يناير 24, 2024آخر تحديث: يناير 24, 2024

ابراهيم الخليفة

تحتضن بغداد اليوم الرابع والعشرين من يناير الجاري  2024 ، الاجتماع السنوي للمجلس التنفيذي الحادي والستين لمنظمة المدن العربية تحت شعار (مدن مرنة.. مستقبل مستدام)، بعد انقطاع زاد عن (35)عاما.

وتحتفل البلدان العربية يوم 15 آذار/مارس من كل سنة بيوم المدينة العربية الذي يُصادف تاريخ تأسيس منظمة المدن العربية في سنة 1967، وجاء في موسوعة ويكيبيديا…” منظمة المدن العربية ‏ منظمة إقليمية عربية غير حكومية، ليس لها طابع سياسي أو عقائدي، فهي متخصصة في شؤون المدن والبلديات، إذ تم تأسيسها في مدينة الكويت في 15 مارس 1967″.

يأتي انعقاد  النشاط هذا، وبغداد تمر في اوضاع لا تحسد عليها سواء في قطاع البنى التحتية  او في الارث التاريخي ،العمراني ، الثقافي أو في البيئة الاجتماعية، في الوقت  الذي ارتفع سعر المربع الواحد إلى عشرين الف دولار في بعض الاحياء فيها، وهذا  سيؤدي إلى التهام  المنازل التراثية والمساحات الخضراء.

ومدى تحمل المواطن  تكلفة الطفرة العقارية التي تشهدها الآن  والابتعاد عن مفهوم المدينة المستدامة في ظل التوجه الحالي ، على العكس ما يفترض أن تكون عليه بعد هذا العمر الطويل ، من التلون والانبعاث والتجدد، وإذا ما تم اسقاط الرؤيا  المستقبلية التي انشئت من اجلها هذه المنظمة، على الواقع الحالي لمدينة بغداد ، و “من أهداف الرؤيا المستقبلية  للمنظمة،  الحفاظ على هوية المدن العربية وتراثها وتوصيف مشكلات المدن والبحث عن حلول لها من خلال البرامج وتبادل الخبرات والتجارب وكذلك تعزيز مؤشرات النمو وتأمين مستلزمات الساكنين، والمساهمة في تعزيز دور المدينة وجعلها جاذبة للعيش… الى جانب العمل على بناء مدن المستقبل مع التطلع للعمارة المعاصرة من دون فقدان الهوية والجذور التراثية العربية والإسلامية وكذلك السعي للارتقاء بالحياة الثقافية في مجتمعات المدن..

وبغداد التي احتلت صدارة المدن العربية والاسلامية،وكانت بمثابة مركزا  للعلوم والمعارف وملتقى للعلماء والدارسين لعدة قرون مضت وصولا للزمن الحديث، تكافح الآن من اجل استرداد عافيتها واثبات هويتها، لكن دون جدوى، فالشوط  طويل والمنجز قصير ومتخلخل  ، كانت في  نهاية الاربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي من افضل عواصم دول الجوار من حيث توفر مستلزمات العيش الحديثة وعلى مستوى بارز من المدنية والرقي العلمي والثقافي وبناء الإنسان  واستمر هذا الحال على نفس المنوال  حتى بلغ ذروته في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات لتنقلب الصورة بالاتجاه السلبي  نتيجة الحروب  والحصار الذي فرض على البلد مرورا بالعام 2003،  الذي توج بالحملة الامريكية لغزو العراق واحتلاله  ، و تدشين واقعاً جديداً ورؤيا مغايرة وعلى مستوى التخيط العمراني والحضاري وبناء الإنسان ،مما انعكس  سلبا على مجل النشاط المدني والحضاري للمواطن العراق، فهذا التاريخ يُعد عاملا مفصليا وحدثا بارزا تشهده العاصمة نحو تدني وتعطيل   الخدمات وتبعات ذلك  على مجمل  البناء الفكري ،الانساني والانتماء للمواطن البغدادي.

هذا الاحتلال غير الكثير من المفاهيم بالاتجاه السلبي حضاريا وتكونيا والحق الضرر ببغداد ككيان حضاري وعمراني ورمز وجودي اخل بهويتها واصالتها، بدءا بتعطيل القوانين الحاكمة وعدم تفعيلها  وبالتالي اوجده بيئة عبثية مما اتاح الفرص للطامعين والنفعين بتحقيق المكاسب مستغلين ضعف القانون والرقابة وسيادة  النبرية الطائفية والعشائرية على حساب المواطنة والانتماء للوطن  فالصورة الذهنية لبغداد  لدى العراقيين ، العرب او الاجانب في حقبة السبعينات والثمانينيات قد تغيرت نتيجة التغييرات الكبيرة التي حدثت للتصميم والتخطيط الاساس للمدينة.

من الناحية الديموغرافية طرأت زيادة غير مسيطر عليها   وبشكل لا يتناسب مع مستلزمات الحياة الحديثة المتوفرة، فحدثت طفرات كبيرة في بغداد ليس بالاتجاه الايجابي وانما السلبي مقارنة بما متوفر من امكانيات، اذ تقدر التخمينات عدد نفوسها بحدود (9) ملايين نسمه مما يجعلها أكبر مَدْيَنة في العِرَاق، وثانِي أكبر مَدْيَنة في الوَطَنُ العَرَبي بَعَد القَاهِرةُ. وتأتي بالمًرتبة (40) عالميًا من حيث عدد السكانْ.

