حزب الأمة حالة توهان أم تغيير قادم «3- 4»  

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أفكار عبد الرحمن الغالي وأثرها داخل الحزب

في عام 1994أقام “المنبر الديمقراطي الحر” ندوة سياسية بعنوان ” الإصلاح في الأحزاب السياسية” أقيمت في الشقة التي كانت أقيم فيها بمدينة نصر بالقاهرة، كان المتحدث الرسمي في الندوة الدكتور عمر نور الدائم، حدث أشتباك حواري بينه و الدكتور عمر القراي ” الجمهوري” قال القراي أن تاريخ الحركة السياسية في السودان قد بين أن الأحزاب السياسية غير مؤهلة بحكم طريقة التفكير التي تتحكم فيها غير قادرة على إنجاز عملية التحول الديمقراطي، لأنها كمؤسسات سياسية تفتقد للفكر الذي يشكل الأرضية للشعارات التي ترفعها.

. قال نور الدائم ردا على القراي؛ أن الذي ذكرته في حديثك يتطلب منكم أنتم كأحزاب صغير أن تقدموا اجتهاداتكم وسط الجماهير لكي تحدثور تغييرا في القناعات القائمة على ثقافة سياسية غير مقبولة لكم، و أي محاولة غير ذلك لن تقود للديمقراطية، و إلي أن تصلوا لهذه القناعة سوف تظلون مثل النميتي ” النمل الصغير” تقرصون في الأرجل دون إحداث أي تغيير يحدث.

ذكرت هذا الحديث لأنه يشكل بالفعل الأرضية التي تنطلق منها بعض القوى الجديدة، إنها تريد أن تتجاوز قوى سياسية سميها ” طائفية – تقليدية و غيرها” لكن لديها قاعدة اجتماعية عريضة تقف معها، و أيضا تعرف مصالحها و كيف تستطيع أن تحافظ عليها. و القوى التقليدية هي تؤثر بقوة على ميزان القوى المدنية الذي يعتبر قاعدة أساسية في العملية الديمقراطية. فظنت القوى السياسية الجديدة أن الثورة قد منحتها حق التجاوز، و فضلت أن يكون التجاوز أيضا قائم على تعديل ميزان القوى من خلال تحالف مؤقت مع المكون العسكري. و في ذات الوقت عليها أن تمد حبل الوصل مع لجان المقاومة. الغريب في الأمر: أن القوى السياسية ” قوى الحرية و التغيير” تريد أن تلعب على المتناقضات، و هي لا تملك أدواتها و لا التجربة التي تؤهلها أن تؤدي الدور بجدارة، لأنها فشلت في التحكم على مؤسسات الدولة و تكوين المؤسسات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية. و فشلها في إدارة الأزمة هو الذي أدى إلي فشل الفترة الانتقالية.

أن فشل الحكومة الأولى في الفترة الانتقالية، كان دافعا قويا لرفع حزب الأمة تجميد نشاطه في ” قوى الحرية و التغيير” و الاستفادة من حالة الضعف السياسي الماثلة أن يقود هو المرحلة القادم من خلال مكتسبات توافق عليها “قحت” و بالفعل وافقت أحزاب التحالف. الموافقة أعطت العناصر الريديكالية فرصة أن تقدم عناصرها على الأخرين. لذلك غيبت الدكتور إبراهيم الأمين و عبد الجليل الباشا و عبد الرحمن الغالي. و ظهرت عناصر جديدة، تم أختيارها بعناية ” الواثق البرير – مريم الصادق – الصديق الصادق – عروة الصادق – صلاح مناع – أمام الحلو – محمد حسن مهدي” مع الأحترام لهؤلاء أن التجربة السياسية للبعض محدودة القدرات، و لم يظهر بينهم مفكرا يستطيع أن يرفد المجموعة بالأفكار المستمرة التي تجعلهم يتفادوا العديد من المطبات السياسية. لكن المجموعة جلها إذا نظرنا إليها نجد لها علاقة بالأسرة الضيقة للإمام، و هذا ما قاله عمر نور الدائم الصبر على هذه القوى التي تعرف أن تدافع عن مصالحها، من خلال توعية الجماهير.

