إسرائيل ومعركة الصورة التي قلبت الموازين!
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
مثّلت الصورة الإعلاميَّة لإسرائيل نموذجًا لفشل إسرائيل في إدارة معركتِها الإعلاميّة، ومن ثمّ فشل السياسات الإعلاميّة لإسرائيل، هذا ما أعطى قناة الجزيرة يدًا عليا في معركة الهيمنة على الصورة الإعلاميّة، وعلى شاشات التلفاز، وعلى شبكات التواصل الإعلامي، عربيًا ودوليًا، ما يجعل هناك تساؤلات حول مدى كفاءة الإعلام الإسرائيليّ لثانية مرّة منذ قيام دولة إسرائيل، هذه الصورة التي استطاع الرئيس أنور السادات خطفها وهزّها حين زار القدس في 1977، فصارَ هو النجم الأوحد على أرض إسرائيل في حين تلاشت صورة إسرائيل أمامه.
في هذه المرّة المقاومة الفلسطينية بدت وكأنها في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، تخسر المعركة دوليًا أمام مزاعم إسرائيل، وتكسبها عربيًا، في حين أنّ القدرات الإعلاميَّة للمقاومة الفلسطينية- التي قامت على بثّ الصورة الحية والخطاب الرصين- قادت إلى كسب أرضية متزايدة عربيًا، ثم دوليًا بمرور الوقت.
لكن اغتيال حمزة الدحدوح، وموقف والده والأسرة المُتماسكة، شكّل ذلك صورة إعلامية لفتت الانتباه دوليًا إلى قيام إسرائيل بقتل عائلات في غزّة، وهو أمر لم يكن الإعلام الدولي يتعامل معه بجدية، فشكلت الاغتيالات المتتالية لأفراد عائلة الدحدوح نمطًا يجري القياس عليه، هذا ما جعل حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة لها مصداقية تفوق كلّ الروايات الإسرائيلية لنفيها.
هل فشلت إسرائيل؟
الحقيقة التي يقرّرها الواقع العملي أكثر تعقيدًا، فالسياسات الإعلامية لإسرائيل حاليًا، تعود لمراكز صنع القرار التي لا تمارس فعلها المثالي المفترض، وإنما تمارسه تحت سطوة صراعات تاريخيّة ومصالح يتعارض بعضها مع بعض، والكثير منها غائر في زمانه، أو جامح في مقاصده، أو عنيف في ممارسته، وفي ظلّ هذه الأحوال فإن القرار السياسي – وبالتالي السياسات الإعلامية المترتبة عليه – تحكمه بالقطع عوامل غير مثالية!
إن هناك شيئًا يتقاطع بين المثالي المفترض، والواقع الذي يعبّر عن المصالح، أيًا كانت هذه المصالح، لذا فدور السياسات الإعلاميّة عادة هو صناعة صورة مضيئة، وتبرير الأفعال أو إنقاذ القرارات المتضاربة أو الضعيفة.
وسيط فعالفقد باتت السياسات الإعلامية في طور التحول إلى عالم له تشابكاته مع عوالم أخرى، فهي ليست قائمة على الخبر أو وسائط الإعلام، بل تستخدم علوم الأنثروبولوجي والاجتماع والتاريخ، فضلًا عن التقنيات الحديثة.
صناعة هذه السياسات إذًا ليست بالسهولة التي قد يتخيّلها البعض، فهي تحدّد للدولة أهدافها وطريقة الوصول لها، وفلسفتها، وعملية التغيير اللازمة في الوقت المناسب، فضلًا عن كونها الوسيط الفعّال بين الدولة والجمهور، لخلق حالة من التوافق بينهما، وتبادل التأثير لصالح الطرفَين.
هنا نجد أن الثقة المهزوزة لأوّل مرّة في رئيس الوزراء الإسرائيلي تجعل الحكومة الإسرائيلية فاقدة للمصداقيّة حتى على صعيد الإعلام الداخلي، وهو ما لم يحدث في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، ولا في أي حرب أخرى خاضتها إسرائيل.
إن أنجح السياسات هي التي تقوم على إقامة علاقة متوازنة بين الجمهور والدولة ، إذ يجب ألا يتوقف دور الدولة على جعل الجماهير تتكيف معها، ولكن يجب أن تتكيف الدولة نفسها مع البيئة الخارجية، بما فيها الجماهير الفاعلة تجاهها، فبناء علاقة إستراتيجية بين الطرفين تعتمد على الفهم المتبادل والاتصال الفعال في اتجاهين بدلًا من الاعتماد على إستراتيجيات الإقناع في اتجاه واحد، وتتوقف قدرة القائمين على إدارة هذه العلاقة على عدة عوامل منها: الاستقلالية في اتخاذ القرار، والقوة والأهمية التي تتمتع بها الجماهير، ومناخ تغطية وسائل الإعلام، وكذلك القيود القانونية والتنظيمية.
