لبنان ٢٤:
2025-02-01@04:07:14 GMT

التفاوض بالنار... هل تدخل إيران بتسوية إقليمية؟

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

التفاوض بالنار... هل تدخل إيران بتسوية إقليمية؟

لم يكن مستغربًا أن يجتمع السفيران السعودي والإيراني وليد البخاري ومجتبى أماني. فبالتأكيد أن هذا اللقاء لم يكن وليد صدفة، أو أنه عُقد على هامش مناسبة اجتماعية، بل كان في دارة السفير السعودي العائد للتو من الرياض. وهذا يعني أنه جاء بطلب مباشر من عاصمتي الدولتين المتفاهمتين على أمور كثيرة في المنطقة بعد مبادرة بكين.

وأهمية اللقاء بتوقيته أنه يأتي عشية استعداد "اللجنة الخماسية" لعقد اجتماع لها في إحدى عواصم إحدى الدول الأعضاء فيها، وإن كانت مصرّ تميل إلى عقده في القاهرة لأسباب كثيرة، ومن بينها أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يولي أهمية قصوى لأولوية انتخاب رئيس جديد للبنان، وفصل هذا الموضوع عن غيره من المواضيع الأخرى التي يتأثرّ بها الوضع اللبناني الداخلي، ومن بينها ربط الوضع المتفجّر في الجنوب بالحرب على غزة.

وقد يكون لخلفيات لقاء اليرزة أن الرياض ترغب في اشراك طهران في أعمال "اللجنة الخماسية"، من دون أن تتحوّل بالضرورة إلى "سداسية"، وذلك لعلمها مدى تأثير القرار الإيراني على مجريات الاحداث في لبنان، ومدى ارتباط "حارة حريك" بهذا القرار، وإن كان "حزب الله" يحرص في كل مرّة على التأكيد أن الإيرانيين لا يتدّخلون بالشؤون اللبنانية. وقد يكون ما يقوم به السفير السعودي من اتصالات على الساحة الداخلية مؤشرًا لما يتوقعه كثيرون عن إمكانية حلحلة ما في الملف الرئاسي لجهة حسم خيار "السّلة المتكاملة". ولا يستبعد بعض المراقبين أن يكون سعي الرياض لإشراك طهران، ولو بطريقة غير مباشرة، في إيجاد حلّ للأزمة الرئاسية، يكون لـ "حزب الله" دور أساسي، قد يصبّ في خانة الإيجابيات المرتقبة والمحتملة والممكنة. 

ومن دون الدخول في ما تمّ تداوله في لقاء اليرزة، وإن كانت مواضيع البحث باتت معروفة، ولم تعد سرًّا، فإن الأهمّ من كل ذلك هو معرفة مدى تطابق المصالح الإيرانية مع أي حلّ قد يُطرح في الاجتماع المرتقب لـ "اللجنة الخماسية" لجهة توافق أعضائها على "الخيار الثالث" البديل، مما يعني على الطريقة اللبنانية طيّ مرحلة الخيارات السابقة، خصوصًا أن جميع أعضاء "الخماسية" باتوا على يقين بأنه لا يمكن توقّع أي حلحلة رئاسية إن لم يقدّم الأطراف اللبنانيون، كل بدوره، بعض التنازلات من أجل تقريب المسافات بين المقرّات الحزبية، على تنوعها، وبين قصر بعبدا، بحيث لا يموت "ذئب" القوى "الممانعة"، ولا يفنى "غنم" القوى "المعارضة". ويسود اعتقاد لدى الذين يسعون إلى فكّ الارتباط بين الاستحقاق الرئاسي وما يجري في غزة وتتابعًا في جنوب لبنان أنه من دون هذا التقارب الظرفي بين كل المكونات السياسية اللبنانية، ولو في حدوده الدنيا، لن يكون للبنان رئيس في المدى المنظور، مع ما لهذا الأمر من انعكاسات خطيرة على مستقبل العلاقات اللبنانية – اللبنانية، وعلاقتهم بالخارج ومحيطهم العربي. وهذا ما عكسه البيان الصادر عن "عين التينة" بعد لقاء الرئيس نبيه بري السفير البخاري، وفيه "أن البحث تناول أبرز التطورات السياسية الراهنة على الصعيدين اللبناني والإقليمي، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني في أسرع وقت، بوصف ذلك السبيل الوحيد لضمان استقرار لبنان، والشروع في تنفيذ الإصلاحات اللازمة لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية، في ظل تسارع الأحداث".

