كاميرون يزور إسرائيل للدفع نحو وقف إطلاق نار مستدام في غزة
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
يتوجه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، إلى إسرائيل، الأربعاء، حيث من المتوقع أن يتناول المخاوف بشأن العدد الكبير من الشهداء الفلسطينيين، ويدفع من أجل وقف إطلاق نار "مستدام" في حرب غزة.
وستكون جولة كاميرون هي الثالثة له في الشرق الأوسط خلال ما يزيد قليلا عن شهرين، وستشمل زيارات للضفة الغربية، حيث تتمركز السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب، ولقطر وتركيا.
ومن المقرر أن يدعو إلى مسار للخروج من الحرب يشمل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تدير غزة، مع تولي السلطة الفلسطينية إدارة القطاع، ووقف الهجمات الصاروخية على إسرائيل.
وفي إسرائيل، يعتزم كاميرون التنويه على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة "فعل المزيد وبسرعة أكبر لزيادة تدفق المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة بشكل كبير".
اقرأ أيضاً
كاميرون يعرب عن قلقه حيال انتهاك إسرائيل القانون الإنساني الدولي في غزة
وسيتناول اللقاء "المخاوف بشأن العدد الكبير من الضحايا المدنيين"، بحسب ما جاء في بيان من وزارة الخارجية.
وقال كاميرون "لا أحد يريد أن يرى هذا الصراع يطول أكثر من اللازم.. من الضروري الآن هدنة فورية لإدخال المساعدات وإخراج الأسرى.. الوضع فظيع".
ويعتزم كاميرون أيضا، حث إسرائيل على فتح مزيد من نقاط العبور للسماح بإيصال المساعدات إلى غزة، بما في ذلك ميناء أشدود ومعبر كرم أبو سالم، وحتمية إعادة المياه والوقود والكهرباء إلى القطاع الفلسطيني.
وخلال زيارة للضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل حيث تمارس السلطة الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا، سيجتمع كاميرون مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ويسلط الضوء على دعم بريطانيا طويل الأمد لاتفاق سلام ينشئ دولة فلسطينية تتعايش إلى جانب إسرائيل.
ومن المقرر أن يسافر كاميرون بعد ذلك إلى قطر وتركيا في وقت لاحق من الأسبوع، لإجراء مزيد من المحادثات الدبلوماسية.
ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى الثلاثاء، نحو 25 ألفاً و490 شهيداً و63 ألفاً و354 مصاباً معظمهم أطفال ونساء، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في "دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
اقرأ أيضاً
غزة.. لهذا لن يغرد كاميرون خارج سرب الدعم البريطاني لإسرائيل
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: كاميرون إسرائيل حرب غزة شهداء أسرى
إقرأ أيضاً:
رَجُل إسرائيل يتبوأ منصبه في رام الله
لم يبتهج الشارع الفلسطيني لاستحداث السلطة الفلسطينية منصب نائب للرئيس بعد اجتماع المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك تلبية لشرط أمريكي وغربي، كجزء من عملية إصلاح مطالبة السلطة الفلسطينية بتنفيذها. والإصلاح هنا لا علاقة له برغبة الفلسطينيين ومطالبهم بالإصلاح الذي يلبي مصالحهم الوطنية والسياسية والكفاحية، على قاعدة أساسية من متطلبات المراجعة المطلوبة لكل المسار الفلسطيني، وعلاقته بالمحتل على الأرض، لذلك فإن السعادة التي عبّر عنها أعضاء السلطة وصفقوا للإنجاز؛ بقيت ضمن جدران مكان الاجتماع، الذي تفصله أمتار قليلة عن حواجز ودبابات الاحتلال التي تواصل ارتكاب جرائم القتل والتهجير، وتفرض حصارا مشددا على مدن الضفة، وتواصل ارتكاب جرائم الإبادة في غزة، لذلك رسالة المنصب وصلت لمن ينتظرها على الجانب الآخر.
إحداث المنصب الجديد وهوية الشخصية التي شغلته، حسين الشيخ، ثم الإشادة بهذه الخطوة وتهنئته في منصبه الجديد من دوائر ترشيحه في تل أبيب وواشنطن، كل ذلك كان متوقعا، ويؤكد صحة كل التسريبات التي سبقت تاريخ اجتماع اللجنة المركزية للمنظمة، وما سيصدر عنه، وتحديد اسم الشخصية الأوفر حظا لشغل المنصب، الذي سيخلف زعامة محمود عباس على حركة فتح والمنظمة والسلطة.
