عربي21:
2025-03-10@01:58:43 GMT

صراع نتنياهـو للبقاء

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

كلما طال أمد حرب إسرائيل على قطاع غزة، ابتعدت عن تحقيق أهدافها المعلنة، بتدمير حماس عسكريا وسياسيا، وتحرير المحتجزين الإسرائيليين من قبضتها، ويترافق هذا مع ازدياد قناعة المجتمع الإسرائيلي، بأن جيشه لا يزال يراوح مكانه في القطاع، من دون تحقيقه لأي إنجازات عسكرية. ومع مرور الوقت على المعارك في القطاع، تضخ وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عبر العالم على مدار الساعة، المزيد من صور الدمار، الذي ألحقته وتلحقه القوات الإسرائيلية به، وكذلك صور الضحايا من المدنيين والأوضاع الإنسانية السيئة الآخذة بالتفاقم، ما يزيد من الضغوط الدولية لإنهاء الحرب.



إن إسرائيل مجتمعا ومؤسسات سياسية وعسكرية، لا تزال تعيش صدمة هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، هذا الهجوم كان فتيل إشعال حربها على غزة، تحت شعار «الحرب الوجودية»، الذي روجت له حكومة نتنياهو، والذي تكبدت وتتكبد إسرائيل فيها خسائر، سياسيا وعسكريا واقتصاديا وفي صورتها عالميا، بشكل غير مسبوق. كما يتسم المشهد الإسرائيلي بالانقسام بشأن طريقة إنجاز صفقة تبادل الأسرى مع حماس، بين من يرى أن الضغط العسكري المستمر كفيل برضوخ حماس للمطالب الإسرائيلية لتحريرهم، ومن يرى ضرورة وقف الحرب، وإنجاز صفقة تبادل «الكل مقابل الكل»، ثم العودة للقتال بعد ذلك.

وفي صراعه من أجل البقاء، يسعى نتنياهو لإطالة أمد الحرب ما أمكنه، للبحث عن انتصار، أو على الأقل عن صورة انتصارحكومة نتنياهو، عملت على توظيف الحرب بكل ما ألحقته من دمار وإبادة جماعية في قطاع غزة، لتمتين إئتلافها ومنع تفككه لخدمة مشروع اليمين المتطرف، وبقائه في سدة الحكم، ولمواجهة الفلسطينيين، ليس فقط في غزة، وإنما في الضفة الغربية وأراضي 48 أيضا. ومع ذلك فإن الإجماع الإسرائيلي على الحرب، بدأ يشهد تصدعا بالاحتجاج ضد اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، الذي لا يزال مستمرا في إرسال مزيد من الجنود، للقتال في معركة تبدو لكثير من الإسرائيليين، أن تحقيق أهدافها التي حددتها حكومتهم غير المتجانسة والمنقسمة على نفسها، بعيدة المنال. وفي رأي محللين صحافيين وعسكريين إسرائيليين، فإن إعلان نتنياهو المتكرر، بأن الحرب لن تتوقف إلا بهزيمة حماس، و»تحرير» المحتجزين الإسرائيليين من قبضتها، هما هدفان متناقضان، فيما تزداد الضغوط على حكومة نتنياهو، للتوصل إلى صفقة للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، حتى لو تم تأجيل الصراع مع حماس لسنوات مقبلة. وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز»، إلى أن وثيقة عسكرية إسرائيلية حصلت عليها تفيد، بأن إسرائيل كانت تتوقع السيطرة على مدن غزة وخان يونس ورفح بحلول ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلا أن تموضع الجيش الإسرائيلي وتقليص وجوده في شمال القطاع، خلق فراغا سرعان ما ملأته حماس بإعادة فرض سيطرتها في هذه المنطقة، وحسب الوثيقة أيضا فإن الشرطة التابعة لحكومة حماس والعاملين في مؤسساتها للرعاية الاجتماعية، بدأت بتقديم الرعاية للسكان فيها.