أن إعادة حزب الأمة لنشاطه في تحالف ” قحت” كان الهدف هو الحصول على أكبر عدد من مقاعد المحاصصات في السلطة، دون أن يقدم الحزب أي رؤية سياسية تعيد تنظيم العملية السياسية من جديد حتى لا تقع صريعة التحديات. بل ذهب في صدام مع المكون العسكري، كتحدي حزب يملك قاعدة اجتماعية. هذه الحالة كان قد حذر منها الإمام قبل وفاته، و قال لا تصادموا المكون العسكري أنه جزء من الثورة. الإمام كان يعلم بحكم الخبرة أي صدام بين المدنيين و العسكر سوف يقود إلي انقلاب. باعتبار أن العسكر ليس لديهم نفس طويل في المحاككات السياسية، أداتهم هي السلاح، و هذا الذي قاد لآنقلاب 25إكتوبر 2021 م .. الأمر الذي جعل ذات المجموعة الريديكالية ترمي كل ثقلها على الخارج أن يعيدها للسلطة. فهي مجموعة لم يبرز منها مفكرا يقدم رؤى أخرى. ظلت المكونات الخارجية الرباعية ” أمريكا – بريطانيا – السعودية – الإمارات” إلي جانب الثلاثية ” البعثة الأممية – الاتحاد الأفريقي – الإيغاد” إلي جانب الاتحاد الأوروبي هم الذين يهندسون العملية السياسية، و يحاولون حل تعقيداته. مع دعم مقدم من قبل البعثة الأممية لمؤسسات إعلامية تدعم مسار هذه المجموعة. أن تواضع القدرات و حداثة التجربة السياسية للقيادات عقدت الأزمة حتى وصلت للحرب.

بعد إندلاع الحرب: و في أغسطس من العام الماضي كتب القيادي بحزب الأمة عبد الرحمن الغالي و هو يمثل تيار النخب التي تشتغل بالفكر. كتب مبحثا بعنوان ” مقدمة في قضية الأولويات و ضرورة التنازل” و هي ورقة مقدمة للحوار داخل حزب الأمة و القوى السياسية الأخرى.ز و هي ورقة تتضمن أربعة أولويات تتمثل في ..أولا يجب أن لا تنزلق البلاد إلي حرب أهلية.. ثانيا ألا يحدث تدخل أجنبي يفقد البلاد استقلالها.. ثالثا ألا ينفصل أقليم من أقاليم السودان.. رابعا أن يتحقق الحكم المدني. كنت قد كتبت عن الورقة مقالا بعنوان ” صراع التيارات في حزب الأمة” اشدت فيه بالورقة المطروحة للحوار داخل و خارج حزب الأمة، و هي رؤية تنقل العقل السياسي إلي إعادة التفكير في إدارة الأزمة، و أيضا السعي لتغيير طريقة التفكير السائدة. و كتبت ( أن المبحث يتناول القضية بالتحليل و يبين العقبات و يطرح حلول. و هي رؤية خارج الصندوق و مغايرة تماما لخط حزب الأمة الذي يقوده رئيس الحزب الحالي و أمينه العام اللذان يجتهدان من أجل السلطة) فالسلطة فقط هي الغاية للتيار الريديكالي.

الغريب في الأمر: أن مؤسسات حزب الأمة تجاهلت الورقة. و حتى االقوى السياسية الأخرى و المثقفين تجاهلوا هذه الورقة الحوارية. الأمر الذي يؤكد أن التيار الريديكالي مسيطر على على مفاصل الحزب بقوة. و أردف عبد الرحمن الغالي ورقته بورقة أخرى بعد توقيع ” تقدم” مع ميليشيا الدعم ” الإعلان السياسي” ورقة ينتقد فيها، و في نفس الوقت يقدم رؤيته للحل. و هي ورقة طرحها صاحبها للحوار داخل و خارج حزب الأمة. و عبد الرحمن الغالي يعتبر الوكيل الشرعي لخط الإمام، ليس بالتوقيع على صكوك الشرعية على الورق، و لكن من خلال الرؤى الفكرية التي كان يتمسك بها الإمام. الرجل يأخذ صفة مفكر باعتباره يقدم رؤية للظاهرة من خلال دراسة الافتراضات و الوصول لحلول، و يمهرها أنها على مائدة الحوار. هناك تأتي إشكالية الحزب هل هناك قاعدة أو أحد الريديكاليين قادر على جدل المناظرات الفكرية. نسأل الله حس البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

حزب الأمة حالة توهان أم تغيير قادم «2- 4»

الوسومأمريكا إمام الحلو الإمارات السعودية السلاح المكون العسكري بريطانيا حزب الأمة القومي زين العابدين صالح عبد الرحمن صلاح مناع عبد الرحمن الغالي قحت مريم الصادق

