عربي21:
2025-01-19@00:18:28 GMT

“كيف تحولت تونس إلى سجن كبير؟”

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

«منعٌ من السفر دون قرارات قضائية، محاكمات سياسية لمعارضين وأخرى لرجال أعمال، سجن للصحافيين، وتضييق على حرية التعبير والعمل المدني وتطويع للقضاء. هكذا تحولت تونس في سنتين ونيّف إلى ما يشبه سجنا كبيرا بأبواب مفتوحة وسط أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة تصر السلطة الحاكمة على مجابهتها بالهروب إلى الأمام وتبني خطاب التخوين والإنكار».



هذا ما خلص إليه تحقيق نشره موقع «كتيبة» التونسي الاستقصائي معتبرا أنه «يوما بعد يوم، يزداد الفضاء المدني في تونس اختناقا في ظل اختلال التوازن بين السلطة وإحكام الرئيس قيس سعيد قبضته على مقاليد الحكم».

لم يكن هذا التحقيق الذي كتبه رئيس تحرير الموقع محمد اليوسفي كلاما نضاليا مرسلا بل بني على إحصائيات ومقابلات من مصادر حقوقية ومن شخصيات تعرضت مباشرة للكثير من التضييق والأذى حيث وثق «تعرض العديد من الشخصيات ذائعة الصيت خاصة في مجال ريادة الأعمال إلى المنع من السفر دون قرار قضائي في سياق ما يعتبره أنصار الرئيس سعيد حملة مكافحة الفساد» مضيفا وفق «مصادر متقاطعة أن عدد الممنوعين من السفر في تونس اليوم تجاوز 25 ألف حالة، دون اعتبار الذين غادروا البلاد واختاروا المنفى الاختياري في الخارج، وهو رقم رفضت وزارة الداخلية التونسية التعليق عليه» حين راسلها الموقع للتوضيح والرد.

سجلت النقابة 16 قضية رفعت ضد صحافيين على خلفية النشر في الإنترنت من بينها 8 حالات بناء على ذات المرسوم.المشكلة ليست في صمت وتجاهل وزارة الداخلية فقط بل كذلك في صمت المنظمات والجمعيات التي ينضوي تحتها المتضررون كاتحاد رجال الأعمال وعمادة المحامين مثلا، وقد «فسر البعض من أعضاء هذه المنظمات التي تسنى لموقع الكتيبة التواصل معهم هذا الصمت بحالة الخوف التي تسود البلاد واختناق مساحات التعبير، فضلا عن الكلفة الباهظة لأي موقف قد يُتخذ ضد السلطة السياسية الحاكمة في تونس اليوم، وفق تقديرهم» كما جاء في التحقيق المنشور.

وبعد أن استعرضت «الكتيبة» مثالب «المرسوم 54 « الصادر في سبتمبر/ أيلول سنة 2022 والذي تلقى معارضته إجماعا عريضا لتضييقه الشديد على حرية الرأي والتعبير في الفضاء الإعلامي والرقمي، أوردت أنه إلى حدود نهاية سنة 2023 أحصت «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان» قرابة 300 حالة ملاحقة قضائية على خلفية هذا المرسوم السيء الصيت، مرجحة أن «يكون الرقم أكبر على اعتبار إمكانية وجود حالات ليس لها علم بها ولم يتسن للمتضررين الوصول إلى الإعلام أو لمنظمات مدنية للإبلاغ عنها».

ووفق مسؤولة وحدة الرصد في نقابة الصحافيين التونسيين خولة شبح، فإن من بين 31 ملاحقة قضائية طالت صحافيين في سنة 2023، تم تسجيل نزوع متنام نحو التضييق على النشر في الفضاء الرقمي حيث سجلت النقابة 16 قضية رفعت ضد صحافيين على خلفية النشر في الإنترنت من بينها 8 حالات بناء على ذات المرسوم. كما سجلت النقابة صدور 8 قرارات وأحكام سنة 2023 سالبة للحرية، فضلا عن سجن 3 صحافيين وهم زياد الهاني وياسين الرمضاني وشذى مبارك، بالإضافة إلى تفعيل بطاقة إيداع في السجن صادرة في وقت سابق في حق الصحافي خليفة القاسمي على خلفية محاكمة وفق قانون الإرهاب حكم عليه فيها بـ 5 سنوات سجنا، واصفة العقوبة التي يقضيها القاسمي بالأقسى في تاريخ الصحافة التونسية.

