لماذا ترد مصر على اتهامات إسرائيل عبر هيئة الاستعلامات؟
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
القاهرة– للمرة الثانية خلال أيام قليلة، خرج رئيس هيئة الاستعلامات المصرية الدكتور ضياء رشوان ببيان رسمي جديد ضد إسرائيل، عبر فيه، بنبرة حادة وحازمة، عن مواقف مصر الرسمية من الاتهامات الإسرائيلية الموجهة إليها مؤخرا، متهما دولة الاحتلال بتصدير مسؤولين متطرفين، للكذب على مصر وجيشها، وتهديد معاهدة السلام وحدودها.
ويرى خبراء ومراقبون تحدثوا لـ"الجزيرة نت" أن هناك دلالات لتفويض القاهرة هيئة الاستعلامات المصرية ورئيسها ضياء رشوان للقيام بتلك المهمة، أهمها الإعلان عن تبني مصر لخطاب تصعيدي مناسب لتصعيد الاحتلال الإسرائيلي على الأرض، دون إصدار مواقف رسمية من مؤسسات أخرى، لإبقاء الباب مفتوحا أمام المسؤولين الإسرائيليين للتراجع.
وهيئة الاستعلامات هي هيئة حكومية تتبع لرئاسة الجمهورية بموجب القرار الجمهوري الصادر في السادس من سبتمبر/أيلول 2012، وتضطلع بدورها "كجهاز إعلام رسمي" لشرح سياسة الدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ونقل الحقائق عن البلاد إلى وسائل الإعلام الدولية، بحسب ما جاء في القوانين المنظمة.
ويتولى ضياء رشوان (64 عاما)، رئاسة الهيئة منذ عام 2017، بجانب توليه حاليا منصب المنسق العام للحوار الوطني، ويعد أحد أبرز المقربين من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وأعلن رشوان -في بيان- مساء 22 يناير/كانون الثاني الجاري خطا أحمر جديدا لمصر، وهو احتلال إسرائيل ممر فيلادلفيا/صلاح الدين، بجانب الخط الأحمر المصري الأول وهو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، متهما المسؤولين الإسرائيليين الذين سمى منهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالكذب والادعاء والمساس بمعاهدة السلام، وتهديد العلاقات المصرية-الإسرائيلية.
وأكد رئيس هيئة الاستعلامات أن "لمصر جيشا قويا قادرا على حماية حدودها بكل الكفاءة وانضباط"، وأن مصر"قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين".
وفي 12 يناير/كانون الثاني الجاري، نفى رشوان بصورة قاطعة ما اعتبره "مزاعم وأكاذيب" لفريق الدفاع الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، بمنع مصر مرور مساعدات الإغاثة إلى غزة، مؤكدا أن مصر لم تغلق معبر رفح أبدا، وأن إسرائيل تحاول الهروب من إدانتها المرجحة بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
توكيل له أسبابه
من جانبه، يوضح السفير السابق عبد الله الأشعل، المساعد الأسبق لوزير الخارجية، والخبير الإستراتيجي في الصراع العربي-الإسرائيلي، أن بيانات الهيئة العامة للاستعلامات يعتد بها في الموقف الرسمي الخارجي، لأنها تتبع رئاسة الجمهورية، ولكنها تعتبر بدرجة أقل أهمية من بيانات الرئاسة ووزارة الخارجية والقوات المسلحة المصرية.
ويقول الأشعل في حديث للجزيرة نت "أعتقد أن توكيل هيئة الاستعلامات بهذه المهمة جاء باعتبارها أضعف الحلقات الرسمية في النفي، ومن ثم يمكن أن تتراجع الدولة عن مواقفها بسهولة وقت الحاجة، على عكس بيانات الخارجية والرئاسة والجيش، التي يمكن تكوين موقف بناء عليها، مع الوضع في الاعتبار أن البيان الأهم في هذه المسائل الحربية هو بيان الجيش ثم بيان الرئاسة ثم بيان وزارة الخارجية".
ويقلل الدبلوماسي السابق من تأثير تحديد هيئة الاستعلامات لخط أحمر سيادي جديد، ما لم تعلن عنه أجهزة الدولة السيادية بشكل صريح، بحسب قوله، مضيفا "تلك المواقف لا قيمة لها، لأنه إذا وجدت إسرائيل أنه من الضروري احتلال الممر سوف تفعل، ولا عبرة بأي موقف مصري ما دامت واشنطن تدعم إسرائيل"، وفق رأيه.
لكن يختلف أستاذ العلوم السياسية الأكاديمي الدكتور خيري عمر مع "الأشعل" في درجة أهمية بيانات الهيئة، وقال في حديث للجزيرة نت "هيئة الاستعلامات مؤسسة من مؤسسات الدولة، ويؤخذ كلامها على محمل الجد، وله اعتباره، خاصة أنها تقوم مقام وزارة الإعلام، وبالتالي فمستواها معتبر خاصة أن مضامين البيانات نفسها التي صدرت ذكرتها جهات الدولة في أوقات سابقة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".
من جانبه، يرى الخبير الإستراتيجي المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي، واتفاقيات كامب ديفيد، محمد عصمت سيف الدولة، أن استخدام مصر لهيئة الاستعلامات هو محاولة منها لتصعيد نبرة تصريحاتها الرسمية، ضد ما تفعله إسرائيل من جرائم إبادة جماعية وتهجير قسري أو ما تصوره من تصريحات حول نواياها في إعادة احتلال محور فيلادلفيا.
ويقول سيف الدولة في حديث للجزيرة نت "آن الأوان أن تبدأ الدولة المصرية في تصعيد نبرة تصريحاتها الرسمية، في خطوة لتحويل هذا التصعيد اللفظي الرسمي إلى تصعيد على الأرض، فإسرائيل لا تعبأ كثيرا بأي تصريحات".