وفي صراعه من أجل البقاء، يسعى نتنياهو لإطالة أمد الحرب ما أمكنه، للبحث عن انتصار، أو على الأقل عن صورة انتصار، تساعده على إطالة عمره السياسي، بعد أن شهدت شعبيته وشعبية حزب الليكود الذي يترأسه، تراجعا حادا حسب استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي. ففي سؤال في استطلاع أجرته (القناة 13) حول دوافع نتنياهو للحرب، قال 53% من المستطلعة آراؤهم، إنها دوافع شخصية، مقابل 33% قالوا إن دوافعه تتعلق بمصالح دولة إسرائيل. وفي سؤال آخر حول من هو الأفضل لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، قال 48% إنهم يفضلون رئيس حزب معسكر الدولة بيني غانتس مقابل 30% أعربوا عن تفضيلهم لنتنياهو، وحسب الاستطلاع أيضا، فإن حزب غانتس سيحصل على 37 مقعدا في الكنيست، إذا جرت الانتخابات اليوم، مقابل 16 مقعدا لحزب الليكود برئاسة نتنياهو. نتنياهو لديه قرار استراتيجي بمواصلة حياته السياسية، وهو غير آبه باستطلاعات الرأي، ولا بتحليلات المعلقين السياسيين، لأن لديه الأغلبية في الكنيست لمواصلة الحكم حتى انتهاء ولاية حكومته، ولإدراكه أيضا بأنه ستتم محاكمته بتهم الفساد التي تطارده، وربما يسجن عند نزوله عن سدة الحكم، ولهذا فإن تشكيل حكومة جديدة من دون نتنياهو ومن دون إئتلافه الموغل بالتطرف، أمر مستبعد على المدى المنظور، طالما أن الحرب على غزة مستمرة، إلا أن الإطاحة بنتنياهو يمكن أن تتم، إذا تصدى له منافسون في حزب الليكود لرئاسته، وتمكن أي منهم من ذلك، أو في حالة ازدياد وتيرة المظاهرات في الشارع الإسرائيلي، المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، على غرار الاحتجاجات التي شهدتها شوارع المدن الإسرائيلية، ضد خطة حكومته للإصلاح القضائي خلال العام الماضي. ونتنياهو أمضى أطول فترة في سدة الحكم في تاريخ إسرائيل، إذ تربع على كرسي رئاسة الوزراء بشكل متواصل منذ عام 2009 وحتى عام 2021، وعاد إلى الحكم في نهاية 2022، وكان من الدهاء بحيث تمكن من السير تحت حبات المطر، من دون بلل، إلا أنه اليوم يخوض معركة شخصية من أجل البقاء، تتقدم في أولويتها على حرب إسرائيل على غزة، وهو في سبيل ذلك لن يتوانى عن إلصاق تهمة القصور في هجوم 7 أكتوبر وعدم تحقيق النصر في الحرب لاحقا بالمؤسسة العسكرية. وحسب تقارير صحافية إسرائيلية، فإن نتنياهو يسعى لتأسيس حزب جديد من اليمين الاجتماعي «المعتدل»، لاستقطاب من ينسلخ عن الليكود ليحول دون انضمامه لمعسكر غانتس.

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة نتنياهو الفلسطينيين فلسطين غزة نتنياهو الاحتلال مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من دون

إقرأ أيضاً:

تعطيل الاحتلال الإسرائيلي لصفقة التهدئة وقرع طبول الحرب

مع انتهاء المرحلة الأولى من صفقة التهدئة وتبادل الأسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة، نحن أمام سلوك انتهازي إسرائيلي غير مستغرب، ومتكرر في تعامل الكيان الإسرائيلي مع الجانب الفلسطيني والبيئة العربية.

كان الخرق الإسرائيلي لاتفاق التهدئة فاضحا بإغلاق المعابر ومنع دخول البضائع، بالرغم من أن انتهاء المرحلة الأولى يلزم الجانب الإسرائيلي بمتابعة المفاوضات والاستمرار في فتح المعابر، وصولا للترتيبات النهائية للمرحلتين الثانية والثالثة.

هدف نتنياهو من إغلاق المعابر وتعطيل الصفقة إلى:

1- ابتزاز المقاومة الفلسطينية، ووضع مزيد من الضغوط عليها لمحاولة تحقيق مكاسب غير منصوص عليها في الصفقة المتوافق عليها، وخصوصا في أجواء يسعى فيها أبناء قطاع غزة إلى لملمة أنفسهم وتضميد جراحهم، وتوفير الحد الأدنى لمتطلباتهم الحياتية.

2- الحفاظ على تماسك الحكومة الإسرائيلية، وخشية نتنياهو من انهيارها، بسبب تهديد سموتريتش بالانسحاب من الحكومة إذا ما دخلت الحكومة في استحقاقات المرحلة الثانية.

