حزب الأمة حالة توهان أم تغيير قادم «3- 4»
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
حزب الأمة حالة توهان أم تغيير قادم «3- 4»
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أفكار عبد الرحمن الغالي وأثرها داخل الحزبفي عام 1994أقام “المنبر الديمقراطي الحر” ندوة سياسية بعنوان ” الإصلاح في الأحزاب السياسية” أقيمت في الشقة التي كانت أقيم فيها بمدينة نصر بالقاهرة، كان المتحدث الرسمي في الندوة الدكتور عمر نور الدائم، حدث أشتباك حواري بينه و الدكتور عمر القراي ” الجمهوري” قال القراي أن تاريخ الحركة السياسية في السودان قد بين أن الأحزاب السياسية غير مؤهلة بحكم طريقة التفكير التي تتحكم فيها غير قادرة على إنجاز عملية التحول الديمقراطي، لأنها كمؤسسات سياسية تفتقد للفكر الذي يشكل الأرضية للشعارات التي ترفعها.
ذكرت هذا الحديث لأنه يشكل بالفعل الأرضية التي تنطلق منها بعض القوى الجديدة، إنها تريد أن تتجاوز قوى سياسية سميها ” طائفية – تقليدية و غيرها” لكن لديها قاعدة اجتماعية عريضة تقف معها، و أيضا تعرف مصالحها و كيف تستطيع أن تحافظ عليها. و القوى التقليدية هي تؤثر بقوة على ميزان القوى المدنية الذي يعتبر قاعدة أساسية في العملية الديمقراطية. فظنت القوى السياسية الجديدة أن الثورة قد منحتها حق التجاوز، و فضلت أن يكون التجاوز أيضا قائم على تعديل ميزان القوى من خلال تحالف مؤقت مع المكون العسكري. و في ذات الوقت عليها أن تمد حبل الوصل مع لجان المقاومة. الغريب في الأمر: أن القوى السياسية ” قوى الحرية و التغيير” تريد أن تلعب على المتناقضات، و هي لا تملك أدواتها و لا التجربة التي تؤهلها أن تؤدي الدور بجدارة، لأنها فشلت في التحكم على مؤسسات الدولة و تكوين المؤسسات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية. و فشلها في إدارة الأزمة هو الذي أدى إلي فشل الفترة الانتقالية.
أن فشل الحكومة الأولى في الفترة الانتقالية، كان دافعا قويا لرفع حزب الأمة تجميد نشاطه في ” قوى الحرية و التغيير” و الاستفادة من حالة الضعف السياسي الماثلة أن يقود هو المرحلة القادم من خلال مكتسبات توافق عليها “قحت” و بالفعل وافقت أحزاب التحالف. الموافقة أعطت العناصر الريديكالية فرصة أن تقدم عناصرها على الأخرين. لذلك غيبت الدكتور إبراهيم الأمين و عبد الجليل الباشا و عبد الرحمن الغالي. و ظهرت عناصر جديدة، تم أختيارها بعناية ” الواثق البرير – مريم الصادق – الصديق الصادق – عروة الصادق – صلاح مناع – أمام الحلو – محمد حسن مهدي” مع الأحترام لهؤلاء أن التجربة السياسية للبعض محدودة القدرات، و لم يظهر بينهم مفكرا يستطيع أن يرفد المجموعة بالأفكار المستمرة التي تجعلهم يتفادوا العديد من المطبات السياسية. لكن المجموعة جلها إذا نظرنا إليها نجد لها علاقة بالأسرة الضيقة للإمام، و هذا ما قاله عمر نور الدائم الصبر على هذه القوى التي تعرف أن تدافع عن مصالحها، من خلال توعية الجماهير.