ومن أخطر ما أورده الموقع وصف رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي للفضاء المدني في البلاد اليوم بـ«المخيف» معتبرا أن جميع التونسيين والتونسيات، من المواطن العادي إلى الزعيم السياسي والناشط المدني والحقوقي، جميعهم معرضون للاعتقال والسجن في أي لحظة».


وتزداد الصورة رعبا حين يضيف الطريفي أن «القضاء اليوم يعمل تحت وطأة الخوف والترهيب، لهذا تجد العديد من الشخصيات (…) نفسها مضطرة لأن تكون مهجرة قسريا وذلك رغم كل ما قدمته للحركة الحقوقية والديمقراطية. هؤلاء يعلمون جيدا أنهم في حال عادوا سيتم إيقافهم والتنكيل بهم فعدد المهجرين قسريا يقدر بالعشرات، ومن بينهم رجال أعمال وسياسيون وحتى صحافيون وحقوقيون».

قيمة هذا التحقيق المطول أنه يتضمن فيديوهات مسجلة مع بعض ضحايا الإجراءات التعسفية مثل المناضلة شيماء عيسى التي تروي كيف أنها باتت تعيش في سجن كبير حتى بعد أن أطلق سراحها مؤقتا في القضية المعروفة إعلاميا بـ «التآمر على أمن الدولة» حيث حرمت، بقرار قضائي، من الظهور في الأماكن العامة ومن السفر ومن الحديث إلى وسائل الإعلام بحيث لم تعد قادرة على العمل وتوقف مورد رزقها وباتت تلقى عناء حتى في أبسط تحركاتها الشخصية بما في ذلك الذهاب إلى الطبيب أو صالون حلاقة حيث أن كليهما بات يتحرج من استقبالها طالما هي محل مراقبة ومتابعة في قضية سياسية لم تعرض بعد على المحكمة، بل ولا أحد مقتنع بحيثياتها.

وحين يعرض تحقيق «الكتيبة» أسماء أو صور المعتقلين، أو الذين هم في المنفى، اختيارا أو إجبارا، خشية الملاحقة الحقيقية أو المتعسفة، لا يمكن إلا أن تتساءل بمرارة: إذن، من بقي يتحرك بحرية في هذه البلاد؟!!

المصدر: القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس قيس سعيد الصحافة تونس الصحافة قيس سعيد مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على خلفیة من السفر

إقرأ أيضاً:

منظمات مهنية تنتقد غياب الحوار مع الحكومة حول الدعم وإقصاء المقاولات الإعلامية الجهوية

سجلت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والفيدرالية المغربية للإعلام، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، التابعة للاتحاد المغربي للشغل غياب أي تشاور جدي معها من لدن وزارة الثقافة والشباب والتواصل، وانعدام كل حوار جاد وهادف من طرفها كما كان معمولا به في السنوات الماضية.
واستحضرت المنظمات والهيئات الموقعة على هذا بيان انشغال مقاولات الصحافة الورقية والإلكترونية بالتداعيات المرتقبة للنظام الجديد للدعم العمومي كما بلورته الوزارة الوصية وأقرته الحكومة.