إحداث المنصب الجديد وهوية الشخصية التي شغلته، حسين الشيخ، ثم الإشادة بهذه الخطوة وتهنئته في منصبه الجديد من دوائر ترشيحه في تل أبيب وواشنطن، كل ذلك كان متوقعا، ويؤكد صحة كل التسريبات التي سبقت تاريخ اجتماع اللجنة المركزية للمنظمة، وما سيصدر عنه، وتحديد اسم الشخصية الأوفر حظا لشغل المنصب، الذي سيخلف زعامة محمود عباس على حركة فتح والمنظمة والسلطة
يمكن القول في سياق ما يتابعه الشارع الفلسطيني، وعلى وقع اختيار منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية والرئيس، وما أحاط بشخصية حسين الشيخ الأوفر حظا خارج الشارع الفلسطيني وإجماعه ومؤسساته، والمكلف بشكل غير ديمقراطي وحر، وفي غياب إجماع وتمثيل حقيقي للشارع نظرا لانتهاء صلاحية معظم المؤسسات الفلسطينية، إن الشيخ ليس مرشح المؤسسات الفلسطينية، بل كان موضع ترشيح وتزكية إسرائيلية لهذا المنصب.
هناك ملفات كثيرة تتعلق بمسيرة وسلوك أمين سر اللجنة التنفيذية، ووزير الشؤون المدنية سابقا، من التصاقه العضوي مع الاحتلال بالتنسيق الأمني، ومشاركته المقدسة للرئيس عباس في قمع أي حالة نهوض وطني وثوري في المناطق التي تخضع لسلطته مع الاحتلال، وهذا جعل من حسين الشيخ، ومنذ سنوات، رجل إسرائيل في رام الله، كما يُوصف في تل أبيب.
تهم الفساد المالي وقضية التحرش الجنسي بموظفة في مكتبه برام الله، وارتباطه بملف تزوير بيانات كتائب شهداء الأقصى أيام الزعيم الراحل ياسر عرفات الذي أصدر مذكرة اعتقال بحقه عام 2003، بالإضافة لتورطه في ملف التفريط بالأرض لمحاولة توقيع عقد إيجار مع الاحتلال لـ99 عام في ترقوميا.. هذه على ما يبدو من أبرز مميزات الرجل الذي تدرج في تقلد مناصبه، لذلك جاء التعيين المتوقع بخلاف الرغبة الحقيقية والوطنية المطالبة بالإصلاح الداخلي وترتيب الأوضاع، والمفترض أنها تعمل على تعزيز الحريات والمشاركة السياسية، وفق مبدأ ديمقراطي يراعي الحفاظ على الحقوق الفلسطينية ويدافع عنها.
المناصب الفلسطينية، في وضعها الحالي والسابق، فُصلت وفق مقاس أوسلو وملاحقه الأمنية كما هو معروف، ولم يتبق منها شيء له فاعلية ورمزية، بعضها استحدث تلبية لرغبة إسرائيلية أمريكية، وأصبحت من أكبر الأعباء على كاهل الشعب الفلسطيني بعد أعباء استفحال الاستيطان وارتكاب إسرائيل جرائم كبرى على الأرض؛ قوضت ودمرت أوسلو كله. ومنصب نائب الرئيس ومن يشغله، يأتي لتعزيز مكانة ونفوذ المحتل الإسرائيلي لدى السلطة الفلسطينية، وتفاديا لتداعيات ما يجري في مدن الضفة، فتاريخ حسين الشيخ الذي يعرفه أبناء حركة فتح أنفسهم، يتضمن الكثير من علامات الاستفهام المرتبطة بعدم النزاهة وفساد السلوك، وتعيينه في المنصب الجديد والقادم، يُبشر بتداعيات سوداوية وأكثر عبثية على الوضع الفلسطيني. ورغم معرفة الجميع بهذه العلامات، التي تفاقم من وضع الانقسام الفلسطيني بشكل أكثر وضوحا إثر الأداء العاجز للسلطة بعد جرائم الحرب والإبادة الجماعية المستمرة، وعدم القدرة على الاستفادة من المستجدات التي تتطلب بروز عامل ذاتي موحد وقوي وباستخلاص العبر، بدل التنازل والخضوع للإملاءات الإسرائيلية الأمريكية.