خبرة الجانب الإسرائيلي في التعامل مع السلطة الفلسطينية ومع الجانب العربي، لن تُسعفه كثيرا في تعامله مع المقاومة. فقد أثبتت المقاومة صلابتها خلال 18 عاما من الحصار، وفي خمس حروب على قطاع غزة، وقدمت عشرات الآلاف من الشهداء وفي مقدمتهم قادتها، دون أن تتنازل عن أهدافها. و"الفهلوة" الإسرائيلية لن تجدي نفعا في التعامل مع المقاومة
3- الاستفادة من الغطاء الأمريكي الذي لا يحترم الاتفاقات والمواثيق، والذي بدا متقدما حتى على الجانب الإسرائيلي في طرح أفكار باستملاك قطاع غزة وتهجير أهله؛ وكذلك الاستفادة من الأفكار التي طرحها مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف (Steven Witkoff) بشأن إطلاق سراح الأسرى لدى حماس؛ ومحاولة استثمار ذلك في وضع مزيد من الضغوط على المقاومة.

4- محاولة استعادة زمام المبادرة في الحرب الإعلامية والنفسية مع المقاومة، وتقديم خطاب متشدد للبيئة الداخلية الإسرائيلية، بعد أن كسبت المقاومة الجولات الإعلامية في عمليات تبادل الأسرى، ومحاولة الإيحاء بوجود تطورات وإعادة تموضع وتجهيزات وترتيبات إسرائيلية متعلقة باستئناف الحرب على قطاع غزة، خصوصا في ضوء تولي رئيس الأركان الجديد إيال زامير منصبه، وتغيير عدد من المواقع القيادية، والإعلان عن نتائج بعض التحقيقات في أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023؛ وبالتالي، محاولة الإيحاء بقدرة الجانب الإسرائيلي هذه المرة على حسم المعركة.

* * *

يبدو أن خبرة الجانب الإسرائيلي في التعامل مع السلطة الفلسطينية ومع الجانب العربي، لن تُسعفه كثيرا في تعامله مع المقاومة. فقد أثبتت المقاومة صلابتها خلال 18 عاما من الحصار، وفي خمس حروب على قطاع غزة، وقدمت عشرات الآلاف من الشهداء وفي مقدمتهم قادتها، دون أن تتنازل عن أهدافها. و"الفهلوة" الإسرائيلية لن تجدي نفعا في التعامل مع المقاومة؛ خصوصا أننا أمام صفقة موقّع عليها لها "ضامنون" دوليون؛ وبالتالي فإصرار المقاومة على موقفها له سنده وشرعيته الثابتة.

هل معنى ذلك أن نتنياهو سيلجأ للحرب؟!

ليس بالضرورة، فالمعطيات التي بين يديه ربما تدفعه للابتزاز التكتيكي ولكن ليس في الولوغ في مستنقع الحرب. فبعد تجربة 471 يوما من الحرب الهمجية الوحشية التي استخدم فيها كل ما يمكن تخيُّله من وسائل القتل والدمار، ثم خرج بهذه الصفقة، ليس ثمة ما في الأفق ما يشجعه على حرب مماثلة تؤدي إلى نتائج أفضل. ثم إن المزاج العام للجمهور الإسرائيلي الصهيوني لا يميل للحرب، ويفضل الدخول في المرحلة الثانية من الصفقة.

نعم، ثمة غُصَّة لدى الجانب الإسرائيلي أنه لم يحقق أهدافه من الحرب، وأن حماس استرجعت تموضعها القوي في القطاع، وملأت مباشرة سؤال "اليوم التالي" للحرب؛ ولكن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية كانت تدرك قبل أكثر من سبعة أشهر على نهاية الحرب أنها وصلت إلى أقصى مدى ممكن وأنها استنفذت أدواتها.. وأنها دفعت أثمانا هائلة في "الوقت الضائع" إلى حين وصول القيادة السياسية لقناعة بتوقيع الاتفاق.. ولذلك فإن قرع طبول الحرب يظل في إطار التكتيك.

