٢٦ سبتمبر نت:
2025-02-07@04:13:40 GMT

ماذا حققت أمريكا من التصعيد في البحر الأحمر؟

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

ماذا حققت أمريكا من التصعيد في البحر الأحمر؟

تدور واشنطن في حلقة مفرغة، وتقول إنه لا حظ لسيد البيت الأبيض في معركة اليوم، وبحسب مؤشرات الأحداث المتلاحقة فإنه لا قيمة لكل ما تقوم به الولايات المتحدة دعماً للكيان الصهيوني.

وعلى الرغم من أن الاستراتيجية الأمريكية تندرج ضمن مفهومي "الهيمنة" و "السيطرة" إلا أنها تضع خطوطاً حمراء حول منع حركة الملاحة وفرض هيمنتها على الممرات المائية بأي جغرافية لمسطحات الأرض المائية، كما أنها هذه المرة تصطدم بممانعة غير متوقعة وموقف لم يسبق أن استمر هكذا من قبل حتى عندما تم إغلاق باب المندب مع حرب أكتوبر ١٩٧٣م.

إن اليمن المحاصر والمنهك منذ تسعة أعوام في سياق عدوان وحصار ممنهج، قد فرض على نحو غير مسبوق معادلة جديدة في البحر الأحمر.. هذه المعادلة تقوم على مرتكز أساسي يؤكد أن صنعاء صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في هذه المعادلة، فهي من تمتلك الحق في الممر المائي، كما أن المعطيات ومؤشرات الحدث ليست في صالح واشنطن وتحالفها الهش.

والواضح أن أمريكا وضعت نفسها في مواقف محرجة كثيرة، فتصعيدها في البحر الأحمر لم يغير من المعادلة القائمة شيئاً، فالسفن والملاحة الخاصة بالكيان الغاصب معطلة في البحر الأحمر، فيما نجاح اليمن حتى الساعة قائم، حيث تؤكد تقارير وأرقام إدارة قناة السويس على استمرار حركة السفن التجارية عبر القناة المصرية، وهذا يعني مقدرة صنعاء على إدارة حركة الملاحة بشكل محترف ومميز.

 

 

 

هزيمة جيوسياسية

 

وعلى مدار ثلاثة أشهر راكمت واشنطن إخفاقات متعددة المسارات.

وبحسب موقع “ذا انترسبت” فإن الولايات المتّحدة وضعت نفسها أمام هزيمة جيوسياسية في البحار اليمنية، حيث أن مواجهاتها البحرية وقصفها  الجوي للمدن اليمنية لم توقف الصواريخ من اليمن، كما لم تخفف من اضطرابات الاقتصاد العالمي، فقد اعترف بايدن بفشل سياسة الردع الأمريكية في اليمن كما فشلت من قبل على مدار تسعة أعوام، حيث بات واضحاً أن المعلومات التي روّجتها الولايات المتّحدة في أن غاراتها الجوية قد حدت من قدرات اليمن ليست صحيحة ، وأن التحالف البحري الذي حاولت الترويج له بضم 40 دولة تؤيده وعشرين دولة انضمت إليه تلاشى إلى تحالف شكلي هزيل لحوالي 6 دول فقط كانت فيه مُشاركة لوجستياً فيما بقيت الولايات المتّحدة العنصر الظاهر والمكشوف في هذا العدوان على خلاف ما كان قبل.

 

وبالمجمل، فالسياسة التي اعتمدها بايدن في محاولة الظهور بأنه من يحمي الملاحة والتجارة الدولية، ومن يحمي مصالح الأمن القومي الأمريكي بدت هزيلة وهشة أمام واقع إصرار الجيش اليمني على التحدي والمواجهة المستمرة بنجاح غير متوقع للعدو.

واليمن بهذا فرض حصاراً جيو سياسياً على بايدن وإدارته، فمع كل تصعيد من واشنطن لعدوانها وقصفها الجوي على اليمن فإن اضطرابات الشحن العالمية تتعاظم، مخلفة نتائج عكسية وتداعيات اقتصادية قد تقود نحو خطر اندلاع حرب اقليمية شاملة، مع استمرار التصعيد وهذا مرجح.