ويوضح سيف الدولة مقصده من التصعيد على الأرض "على الدولة الدفع بأكبر عدد من القوات المصرية إلى الحدود وكسر للقيود المفروضة علينا منذ 1979، وإلا ستكون هناك مخاطر جمة على سيناء، وعلى أمن مصر القومي، خاصة مع كل هذه الحشود الإسرائيلية حول غزة"، وفق مقترحه.
ويضيف الخبير الإستراتيجي أنه "إذا كان هناك في السلطة المصرية من لا يزال يتمسك بهذه المعاهدة المجحفة فعليه أن يرفض رفضا قاطعا انتهاك إسرائيل لبنودها بإعادة احتلال محور فيلادلفيا، خاصة أنه ليس من حق الدولة المصرية أو أي دولة أخرى أن تعطي لإسرائيل أي حق في احتلال أراض فلسطينية".
تحذير رسميمن جانبه، يصف الكاتب الصحفي قطب العربي، الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة بمصر، رد هيئة الاستعلامات بأنه "نوع جديد من مستويات الرد الرسمي تريد به الدولة تحذير إسرائيل بشدة، دون أن يخرج التحذير من الرئاسة أو وزارة الخارجية، خاصة أن الأصل أن هيئة الاستعلامات مختصة بالتعامل مع ما ينشره الإعلام الأجنبي، وليس الرد على ما يصدر من تصريحات على ألسنة مسؤولي دول أخرى.
وفي حديثه للجزيرة نت، يفسر العربي هذه الخطوة بقوله "السلطة المصرية لا تريد التصعيد مع الجانب الإسرائيلي أو ربما تريد تصعيدا خفيفا، فتتولى هيئة الاستعلامات الرد وكأنها لا ترد مباشرة على تصريحات مسؤولين إسرائيليين، ولكنها ترد على ما نشرته وسائل الإعلام منسوبا لأولئك المسؤولين، وكأنها أرادت أن تبقي الباب مفتوحا أمام تفسيرات مختلفة من أولئك المسؤولين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هیئة الاستعلامات للجزیرة نت خاصة أن
إقرأ أيضاً:
لماذا أحدثت دعوة ترامب نتنياهو بلبلة في إسرائيل؟
يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غدا الاثنين، الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، بحضور مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر في رئاسة الوزراء، أن الجانب الإسرائيلي يجهل سبب إصرار واشنطن على اللقاء في البيت الأبيض، ولكن الصحيفة قالت، إن حضور ويتكوف اللقاء نُسق بسرعة في مؤشر على مناقشة ترامب ونتنياهو ملف الأسرى.
وحسب الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية محمود يزبك، فإن زيارة نتنياهو إلى واشنطن تأتي بصورة مفاجئة وسريعة، وقال، إن الأمور تطورت، منذ يوم الخميس، حيث لم يكن لقاء ترامب ونتنياهو مبرمجا لا على الأجندة الأميركية ولا على الأجندة الإسرائيلية.
ورجح أن يكون شيء ما قد حصل، وهو ما جعل البيت الأبيض يهاتف نتنياهو ويطلب منه المجيء إلى البيت الأبيض، وقال إن الدعوة جاءت مفاجئة للجميع، حتى أن نتنياهو حاول أن يتنصل من يوم الاثنين ويطلب أن تؤجل الزيارة إلى الأسبوع القادم بدعوى قضية محاكمته وغيرها من القضايا، لكن البيت الأبيض أصر عليه أن يلتزم موعد الاثنين.
ولفت الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية إلى أن الدعوة الأميركية خلقت بلبلة كبيرة لدى الحكومة الإسرائيلية ولدى نتنياهو نفسه.
إعلانوتساءل عمّا إذا كان ويتكوف، قد طلب من ترامب دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي القدوم إلى البيت الأبيض، وهل المبادر لهذا الاجتماع السريع والمفاجئ هو ويتكوف نفسه؟ وفي حال كانت الأمور على هذا النحو، فمعنى ذلك -يضيف يزبك- هناك أمر ما سيطلب من نتنياهو تنفيذه.
ورجح أن النقاش بين ترامب ونتنياهو سيتمحور فقط حول قطاع غزة، لا سيما في ظل أن الإدارة الأميركية أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل كي تفعل ما تريد في غزة، وبعد شهر ونصف من التجويع والقتل والتعطيش لم يحقق الاحتلال أي نتيجة.
ولا يستبعد يزبك، أن الإدارة الأميركية ستقترح شيئا ما من أجل تحقيق التقدم في قطاع غزة، وأن ويتكوف سيعود ليمسك زمام الملف بنفسه بعدما سلمه للحكومة الإسرائيلية ولرئيس وزرائها.
وكان موقع بلومبيرغ نقل عن مسؤول إسرائيلي، أن نتنياهو سيبحث مع الرئيس الأميركي الحرب في غزة والوضع في سوريا والدور التركي هناك، إضافة إلى المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وذكر الموقع، أن مساعدي نتنياهو اقترحوا تأجيل زيارته، لكن البيت الأبيض أراد الاجتماع الاثنين تحديدا.
وتأتي زيارة نتنياهو إلى واشنطن في ظل تصاعد الاحتجاجات داخل إسرائيل، والتي تطالب بصفقة مع المقاومة الفلسطينية تؤدي إلى الإفراج عن بقية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
وتنصلت إسرائيل من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، حيث استأنفت عدوانها الواسع على قطاع غزة، مخلفة المزيد من الشهداء والجرحى والدمار.