مباحثات عراقية تركية صينية تخص طريق التنمية.. هذه آخر المستجدات
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - بغداد
يبدو أن الصين عازمة على الدخول بقوة في مشروع "طريق التنمية"، بعد أن أحرزت تركيا مع العراق تقدما في المباحثات، وهو خط طريق سكة حديد وطريق سريع يربط ميناء الفاو الكبير في مدينة البصرة بالحدود التركية الجنوبية، وقد وصفه رئيس الوزراء العراقي بأنه "الخيار الأفضل والأقل تكلفة" لربط الشرق الأوسط بأوروبا.
من المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى لإنشاء المشروع بحلول 2028، وبمجرد استكمال بنائه، سيصبح ميناء الفاو الكبير من بين أكبر المواني في الشرق الأوسط، بمساحة 54 كيلومترا مربعا قادرة على استيعاب سفن الشحن الأكبر حجما. الصين بدورها سارعت إلى فتح باب التفاوض مع العراق حول المشروع المرتقب، رغبة منها في كسب موطئ قدم في إحدى أبرز طرق النقل بين الشرق والغرب، وإيصال بضائعها إلى القارة الأوروبية. السفير الصيني يطرح ثلاثة مواضيع مدير المكتب الإعلامي للوزارة، ميثم عبد الصافي، إن "السفير الصيني زار مقر الوزارة مؤخرا وطرح ثلاثة مواضيع إيجابية تخص طريق التنمية، حيث أعلن عن رغبة بلاده بعقد مؤتمر بخصوص طريق التنمية في الصين، وتم تكليفه شخصيا من الحكومة الصينية بمتابعة ملف طريق التنمية، وقامت الحكومة الصينية أيضا بتخويل لجنة التنمية والإصلاح الصينية لمتابعة ملف طريق التنمية مع الحكومة العراقية". بحسب ميثم عبد الصافي، فقد "أشار السفير الصيني في اللقاء، إلى رغبة بلاده بالدخول في طريق التنمية على مستوى التنفيذ وعلى مستوى المشاركة، وهو موضوع فيه حسابات أخرى تتمثل بالدخول في طريق التنمية"، واصفا إضافة الصين إلى هذا المشروع بأنها "إضافة نوعية في ظل القوة الاقتصادية للصين، ولا سيما أنها محور البضائع من الشرق باتجاه الغرب". أما بخصوص موقف وزارة النقل من الطرح الصيني، نوه مدير المكتب الإعلامي للوزارة إلى أن الأخيرة "أعربت عن سعادتها بدخول الصين في هذا المشروع، لأنه من مصلحة الشعب العراقي وقمنا بدراسة الجدوى عن الموضوع وتحدثنا معهم عن مراحل المشروع، كما أن السفير الصيني طلب أن تكون هنالك اجتماعات ولقاءات بيننا وبينهم". زيارات متبادلة بين مسؤولين عراقيين وأتراك وعلى الخط ذاته، "هنالك لجان فنية من وزارة النقل العراقية ذهبت إلى تركيا بخصوص طريق التنمية، حيث تم الاتفاق على أمور مهمة، وسيكون هنالك تدريب لكوادر السكك الحديد العراقية من قبل الجانب التركي، كما سيكون هنالك اجتماع شهري للكوادر واللجان الفنية من الطرفين يقام في البلدين"، عادا تركيا "شريكا في المشروع، وهي الباب الثاني لطريق التنمية". علاقات أربيل وأنقرة توفر ضمانات للمشروع بحسب مراقبين، فإن تحديات كبرى تواجه مشروع طريق التنمية، من بينها عدم الاستقرار السياسي، وتعقيدات تتعلق بمؤسسات الدول، والتهديدات التي تشكلها الجماعات المسلحة في العراق، لكن مع ذلك، فإن علاقات أنقرة الوثيقة مع إقليم كوردستان يمكن أن تساعد في ضمان عدم تأثير هذه القضايا في مشروع طريق التنمية. مشروع "طريق التنمية" شغل مكانة مهمة في جدول أعمال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال زيارته إلى العراق في شهر آب الماضي، والمحادثات التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شهر أيلول الماضي، في قمة قادة مجموعة العشرين في نيودلهي. المشروع الذي يضم مجموعة طرقات وسكك حديد وموانئ ومدن جديدة، تهدف بغداد من خلاله إلى اختصار مدة السفر بين آسيا وأوروبا عبر تركيا، والتحول إلى مركز للعبور من خلال ميناء الفاو الذي يعد المحطة الأولى في المشروع. من المتوقع أن يبلغ طول السكك الحديد والطرقات السريعة التي ستربط ميناء الفاو مع الحدود التركية 1200 كيلومتر، بكلفة 17 مليار دولار، ومن المقرر أن يكون الميناء المذكور أكبر ميناء في الشرق الأوسط وأن تكتمل أعمال البناء فيه عام 2025. يوصف المشروع الذي أطلق عليه بداية اسم "القناة الجافة"، قبل أن يغير إلى "مشروع طريق التنمية" في آذار الماضي بالتزامن مع لقاء في أنقرة جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، بأنه أساس مشروع اقتصادي مستدام غير نفطي. وفي كلمته خلال مؤتمر "طريق التنمية" الذي نظمته الحكومة العراقية في العاصمة بغداد في 27 أيار الماضي، بمشاركة ممثلين عن دول الجوار بما في ذلك تركيا ودول الخليج، قال السوداني إن المشروع يعكس واقع تأسيس اقتصاد قوي من خلال زيادة التوظيف وقيمة الناتج القومي الإجمالي.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار السفیر الصینی طریق التنمیة میناء الفاو
إقرأ أيضاً:
التغيرات المناخية.. أزمة تُعرقِل التنمية
د. أسماء حجازي **
في الفترة الأخيرة شهد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجة شديدة من التغيرات المناخية التي تمثل تحديًا يهدد بتفاقم حالة الهشاشة والنزاعات، النزوح، التهميش وكذلك الفساد، حيث من المتوقع ان تشهد المنطقة درجات حرارة أعلى بنسبة 20% من المتوسطات العالمية. وهي بالفعل المنطقة الأكثر ندرة في المياه في العالم ومن المتوقع أن تؤدي درجات الحرارة المتزايدة إلى المزيد من الجفاف الحاد والمستمر.