 

 

 

  كلفة مادية هائلة

وإلى جانب هذا فإن حالة استنزاف تواجهها الولايات المتحدة في المياه اليمنية، حيث هناك خشية من أن يكون هذا على حساب مواجهات كبرى تحضر لها إدارة البيت الأبيض مع الصين وربما روسيا، فيما تخشى من السقوط في مستنقع البحر الأحمر مع استمرار تأثير جماعات الضغط القوية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

ومع استمرار استهداف اليمن للسفن الصهيونية والسفن الأمريكية فإن حجم الخسائر الذي تتكتم عليه واشنطن سيزيد من الضغط على إدارة بايدن، والأكيد أن واشنطن تحاول دائماً إخفاء خسائرها، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على خسائرها من جراء الهجمات على قواعدها في العراق وسوريا، وهذا يعود إلى تخوّفها من انقلاب الداخل والشارع الأمريكي على الإدارة الأميركية.

وفي مقابل هذا هناك كلفة مادية هائلة تتكبّدها البحرية الأميركية في التصدي للصواريخ، والمسيرات.

 هذه الكلفة المادية ليست الأمر الوحيد الذي تعاني منه البحرية الأميركية، إذ أنّها تواجه صعوبة في إعادة صناعة هذه الصواريخ الاعتراضية المعقدة والتي تحوي مكونات إلكترونية يجب استيرادها، مع الإشارة إلى صعوبات تواجه سلاسل توريد الالكترونيات، هذا بالإضافة إلى عمليات إعادة التذخير، ناهيك أن شركة الصناعة الدفاعية الأمريكية رايثيون تؤكد أن طاقتها لتجديد مخزون صواريخ اس إم 6 لا يتعدى 50صاروخاً في العام.

هذا ما يؤكد أن واشنطن تواجه استنزافاً لمخزونها من الأسلحة، كما ذكرت ذلك صحيفة “بوليتيكو” الأميركية غير مرة، فالجيش الأمريكي كما بات معلوماً يستخدم تلك الصواريخ باهظة الثمن لإسقاط مسيّرات رخيصة، وهذه المعادلة المرهقة للأمريكان دفعت البحرية الأمريكية إلى المطالبة بتمويلات إضافية بمليارات الدولارات لتجديد مخزون الجيش من الذخائر.

وفي ظل مخاوف من أن تناقص هذا المخزون العسكري الأمريكي سيؤثر على عملية ردع محتملة في المستقبل مع الصين ، ناهيك عن عدم جدواه في تحقيق انجاز في مواجهات البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، مع ما تعانيه البحرية الأمريكية من مشاكل لوجستية ومادية فيما يخص مسألة مخزون الذخيرة، فالبحرية الأمريكية لا تستطيع الاستمرار بإطلاق الصواريخ، حيث تضطر سفنها البحرية إلى العودة إلى موانئ التخزين للتزود، وهذه مشكلة مضافة للمشاكل التي تعانيها قوات العدوان الأمريكي، خاصة مع استمر اليمن بالقدرة على التحدي والمواجهة الفاعلة.

وتتسع تأثيرات مواجهات البحر الأحمر لتفرز تداعيات تصل للجانب الأوروبي، حيث سيمتد إلى البنوك المركزية في أوروبا.

و بحسب موقع “بلومبرغ” فإن الارتفاع الحالي في تكاليف الشحن  التي سببها التصعيد الأمريكي، وانعكاس تلك التكلفة على المستهلك الأوروبي مع بطء عبور الإمدادات عبر البحر الأحمر، سيؤثران على معدل التضخم الكلي في أوروبا، وفي ظل ارتفاع تخطى حاجز 300% في أسعار شحن الحاويات من آسيا إلى أوروبا.

 

 

 

السقوط القريب

وبالعموم فإن الأمريكان يعيدون استهداف مواقع تم قصفها خلال العدوان السعودي، فهم لا يملكون أي أهداف اليوم ، فضلاً عن أن القدرات اليمنية نفسها هي قدرات في أغلبها متحركة، و يمكن إطلاقها من منصات أو آليات متحركة، وهذا يعني أن غارات أمريكا العدوانية لا تعيق أية عملية إطلاق مستقبلية.  ونتيجة لذلك فإن الولايات المتّحدة تملك تأثيراً محدوداً في استهداف الجغرافية والمواقع اليمنية.

