إسرائيل تشن حربا ممنهجة على التعليم في غزة للتجهيل والتهجير
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
غزة- لم يعُد لدى الطالبة دينا عدوان أمل في استكمال دراستها والحصول على الشهادة الجامعية هذا العام، في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة للشهر الرابع على التوالي، والتي طالت الكوادر والبنية التحتية التعليمية قتلا وجرحا وتدميرا.
ولأسابيع طويلة لازم دينا (21 عاما) القلق على مستقبلها، لكنها تصف نفسها اليوم بأنها "أكثر واقعية"، وتقول للجزيرة نت "في هذه الحرب المجنونة لا أرجو سوى النجاة لنفسي وأسرتي وأحبتي".
كانت الشابة على موعد مع التخرج والحصول على شهادتها الجامعية في تخصص "تكنولوجيا المعلومات التطبيقية" من جامعة الأقصى بمدينة غزة، وهي واحدة من جامعات القطاع التي دمرها القصف الإسرائيلي.
في أسابيع العدوان الأولى، حافظت دينا على متابعة دروسها ذاتيا، غير أن أملها تلاشى باستئناف قريب للدراسة واستسلمت لفكرة "ضياع سنة من عمرها"، وقالت "كان يُفترض أن نخوض هذه الأيام الامتحانات النهائية للفصل الدراسي الأول".
عندما اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت الجامعات للتو قد فتحت أبوابها. وتقول دينا إن "الحرب أكلت سنة من عمري، ودمّرت خططي المستقبلية لمواصلة تعليمي العالي، لكنني من المحظوظين لأنني على قيد الحياة، فالكثير من زميلاتي وصديقاتي بالجامعة استشهدن، كما استشهد عميد كليتنا خالد شرف مع جميع أفراد أسرته".
كانت دينا متفوقة بين زملائها وزميلاتها، وتُعد نفسها للحصول على منحة الامتياز والتدريس لعام كمعيدة بالجامعة، ومن ثم التقدم للحصول على منحة الحكومة التركية أسوة بشقيقتها الكبرى "عهد".
وتقول "كل ذلك تأجل، لكن إلى متى؟ لا أحد يعلم. هذه الحرب تبدو بلا أفق وبلا سقف زمني، مستقبلنا التعليمي بات ضبابيا، ولم نعد نفكر سوى بالنجاة".
صورة قاتمة
بدوره، يتحدث مدير مديرية التعليم في مدينة رفح أحمد لافي عن مستقبل العملية التعليمية، ويؤكد "الصورة قاتمة، ولا يمكن أن يتنبأ أحد بمستقبل واقع هذه العملية إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها تماما".
ويضيف "لا يمكن تصور ما سيكون عليه التعليم وجميع المدارس يشغلها النازحون، أو تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي جراء الاستهداف الإسرائيلي"، ويعتقد أن الخطر الأكبر يعصف بطلبة الثانوية العامة الذين لم يجلسوا على مقاعد الدراسة سوى شهر واحد فقط، و"هؤلاء مستقبلهم مجهول، كونهم يتقدمون لامتحانات موحدة على مستوى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس".
ويرى لافي أنه لا يمكن تصور السيناريوهات المتاحة لاحقا لإنقاذ المسيرة التعليمية، بما فيها التعليم الإلكتروني، ويعدّه أمرا معقدا للغاية في ظل الدمار الهائل في المنازل السكنية والمنشآت، وعدم توفر الكهرباء، وتردي خدمات الاتصالات والإنترنت.
وبحسب وزارة التربية والتعليم، فقد استشهد 4327 طالبا وطالبة، وأصيب 7819 آخرون، واستشهد 231 معلما وإداريا، وأصيب 756 منهم بجروح مختلفة، حتى صباح السبت الماضي. كما تعرضت 281 مدرسة حكومية و65 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" للتدمير الكلي والجزئي.