وصحيح أن ثمة مخاوف لدى نتنياهو من انسحاب سموتريتش من الحكومة ومن انهيار حكومته، ولكن في المقابل فإن الاستحقاق الانتخابي للكنيست لم يتبقَّ عليه أصلا في توقيته الدوري سوى بضعة أشهر (نحو 8 أشهر)؛ وبالتالي فلن يُحدث انسحابه فرقا كبيرا. ثم إن أطرافا من المعارضة مستعدة لإعطاء الحكومة نوعا من شبكة الأمان لإنفاذ المرحلة الثانية من الاتفاقية، بما يمنع سقوط الحكومة.

تهديدات ترامب للمقاومة، فيجب التعامل معها في ضوء معرفة الطبيعة الشخصية لترامب وطريقته في الحكم والإدارة. ويدخل في ذلك تهديداته الأخيرة لحماس بوجوب إطلاق سراح جميع الأسرى فورا، وخروج قيادات حماس من القطاع
أما تهديدات ترامب للمقاومة، فيجب التعامل معها في ضوء معرفة الطبيعة الشخصية لترامب وطريقته في الحكم والإدارة. ويدخل في ذلك تهديداته الأخيرة لحماس بوجوب إطلاق سراح جميع الأسرى فورا، وخروج قيادات حماس من القطاع، وإلا فسيكون الثمن "جحيما".. فترامب نفسه يمارس براجماتية التاجر الانتهازي، بينما ينظر بنرجسية وفوقية للآخرين؛ غير أنه شخصية مُتقلّبة لا يمكن التنبؤ بسلوكها، ثم إن سعيه لسرعة الإنجاز مع عدم ميله لخوض الحروب، يجعله ينتقل من موقف إلى آخر. وقد سبق لترامب أن هدد المقاومة بإطلاق سراح الأسرى في توقيت محدد، ولم تستجب له، وهو من طرفه لم يفعل شيئا.

ثم إن ترامب نفسه تجاوز "المحرمات" الأمريكية على مدى نحو ثلاثين عاما، وعقد محادثات مباشرة مع حماس، بشأن إطلاق سراح الأسرى الأمريكان. وهو نفسه يعمل الشيء ونقيضه في دعمه لمسار التسوية السلمية والتطبيع، بينما يدعم ضمّ أجزاء من الضفة الغربية وتهجير أهل قطاع غزة وتهديد الأمن القومي للبلاد العربية.

* * *

حماس من طرفها، أوضحت أنها غير قابلة للابتزاز، وأنها لا تخشى تهديدات نتنياهو وترامب، وأنها مع إنفاذ الاتفاقية، لكنها لا تخشى من الحرب إن فُرضت عليها، وأن تهديدات ترامب (من ناحية منطقية) يجب أن تُوجَّه إلى من يُعطّل الاتفاق ويرفض تنفيذه (الطرف الإسرائيلي)، وليس إلى من يلتزم به.

وتظل المعضلة الإسرائيلية أن حماس ما تزال تملك ورقة الأسرى، وأن الاحتلال الإسرائيلي الذي فشل في تحرير أي من أسراه طوال هذه الحرب المريرة، لن يحصد إلا الفشل إذا ما أعاد المحاولة.

ولذلك، فقد يتابع الاحتلال الإسرائيلي لعبة الضغوط والابتزاز وتضييع الوقت، لكن يقظة المقاومة وحكمتها وحزمها المعتاد، سيجبر الاحتلال في النهاية على تنفيذ الاتفاق.

x.com/mohsenmsaleh1

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: معظم الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مع حماس
  • صانع خطة الجنرالات يضع 3 خيارات أمام حكومة نتنياهو
  • الضغط الإسرائيلي على حماس قد ينتهي بغزو جديد للقطاع
  • نتنياهو يقيّم مفاوضات الصفقة ومبادرة أميركية لإطلاق 10 أسرى من غزة
  • حماس: نتنياهو يتحمل مسؤولية جريمة حصار غزة
  • حماس: نتنياهو يتحمل مسؤولية الحصار والتجويع
  • زلزال هز إسرائيل .. أمريكا تفتح الأبواب السرية مع حماس وتُحرج نتنياهو وتساؤلات حول خطة ترامب الجديدة؟
  • صحيفة أميركية: إسرائيل رسمت مسارا إلى حد غزو آخر لقطاع غزة
  • صراع خفي في الدوحة.. إسرائيل تفشل محادثات سرية مباشرة بين أمريكا و”حماس”
  • تعطيل الاحتلال الإسرائيلي لصفقة التهدئة وقرع طبول الحرب