هذه المؤشرات الواضحة والتي توحي بأن قوة واشنطن العقد الأخير من القرن العشرين، وبداية القرن الحادي  والعشرين لم تعد كذلك، فالقوة والهيمنة الأمريكية كما تنبأ بها الصحفي الأمريكي الشهير سيمور هيرش لم تعد كذلك فهي تتضاءل شيئاً فشيئاً، وربما لن تكون حاضرة في سياق التطور العالمي القادم. 

هذا الشعور الأمريكي بتناقص الحضور وضعف الدور العالمي له، يفسر استمرار الغرور والعنجهية الأمريكية واعتماد خيار الفعل في إطار صورتها الذهنية المسبقة ضمن معطيات القوة والسيطرة، وهي بهذا تصر على استمرار هيمنتها في البحر الأحمر رغم تلقيها ضربات محرجة وموجعة في آن، وضعتها في صورة غير جيدة أمام حلفائها الغربيين والعرب خاصة بعد استهداف سفنها التجارية والحربية على حد سواء في البحرين الأحمر والعربي.

وأظهر تراجع حلفاء أمريكا عن دعم توجهاتها أن هذه القوة العظمى لم تعد محل ثقة الغرب وإن شارك البعض معها بشكل رمزي، وهذا ما وضع الأمريكان في موقف محرج ، استدعى بعده تحركاً أمريكياً مكابراً للإيحاء أن أمريكا لا تستسلم ، غير أن التصعيد العسكري بالعدوان على اليمن عقد المشهد أكثر، وصولاً إلى  خيار إعادة تصنيف صنعاء الثورة في خانة "الإرهاب" وهو ما كان محل سخرية واسعة بدأت داخل أمريكا وأوروبا، وانتهت باليمن الذي لم يكترث بهذا، فهذا الإجراء لم يكن إلا دليل عجز وضعف واضح تحاول إدارة البيت الأبيض به مواجهة ضغوط جماعة اللوبي الصهيوني التي تدفع بأمريكا إلى حافة الهاوية، فالمهم ليس مستقبل أمريكا والشعب الأمريكي بقدر أهداف اللوبي المهيمن على مفاصل الدولة الأمريكية والذي يدعم بكل ثقلة جرائم الإبادة الجماعية لسكان غزة.

 

 تحركات واسعة رفضاً للتوحش الأمريكي

وبالنظر للصورة العامة لمجريات أحداث البحر الأحمر تظهر أمريكا وبريطانيا وإسرائيل في صورة مقيتة أمام شعوب العالم اليوم، فمظاهرات الأيام الأخيرة بعواصم ومدن أوروبية كانت تندد بالعدوان الأمريكي الجديد على المدن اليمنية، حيث أن الصورة الشجاعة التي رسمها الموقف اليمني البطولي في التصدي للسفن الصهيونية واشتراط فك حصار غزة مقابل فك حصار سفن الكيان، كان بنظر رجل الشارع الغربي والعربي محل تقدير وإجماع إذ هو بمثابة موقف موازٍ وداعم لتحركات المظاهرات والمسيرات الأمريكية والغربية التي مثلت حالة فريدة وغير مسبوقة.

فالمسّيرات والصواريخ اليمنية لم تعد وحدها من يمنع سفن العدو، فما حصل أمس الأول بأستراليا كان رسالة قوية وشجاعة توحي بتحركات واسعة لأحرار العالم لمنع الوحشية الأنجلو أمريكية الصهيونية ضد فلسطين وضد اليمن، حيث أغلقت جموع المتظاهرين ميناء “ملبورن” الأسترالي في وجه السفن الإسرائيلية ، وهذا كان الفعل الموازي لما يقوم به اليمن من منع لسفن الكيان من العبور.

لقد منع المتظاهرون تفريغ سفينة مملوكة لإسرائيل أكثر من يومين، مما أدى لجنوح أربعة سفن شحن مع 30 ألف حاوية، وإغلاق الميناء بالكامل في رسالة قوية لحكومة أستراليا بأن سكان ملبورن غير راضين عن تحميل سفن “زيم” الإسرائيلية، وهذه رسالة كافية.

