛ وعلى رأسها عدم توفر الكتاب المدرسي خاصة للصف الثالث المتوسط، حيث لم تصل نسخته للمدارس العاملة في السودان ولا تلك التي فتحت أبوابها للطلاب خارج البلاد، كما يعاني المعلمون من عدم توفر الرواتب.
ويؤكد المتحدث باسم لجنة المعلمين سامي الباقر، أن توقف الرواتب منذ 15 أبريل/نيسان الماضي انعكس سلبا على المعلم اقتصاديا واجتماعيا، وهو ما أجبر المئات منهم على البحث عن مهن بديلة وهامشية.
ويتحدث الباقر عن أوضاع كارثية تحيط بأكثر من 350 ألف معلم وإداري وعامل في قطاع التعليم بينهم مرضى لا يجدون تكاليف العلاج، ومعلمات أرامل أو يعلن أسرا، واجهوا جميعا عمليات نزوح ولجوء إجبارية بدون الحصول على رواتب.
وبذلت عدة مدارس سودانية محاولات لاستيعاب عشرات آلاف التلاميذ الذين لجؤوا لدول مجاورة على رأسها مصر، بفتح فروع للمدارس تعمل وفق المنهج السوداني.
والتحقت أعداد كبيرة بالمدارس في محافظات القاهرة، لكن الارتباط بالتقويم والمنهج السوداني صعّب على بعض الطلاب مواصلة الدراسة لبعض الفصول والمناهج في ظل عدم وضوح الرؤية التعليمية بسبب الإغلاق المتواصل للمدارس في غالب مدن السودان.
ويدعو الباقر إلى تظافر الجهود لاستمرار واستئناف العملية التعليمية لأن توقفها أكثر يعني دمارا أكثر، ويشدد على أهمية الاتفاق على أسس لاستعادتها تتمثل في العدالة وألا يكون التعليم أحد وسائل استمرار الحرب إنما وسيلة لكبحها والحد منها وإبعادها عن المدارس والمساكن.
ويطالب المتحدث نفسه، طرفي النزاع في السودان والمنظمات الإقليمية والدولية العاملة في المجال، ببذل الجهد لاستعادة العملية التعليمية.
ويضيف سامي الباقر "لحكومة الأمر الواقع دور في توفير رواتب العاملين والكتاب المدرسي وغيره، والأمر ذاته بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني السوداني، إذا تم تنسيق هذه الجهود يمكن استعادة العملية التعليمية ويجب علينا -كمجتمع- إنهاء هذه الحرب التي جاءت وبالا على السودان".
المصدر : الجزيرة
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العملیة التعلیمیة فی المناطق ملایین طفل فی السودان
إقرأ أيضاً:
تعليم البلينا تعقد اللقاء التشاوري الأول لمناقشة مقترحات تحقيق صالح العملية التعليمية
عقدت إدارة البلينا التعليمية جنوب محافظة سوهاج برئاسة أسامة المشنب مدير عام الإدارة أول لقاء تشاوري ضم أولياء الأمور والمعلمين ومجلس الأمناء والذي عقد بمدرسة البلينا الرسمية للغات في ضوء الجهود التي تبذلها الوزارة للتواصل بين كافة عناصر العملية التعليمية وصولا للنتائج المرجوة لمصلحة الطلاب وفي تجربة رائدة للحوار المجتمعي الهادف للنهوض بالمنظومة التعليمية بتوجيهات الدكتور محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والدكتور محمد السيد وكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة.
جاء ذلك بحضور كل من عاطف أبورحاب رئيس مجلس الأمناء والآباء بالمركز ومحمد سليم وكيل الإدارة والدكتور محمد حلمي رئيس مجلس الأمناء والآباء بمدرسة البلينا التجريبية وعلاء سرحان رئيس قسم الأمن بالإدارة وحماده عجور عضو مجلس الأمناء والآباء بالمدرسة ونجلاء رجب مديرة المدرسة ونخبة من رؤساء الأقسام والموجهين بالإدارة وعدد كبير من أولياء الأمور والمعلمين وأعضاء مجلس الامناء والآباء.