وعلى خلفية هذه المساعي، التي يُعتقد أنها ستفضي إلى نتيجة إيجابية هذه المرّة، تتوجه الأنظار إلى طهران وكيفية تعاطيها مع الملفات الإقليمية، وبالأخصّ ملف الحرب على غزة، وما لها من تأثير على الوضع العام في المنطقة، وعلى لبنان بالأخصّ، مع بروز بعض المؤشرات التي يمكن التأسيس عليها لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب بكل أشكالها، وهي ما يُعرف بسياسة "التفاوض بالنار"، وهذا ما تتقنه إسرائيل تمام الاتقان، خصوصًا عندما تتيقن بأن رياح الحرب لا تسير كما تشتهي "سفن تل أبيب".

 

المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها

ليس هناك ما يدعو إلى الارتياح في منطقتي الخليج والشرق الأوسط ما دام هناك أمل لدى "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران بإحياء مشروعها التوسّعي في المنطقة. لم تيأس إيران من هذا المشروع الذي ليس قابلاً للحياة أصلاً. لذلك، لا نزال نراها تراهن على  إمكان إحيائه. يفرض ذلك عودة إلى السؤال الأساسي: هل تريد إيران أن تكون دولة طبيعية أم لا؟

لا يزال السؤال في الواجهة، على الرغم من كل ما حصل في غزّة وكل ما حصل في سوريا ولبنان. تغيّرت سوريا التي أثبت شعبها رفضه للمشروع الإيراني. تبيّن بكلّ بساطة أن ليس في استطاعة "الجمهوريّة الإسلاميّة" البقاء في سوريا، بل هي جسم مرفوض فيها. أما في لبنان، فقد ظهر بوضوح أنّ الخراب هو كل ما تستطيع إيران تقديمه إلى هذا البلد. لا يدلّ على ذلك أكثر من الوضع الذي يعاني منه البلد حاليا. هناك نحو أربعين قرية مدمّرة من جنوب لبنان وهناك رفض إسرائيلي للانسحاب من مواقع معيّنة في الجنوب. تبرّر إسرائيل رفضها الانسحاب برفض "حزب الله"، الذي ليس سوى أداة إيرانيّة، السماح للدولة اللبنانية بتنفيذ القرار الرقم 1701. يرفض الحزب ذلك كونه يعرف أنّ تنفيذ القرار يعني تخلّيه عن سلاحه، أي بقيامة لبنان مجددا.