ووفق "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" فقد طال الاستهداف الإسرائيلي 90% من الأبنية المدرسية الحكومية التي تعرضت لأضرار مباشرة وغير مباشرة، فيما تُستخدم 133 مدرسة حكومية كمراكز إيواء.
وتقول "أونروا" إن 151 من موظفيها، استشهدوا منذ اندلاع الحرب، ويقيم 1.9 مليون نازح إما داخل 154 مركز إيواء يتبع للأونروا، أو قربها، وغالبيتها مدارس.
وكان التعليم في غزة بكوادره ومرافقه ومنشآته في "بؤرة" الاستهداف الإسرائيلي، وتصنفه منظمات حقوقية بالاستهداف الممنهج.
ووثق المرصد استشهاد 94 من أساتذة الجامعات، ومئات المعلمين وآلاف الطلبة في إطار "جريمة الإبادة الجماعية الشاملة" التي يرتكبها الاحتلال في غزة. ويبرز من بين قائمة الشهداء الأكاديميين، 17 شخصية تحمل درجة البروفيسور، و59 درجة الدكتوراه، و18 درجة الماجستير.
ووفق رئيس المرصد رامي عبده، فإن هذه الحصيلة غير نهائية، إذ تشير التقديرات إلى وجود أعداد أخرى من الأكاديميين المستهدفين، ومن حملة الشهادات العليا لم يتم حصرهم نتيجة صعوبات التوثيق الناجمة عن تعذر الحركة بحرية وانقطاع الاتصالات والإنترنت ووجود آلاف المفقودين.
وقال عبده، للجزيرة نت، إن الأكاديميين المستهدفين موزعون على شتى علوم المعرفة، وغالبيتهم يمثلون مرتكزات العمل الأكاديمي في جامعات غزة.
ويُقدّر الناشط الحقوقي أن الأمر قد يحتاج سنوات حتى تتمكن الجامعات من استئناف الدراسة في بيئة مدمرة بالكامل. ويؤكد توثيق المرصد ارتكاب جيش الاحتلال جرائم تدمير منهجي وواسع النطاق طالت بشكل مباشر جميع الجامعات وعبر مراحل.
تدمير متعمدوتمثلت المرحلة الأولى في عمليات قصف استهدفت مباني في جامعتي "الإسلامية" و"الأزهر"، ثم امتدت لبقية الجامعات، وصولا إلى تفجير بعضها ونسفها بالكامل بعد تحويلها إلى ثكنات عسكرية، مثلما حدث في جامعة "الإسراء" جنوب مدينة غزة التي نشر الإعلام الإسرائيلي في 17 يناير/كانون الثاني الحالي، مقطعا مصورا يوثق عملية نسفها بعد 70 يوما من تحويلها لثكنة عسكرية ومركز اعتقال مؤقت.
وأكد رامي عبده أن ما تنتهجه إسرائيل من تدمير واسع النطاق ومتعمد للأعيان الثقافية والتاريخية، كالجامعات والمدارس والمكتبات ودور الأرشيف، يأتي في إطار سياساتها العلنية بجعل غزة "مكانا غير قابل للحياة، وخلق بيئة قسرية مفتقدة لأدنى مقومات الحياة والخدمات، قد تدفع سكانها في نهاية المطاف إلى الهجرة".
من جانبه، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، للجزيرة نت، إن الحرب الإسرائيلية حرمت نحو 608 آلاف طالب وطالبة من حقهم في التعليم المدرسي، وأوقفت مسيرة 90 ألف طالب جامعي.
وتشير إحصاءات الهيئة إلى استشهاد أكثر من 4 آلاف طالب وطالبة، من بينهم 438 طالبا جامعيا، وإصابة آلاف آخرين. ووفق صندوق النقد الدولي، فإن خسائر قطاع التعليم -بسبب الهدم والتدمير- تفوق 720 مليون دولار جراء تضرر 70% من المدارس والجامعات.
