جاء العدوان الأمريكي البريطاني الأخير رداً على استمرار اليمن في مساندة المقاومة الفلسطينية وفرض حصار بحري على الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر والبحر العربي، وتؤكد صنعاء الثبات على الموقف، مشترطة لإيقاف الهجمات والحصار الذي فرضته على كيان العدو الصهيوني، وقف عدوانه على قطاع غزة وإدخال ما يحتاجه القطاع من غذاء ودواء.


المحاولة الأمريكية في تدمير القدرة اليمنية فشل، وفي موازاة ذلك ظهرت الكثير من ردود الأفعال الدولية الرافضة والمستنكرة لهذه الهجمات التي تزيد من تعقيد الوضع وتنذر بتوسع رقعة المواجهات:
الثورة / أحمد السعيدي

عمل تعسفي و”حمام دم”
في السياق أدانت إيران العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن، وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن إيران تدين “بشدة الهجمات العسكرية الأمريكية والبريطانية على عدة مدن يمنية”. وأكد أن الضربات “عمل تعسفي وانتهاك واضح لسيادة اليمن وللقوانين والأعراف الدولية”.
بدوره الرئيس التركي رجب طيباً إردوغان ندد بما اسماه الرد “غير المتناسب”، وقال إن “كل هذه التصرفات تشكل استخداما غير متناسب للقوة”، متهما الغرب بالرغبة في “إحداث حمام دم في البحر الأحمر”.

ممارسات الانغلوسكسونيين
موسكو اتّهمت من جهتها لندن وواشنطن بـ”تصعيد” مدمر بعد الهجمات على اليمن. وأكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أمام صحافيين ادانة هذه الهجمات التي اعتبرها “غير مشروعة بموجب القانون الدولي”، وفي وقت سابق، نددت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بالضربات واعتبرتها خطوة تفضي إلى “التصعيد” وتحمل “أهدافا مدمّرة”. وقالت على تلغرام إن “الضربات الأمريكية في اليمن هي مثال آخر على التضليل الذي يمارسه الانغلوسكسونيون.. و(تمثّل) انتهاكا تاما للقانون الدولي بهدف التصعيد في المنطقة ليحققوا أهدافهم المدمّرة”.
وفي إيطاليا قال مصدر حكومي إن إيطاليا رفضت المشاركة في الضربات الأمريكية البريطانية ضد اليمن، موضحا أن روما تفضل انتهاج سياسة “التهدئة” في البحر الأحمر. وقال المصدر إن الحكومة كانت ستحتاج إلى الحصول على موافقة البرلمان للمشاركة في أي عمل عسكري، ما يجعل الموافقة السريعة مستحيلة.

تزيدنا قوة وتلاحماً
الكاتب السويدي جونز ريتشال عبر صحيفة التلغراف البريطانية أكد ان تداعيات هذه الهجمات ستعود بالفائدة على اليمن والخسارة على أمريكا وبريطانيا وان هذه الضربات لن توثر على صنعاء، وسبق لها التعرض لعمليات عسكرية مماثلة من قبل التحالف الذي قادته السعودية، وما لبثت أن خرجت من تحت الركام من جديد، وتحولت تدريجيا من موقف الدفاع إلى الهجوم، وقال: من شأن هذه الهجمات ان تزيد من مدى تلاحم اليمنيين، وتعزز أكثر التقارب بين المكونات اليمنية، خاصة الأطراف اليمنية التي تعمل لدول مجاورة.
ومن تداعيات هذه الهجمات – حسب ما يرى الباحث الأمريكي في شئون الشرق الأوسط جون بي – أن هذه الغارات أعادت اليمن لواجهة الأحداث على مستوى العالم، وستحدث زلزالا جديدا في المنطقة، خاصة مع الدول المحيطة باليمن، فالسعودية لا ترغب بعودة النار مجددا داخل اليمن، وسلطنة عمان ستدرك أن جزءاً كبيراً من وساطتها سيذهب أدراج الرياح، بينما لن ينسى انصار الله خصومهم الذين يعتقدون أنهم فتحوا الأجواء أمام الطيران الأمريكي البريطاني لضربهم.