وتُعد المَدْيَنة المَركز الاِقتِصاديّ والإدِاري والتَعليمِي في الدَّوْلَة. إن زيادة عدد السكان اقترن بزيادة عدد المركبات إلى (4) ملايين مركبة تجوب شوارع العاصمة مما خلق ازمات مرورية خانقه، وتلوث بيئي، كون هذه الزيادة لا تتماشى والطاقة الاستيعابية والتصميمية لشوارع المدينة، ما بين مركبات الصالون والحمل والخدمات والى مليون وربع المليون دراجة”.

لكن لا اعلم ان هذه الإحصائية تتضمن (الستوته) و(التكتك) المتخمة بهما المدينة الان. الزيادة الديموغرافية هذه، اقترنت ايضا بزيادة عدد العشوائيات، وتعد محافظة بغداد الأعلى من ناحية التجمعات العشوائية بأكثر من (1000) تجمع سكاني، وتشكل نسبة (23%) من مجموعها في البلد والبالغة (4679) تجمعا.

رافق ذلك، التجاوز في إيجاد وحدات سكنية بمساحات صغير تفتقر إلى مقومات الحياة الصحية والبيئية، مخالفا لكل التوصيفات المعتمدة في هذا الإطار، هذا بدوره انعكس سلبا على شبكات الصرف الصحي وخدمات الماء والكهرباء، والشوارع وغيرها من مستلزمات الحياة الحديثة الأخرى. مما افقد بغداد أحد اهم مرتكزات السكن الملائم المدنية والحضارية، أن زيادة عدد المركبات وزيادة التجمعات الاستيطانية غير النظامية انعكس في زيادة نسبة التلوث في الهواء مع تكدس النفايات، ومياه الصرف الصحي مما ينذر بكوارث بيئية وإنسانية. جعل بغداد تبتعد عن مواصفات المدينة المستدامة او الخضراء.

ووفقا للمؤشر العالمي السنوي لملاءمة المعيشة التابع لوحدة الاستخبارات في مجلة “الإيكونيميست”، والذي دأبت المجلة على نشره منذ (15) عاما ويُصنِّف (173) مدينة اعتماداً على عوامل عدة من بينها الاستقرار والرعاية الصحية والثقافة والبيئة والتعليم والبنية التحتية. نجد ان حظوظ مدينتنا العريقة بغداد خارج هذه التصنيفات.

ان ابرز التحديات التي تواجهها بغداد هو البناء العشوائي والتجاوز على التصميم الاساس فمثلا تم التجاوز على الارصفة والبناء فيها في الاحياء الراقية والشعبية  على حد سواء وبالتالي يكاد ينعدم وجود مصطلح الرصيف في بغداد بل في معظم المدن الاخرى حيث وجدت ميزة تتميز بها بغداد عن غير ها من مدن العالم ،هو ان الشوارع بات مشتركا بين المواطن والمركبات، واصبح من المألوف ان نلاحظ تلاميذ المدارس وعامة المواطنين في الاحياء السكنية وقرب المدارس  يتدافعون مع المركبات معرضين حياتهم للخطر سواء بسبب المركبات او فتحات المجاري او مياه الامطار ، فالرصيف وجد لسير المواطنين وليس  مكان يتم استغلاله من قبل ضعفاء النفوس، وهو عكس ما موجود في مدننا ، يقابل ذلك صمت حكومي كليا، وربما مقصودا ومتعمدا بحق بغداد وأهلها عن هذه الظاهرة غير الإنسانية وغير الحضارية.

كما ان هنالك تجاوز على المناطق الخضراء والغطاء النباتي وانعدام التشجير الا بمساحات ضيقه جدا فلا استغراب ان نجد بعض الشوارع تفتقد الى التشجير، كما هنا لابد من الإشارة ان التراث المعماري والحضاري للمدينة امتدت اليه المعاصرة، او جرى هدمه واقامة مجمعات سكنيه، اذن هذه التحديات تتناقض مع مفهوم الرؤيا المستقبلية لمنظمة المدن العربية.

ان الفترة المظلمة التي عاشتها بغداد في مرحلة ما بعد الاحتلال نتج عنها تخلخل في البنى التحتية ونقص حاد في خدمات الماء والكهرباء والصحة والطرق، وتراجعت بغداد كثيرا الى الوراء على كافة الاصعدة مما دفع الحكومة الاعلان عن البدء بتنفيذ سلسلة من المشاريع بهدف ان تستعيد بغداد جزء من المكان الذي يليق بها،  لكن هذا ليس بالأمر الهين، في ظل عدم التوافق بين الفرقاء السياسيين، في ظل ايضا  هيمنة النزعات الطائفية والمناطقية والفساد المستشري في مفاصل الاجهزة التنفيذية ، وعدم تفعيل المواطن لدوره وشعوره بالمسؤولية تجاه مدينته.