وأضاف عبد العاطي أن استهداف الاحتلال للتعليم نال من قرابة 395 مبنى تعليميا، من بينها كل مباني ومقار الجامعات التي تعرضت لتدمير كلي وجزئي، إضافة إلى تدمير المنشآت الثقافية والمكتبات والمطابع.
ويتفق مع رئيس المرصد الأورومتوسطي على أن الهدف الإسرائيلي من وراء ذلك هو "التجهيل وجعل غزة منطقة غير صالحة للعيش ودفع سكانها نحو الهجرة، عبر تدمير البنية التحتية والتعليمية والصحية وكل مقومات الحياة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي يشيد بالتطور الذى تشهده جامعة المنوفية
شارك الدكتور أحمد القاصد رئيس جامعة المنوفية فى جلسة المجلس الأعلى للجامعات برئاسة الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي بحضور الدكتور مصطفى رفعت أمين المجلس، وأعضاء المجلس، وذلك بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
أكد الدكتور أحمد القاصد أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي خلال جلسة المجلس استعرض فعاليات الزيارة التى قام بها منذ أيام لجامعة المنوفية الأهلية للاطمئنان على انتظام الدراسة بها، حيث تفقد الوزير المدرجات، والقاعات الدراسية، والمعامل، واطمأن على توفير كافة الوسائط التكنولوجية الحديثة، بهدف خلق بيئة تعليمية متميزة للطلاب، مشيداً بمدى جاهزية جامعة المنوفية الأهلية ونسبة الإنجاز بالمنشآت وتجهيزات المعامل والمدرجات وانتظام الاختبارات الإلكترونية بمعامل الجامعة.
كما استعرض الوزير فعاليات زيارته لجامعة المنوفية لافتتاح ووضع حجر الأساس لعدد من المشروعات الطبية والتعليمية، والتى اشتملت افتتاح العيادات الخارجية للمستشفى الجامعي بالمنوفية، وكذلك افتتاح العيادات الخارجية بكلية طب الأسنان، ووضع حجر الأساس لتوسعات معهد الأورام، ووضع حجر الأساس لمستشفى الجراحة التخصصي، بتكلفة تقديرية 6 مليارات جنيه، حيث أثنى الوزير علي ما شهده من إنجاز وتطور بالمنشآت الطبية بجامعة المنوفية خاصة مشروع المدينة الطبية وبدء المرحلة الأولى منها والتى تشمل توسعات معهد الأورام الذى يعد من أهم المنشآت الطبية لتوفير رعاية طبية متخصصة بالإضافة إلى تعزيز البحث العلمى فى مجال الأورام وخطوة رائدة لمكافحة السرطان، كما أن مستشفى الجراحة التخصصى يُعد خطوة هامة لتحسين جودة الرعاية الصحية وتلبية الاحتياجات الطبية المتزايدة في المجتمع ويقلل من فترات الانتظار لإجراء العمليات، مما يساعد المرضى في الحصول على العلاج في الوقت المناسب.
كما أثنى على مدى التناغم والتعاون بين الجامعة والأجهزة التنفيذية وعلي رأسها المحافظ الذى يحرص على تقديم كافة سبل الدعم اللازمة لتنفيذ خطة الجامعة ورؤيتها المستقبلية
وصرح الدكتور أحمد القاصد أن إشادة وزير التعليم العالي والبحث العلمي لما شهده بجامعة المنوفية يعد دفعة قوية تساهم فى استكمال وتعزيز مسيرة الجامعة لتحقيق خطتها الاستراتيجية والتنموية الشاملة على كافة الأصعدة والتى تتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالى ورؤية مصر ٢٠٣٠ وأهداف الجمهورية الجديدة وتوجهات القيادة السياسية لتطوير منظومة التعليم العالي، وملف الصحة وتطوير المستشفيات الجامعية، موجها باسمه واسم جميع أبناء ومنسوبى جامعة المنوفية وجامعة المنوفية الأهلية خالص الشكر والتقدير لما يقدمه وزير التعليم العالي والبحث العلمي من دعم دائم للجامعة.