مخالفة الدستور وسخط الكونغرس
من جانبها أفادت الناشطة الأمريكية روز سميث، بأنّ الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يواجه اتهاماتٍ من جانب بعض المنتمين إلى الحزب الديمقراطي بسبب العدوان الذي شنّته الولايات المتحدة وبريطانيا بمشاركة دول أخرى على اليمن، ووجهت النائبة الديمقراطية الأمريكية، رشيدة طليب اتهامات لبايدن بانتهاك المادة الأولى من الدستور الأمريكي، وذلك “عبر شنّه ضرباتٍ جويةً على اليمن من دون أن يحظى بموافقة من الكونغرس”.. قائلة في منشور لها: إنّ “الشعب الأمريكي تعب من الحرب التي لا تنتهي”؟ فيما أكد النائب مارك بوكان، وهو من الحزب الديمقراطي أيضاً، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية “لا يمكن أن تخاطر بالتورط في صراع آخر يستمر لعقود من الزمن، من دون إذن الكونغرس”، كما وصفت النائبة عن الحزب الديمقراطي براميلا جايبال خطوة بايدن بـ”الانتهاك غير المقبول للدستور”.. فيما أشارت النائبة سمر لي إلى وجوب أن يتوجّه الرئيس إلى الكونغرس، “قبل أن يشنّ ضربةً ويقحم الولايات المتحدة في صراع آخر”، وأضافت: “الأمريكيون لا يريدون أن تموّل دولارات الضرائب هذه الحروب التي لا تنتهي”.

عدوان لدعم الإبادة
إلى ذلك اتهمت النائبة في البرلمان الأوروبي الإيرلندية، كلير دالي، الإدارة الأمريكية بأنها تقود عدوانا على اليمن بشكل غير قانوني، وتدعم الإبادة الجماعية في غزة، وقالت في جلسة للبرلمان الأوروبي في “كل يوم يسقط القناع أكثر”، وإن دول الاتحاد تغض الطرف وتتجاهل المجازر في غزة بينما يسعى البعض من أعضاء البرلمان الأوروبي لإرسال قوات بحرية، واعتبرت النائبة الهجمات على اليمن بأنها انتهاك لميثاق الأمم المتحدة لارتكاب ما في وسعهم من جرائم واعتداءات نتيجة تنفيذ ضربات جوية غير قانونية، وقالت كلير إن ما قامت به أمريكا وبريطانيا هي أعمال بربرية خارجة عن القانون تعمل على تأجيج الصراع في المنطقة وتفاقم الكارثة وتؤدي إلى أزمة تكلفة معيشية، وأضافت أن الهجمات الأمريكية البريطانية على اليمن تم دهسها وتجاهلها كما تم في غزة، بينما يستمر الاتحاد الأوروبي في دعم إسرائيل بالمزيد من الأسلحة لتنفيذ جرائم الإبادة الجماعية.

بايدن يتعثر
كما رأت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية أنّ سياسة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الشرق الأوسط تتعثر في واقعٍ فوضوي، مُشيرةً إلى أنّ الأمور في المنطقة “لا تسير على ما يرام بالنسبة للولايات المتحدة”، وتناولت الوكالة، في تقريرها، الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضدّ اليمن، مؤكّدةً أنّها لم تمنع تصعيد الهجمات على السفن، ولافتةً إلى أنّه طالما احتدمت الحرب في قطاع غزّة، فإنّ اليمنيين سيواصلون حملتهم ضدّ سفن الشحن المتجهة إلى “إسرائيل”. وقالت الوكالة إنّ “كل من تابع مقاومة اليمنيين الشديدة لسنواتٍ من الغارات الجوية السعودية، كان يجب أن يعرف أنّ الهجمات الأميركية والبريطانية على الحركة لن يكون لها تأثير يذكر”.