عزلة نتنياهوإن المسؤولين عن إدارة هذه العلاقة في إسرائيل كان عليهم تصميم رسائل تخاطب الحاجات الشخصية للأفراد، وإحدى هذه الحاجات هي أن يشعر الفرد بأنه مهم، وأن المصلحة العامة مقدمة على كل شيء، وعدم القيام بذلك يؤدي يومًا بعد يوم لعزلة نتنياهو، ومن ثم حكومته حتى صار الإسرائيليون صوتهم النقدي يعلو مع وصول الجثث والجرحى من الميدان مع شعب تعود ألا يخسر حربًا، فكيف سيقتنع بهذه الآلام الغائرة داخله.
فضلًا عن أن المسلمين في الغرب عبر المواد التي تبثّ من قناة الجزيرة باللغة الإنجليزية ووسائط التواصل الاجتماعي قلبوا الموازين في صالح الرؤية التي تقدمها المقاومة الفلسطينية، وهو ما أدّى لانقلاب لدى الرأي العام الغربي، وهذا ما لم تتحسب له الحكومات الغربية جيدًا في بداية الحرب، فالمسلمون صاروا رقمًا في المعادلة في الداخل الأوروبي والأميركي، وهذا لم يكن في حسبان صنّاع السياسات الإعلامية في إسرائيل. لأول مرة، هذا التحول قد يدفع الساسة في الغرب مستقبلًا لتوخّي الحذر في التعامل مع القضايا الحساسة في المنطقة العربية.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الإعلامی ة
إقرأ أيضاً:
«تنفيذي الشارقة» يبحث السياسات العامة للدوائر والهيئات الحكومية
الشارقة: «الخليج»
ترأس سمو الشيخ عبدالله بن سالم بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة نائب رئيس المجلس التنفيذي، صباح اليوم الثلاثاء، وبحضور سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة نائب رئيس المجلس التنفيذي، اجتماع المجلس الذي عقد في مكتب سمو الحاكم.
بحث المجلس خلال اجتماعه موضوعات حكومية متعددة تعنى بالسياسات العامة للدوائر والهيئات الحكومية وخطط تنفيذها بما يعزز من مكانة الإمارة المتقدمة في المجالات المتنوعة.
واطلع المجلس على تقرير حول النسخة العاشرة لمعرض الشارقة العقاري إيكرس 2025م، الذي حقق نتائج نوعية بارتفاع حجم المعاملات إلى 2505 معاملات مع ارتفاع إجمالي قيمة الصفقات ووصولها إلى 4.4 مليار درهم.
وشهد المعرض مشاركة أكثر من 110 شركات عقارية مشاركة منها المحلية والعالمية، وزيارة أكثر من 15 ألف زائر، وتقديم أكثر من 30 محاضراً لورش وبرامج تدريبية وتثقيفية.
وبين التقرير الأثر الإيجابي لاعتماد المجلس التنفيذي تخفيض رسوم البيع والشراء على المعاملات في معرض الشارقة العقاري 2025م بنسبة 50%، مع بيان المقارنات في إحصائيات النتائج المحققة للمعرض خلال السنوات السابقة.
واطلع المجلس على دليل مشاركة حكومة الشارقة في معرض جيتكس 2025م التي تهدف إلى عرض الابتكارات التي تدعم التحول الرقمي وتواكب التطورات المستقبلية في مختلف القطاعات على أن تكون المحاور الرئيسية للمشاريع المشاركة الخدمات الحكومية الرقمية، والبيانات والذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية الرقمية والأنظمة الذكية، وأمن المعلومات والأمن السيبراني، والتمكين الرقمي وبناء القدرات الرقمية.
وتأتي مشاركة حكومة الشارقة في جيتكس 2025 امتداداً للمشاركات السابقة في المعرض، حيث شهد جناح الإمارة في النسخة الأخيرة زيارة أكثر من 28 ألف زائر، وتعزيز التواصل مع أكثر من 250 شركة، وعرض 18 مشروعاً متميزاً للجهات الحكومية، وتوقيع 4 اتفاقيات.