بدأ اللقاء بالسلام الوطني ثم تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم أعقبه كلمة أسامة المشنب مدير عام الإدارة والتي أكد فيها على أن الوزارة أصبح لها توجه وفلسفة جديدة تولي من خلالها اهتماما كبيرا بالدور الذي تلعبه المشاركة المجتمعية لتحقيق صالح العملية التعليمية لأنها تهدف إلي تقارب المجتمع المحيط وأولياء الأمور بالادارت التعليمية ليكونا خير داعم ومساند للمعلم والإدارة المدرسية ، وذلك للتغلب علي أي تحديات تعوق سير العمل.
وأضاف مدير عام الإدارة أن هذا اللقاء التشاوري ينم عن فكر مستنير ورؤية ثاقبة للقيادات التعليمية بالمديرية لأنه يجمع بين أهم عناصر المنظومة التعليمية وهم (المعلم والإدارة المدرسية وأولياء الأمور ومجلس الأمناء) وذلك لعرض ومناقشة القرارات الوزارية وبحث المقترحات الجيدة التي تخدم العملية التعليمية .
ومن جانبه أكد عاطف أبورحاب خلال كلمته على ضرورة بحث المشكلات والتحديات لدى المعلمين وإيجاد حلول مناسبة لها حتي يؤدي المعلمون رسالتهم على أكمل وجه مشيدًا بالقيادة التربوية الواعية والمتمثلة في أسامة المشنب مدير عام الإدارة والذي وضح جليا من خلال ماتحققه الإدارة من إنجازات ونجاحات من مختلف المحافل التعليمية.
وطالب الدكتور محمد حلمي في كلمته بضرورة تنفيذ القرارات الوزارية لصالح العملية التعليمية ووضع التعليم في مقدمة أولوياتنا والاستفادة بالتطوير الذي حدث في حياتنا المعاصرة.
وأكدت المدرسة خلال كلمتها التي ألقاها عماد أبو سعيد مشرف قسم اللغة الانجليزية على أن التعليم هو إعداد للتنمية البشرية داخل المدارس بالتعاون مع الأسرة مؤكدا على أهمية دور أولياء الأمور في تعديل سلوكيات أبنائهم تجاه المعلمين والمعلمات.
وعقب انتهاء كلمات اللقاء تم فتح باب الحوار والنقاش حيث عرض الحضور كثيرا من المقترحات والتساؤلات يأتي في مقدمتها:
- المناهج الدراسية ومدي مناسبتها للمراحل التعليمية.
- الدروس الخصوصية وكيفية مواجهتها.
- الإهتمام باكتشاف المواهب وتنمية قدراتها
- جدوى التقييمات لاسيما في الصفوف الأولى
- أهمية وجود كتاب للمهارات المهنية
- ابراز دور مجلس الأمناء والآباء في منظومة التعليم بالتعاون مع الأسرة
- استمرارية مثل هذه اللقاءات لتحقيق الهدف منها.
وعقب هذه المقترحات والتساؤلات تفضل مدير عام الإدارة ورؤساء الأقسام والموجهين المعنيين بالرد عليها حيث أكد المشنب على أن التقييمات للصفوف الأولي تخضع حاليآ لتقويم مرحلي وليس نهائي وأن القرارات الوزارية جميعها في صالح العمل وماقدمه الحضور من مقترحات جديرة بالدراسة والاهتمام وسوف يتم رفعها للقيادات التعليمية بالمديرية لأنها داعم قوي للطلاب في مختلف المراحل التعليمية .
وفي نهاية اللقاء أعرب الحضور جميعا عن سعادتهم البالغ لمثل هذه اللقاءات الهادفة والتي تساهم لاشك في النهوض بالمنظومة التعليمية ، واستحق القائمون عليها كل ثناء وتقدير.