الضربات الأمريكية خطأ
ومن تداعيات الهجمات الأمريكية على اليمن ما أوضحه تقرير تحليلي لمجلة التايم الأمريكية ان التاريخ يشير إلى أن الضربات كانت خطأ ،و “إنهم يواصلون نمطًا من سوء فهم العالم لليمنيين والتقليل من شأنهم “، وأشار إلى أن من اسماهم “الحوثيين” استطاعوا التغلب على عقبات الجغرافيا والتكنولوجيا ، في حين ضربوا السعودية والإمارات إلى درجة أنهم كانوا على استعداد للتفاوض، ولفت إلى أن الضربات تتجاهل أيضًا نمطًا طويلًا من القوى الخارجية التي تحاول، وتفشل، في تحقيق أهداف عسكرية في اليمن ،في إشارة إلى الحرب التي خاضها التحالف السعودي الإماراتي لنحو ثماني سنوات في اليمن، وتحدث تقرير المجلة الأمريكية ان الغارات الأمريكية ستمنح اليمنيين نصرا سياسيا، يرفع من مكانتهم في العالم العربي بسبب إعرابهم عن تضامنهم مع حماس والفلسطينيين، في حين فشلت معظم الدول العربية في القيام بذلك، وأضافت ” بينما تسعى السعودية والإمارات ، حليفتا الولايات المتحدة، إلى الانسحاب من اليمن، جعلت الولايات المتحدة هذه المهمة أكثر صعوبة، حيث أصبح “الحوثيون” الآن أكثر جرأة وأكثر شعبية، مما يسمح لهم بإملاء الشروط على القوتين الإقليميتين العربيتين”، وأشارت المجلة في تحليلها بالقول “من المنطقي أن ترغب القوى الغربية في إبقاء البحر الأحمر مفتوحاً أمام الشحن، فإن التاريخ اليمني يشير إلى أن القيام بعمل عسكري ضد لن يردعها، بل قد يخلق مشاكل جديدة في المستقبل”.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يثمن مواقف كولومبيا الداعمة لوقف الإبادة الجماعية في غزة

استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأحد، بمشيخة الأزهر، فيرونيكا ألكوسير جارسيا، قرينة رئيس جمهورية كولومبيا.

وأكد الإمام الأكبر تقديره لجمهورية كولومبيا، كما طلب من ضيفته إبلاغ تحياته للرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، وتقديره لموقفه في تأكيده ضرورة احترام قرار المحكمة الجنائية الدولية بتنفيذ مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بشأن مجرمي حرب الكيان المحتل، ومطالبته المستمرة لوقف الإبادة الجماعية والمجازر التي ترتكب في غزة.

قرار المحكمة الجنائية

وأشار الإمام الأكبر، في بيان، اليوم الأحد، إلى أن الأزهر يقوم على نشر رسالة الإسلام الممثلة في نشر السلام بين الجميع؛ حيث جعل الإسلام التعارف والتلاقي والتراحم أساسًا للعلاقات الإنسانية بين البشر على اختلاف عقائدهم وأجناسهم وألوانهم، مبينًا أن الله -جلَّ وعلا- لو أراد الله لجعل الناس جميعًا متشابهين، ولكنه أراد أن يجعل الاختلاف سنة كونية، وجعل روابط الأخوة الإنسانية هي الحاكمة في العلاقات بين المؤمنين وبعضهم البعض، وبين المؤمنين وغير المؤمنين، وجعل لهذه الأخوة واجباتها وفرائضها التي تعلي من قيمة الإنسان حتى في حالة الحرب، موضحًا أن الحرب في الإسلام لم تشرع إلا لرد العدوان، وأنَّ ما نراه من حروب عرفت تاريخيًّا بالحروب الدينية لم تكن بدوافع دينية بقدر كونها مدفوعة بأيديولوجيات سياسية حاولت اختطاف الدين واستغلاله، كما يحدث الآن في غزة من قتل وإبادة وممارسة أبشع الجرائم تحت غطاء نصوص دينية توراتية يتم تفسيرها بشكل مشوَّه وخاطئ لتبرير أهداف سياسية لاغتصاب الأرض واستيلاء على حقوق الفلسطينيين.