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمريكا إمام الحلو الإمارات السعودية السلاح المكون العسكري بريطانيا حزب الأمة القومي صلاح مناع قحت القوى السیاسیة حزب الأمة من خلال

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: التوحد

كثيرون يعتقدون أن التوحد إعاقة ذهنية، يجهلون انه ليس مرضا بل اضطرابا عصبيا يصيب الجهاز العصبي خلال سنوات النمو الأولي للطفل، و للبنين النصيب الأكبر من تلك الإصابات، و مازال يعجز العلم حتى الآن عن اكتشاف سبب ذلك الاضطراب العصبي الذي بنفسم إلى ثلاث مستويات :

المستوى الأول يطلق عليه متلازمة اسبرجر، وأصحاب ذلك المستوى تكون درجة ذكائهم حادة للغاية و يتقنون الحفظ بكافة أشكاله، لكنهم يفتقدون التفاعل الاجتماعي و انعدام المهارات الحياتية، بشكل اشبه بالروبوت الآلي الذي يتم تحريكه بالريموت كنترول.

المستوى الثاني: يواجه طفل التوحد ذات الدرجة المتوسطة صعوبة كبرى مع البيئة المحيطة في التواصل فيقتصر حديثه على عبارات بسيطة، كما ينخرط في سلوكيات متكررة، ويحتاج إلى رعاية ودعم نفسي و اجتماعي كبير.


المستوى الثالث: هو أشد درجات التوحد وفيه يحتاج الطفل إلى رعاية متكاملة شاملة، لما يعانيه أصحاب ذلك المستوي من صعوبة شديدة في التواصل، وعدم القدرة على التحدث بوضوح بل يصدر أصوات همهمات و زائير يشبه زائير الأسد، ونادرًا ما يتفاعل مع الآخرين، كما تظهر عليه الأعراض السلوكية بصورة أكثر حدة، خاصة تجاه نفسه حيث يميل لإيذاء نفسه بعض كلتا اليدين و ضرب الرأس في جسم صلب عند التعبير عن الغضب أو الفرح لعدم تلقيه لغة تعبير أخرى.

و مؤخرا أصبح التوحد يصيب الأطفال في سن العاشرة بسبب التعمق في استخدام السوشيال ميديا و الانغلاق و الانعزال التام بعيدا عن جو الأسرة.

نصائح للتعايش مع التوحد و تعد خلاصة تجربتي و دراستي مع أصحاب اضطراب طيف التوحد.

توجد بعض الإجراءات التي يمكن للوالدين القيام بها التي تقدم الدعم والرعاية للطفل المصاب، وتتضمن هذه الإجراءات ما يلي:

التركيز على الإيجابيات: يستجيب صاحب اضطراب طيف التوحد للتعزيز الإيجابي، مثل المكافآت وتقديم الهدايا عند القيام بسلوك جيد، ويساعد مدح الطفل على زيادة شعوره بالرضا.
الحفاظ على روتين محدد: يفضل اصحاب اضطراب طيف التوحد الروتين وعدم التغيير؛ لذا يفضل الالتزام بروتين محدد ليسهل على الطفل تطبيق ما تعلمه.


اللعب: تساعد مشاركة الأنشطة واللعب مع الطفل في تحسين مهارات التواصل.
منح الطفل الوقت اللازم للاستجابة: قد يحتاج الطفل تجربة عدة طرق علاجية لاكتشاف الطريقة المناسبة له؛ لذا ينبغي على الأهل التحلي بالصبر وعدم الاستسلام إذا لم يستجب الطفل لأسلوب علاجي معين.
اصطحاب الطفل خارج المنزل: يساهم اصطحاب الطفل عند الخروج من المنزل أثناء القيام بالمهام اليومية، مثل التسوق في اندماج الطفل مع العالم الخارجي.

تمت دعوتي كضيف متحدث في عدد من الندوات حول التوحد خلال الأيام الماضية، وجدت أنه أصبح هناك اهتماما كبيرا من الدولة و المجتمع تجاه البحث و المعرفة حول التوحد و كيفية التعايش معه، و كانت من اكثر الندوات ثراءً ثلاث ندوات الأولي بمؤسسة إيزيس للخدمات الاجتماعية لدعم و تدريب و تعليم و تأهيل و توظيف ذوي القدرات الخاصة بالتعاون مع الجمعية المصرية العلمية للعلاج التنفسي التي يرأسها أ.د محيي الدين عبد الظاهر خليفه، ثم ندوة تم تنظيمها بالمجلس الأعلى للثقافة دعاني لها آ.د عماد محجوب أستاذ و رئيس قسم علم النفس بجامعة القاهرة و أستاذ علم التفس الإكلينيكي فئات خاصة، ثم ندوة بحزب حماة وطن أمانة شرق القاهرة دعاني لها د. جمال حمدان أحد قيادات الحزب.