يتأكّد إصرار "الجمهورية الإسلاميّة" على رفض التخلي عن مشروعها التوسعي الردّ الأخير لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. كشف الردّ رفضاً إيرانياً لأخذ العلم بما يدور في المنطقة من جهة وبفشل الحروب الإيرانية المختلفة من جهة أخرى. في الواقع، يرفض عراقجي أخذ العلم بأن بلده شكّل في الـ45 عاماً الماضية مصدر قلق لدول المنطقة كلّها بالاعتماد على إثارة الغرائز وصنع الميليشيات المذهبية التي ذهب ضحيتها لبنان والعراق وقسم من اليمن وكادت تذهب ضحيتها سوريا… لولا انقلاب الشعب السوري على الحكم العلوي وفرار بشّار الأسد إلى موسكو في الثامن من ديسمبر (كانون الأوّل) الماضي.
لا ردّ مقنعاً لدى الوزير الإيراني على الأمين العام للأمم المتحدة، خصوصاً في ظلّ الإصرار الذي تبديه "الجمهوريّة الإسلاميّة" على تطوير برنامجها النووي. الأهمّ من ذلك كلّه، أنّ عراقجي لا يدرك أن مشكلة دول المنطقة والعالم المتحضر لم تكن، فقط، مع البرنامج النووي الإيراني الذي استخدم في كلّ وقت لابتزاز دول المنطقة والعالم. المشكلة في سلوك "الجمهوريّة الإسلاميّة" التي سعت منذ اليوم الأوّل لقيامها إلى التسبب بحرب مع العراق، من منطلق مذهبي، وعملت على الاستيلاء على لبنان وتحويله إلى مجرّد مستعمرة إيرانيّة.
ليس كافياً قول عراقجي أن إيران لا تسعى إلى امتلاك السلاح النووي، وأن "المرشد" علي خامنئي يؤكّد ذلك، للردّ على غوتيريش. مثل هذا الكلام لا ينطلي على أحد في عالمنا هذا حيث لا تستطيع إيران إخفاء نشاطها في مجال تخصيب اليورانيوم..
الحاجة الإيرانيّة، قبل كلّ شيء، إلى الاستفادة من تجارب الأمس القريب والاقتناع بأنّ الاستثمار في البرنامج النووي، مثل الاستثمار في إنشاء الميليشيات المذهبية في مختلف أنحاء المنطقة، سيرتدّ على "الجمهوريّة الإسلاميّة". هذا ما حصل بالفعل. ولأنّ ذلك حصل بالفعل، يُفترض بعراقجي التمعن في ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة في دافوس. كلّ ما قاله غوتيريش أنه "يجب على إيران أن تتخذ الخطوة الأولى لتحسين علاقاتها مع دول المنطقة والولايات المتحدة، من خلال الإظهار بأنها لا تسعى لامتلاك سلاح نووي." أضاف "الخطوة الأولى يجب أن تأتي الآن من جانب إيران، لأنه في حال عدم اتخاذها، فإننا نواجه خطر تصعيد التوترات. أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن أمله في أن "يدرك الإيرانيون أنه حان الوقت للتوضيح، بشكل نهائي، بأنهم لا يسعون إلى تطوير أسلحة نووية. وفي الوقت نفسه، يجب أن يعملوا على بناء علاقات بناءة مع بقية دول المنطقة بهدف تأسيس نظام أمني جديد يحترم استقلال جميع الدول." إضافة إلى ذلك، أشار غوتيريش إلى أن مثل هذه الخطوة "ستساهم في تمهيد الطريق أمام اندماج إيران الكامل في الاقتصاد العالمي."
ليس بالكلام وحده تستطيع إيران نفي طموحها إلى امتلاك السلاح النووي. ما لم يقله غوتيريش قاله المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الذي أوضح، في دافوس أيضاً، أن إيران "تتقدم بسرعة كبيرة في زيادة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من الاستخدام العسكري."
من الواضح، من خلال رد فعل وزير الخارجية الإيراني أنّ "الجمهوريّة الإسلاميّة" ما زالت مصرّة على العيش في عالم آخر. لا يزال رهانها على أن الدفاع عن النظام في طهران يستند إلى "تصدير الثورة"، أي إلى تصدير الأزمات الداخلية إلى خارج الحدود الإيرانية، علماً أن ليس لدى إيران ما تصدّره… غير الأزمات والميليشيات. لا وجود لنموذج إيراني قابل للتصدير، خصوصاً في ضوء فشل "الجمهوريّة الإسلاميّة" اقتصادياً وحضارياً… وفي بناء علاقات ذات طابع إيجابي مع شعبها، أو شعوبها، أوّلاً، ومع جيرانها في المنطقة.
كلّ ما في الأمر أنّ إيران ترفض أن تكون دولة طبيعية وأنّ أحلام الهيمنة التي راودتها طوال سنوات بقيت أحلاماً، حتّى لا نقول أوهاماً. تحرّر لبنان من السطوة الإيرانية. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كان لدى لبنان رئيس للجمهوريّة. كذلك تحررت سوريا. والسؤال متى سيتحرر العراق أيضاً؟ السؤال الحقيقي متى تقتنع "الجمهوريّة الإسلاميّة" بأنّ الشعارات شيء والحقيقة شيء آخر. لو كانت الشعارات والأوهام تبني دولاً، لكان الاتحاد السوفياتي لا يزال حيّاً يرزق.
إذا كان من درس يمكن استخلاصه من انهيار الاتحاد السوفياتي، فهذا الدرس يتلخص بأن الصواريخ لا تبني دولاً، وكذلك الميليشيات المذهبية، من النوع الذي رعته إيران في لبنان وغير لبنان..

مقالات مشابهة

  • أمريكا تضغط لإقصاء حزب الله من الحكومة اللبنانية..ما السبب؟
  • هل يكون إنهاء التهديد الإيراني إرثاً جديداً لترامب؟
  • جوزيف عون يدعو السياسيين للتنازل من أجل مصلحة لبنان
  • عون يدعو السياسيين للتنازل من أجل مصلحة لبنان
  • منخفض جويّ يضرب لبنان غداً.. أمطار وثلوج والأب خنيصر: ان شاء الله شباط يكون مولع الدني
  • الجيش اللبناني يواصل انتشاره في جنوب الليطاني بالتعاون مع اللجنة الخماسية
  • وزير خارجية إيران: لم نتلقَ أية رسالة من ترامب بشأن التفاوض والأساس هو عدم الثقة
  • بوتين يرفض التفاوض مع زيلينسكي.. رئيس غير شرعي.. والأخير يرد
  • بوتين يرفض التفاوض مع زيلينيسكي.. رئيس غير شرعي.. والأخير يرد
  • إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها