تداعيات إقفال النافعة: فوضى وسيارات بأوراق مزورة.. وقطاعٌ مُهدد بالإقفال!
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
شهدت مصلحة تسجيل السيارات في الدكوانة الأسبوع الماضي زحمة خانقة ما تسبب بحصول إشكالات بين المواطنين الذين تهافتوا لانجاز معاملاتهم وذلك بعد أشهر من توقف العمل والإغلاق التام.
وكانت هيئة إدارة السير والآليات والمركبات أعلنت في شهر تشرين الثاني الماضي أنها ستستقبل المواطنين أيام الثلاثاء، الأربعاء، والخميس، ومن ثم أعلنت في بداية كانون الثاني انه بإمكان الراغبين في إتمام معاملاتهم في الدكوانة، والذين تعذر عليهم أخذ موعد مسبق على المنصة الإلكترونية الحضور شخصيا إلى المصلحة يوم 4 من الشهر الجاري، من دون وكالات ومن دون الحاجة إلى موعد.
هذا المِرفق الذي يدخل مليارات الليرات يوميا إلى خزينة الدولة والذي يُعتبر مرفقا أساسياً نظراً لأهميته، عاد شيئا فشيئاً إلى العمل، ولكن هذا الأمر غير كافٍ، فالسيارات التي تسير على الطرقات من دون لوحات إلى تزايد إضافة إلى تعذر تجديد دفاتر السوق أو إصدار دفاتر سوق جديدة. والأخطر من كل ذلك ثمة سيارات بأوراق مزورة تجوب الطرقات من دون حسيب أو رقيب، كل هذه الأمور مجتمعة أدت إلى زيادة حوادث السير بشكل واضح ما دفع بالعديد من الجهات السياسية والمدنية إلى المُطالبة بإعادة فتح أبواب النافعة كافة أيام الأسبوع وإيجاد حل للتوقيفات بحق عدد من الموظفين بتهم تقاضي رشاوى.
مُشكلة إقفال مصلحة تسجيل السيارات طالت أيضا قطاع بيع السيارات واستيرادها الذي تأثر بشكل كبير بما يحدث، ناهيك عن المُعاناة التي لحقت به كمختلف القطاعات جراء الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بلبنان منذ تشرين الأول 2019.
وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة ايلي قزي في حديث
لـ "لبنان 24" ان "إقفال النافعة لفترة طويلة أدى الى تراكم كبير في المعاملات إضافة الى حرمان خزينة الدولة من مليارات الليرات هي بأمس الحاجة إليها"، مشيراً إلى ان "الزحمة الخانقة التي شهدتها النافعة في الدكوانة الخميس الماضي أمر طبيعي نتيجة الإقفال، وهذا أمر حذرنا منه سابقا، ونعتبر ان إقفال النافعة هو ممنهج لإفلاس قطاعات الدولة"، على حد تعبيره.
وطالب قزي بفتح مصلحة تسجيل السيارات من الإثنين الى الجمعة، أي 5 أيام في الأسبوع وإعادة الموظفين الموقوفين الى مراكز عملهم واستكمال التحقيقات معهم توازيا لحين إثبات إرتكابهم مخالفات وبالتالي من تثبت عليه التهمة فليُحاكم، معتبرا ان "الموظفين الذين يديرون حاليا المصلحة غير مؤهلين".
ولفت إلى ان "الخطأ يكمن في الاستنسابية في التعاطي مع هذا الملف من خلال فتح تحقيق في مصلحة تسجيل السيارات، علما ان الرشاوى موجودة في كافة الدوائر"، مشيرا إلى ان "المشكلة تكمن بوجود خلافات ما بين وزارة الداخلية وهيئة إدارة السير والشركة المُشغلة ".
وحذر قزي من ان "استمرار هذا الوضع سيزيد من عدد السيارات التي تسير من دون لوحات، إضافة إلى السيارات المزورة"، مُطالبا بإلغاء المنصة لمستوردي السيارات وأصحاب المعارض بُغية تسهيل عملهم.