وأضاف الدكتور أحمد القاصد أن الوزير خلال الاجتماع وجه باستمرار تقديم الخدمات الطبية والعلاجية بالمستشفيات الجامعية، لجرحى ومصابي قطاع غزة، بعد نجاح مصر بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وذلك تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بالتعاون والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية
وأكد الدكتور أيمن عاشور على أهمية تعزيز دور الابتكار تماشيًا مع اهتمام الدولة بتعظيم دور الجامعات في تطوير الاقتصاد، وتوفير مناخ محفز لإنتاج المعرفة وتعزيز البحث العلمي، وزيادة التعاون بين الجامعات، ومجتمع الصناعة والأعمال، بما يُسهم في دعم تنافسية الدولة إقليميًا وعالميًا، والاستفادة من البحث العلمي في مواجهة التحديات الاقتصادية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما أشاد وزير التعليم العالي بجهود الجامعات المتنوعة في تنفيذ المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، وتقديم الجامعات العديد من الخدمات المتنوعة في مختلف الأقاليم الجغرافية، منها إطلاق العديد من القوافل التنموية بمختلف أنحاء الجمهورية لخدمة المواطنين، وذلك تفعيلًا لدور الجامعات في خدمة المجتمع وتنمية البيئة على مستوى كافة المحافظات.
والتأكيد على ضرورة استمرار الجامعات في تعزيز الانتماء لدى طلاب الجامعات، ووضع خطط لتكثيف الحملات التوعوية للطلاب لمحاربة الأفكار غير السوية، مع التأكيد على استمرار الجامعات في دعم واكتشاف الطلاب الموهوبين والنوابغ والمبتكرين، وتقديم كافة أوجه الدعم اللازم لهم.
واشار القاصد إلى أن المجلس استمع إلى تقرير حول أبرز أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي خلال شهر فبراير الجاري، والتى من أهمها اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، لمتابعة موقف المشروعات القومية التي تقوم بها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بما في ذلك ملف إنشاء الجامعات الأهلية والتحول الرقمي وميكنة الخدمات، ومستجدات تنفيذ المبادرات الرئاسية المرتبطة بالتعليم العالي والبحث العلمي، والجهود المبذولة من جانب المستشفيات الجامعية لاستقبال جرحى ومصابي غزة، ومتابعة الموقف التنفيذي للأعمال الإنشائية بالمؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى الجهود المبذولة من جانب الدولة لتطوير الجوانب العلمية في الجامعات والمؤسسات البحثية في مصر.
هذا ووافق المجلس على فتح قاعدة بيانات اللجان العلمية من خلال موقع اللجان العلمية على شبكة المعلومات، للسادة أعضاء هيئة التدريس لتحديث السيرة الذاتية وإضافة أعضاء جدد، وذلك للبدء في الإعداد لتشكيل اللجان العلمية وقوائم المُحكمين للدورة الخامسة عشر حتى 6/3/2025.
كما تابع المجلس جهود الجامعات المصرية لخدمة أهالي غزة منذ اندلاع الأزمة وحتى الآن، وتضمن التقرير عرض الخدمات التي قدمتها الجامعات، وأبرزها استقبال الجرحى والمصابين بحالات حرجة بالتنسيق مع إدارة الأزمات التابعة للوزارة، وحجز المصابين بالمستشفيات الجامعية وتقديم كافة أوجه الرعاية اللازمة لهم، بالإضافة إلى التواجد اليومي للكوادر من أعضاء هيئة التدريس بمعبر رفح، للإشراف على دخول مرضى ومصابي القطاع بصفة يومية ومنتظمة.
وأحيط المجلس علمًا بتوقيع بروتوكول تعاون بين قيادة قوات الدفاع الشعبي والعسكري ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لتطبيق التربية العسكرية للطالبات الإناث بالجامعات والمعاهد المصرية، وناقش المجلس آليات تطبيق بنود البروتوكول خلال الفترة القادمة.