المسيرة

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الولایات المت حدة فی البحر الأحمر لم تعد

إقرأ أيضاً:

4 فبراير خلال 9 أعوام.. 94 شهيداً وجريحاً في جرائم حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن

يمانيون../
واصل العدوانُ السعوديّ الأمريكي، يوم الرابع من فبراير خلال الأعوام: 2016م، و2017م، و2018م، و2019م، ارتكابَ جرائم الحرب، والإبادة الجماعية، بغاراتِه الوحشية، على المنشآت الخدمية وقوارب الصيادين والمنازل والأحياء السكنية والجسور في الحديدة وصنعاء وحجة.

ما أسفر عن 28 شهيداً و66 جريحاً بينهم أطفال ونساء، وتشريد وحرمان عشرات الأسر من مآويها، ومعايشها، واستهداف العدالة، والمساجين والمواطنين والموظفين، والصيادين، وترويع أهاليهم، وتقييد حركة التنقل، ومضاعفة المعاناة، وتفاقم الأوضاع المعيشية، وآثار وتداعيات نفسية ومادية، ومشاهد مأساوية تدمي القلوب.

وفيما يلي أبرز التفاصيل:

4 فبراير 2016.. استشهاد مواطن وتدمير جسر بغارات العدوان على حجة:

في الرابع من فبراير 2016م، ارتكب تحالف العدوان السعودي الأمريكي جريمة حرب جديدة في اليمن، مستهدفاً بغاراته الجوية الوحشية جسر الحقوف الحيوي في محافظة حجة، الذي يربط بين مديريتي حيران ومستبأ، ما أسفر عن تدمير الجسر بشكل كامل واستشهاد مواطن يمني كان يسير عليه.

يقول أحد السكان المحليين: “لقد سمعنا دوي انفجارات عنيفة، وعندما خرجنا رأينا الجسر وقد تحول إلى كتلة من الدمار، والدخان، كان منظراً مروعاً، لم نكن نتوقع أن يستهدفوا جسراً يخدم المدنيين فقط”.

ويضيف آخر: “لقد فقدنا طريقاً حيوياً كان يربطنا بالمدن الأخرى، الآن أصبح من الصعب علينا التنقل وجلب احتياجاتنا اليومية”.

تأثيرات إنسانية كارثية، لاستهداف الجسر تتمثل في قطع الطريق العام الذي كان يربط بين مديريتي حيران ومستبأ، مما أثر بشكل كبير على حركة التنقل بين المنطقتين، وإعاقة وصول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، مما زاد من معاناة السكان، وتأخر وصول الخدمات الطبية والإسعافات إلى المرضى والجرحى، مما يعرض حياتهم للخطر، وتضرر المزارعون بشكل كبير، حيث أصبح من الصعب عليهم نقل منتجاتهم الزراعية إلى الأسواق، ومفاقمة الأوضاع المعيشية للسكان، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية وتدهورت الخدمات الأساسية.

استهداف جسر الحقوف، الذي يعد منشأة مدنية بحتة، يشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والإنسانية، التي تحمي المدنيين والأعيان المدنية من الهجمات العسكرية، كما أنه يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، حيث تعمدت طائرات التحالف استهداف المدنيين، وتدمير منشأة حيوية لخدمة المدنيين.

إن هذه الجريمة المروعة، التي ارتكبت بحق المدنيين الأبرياء، هي رسالة إلى العالم أجمع، لكي يتحمل مسؤولياته في وقف العدوان على اليمن، وحماية المدنيين، وضمان عدم إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب.

4 فبراير 2017.. 18 شهيداً و7 جرحى في جريمة حرب لغارات العدوان على الصيادين في جزيرة الطرفة بالحديدة:

وفي اليوم ذاته من العام 2017م، سجل العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، جريمة حرب جديدة، مستهدفاً بغاراته الوحشية الصيادين في جزيرة الطرفة بمديرية الدريهمي محافظة الحديدة، أسفرت عن 18 شهيداً و7 جرحى، وترويع الأسر، ومنع الصيد، وتفاقم الأوضاع المعيشية لعشرات الأسر التي يعمل معيلوها في المياه البحرية ويعتمدون على الصيد، وتيتيم الأطفال وترميل النساء، في مجزرة وحشية تهز الإنسانية.