أن إعادة حزب الأمة لنشاطه في تحالف ” قحت” كان الهدف هو الحصول على أكبر عدد من مقاعد المحاصصات في السلطة، دون أن يقدم الحزب أي رؤية سياسية تعيد تنظيم العملية السياسية من جديد حتى لا تقع صريعة التحديات. بل ذهب في صدام مع المكون العسكري، كتحدي حزب يملك قاعدة اجتماعية. هذه الحالة كان قد حذر منها الإمام قبل وفاته، و قال لا تصادموا المكون العسكري أنه جزء من الثورة. الإمام كان يعلم بحكم الخبرة أي صدام بين المدنيين و العسكر سوف يقود إلي انقلاب. باعتبار أن العسكر ليس لديهم نفس طويل في المحاككات السياسية، أداتهم هي السلاح، و هذا الذي قاد لآنقلاب 25إكتوبر 2021 م .. الأمر الذي جعل ذات المجموعة الريديكالية ترمي كل ثقلها على الخارج أن يعيدها للسلطة. فهي مجموعة لم يبرز منها مفكرا يقدم رؤى أخرى. ظلت المكونات الخارجية الرباعية ” أمريكا – بريطانيا – السعودية – الإمارات” إلي جانب الثلاثية ” البعثة الأممية – الاتحاد الأفريقي – الإيغاد” إلي جانب الاتحاد الأوروبي هم الذين يهندسون العملية السياسية، و يحاولون حل تعقيداته. مع دعم مقدم من قبل البعثة الأممية لمؤسسات إعلامية تدعم مسار هذه المجموعة. أن تواضع القدرات و حداثة التجربة السياسية للقيادات عقدت الأزمة حتى وصلت للحرب.
بعد إندلاع الحرب: و في أغسطس من العام الماضي كتب القيادي بحزب الأمة عبد الرحمن الغالي و هو يمثل تيار النخب التي تشتغل بالفكر. كتب مبحثا بعنوان ” مقدمة في قضية الأولويات و ضرورة التنازل” و هي ورقة مقدمة للحوار داخل حزب الأمة و القوى السياسية الأخرى.ز و هي ورقة تتضمن أربعة أولويات تتمثل في ..أولا يجب أن لا تنزلق البلاد إلي حرب أهلية.. ثانيا ألا يحدث تدخل أجنبي يفقد البلاد استقلالها.. ثالثا ألا ينفصل أقليم من أقاليم السودان.. رابعا أن يتحقق الحكم المدني. كنت قد كتبت عن الورقة مقالا بعنوان ” صراع التيارات في حزب الأمة” اشدت فيه بالورقة المطروحة للحوار داخل و خارج حزب الأمة، و هي رؤية تنقل العقل السياسي إلي إعادة التفكير في إدارة الأزمة، و أيضا السعي لتغيير طريقة التفكير السائدة. و كتبت ( أن المبحث يتناول القضية بالتحليل و يبين العقبات و يطرح حلول. و هي رؤية خارج الصندوق و مغايرة تماما لخط حزب الأمة الذي يقوده رئيس الحزب الحالي و أمينه العام اللذان يجتهدان من أجل السلطة) فالسلطة فقط هي الغاية للتيار الريديكالي.
الغريب في الأمر: أن مؤسسات حزب الأمة تجاهلت الورقة. و حتى االقوى السياسية الأخرى و المثقفين تجاهلوا هذه الورقة الحوارية. الأمر الذي يؤكد أن التيار الريديكالي مسيطر على على مفاصل الحزب بقوة. و أردف عبد الرحمن الغالي ورقته بورقة أخرى بعد توقيع ” تقدم” مع ميليشيا الدعم ” الإعلان السياسي” ورقة ينتقد فيها، و في نفس الوقت يقدم رؤيته للحل. و هي ورقة طرحها صاحبها للحوار داخل و خارج حزب الأمة. و عبد الرحمن الغالي يعتبر الوكيل الشرعي لخط الإمام، ليس بالتوقيع على صكوك الشرعية على الورق، و لكن من خلال الرؤى الفكرية التي كان يتمسك بها الإمام. الرجل يأخذ صفة مفكر باعتباره يقدم رؤية للظاهرة من خلال دراسة الافتراضات و الوصول لحلول، و يمهرها أنها على مائدة الحوار. هناك تأتي إشكالية الحزب هل هناك قاعدة أو أحد الريديكاليين قادر على جدل المناظرات الفكرية. نسأل الله حس البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