سوق بيع السيارات
وعن وضع سوق بيع السيارات في لبنان، أكد قزي ان "قرار رفع الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة ضرب معارض السيارات إضافة إلى قرار إقفال مراكز النافعة وبعدها أتت حرب غزة وتصاعد التوتر في جنوب لبنان ما شكّل ضربة قاضية للقطاع".
وقال: "اللبنانيون يعيشون في حالة خوف وترقب ولا يفكرون في مثل هذا الوضع بالمخاطرة بشراء سيارة جديدة".
ولفت إلى ان "احتساب الدولار الجمركي وفق سعر 98500 ليرة على استيراد السيارات المُستعملة أثّر بشكل كبير على القطاع"، وطالب بإلغاء رسم الاستهلاك وإلا فمصير هذا القطاع إلى زوال، علما انه يُشغل قطاعات عدة كقطع الغيار ومحلات الصيانة والإطارات التي ستتأثر بشكل كبير بما يجري"، كما قال.
وأضاف: "نحن ندفع رسم استهلاك يُقدر بنحو 65 % من قيمة السيارة ونلفت إلى وجود فارق كبير بيننا وبين القطاعات الأخرى في ما يتعلق بقيمة الرسوم والضرائب المتوجبة".
وتابع: "القطاع تراجع بنسبة 90% وأقفل نحو 500 إلى 600 معرض سيارات منذ فترة قصيرة ما يؤثر على القطاع وعلى خزينة الدولة".
وشدد على ان "المطلوب انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت وتشكيل حكومة جديدة وانتخاب مجلس نواب فاعل وتنظيم المؤسسات لوضع البلد على السكة الصحيحة وإعادة النهوض به من جديد".
وهنا لا بد من الإشارة إلى انه في عام 2023 ووفقاً لاحصاء شركة بيع سيارات في لبنان سجل قطاع السيارات تحسناً بنسبة 5.23% على صعيد سنوي، وبلغ عدد السيارات المُباعة حتى نهاية شهر أيار 2023، 2594 سيارة مُقارنة بـ 2465 في الفترة نفسها من العام 2022.
ووصل قطاع استيراد السيارات المُستعملة الى ذروته عام 2009، حيث تم استيراد أكثر من 76 ألف سيارة، في حين تمّ في العام 2019 استيراد 24 ألف سيارة، مقابل نحو 44 ألفاً في العام 2018.
ويُشكل قطاع السيارات المُستعملة موردا مهما لخزينة الدولة حيث يؤمن نحو 600 مليون دولار سنوياً كما هو مورد رزق لآلاف العائلات، ويُعتبر الرافد الثاني للعائدات من المرفأ بعد قطاع النفط.
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مصلحة تسجیل السیارات السیارات الم من دون إلى ان
إقرأ أيضاً:
فوضى التعاقب
فاطمة الحارثية
يعتقد الكثير من النَّاس أنه من السهل الاستغناء، وحجة المُستغني أنَّ الموت والقدر، أقر بوجوب الاستغناء بالرغم من أنَّ المُستغني ذاته يرفض أن يتم الاستغناء عنه، وكأن الموت حق على سواه ومرفوع عنه، بل وقد يخال نفسه محور الكون، كأنه خالد ولن تكون الأمور على نصابها بدونه، ليرتطم جبينه على حين غرة بواقع التعاقب.
عندما كُنَّا صغارًا، اعتقدنا أننا لا نستطيع أن نستغني عن أصحابنا، ثم تعاقبت مراحل الحياة وأثناء ذلك تغيَّر البعض وغاب البعض الآخر ونسينا الكثير وتجاوزنا، ثم اعتقدنا أننا لا نستطيع العيش بدون إخوتنا، فتزوج وهاجر البعض ورحل عن الحياة البعض الآخر، وحتى عن أبوينا وأبنائنا وزملائنا وأحبائنا وأصدقائنا، لم ولن تقف الحياة لأحد، التعاقب أمر لا بد منه إلى أن يرث الله الأرض.