والسؤال هو هل سيكون اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية حافزا وباعثا لدى المسؤولين الحكوميين لإعادة النظر فيما  تعانيه بغداد من تجاوزات  وتشوهات بصرية وعمرانية  افقدها اللحاق بالركب مثل غيرها من المدن العربية، والعمل نحو مفهوم  المدينة المستدامة والمقصود بها  وفق موسوعة ويكبيديا هو أن  المدينة المستدامة، أو المدينة البيئية، هي مدينة صممت مع مراعاة الأثر البيئي، والتي يقطنها شعب مخصص لتقليل المدخلات المطلوبة من إنتاج الطاقة والمياه والمواد الغذائية، والنفايات من الحرارة، وتلوث الهواء – CO2، والميثان، وتلوث المياه ، وهل سيساعد هذا الاجتماع لكي تنظم  بغداد لقائمة المدن الخضراء  والتي تصمم للتقليل من الاثر البيئي  السلبي في ظل الظروف الراهنة والتحديات المستقبلية للتغيرات المناخية، والحاجة الملحة إلى فتح مجالات جديدة للتنمية الخضراء خاصة ما يتعلق منها بترشيد الاستهلاك واستخدام المصادر المتجددة، وذلك بمراعاة تنوع الموارد الطبيعية والخصائص المناخية والجغرافية اذن هذه تساؤلات مشروعه بحاجه لإجابة .

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: المدینة المستدامة المدن العربیة زیادة عدد

إقرأ أيضاً:

الطريق الإجتنابي لمدينة بومرداس يدخل الخدمة

أشرف وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، لخضر رخروخ، اليوم السبت، على تدشين ووضع حيز الخدمة الشطر الثاني من مشروع الطريق الإجتنابي لمدينة بومرداس.

ويصل طول هذا الطريق إجمالا باحتساب الشطر الأول الذي وضع حيز الخدمة سابقا إلى زهاء 17 كلم.

وقال الوزير، عقب إشرافه على مراسم التدشين، أن الدولة “قامت باستثمارات قاعدية هامة في مجال إنجاز وصيانة الطرقات بهذه الولاية. لتسهيل التنقلات وإجراء المعاملات بكل ارتياح خاصة في موسم الاصطياف”.

وأكد الوزير أنه ب”الرغم من التكلفة المالية العالية التي تطلبها إنجاز هذا المشروع الحيوي. إلا أن المهم في ذلك هو الأثر الإيجابي الذي سيترتب على المواطنين من حيث تسهيل و تأمين استعمال الطريق بصفة عامة”.

ولدى تقديمها لعرض حول القطاع، أوضحت مديرة الأشغال العمومية بالولاية، فريال سعيود، أن “مشروع الطريق الإجتنابي لمدينة بومرداس يعد أحد أكبر مشاريع البنية التحتية بالولاية”.

وأضافت أن “هذا المشروع الممتد على طول 17 كلم. مقسم إلى حصة أولى تضم طريق بطول 9 كلم ومنشآت فنية. وحصة ثانية تضم طريق يناهز طوله 8 كلم ومنشأتين فنيتين من الحجم الكبير و محولات رئيسية”.

ويربط هذا المشروع منطقتي الكرمة والصغيرات بضواحي مدينة بومرداس، بالطريق الوطني رقم 24 و بمنطقة اللوز. وبلدية قورصو بالطريق الولائي رقم 146 باتجاه مدينة تيجلابين والطريق الوطني رقم 5.

وسيساهم هذا الطريق في فك الخناق المروري الذي تشهده المدينة حاليا مع فتح آفاق تنموية لها و للمناطق المجاورة. وتجنب الطريق الرابط بين مدينة بومرداس والطريق الوطني رقم 5 مرورا ببلدية تيجلابين.

وسيتيح أيضا خيارات أخرى تؤدي نحو الجهة الشرقية-الجنوبية من الولاية أو نحو ولايات تيزي وزو والبويرة والجزائر العاصمة. مع فك العزلة عن المناطق المجاورة لمسار الطريق.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • بسبب صواريخ حزب الله.. كريات شمونة شمالي إسرائيل تتحول إلى مدينة مهجورة
  • الطريق الإجتنابي لمدينة بومرداس يدخل الخدمة
  • مواقيت الصلاة اليوم السبت 6 يوليو 2024 في المدن والعواصم العربية
  • علامة التحقق الخضراء على واتساب تتحول قريبًا إلى اللون الأزرق.. كيف تفيد المستخدمين
  • أصالة تشعل الأجواء في ليلة وردة الجزائرية وهذا ما كشفته عنها
  • مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 5 يوليو 2024 في المدن والعواصم العربية
  • %83 من أسطول مركبات «أجرة الشارقة» هجينة وصديقة للبيئة
  • «الجيل»: تمكين المرأة والشباب سياسة استراتيجية مستدامة في عهد الرئيس السيسي
  • مواقيت الصلاة اليوم الخميس 4 يوليو 2024 في المدن والعواصم العربية
  • «الفجيرة للبيئة» تستعرض محميات المحيط الحيوي بالإمارات