حزب الأمة حالة توهان أم تغيير قادم «2- 4»
الوسومأمريكا إمام الحلو الإمارات السعودية السلاح المكون العسكري بريطانيا حزب الأمة القومي زين العابدين صالح عبد الرحمن صلاح مناع عبد الرحمن الغالي قحت مريم الصادقالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أمريكا إمام الحلو الإمارات السعودية السلاح المكون العسكري بريطانيا حزب الأمة القومي صلاح مناع قحت القوى السیاسیة حزب الأمة من خلال
إقرأ أيضاً:
الدماء والأشلاء في سوريا.. واللطم والنواح في مصر
سالت الدماء في سوريا يومي الخميس والجمعة الماضيين فسالت الدموع وتصاعد النواح واللطميات في مصر، ومع الإدانة لقتل أبرياء في سوريا أخذا بالشبهة فإن ذلك لا يلهينا عن حقيقة ما جرى، لقد كانت الثورة السورية قاب قوسين أو أدنى أن من السقوط كسابقاتها في مصر وتونس واليمن، كانت المؤامرة مدبرة بليل للانقضاض على الثورة، واستعادة الحكم الأسدي، وكان بشار الأسد يدير المعركة من منفاه في روسيا، ويساعده في إدارتها شقيقه الهارب أيضا ماهر، وعدد من رجاله سوء داخل سوريا أو خراجها. كان المستهدف إثارة حالة من الفوضى تنتهي إما باقتحام القصر الجمهوري، أو استدعاء تدخل إسرائيلي أو إيراني أو حتى روسي مباشر بدعوى حماية الأقليات.
كانت رصاصات البداية من المتمردين ضد منسوبي القوى الأمنية فقتلت أو أصابت العشرات، وأسرت أضعافهم، ونزعت سلاحهم قبل أن تتحرك القوى الأمنية بشكل منظم ومعها الجيش حديث التكوين لمواجهة هذه المؤامرة، فقتلت بدورها وأسرت العشرات من ضباط وجنود وشبيحة النظام السابق، ونجحت في وأد المؤامرة، لكن المشكلة التي صاحبت ذلك هي قتل آخرين من المدنيين إما بطريقة عشوائية، أو بطريقة متعمدة بناء على هوياتهم الطائفية، وهذا محل استنكار،نشاهد صورة مغايرة تنتشر في مصر، ويتنافس في نشرها أنصار النظام وبعض القوى السياسية المعارضة، ناهيك عن أصوات طائفية أيضا.. نواح ولطميات حول مجازر مروعة في سوريا، وقتل على الهوية، ومحاولة للإجهاز على طوائف بأكملها وخاصة الطائفة العلوية. صحيح أن المعركة الكبرى كانت ضد متآمرين ينتمون أساسا لهذه الطائفة التي لا تزال ترى أن حكم سوريا حق حصري لها، لكن الصحيح أيضا أن الجسم الأكبر من هذه الطائفة أعلن قبوله للنظام الجديد وكان أول من استنكر ذلك رئيس الدولة أحمد الشرع، الذي دعا المجموعات الشعبية المتطوعة لمساندة قوى الأمن والجيش لمغادرة أماكن التوتر، والالتزام بتعليمات القادة العسكريين الميدانيين، ثم شكلت وزارة الدفاع لجان تحقيق لمحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم.
حين تعرضت الثورة المضادة للهزيمة في هذه الجولة، تحولت إلى معركة أخرى وهي تضخيم الجرائم التي وقعت، كمّا وكيفا، وتسويقها عالميا بهدف تقليب العالم ضد النظام الجديد، وهي لم تستح خلال المواجهات من إصدار نداءات لروسيا وإسرائيل بالتدخل المسلح لحماية بعض الطوائف، وشاركها في ذلك للأسف بعض زعماء هذه الطوائف الذين فقدوا امتيازاتهم التي خصصها لهم نظام الأسد. إذن المعركة الآن هي معركة إعلامية تستخدم فيها الصور الصحيحة والمفبركة، وتضخيم أعداد القتلى والمصابين، ويتم إعادة نشر بعض التدوينات بطريقة ملفتة بهدف صناعة رأي عام دولي ضد السلطة السورية الجدية بهدف نزع الشرعية عنها..