ومثلما لا تخلو حياتنا الخاصة عن التعاقب، نجد الأمر ذاته في بقية اهتماماتنا سواء الاجتماعية أو المادية أو المهنية أو حتى المهارات، رغم أننا نعتبرها جزءا من النمو والتطور والتغيير، لكنها في الأصل فوضى من التعاقب لا بد منها، حتى نصل إلى نهاية زمن الرحلة على الأرض التي قدرها الرحمن لنا، والانتقال إلى مرحلة الثبات أي الخلود.
نحن نفعل خلاف ما نقول رغم قناعاتنا الثابتة بأن الصواب والخطأ بيّن، وهذا يُظهر الفجوة الكبيرة بين الوعي والاعتقاد، على سبيل المثال، نعلم أن الرزق بيد الله وحده لا شريك له، وليس لمخلوق أي تدخل فيه، من ناحية المقدار أو المصدر، ومع ذلك ثمة من يُطيع كُبرياءه طمعًا برضاه وعطاياه، مع أنَّه فعليًا لا يحتاج أن يخنع بقدر ما يحتاج أن يُطبق حقيقة أن الحياة مُعاملة، وأن من يُعطيه أي المصدر هو ذاته مُستلم من المُعطي، والأكيد آلية الاستلام تتعاقب ولا تدوم على حال واحد، وأولئك الكُبراء مثلهم مثل بقية الخلق يعيشون التعاقب؛ سواء الاجتماعي أو الاقتصادي أو الصحي أو غيره بلا اختلاف، وفي اعتقادي أولئك الضعفاء الذين آثروا ذل أنفسهم للكبراء، هم من صنعوا لأنفسهم آلهة من المال، مثلهم مثل قوم موسى الذين حولوا الذهب إلى إلهٍ، والعياذ بالله.
عندما أخدم عُمان من خلال العلم والمهارات التي لدي، أو من خلال المؤسسة التي أعمل بها، فيجب عليَّ أن يكون لدي اضطلاع بما تحتاجه وتريده عُمان، حتى أتقن استثمار الفرص وسنن السلوك، مثالا وليس حصرا، قانون التعاقب، حفظ الأنظمة ليس بالأمر الهين، خاصة عندما لا نملك الكفاءات في الخيارات التي أمامنا، فيلجأ البعض إلى وضع الناس في غير محلهم، وتشكيل فرق لعمل لا يُناسبهم، قد يكون أساس الاختيار ليس الكفاءة ولا المهارة لكن مسائل أخرى، مثل الوقت أو الثقة أو العلاقات، طبعًا نعلم جميعًا نتائج مثل هذه المعايير، ونعلم أيضًا صعوبة بلورة المهارات المناسبة، وعقبات صنعها الجهل المزمن، والتقليد؛ لا حاجة لوطننا الغالي للمتقاعسين، الذين يعملون عند الحد الأدنى، أو أولئك الذين يطالبون بزيادة الأجور دون المطالبة بزيادة العمل سواء العمل النوعي أو الكمي، ثم يأتي سلوكهم دون ادراك أو وعي لسخرية التعاقب، يلوحون بالتهديد والوعيد والكذب والافتراء، في "دراما" يلبس فيها ثوب المظلوم، وهم في غفله عن قوة احتمال تبادل الأدوار، فيتحول الداعي إلى مدعو عليه، والحاكم إلى محكوم واللاعن إلى ملعون، ناهيك عن المدعين بما ليس لهم فيه جُهد ليُطالبوا بحقوق ليست لهم، عُمان لا تحتاج إلى الصوت العال، ولا التقليد؛ بل إلى كفاءات معطاءة حكيمة مُبدعة صادقة ومجتهدة، تعتز بأدائها وسلوكها في جميع الميادين.
سمو...
نعتاد على السقوط منذ أول محاولات الوقوف على أقدامنا ونحن صغارا، ولا بأس من السقوط، بيد أنَّ عدم القدرة على الوقوف مرة أخرى، هو الألم والخسارة الحقيقية، وهو الذي يحدد إن كان ما حصل سقوطًا أو خطوة إلى الأمام.
رابط مختصر