وسجلت المنظمتان ما يلي:
1- صدور مرسوم حكومي في دجنبر 2023 والقرار الوزاري المشترك من دون أي تشاور مسبق مع المنظمات الموقعة بالرغم من تمثيليتها القانونية في القطاع.
2- اعتماد المرسوم الحكومي شرط البطاقات المهنية بشكل لا يخلو من مبالغة، خصوصا بالنسبة للصحافة الرقمية والصحافة الجهوية.
3- وضع المرسوم الحكومي لشروط تعجيزية غريبة أبعدت معظم مطابع الصحف الصغرى والجهوية من أي حق في الدعم.
4- اعتماد القرار الوزاري المشترك شرط رقم المعاملات، وهو ما يتناقض مع الواقع الحقيقي لمعظم المقاولات المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا التي تشتغل في القطاع، إضافة لكونه لا يخلو من إساءة للصورة الحقوقية لبلادنا من حيث دعم الدولة للرأسمال الصحفي، وإقصاء الغالبية العظمى من الصحافيات والصحافيين من أصحاب صفة المقاولين الذاتيين وما شابه ذلك ممن في وضعهم.
5- إقصاء القرار الوزاري المشترك، ضمنيا، لكل المقاولات الصحفية الجهوية من الولوج إلى الدعم العمومي، وهو ما يهدد تعددية وتنوع المشهد الإعلامي الوطني، ويكرس الهيمنة والاحتكار.
ونبهت المنظمات والهيئات الموقعة إلى هذه الاختلالات، وطالبت الحكومة بالتدخل  لمراجعة المرسوم والقرار الوزاري بما يصون استقرار القطاع وحماية مناصب الشغل، وبما لا يهدد التعددية والتنوع في بلادنا.
كما تشدد المنظمات والهيئات الموقعة على حرصها على ضرورة توفير ظروف عمل مناسبة للموارد البشرية في القطاع، والعمل من أجل تحيين الاتفاقية الجماعية وتوقيعها، على ان يكون ذلك بمساهمة المنظمات المهنية المعنية، وفق القوانين الجاري بها العمل في البلاد، واستعدادها لتدارس ذلك بعيدا عن أي انفراد أو فرض أمر واقع مخالف للقانون أو احتكار أحادي الجانب.
وفي نفس الإطار، تذكر المنظمات والهيئات الموقعة بمصير مؤسسة التنظيم الذاتي، وتجدد التعبير عن قلقها من استمرار وضعية المؤقت، وتحمل المسؤولية للحكومة في ذلك، وتطالبها بالإسراع بالعودة إلى القانون بهذا الشأن، وتمكين الصحفيين والناشرين من اختيار ممثليهم بكيفية ديمقراطية ومستقلة.
وجددت المنظمات والهيئات المهنية انخراطها القوي في التصدي للأخبار الكاذبة وانتشار مظاهر التفاهة ومواجهة الشائعات والإخلال بأخلاقيات المهنة، ودعت الحكومة إلى استحضار حاجة بلادنا اليوم إلى صحافة مهنية ذات مصداقية داخل وخارج الحدود، وأن توفر كافة الشروط الضرورية من أجل استقرار القطاع، ورفض الاحتكار بداخله، وبلورة منظومة قانونية محفزة وكفيلة بصيانة تعددية وتنوع المشهد الإعلامي الوطني.
وتُطالب المنظمات والهيئات الموقعة بتوحيد الصف الإعلامي الوطني ونبذ التشرذم والتفرقة والتصدي لأفكار الهيمنة على القطاع والتعبير بروح ديمقراطية تعددية عن مطالب جميع مكونات المشهد الإعلامي في بلادنا بدون إقصاء أو تمييز.

 

كلمات دلالية إعلام المغرب دعم الصحافة منظمات

مقالات مشابهة

  • مجلس الصحوة الثوري – قيادة موسى هلال: الاحتفالات التي عمت أرجاء البلاد استفتاء حقيقي لدعم الشعب للقوات المسلحة
  • تظاهرة في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعارضة عبير موسي
  • أستراليا تعلن حالة الكوارث في المناطق التي ضربتها عاصفة شرق البلاد
  • عاجل. الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار التي دوت وسط البلاد ناجمة عن إطلاق صاروخ من اليمن
  • ماذا بقي من الثورة التونسية؟
  • عاجل | حماس: تم فجر اليوم حل العقبات التي نشأت بسبب عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار
  • درة زروق.. كيف تحولت من نجمة عابرة إلى أيقونة خالدة في الفن والموضة؟
  • تحولت الى رماد.. مهمة لا يمكن تصورها لاعمار لوس أنجلوس
  • منظمات مهنية تنتقد غياب الحوار مع الحكومة حول الدعم وإقصاء المقاولات الإعلامية الجهوية
  • ملح و رائحة غاز .. كشف لغز شقة 15 مايو والسيدة التونسية