تداعيات الجريمة امتد إلى سكان المحافظة العاملين في الصيد، وفاقمت الظروف المعيشية، وأسفرت عن موجة من النزوح والحرمان والتشرد ونقص الغذاء والدواء، والمأوى.

مشاهد الدماء والجثث وفرق الإسعاف وبكاء ودموع الأطفال والنساء، على معيليهم، والصيادين على زملائهم، تدمي القلوب، يقول أحد الصيادين: “ما ذنب هؤلاء الصيادين المساكين، ما ذنبهم، يبحثون على لقمة العيش، ويستهدفونهم، ضربونا ونحن نشتغل مقابل الجزيرة، ابني لا أعرف إن عادة حي أو ميت، كان فوق القارب المستهدف، جاءتنا أباتشي ورشت علينا صواريخ ورصاصاً حياً، وهربنا للجزيرة ولحقتنا، حتى بالقنابل العنقودية”.

استهداف الصيادين في البحر جريمة حرب وإبادة متعمدة، تتطلب تحركاً دولياً وأممياً لمحاسبة مرتكبيها، ووقف العدوان ورفع الحصار على الشعب اليمني.

4 فبراير 2018..67 شهيداً وجريحاً في جريمة إبادة جماعية بغارات العدوان على الأدلة الجنائية بصنعاء:

وفي اليوم ذاته من العام 2018م، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب ترقى إلى إبادة جماعية، بغاراته المستهدفة لمبنى الأدلة الجنائية في منطقة ذهبان مديرية بني الحارث، بصنعاء، أسفرت عن 9 شهداء، و58 جريحاً، وترويع الأهالي، وتدمير المنازل والممتلكات والمحلات المجاورة، ومشاهد مأساوية يندى لها جبين الإنسانية.

للمرة الثانية “قصف المقصوف”! أكثر من قنبلة وتدمير أجزاء كبيرة من المبنى المشكل من 4 طوابق.

شهود عيان: يبكر الصباح كل الموظفين ليبصموا، ويتوجهوا إلى الدوام في المنشأة التي عادت لتقديم الخدمة رغم قصفها في العام 2016م، لكن أمريكا بهذه الجريمة تمنع الحياة وتعدم أسبابها، فاستهدفونا في المكاتب، والمواطنين كانوا في السجون، أغلبية الضحايا من المواطنين، والمساجين”.

في ذلك اليوم المشؤوم، شنت طائرات التحالف غارات جوية مكثفة على مبنى الأدلة الجنائية، الذي كان يضم بين جدرانه أقساماً حيوية لمعالجة الأدلة وتقديمها للعدالة، لم تراعِ هذه الغارات حرمة المكان، ولا القوانين الدولية التي تحمي المنشآت المدنية، بل استهدفت المبنى بشكل مباشر، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه، وتناثر الجثث والأشلاء في كل مكان.

يقول أحد الناجين من الحادث: “لم نكن نتوقع أن يستهدفوا هذا المكان الآمن، كنا نعمل بكل جهدنا لخدمة العدالة، ولكنهم لم يرحموا أحداً، لقد رأيت زملائي يتساقطون الواحد تلو الآخر، ولم أستطع فعل أي شيء”.

ويضيف أحد السكان المحليين: “لقد اهتزت الأرض من شدة الانفجار، ورأينا النيران تشتعل في المبنى، هرعنا إلى هناك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكننا لم نجد سوى الجثث المتفحمة والأشلاء المتناثرة”.

استهداف مبنى الأدلة الجنائية، الذي يُعد منشأة مدنية بحتة، يشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والإنسانية، التي تحمي المدنيين والأعيان المدنية من الهجمات العسكرية، كما أنه يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، حيث تعمدت طائرات العدوان استهداف المدنيين، وتدمير منشأة حيوية لخدمة العدالة.

مشاهد الجثث والأشلاء والدماء المسفوكة والدخان والنيران والغبار، والدمار، وهلع الأهالي، وتحليق الطيران ومعاودة الغارات، ونزوح عشرات الأسر.

استهداف مبنى الأدلة الجنائية ليس المرة الأولى بل هو قصف للمقصوف في المرة الثانية، واستهداف المدنيين والأعيان المدنية والمنشآت الخدمية، جريمة حرب مكتملة الأركان، تعكس وحشية العدوان، وتعمده في إبادة الشعب اليمني، وتدمير المنشآت والبنية التحتية.