سعدت كثيرا بالندوات الثلاث و الحفاوة بأصحاب اضطراب طيف التوحد و مدى حرص و اهتمام الحضور بمعرفة كل تفصيله تتعلق بأولادنا من اصحاب اضطراب طيف التوحد، و لكن ما أثار إستيائي ما صدر عن أحد الأساتذة دكتور جامعي ربما كان رئيسا لجامعة عريقة ذات يوم عندما قال " ربنا خلق المعاقين ليه؟ علشان أهاليهم تتعذب بيهم؟ ! هذه كانت كلمته خلال الندوة.

لا أنكر أنني لم أندهش لان كثيرا ما أسمع ذلك من الجهلاء و عديمي الثقافة و المعرفة و مسطحي الفكر و الأميين، و لكنني صعقت عندما سمعته من قامه كبيرة و قدوة عليها واجب تجاه المجتمع و يجب عليها تثقيفه و توعيته و ليس العكس.

الذي صدر عن ذلك الأستاذ هو نتاج جهل مجتمعي تجاه أولادنا من ذوي القدرات الخاصة.

بالرغم من الطفرة العلمية و التقدم و اهتمام الدولة المصرية بذلك الملف إلا إنه مازال هناك تقصيرا كبيرا تجاه توعية المجتمع و تثقيفه بأهمية الاهتمام بأولادنا من ذوي القدرات الخاصة، الأزهر الشريف يجب أن يتدخل بسلسلة ندوات إرشاديه حول الصبر على أولادنا و حسن التعامل معهم و فضل ذلك عند رب العالمين.

و لا أنكر التقصير الصحفي و الإعلامي تجاه ذلك الملف الهام، فلا يعقل أن تنتفض الدولة المصرية من أجل حقوق هؤلاء الأبناء و في الوقت ذاته يتجاهل الإعلام و الأزهر حملات التوعية و التثقيف.

و هنا يجب أن أنوه لفضل وجود ملاك في بيتنا انه منحه من الله و ليس محنة، منحة اختارنا الله حتى ندخل بها الجنة دون عناء.

ليس كل متعلم مثقف و ليس كل جاهل أعمى، المقصود بالأعمى هو أعمى البصيرة و الفطنة و الثقافة و القناعة و الصبر على أولادنا، كم من أم غير متعلمة بل أمية تحسن إلى أولادها من ذوي القدرات الخاصة، و خير مثال أحب أن أحدثكم عنه هي " ماما زوزو " تلك المرأة الحديدية الصبورة الحنونة، التي تجاوزت السبعين عاما و كان قد رزقها الله بأبن معاقً ذهنيا صبرت عليه و كبرته و رعته خير رعاية ثم زوجته من فتاة من نفس ظروفه لترزق بثلاث أبناء معاقين ذهنيا تقوم على رعايتهم جميعا تلك البطلة " ماما زوزو " النموذج الذي استمد منه قوتي و أدعو القادرين و أصحاب القلوب الرحيمة لتقديم المساعدة لتلك المرأة الحديدية بتوفير مسكّن آدمي لها و لأحفادها و ابنها و زوجته المعاقين ذهنيا حيث أنهم يعيشون في غرفة متواضعة ذات سقف من الخوص و بقايا الكرتون و الخشب بحمام مشترك مع الجيران، و دعمها ماديا و تحقيق أمنيتها بزيارة بيت الله الحرام.

مقالات مشابهة

  • رؤية النخب السودانية حول الحراك الثوري والتحولات السياسية
  • من التضخم إلى البيتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • من التضخم إلى البتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • أستاذ علوم سياسية: على العالم التدخل لإنقاذ حالة التجويع التي تشهدها غزة
  • رجاء في بريد اللجان الموقرة التي تعمل على موضوع تغيير العُملة
  • إطلاق فيديو كليب «أمان» للفنان اللبناني عزيز عبدو
  • أستاذ في العلوم السياسية يطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ غزة
  • العراق يتفوق على السعودية في صادرات النفط إلى أمريكا: بداية تغيير موازين القوى؟
  • القوات الامنية تعتقل صاحب مقاطع التغيير قادم في العراق
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: التوحد