مشكلة الفلسطينيين ليست بتحليل ظروفهم وواقعهم، ولا في تحليل سياسات عربية وأمريكية وغربية استعمارية، مشكلتهم في نشوء سلطة تكيفت مع هذه الظروف وأصبحت تبعيتها المباشرة لعدوهم؛ تستجيب تلقائيا لمتطلبات وضغوط إسرائيلية أمريكية، ولا تلتفت بالمطلق لشارعها، إلا في أوامر تشديد الخناق عليه حماية للمستعمر
هناك نجاح إسرائيلي أمريكي في تحديد مناصب الفلسطينيين، وفرض جملة من الشروط والإملاءات المتعلقة بمسارهم، وهناك حالة من اليقين الإسرائيلي والعربي بأن أوضاع الشارع الفلسطيني باتت في أيدٍ أكثر أمنا بالنسبة للمستعمر؛ على الأقل فيما أظهرته مناصب فلسطينية سابقة ولاحقة بغض النظر عن مسمياتها في رام الله، والمعنية بتوطيد التنسيق الأمني وتناغمها مع التطبيع العربي، وقدرتها على امتصاص واحتواء حالة المقاومة ومنع الاشتباك مع الاحتلال. هذا هو معيار الترشيح للمنصب، في الفترة التي ستستمر فيها حال الأوضاع الفلسطينية مع تبوؤ رجل إسرائيل منصبه في السلطة الفلسطينية، فهناك ارتياح لعقيدته وسلوكه، وإعجاب إسرائيلي ببراغماتيته؛ لإيمانه المطلق بضرورة قمع الشارع الفلسطيني، وإعجاب بلغته العبرية التي يتقن من خلالها البوح في الغرف المغلقة برطانة التعبير عن إعجابه بـ"إسرائيل" وتطورها، كما جاء على لسان من التقى به في تل أبيب وفي مناسبات كثيرة.
بكل ألم، نقول إن الانتقال المأساوي الهزلي من الرئيس لنائبه، ليس حلا لرمي أعباء السلطة المتراكمة، بل هو تكريس لتزييف واقع المؤسسات الفلسطينية، وإمعان في خرابها، والاستقواء في تكلسها وترهلها زاد من مأساة فلسطينية من العبث التغول فيها؛ كحل يضمن فقط حالة الانحلال والتكلس المطلوبة إسرائيليا للفلسطينيين. على أية حال، نفاد خيارات ونهج السلطة الفلسطينية وتجوف مناصبها، وفرض التكيف معها بصم الآذان عن كل مطالب الشارع الفلسطيني، أوصل القضية لهذا التقزيم، ومن المشروع الاستعماري الصهيوني بعض النجاحات. فحقل الخيارات الفلسطينية واسع بمقدار توفر الحد اللازم من فاعلية مواقف فلسطينية مرتكزة بالأساس على قوة حركة تحرر وطني ووحدتها وإرادتها.
أخيرا، ثمة حقيقة لا تحتاج الى برهان، وهي أن مشكلة الفلسطينيين ليست بتحليل ظروفهم وواقعهم، ولا في تحليل سياسات عربية وأمريكية وغربية استعمارية، مشكلتهم في نشوء سلطة تكيفت مع هذه الظروف وأصبحت تبعيتها المباشرة لعدوهم؛ تستجيب تلقائيا لمتطلبات وضغوط إسرائيلية أمريكية، ولا تلتفت بالمطلق لشارعها، إلا في أوامر تشديد الخناق عليه حماية للمستعمر.
ومهما كانت مسؤولية السلطة الفلسطينية في تدهور أوضاع البيت الفلسطيني، فإن مظهر الفصائل الفلسطينية السلبي من تراجع مواجهة السلطة في اللجنة المركزية ومنظمة التحرير؛ إلى قبول المشاركة في مناصب فارغة، واستبعاد قوى مؤثرة في الشارع عن القرار الوطني، برهان على أن حالة الانشطار والتنافر ستبقى أحد أهم أسباب ضعف الموقف الفلسطيني، ولن يمنحه قوة لا رئيس ولا نائبه ولا وزير، في الوقت الذي تمارس في إسرائيل قهر الإنسان وامتهان وجوده بطريقة سافرة ومباشرة، وتفرض على الفلسطينيين "رجلها" لإدارة القهر والظلم عليهم.. هكذا وصفته الصحافة الإسرائيلية قبل عامين، "امتلاك الشيخ فرصة لأن يصبح الزعيم القادم للسلطة الفلسطينية على الرغم من عدم شعبيته، ذلك بفضل علاقاته الوثيقة مع إسرائيل والولايات المتحدة"، وهو ما يتحقق.
x.com/nizar_sahli