نشر ثقافة السلام

وأشار الإمام الأكبر إلى أن الأزهر اتخذ خطوات جادة لنشر ثقافة السلام والأخوة داخل مصر وخارجها؛ حيث بادر الأزهر بإنشاء بيت العائلة المصرية مع الكنائس المصرية، لتعزيز روابط الأخوة والتعايش بين المصريين؛ مسلمين ومسيحيين، وانطلق من هذه المبادرة إلى الانفتاح على المؤسسات الدينية والثقافية حول العالم، وبذلنا جهودًا كبيرة في بناء جسور التواصل مع المؤسسات في الغرب، وتُوِّجت هذه الجهود بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية في أبوظبي مع أخي العزيز البابا فرنسيس، التي استغرق العمل عليها عامًا كاملًا قبل توقيعها، كما اعتمدت الأمم المتحدة ذكرى توقيعها في الرابع من فبراير يومًا عالميًّا للأخوة الإنسانية.

وأكَّد شيخ الأزهر أنَّ السبب الرئيسي فيما يعانيه إنسان اليوم، هو سياسة الجسد المعزول تمامًا عن الروح والوجدان، وهذا التوجه العالمي الذي يحاول إقصاء الدين وتغييبه وتسييسه لتحقيق رغبات مادية، وفي مقدمتها تبرير صناعة الأسلحة والمتفجرات رغم ما تسببت فيما نراه من حروب وصراعات.

من جهتها، أعربت السيدة فيرونيكا عن امتنانها للقاء شيخ الأزهر، ومتابعتها لجهود فضيلته في إقرار السلام العالمي، مؤكدة ثقتها في قدرة القادة الدينيين على إحلال السلام ونشره من خلال الحوار والتقارب، كما أشارت إلى اتفاقها مع رؤية فضيلته حول خطورة صناعة الأسلحة، وأنها السبب الرئيسي في المأساة التي تحدث في العالم، مشيرة إلى أمنيتها بوقف هذه الصناعة من أجل القضاء على الفقر والصراع والكراهية والحروب، كما أكدت أنه علينا أن ننظر إلى العالم برؤية مختلفة عن السياسيين لاستبدال الكراهية بالمحبة والحروب بالسلام، وعبَّرت عن أهمية الوثيقة التاريخية للأخوة الإنسانية وحاجة العالم إلى هذا الأنموذج في التعاون بين رموز الأديان.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر يثمن مواقف كولومبيا الداعمة لوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • تعرّف على العقل المدبر لأكثر الهجمات تعقيدا ضد القوات الأمريكية خلال حرب العراق
  • “فيتو” استمرار جريمة الإبادة الجماعية
  • تقرير أمريكي: اليمن يتحول إلى قوة استراتيجية تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة
  • 22 نوفمبر خلال 9 أعوام.. أكثر من 20 شهيدًا وجريحًا في جرائم حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
  • 50 يومًا على الإبادة الجماعية والحصار شمالي القطاع
  • الفيتو الأمريكي يقتل أبناء الشعب الفلسطيني
  • الفرق بين المحكمتين "الجنائية والعدل" الدوليتين.. خبير قانوني: الإبادة الجماعية القصد منها تدمير جماعة وطنية أو إثنية
  • مساعدة وزير الخارجية الأمريكية الأمريكي تؤكد دعم واشنطن لمغربية الصحراء
  • غليون لـ عربي21: قرار الجنائية الدولية ضغط قانوني وأخلاقي جديد على الاحتلال