هذه هي الصورة المجملة لما حدث، لكننا نشاهد صورة مغايرة تنتشر في مصر، ويتنافس في نشرها أنصار النظام وبعض القوى السياسية المعارضة، ناهيك عن أصوات طائفية أيضا.. نواح ولطميات حول مجازر مروعة في سوريا، وقتل على الهوية، ومحاولة للإجهاز على طوائف بأكملها وخاصة الطائفة العلوية. صحيح أن المعركة الكبرى كانت ضد متآمرين ينتمون أساسا لهذه الطائفة التي لا تزال ترى أن حكم سوريا حق حصري لها، لكن الصحيح أيضا أن الجسم الأكبر من هذه الطائفة أعلن قبوله للنظام الجديد، ولو على مضض، بل إن بعض أبنائها كانوا ضمن المعارضين لنظام الأسد، وكان غريبا ومريبا قتل بعض أقاربهم في المواجهات الأخيرة ما يثير شكوكا حول من المستفيد بقتلهم. كما أن التصريحات الرسمية لا تتوقف عن التأكيد على وحدة الشعب السوري بكل طوائفه، وعدم التمييز بينه على أساس طائفي أو عرقي أو جهوي، وقد شارك ممثلون لهذه الطوائف ومنها الطائفة العلوية في مؤتمر الحوار الوطني الذي شهدته سوريا مؤخرا.
المصريون الآن في فسحة من أمرهم، ويمكنهم إنجاز هذا الحوار المجتمعي بعيدا عن السلطة، وسواء داخل الوطن أو خارجه، وسواء عبر الحوار المباشر وجها لوجه، أو الحوار الافتراضي عبر تطبيقات التواصل الالكتروني، يمكن لمجموعة تحضيرية متطوعة وممثلة لأطياف متنوعة، أو حتى مجموعة محايدة لا تنتمي لتيارات سياسية أن تقود هذا الحوار
تنوعت خلفيات النائحين في مصر، فأنصار النظام منزعجون من انتصار الثورة السورية، وسقوط حكم الأسد، ويشعرون أن رياح التغيير ستنتقل إلى مصر، وأنهم سيتعرضون لما تعرض له أنصار النظام السوري، وبعض القوى السياسية المعارضة لديها عداء صريح مع التيار الإسلامي بشكل عام أيا كان، وفي إطار هذا العداء وجدت فرصتها فيما حدث في سوريا لكسب نقاط، وتشويه خصومها الإسلاميين عموما حتى وإن كانوا رافضين للعنف، أو منددين بالقتل على الهوية. والأصوات الطائفية لديها خوف من تكرار ما حدث في سوريا معها خاصة أنها لعبت دورا كبيرا في دعم الانقلاب على حكم الرئيس مرسي رحمه الله.
الموقف الصحيح بدلا من التنابذ، والمكايدة، هو أن يلتقي المصريون من كل الطوائف والتيارات لمناقشة مخاوف كل طرف، فليس صحيحا أن المخاوف تقتصر على طرف واحد بل تطال الجميع، والمواجهة الحقيقية لهذه المخاوف تكون بحوار مجتمعي صريح شفاف، يطرح فيه كل طرف هواجسه ومخاوفه، ومن خلال الحوار سيكتشف كل طرف أن جزءا كبيرا من مخاوفه متوهمة، وسيثبت أن بعضها صحيح، وقابل للعلاج، وهذا العلاج الذي يتم التوافق عليه، يتم تسجيله في وثيقة أساسية فوق دستورية، يلتزم بها الجميع..
المصريون الآن في فسحة من أمرهم، ويمكنهم إنجاز هذا الحوار المجتمعي بعيدا عن السلطة، وسواء داخل الوطن أو خارجه، وسواء عبر الحوار المباشر وجها لوجه، أو الحوار الافتراضي عبر تطبيقات التواصل الالكتروني، يمكن لمجموعة تحضيرية متطوعة وممثلة لأطياف متنوعة، أو حتى مجموعة محايدة لا تنتمي لتيارات سياسية أن تقود هذا الحوار، ويمكن للأزهر الشريف أو بيت العائلة المصرية أن يقود هذا الحوار، ويمكن للنقابات المهنية النشطة مثل الصحفيين والمحامين والمهندسين والأطباء أن تشكل لجنة مشتركة تقود هذا الحوار، فهل من مبادر؟!
x.com/kotbelaraby