ولم تقتصر تأثيرات التغيرات المناخية فحسب على درجات الحرارة والموارد المائية فحسب، وانما لها العديد من التأثيرات حيث تهدد بتزعزع استقرار الدول الاقتصادي والسياسي والأمني وكذلك الاجتماعي، حيث ان منطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة مرشحة لتكون من أكثر الدول شحًا بالموارد المائية حول العالم جراء التغيرات المناخية.
والعديد من الدول في الشرق الأوسط شهدت حروبًا وصراعات كثيرة، بسبب ما نتج عن التغيرات المناخية من جفاف واوبئة وجوع وفقر وغيرها من المظاهر الأخرى مثل دولة جنوب السودان، ولم يتوقف الأمر عند ذلك ولكن كابوس التغيرات المناخية يحد من قدرة الأجيال في الحاضر والمستقبل على التمتع بالحق في الحياة، والحق في التعليم والحق في المسكن نتيجة النزوح المستمر في الدول التي تشهد موجات عارمة من الفيضانات والسيول وارتفاع درجات الحرارة والتي ينتج عنها بطبيعة الأمر جفاف وانعدام في الأمن الغذائي.
ففي تونس، على سبيل المثال، شهد مطلع مارس 2024 ارتفاعًا في أسعار مياه الشرب بنسبة تصل إلى 16 بالمئة في مواجهة الشح المائي نتيجة جفاف طيلة السنوات الخمس الماضية. وفرضت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، منذ العام الماضي، نظام الحصص في مياه الشرب، وحظرت استخدامها في الزراعة، وبدأت قطع المياه ليلًا.
وفيما يتعلق بمعدلات النزوح "تؤكد أرقام البنك الدولي على خطورة تغير المناخ، حيث يتوقع أن يدفع ملايين الأشخاص، بما في ذلك 19.3 مليون في شمال أفريقيا، إلى النزوح داخل بلدانهم بحلول عام 2050. هذه الأرقام تسلط الضوء على العواقب الوخيمة لتغير المناخ على المجتمعات والاقتصادات."
وفي هذا الإطار تظهر في الشرق الأوسط ثلاث أزمات مياه تعتبر الأكثر حساسية وإلحاحًا، لاسيما وأنها ترتبط بالأمن المائي لأكثر من نصف مليار إنسان موزعين على الدول المعنية بهذه الأزمات، وهي: أزمة مياه دجلة والفرات بين العراق وتركيا وإيران، أزمة نهر النيل بين مصر والسودان وإثيوبيا، وأزمة المياه المشتركة بين الأردن وإسرائيل.
قامت إيران بقطع روافد نهر دجلة بشكل كامل مثل نهر الزاب، وروافد سد "دربندخان"، مما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن المائي للعراق. وقطع تلك الروافد وتسببها في جفاف حوض ديالى بنسبة 75%، مما أدى إلى معاناة شرق العراق وجنوبه من أزمة جفاف خانقة لاسيما عام 2021 وصيف عام 2023، حيث بلغت إطلاقات المياه من الجانب الإيراني صفرًا
وتشير التقديرات إلى أن 71% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة مهدد بشدة بسبب ندرة المياه، بينما قد تشهد الغابات زيادة في مساحة الاحتراق بنسبة تصل إلى 87% و187% مع ارتفاع درجة حرارة الأرض درجتين أو ثلاث درجات مئوية على التوالي، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ورغم مواجهة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتحديات جمة، إلا أنها تمتلك إمكانات هائلة لقيادة التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والابتكار. ويمكن لدول المنطقة، من خلال جذب الاستثمارات وتسهيل نقل التكنولوجيا، أن تتبوأ مكانة رائدة في التنمية الخضراء. تسعى هذه المقالة إلى استكشاف كيفية استغلال هذه الإمكانات لمواجهة التغيرات المناخية، وتسليط الضوء على الآثار المتعددة لهذه التغيرات على المنطقة على الصعيد السياسي والاجتماعي والحقوقي والاقتصادي.
وبالتالي.. لا بُد من اتخاذ إجراءات لمواجهة تغير المناخ في بدايته. وبالتالي، يجب على الحكومات في الشرق الأوسط أن تكثف أهدافها للتكيف مع تغير المناخ وخفض مساهمتها في الاحترار العالمي على حد سواء. ووفق أحدث دراسات أجراها صندوق النقد الدولي عن التكيف وتخفيف الآثار، يتعين استثمار ما يصل إلى 4% من إجمالي الناتج المحلي سنويًا لتعزيز الصمود في مواجهة تغير المناخ بالقدر الكافي وتحقيق أهداف خفض الانبعاثات بحلول 2030.
** مدرس مساعد بالبحث العلمي وباحثة حقوقية ومتخصصة في الشأن الأفريقي