قوبلت هذه الجريمة باستنكار واسع من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، التي دعت إلى فتح تحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين عنها، كما طالبت بضرورة احترام القوانين الدولية، وحماية المدنيين والأعيان المدنية من الهجمات العسكرية.

4 فبراير 2019.. جرح طفل ودمار واسع في منازل المواطنين وكلية الطب بقصف مرتزقة العدوان بالحديدة:

في جريمة حرب أخرى، في الرابع من فبراير من العام 2019م، استهدف مرتزقة العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، منازل الموطنين وكلية الطب في حي الربصة بمدينة، الحديدة، ومنطقة السويق بمديرية التحيتا، ما أسفر عن إصابة طفل، وترويع الأهالي، وموجة من النزوح، ومضاعفة المعاناة.

قصف الأحياء السكنية وكلية الطب:

حي الربصة: تعرض حي الربصة في مدينة الحديدة لقصف عنيف بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، استهدف منازل المواطنين المدنيين، مما أسفر عن أضرار مادية كبيرة وتسبب في حالة من الذعر والخوف بين السكان، كما طال القصف كلية الطب في الحي، مما يشير إلى استهداف ممنهج للمنشآت المدنية، بما فيها المؤسسات التعليمية.

إصابة طفل في التحيتا:

وفي منطقة السويق بمديرية التحيتا، الواقعة في ريف الحديدة، أصيب طفل بنيران مباشرة من قبل مرتزقة العدوان السعودي الأمريكي.

الأم بجوار طفلها في المستشفى، بدموع غزيرة، وقلب موجوع وكلمات متلعثمة تقول : “ما ذنب طفلي، ما عمل بالعدوان، كان عائداً إلى البيت يحمل كيس خبز، كان مروح من السوق كان يعمل مع خاله في القات، فاستهدفته نيران مرتزقة العدوان في ظهره وخرجت من الجنب وكان باب المنزل يستعد للدخول”.

تشير هذه الجريمة إلى استمرار حالة عدم الاستقرار في الحديدة، وعدم التزام مرتزقة العدوان باتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة، رغم الجهود الدولية المبذولة برعاية الأمم المتحدة، وتخشى المنظمات الإنسانية من تدهور الأوضاع الإنسانية في المدينة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة، فضلاً عن تضرر البنية التحتية بشكل كبير نتيجة للحرب.

هذه الجرائم أدت إلى موجات نزوح جديدة للسكان من المناطق المتضررة، مما يزيد من حجم الأزمة الإنسانية في الحديدة، في ظل نقص حاد في الإمدادات الطبية، ما يجعل من الصعب تقديم الرعاية اللازمة للمصابين والمرضى، وتفاقم الوضع الأمني أدى إلى تعطيل حركة الإمدادات الغذائية، مما يزيد من خطر المجاعة بين السكان المدنيين.

يبقى الوضع في الحديدة مأساوياً، حيث يدفع المدنيون الثمن الأكبر لجرائم الغزاة وأدواتهم، ولا يزال الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء العدوان وتحقيق السلام والاستقرار في اليمن.

مقالات مشابهة

  • قائد المهمة الأوربية “اسبيدس” يتنصل من تحالفه مع واشنطن في البحر الأحمر (فيديو) 
  • تصادم طائرات.. ماذا يحدث فى سماء أمريكا؟| القصة الكاملة
  • أمريكا وتفكيك “الحلف الموؤود”
  • بخلاف ما تروج له واشنطن.. شركات شحن تعود تدريجياً للبحر الاحمر 
  • شاهد | البحر الأحمر والحروب الحديثة
  • مقرب من المخابرات الأمريكية يلوح بإقالة المجلس الرئاسي في اليمن
  • بتهمة ارتباطه بتنظيم القاعدة في اليمن..واشنطن تحكم على رجل بالسجن 44 عاما
  • 4 فبراير خلال 9 أعوام.. 94 شهيداً وجريحاً في جرائم حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
  • تحذيرات من كولومبو البحر المتوسط.. ماذا ينتظر دول المنطقة؟
  • الجيش الأمريكي يتخبّط في مواجهة صنعاء: الهروب من الهزيمة العسكرية إلى التصعيد الإعلامي