تحذيرات من عودة «داعش» مستغلاً التوترات في المنطقة
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
أحمد شعبان (القاهرة، دمشق)
أخبار ذات صلةحذر محللون سياسيون سوريون وخبراء في الإرهاب الدولي، من خطورة عودة تنظيم «داعش» للواجهة من جديد في سوريا والعراق وتنامي عناصره، مستغلاً الأحداث والصراعات التي تشهدها المنطقة في تنفيذ عمليات إرهابية، ورغم الضربات التي ينفذها التحالف الدولي لمحاربة «داعش» إلا أن عناصره لا يزالون قادرين على شنّ هجمات تستهدف القوات السورية والموالين لها.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعلن في 9 يناير أن عناصر داعش شنوا هجوماً دامياً على حافلة عسكرية في بادية تدمر بريف حمص الشرقي، أسفر عن مقتل 14 عنصراً من القوات السورية وإصابة آخرين.
وقال المحلل السياسي السوري مدير المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، في تصريح لـ«الاتحاد»: إن التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بدأ في مواجهة التنظيم الإرهابي منذ العام 2015، بالتعاون مع قوات وحدات حماية الشعب السورية، وقوات سوريا الديمقراطية، وتم النصر العسكري النهائي على التنظيم بعد القضاء على آخر جيب في بلدة الباغوز بمحافظة دير الزور 2019، وانتهت بالنصر على «داعش»، لكن الحرب على عناصره لم تنته، ويُدرك التحالف تماماً حجم المخاطر الناجمة من عودة التنظيم.
ومنذ أيام، قررت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاجون» إرسال 1500 جندي من لواء المشاة القتالي، ضمن «عملية العزم الصلب» لمحاربة «داعش» في سوريا والعراق، وحددت الوزارة مهمتهم لمدة عام.
وحذر المحلل السياسي السوري من خطورة داعش خلال الفترة المقبلة، لأنهم حتى إذا لم يتمكنوا من الاستيلاء على الأراضي، لكنهم سيعودون بقوة كبيرة، ويعدون العدة وينتظرون اللحظة المناسبة، حيث إن مخيمي «الهول» و«روج» يضمان عشرات الآلاف من عائلات التنظيم، ويعدون الأطفال منذ صغرهم للقتال ضمن صفوفه.
وشدد على أن أميركا تدرك من المعلومات الاستخباراتية لديها خطورة الانسحاب من التحالف لأنه سيؤدي إلى عودة داعش مرة أخرى، ولولا قدرة قوات سوريا الديمقراطية والأمن الداخلي لساءت الأحوال، ولا يزال أنصار «داعش» في سوريا يتحركون ويقومون بجمع الأموال، والظروف في بادية سوريا مهيأة للتنظيم نتيجة لطبيعة المنطقة، مما ساعدهم على القيام بعمليات إرهابية.
ونظراً لخطورة «داعش»، تعتبر أميركا الإبقاء على التحالف والاستمرار فيه جزءاً من الأمن القومي الأميركي والأوروبي، وتتبنى أغلب الدول المشاركة في التحالف هذه الرؤية، لأن عودة داعش لا تشكل خطراً على سوريا والعراق فقط؛ ولكن على المنطقة بأسرها وأفريقيا وأوروبا.
ويرى الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب، أن التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وما يحدث في سوريا واليمن والعراق وفلسطين من اضطرابات، ينعكس بصورة كبيرة على تنامي جماعات العنف والتطرف، ويوفر بيئة خصبة للتنظيمات وعلى رأسها «داعش».
وقال أديب في تصريح لـ«الاتحاد»، إن العملية الإرهابية الأخيرة لداعش في سوريا، انعكاس لانشغال أميركا والمجتمع الدولي بالصراعات الدائرة في المنطقة وفي أوكرانيا، وهذا يساعد على توفير المقومات الأساسية لعودة التنظيم من جديد، بعد مروره بمراحل ضعف شديد وسقوطه في 22 مارس 2019، وهناك أسباب أخرى أدت إلى عودته وتناميه بصورة كبيرة، وهذا ما ظهر من العمليات التي قام بها خلال الفترة الماضية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: داعش الإرهاب سوريا العراق فی سوریا
إقرأ أيضاً:
الصراع الاستراتيجي بين تركيا وإيران وإسرائيل
د. زكريا ملاحفجي **
يعد الصراع الاستراتيجي بين تركيا وإيران وإسرائيل من أبرز التحديات التي تشكل المشهد السياسي والأمني في الشرق الأوسط. فكل من هذه الدول تمتلك طموحات إقليمية واسعة، وتسعى لتعزيز نفوذها من خلال مزيج من الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية، مما يؤدي إلى تداخل المصالح وتصاعد التوترات، لاسيما الساحة السورية وهي الآن الأكثر تركيزاً واهتماماً، لاسيما بعد الخسارة الساحقة لإيران للساحة السورية ومحاولات العودة بكل الطرق المُمكنة، التي ستستمر في سوريا.
وتركيا لديها طموحات جيوسياسية وتعمل على عزيز الموقف الإقليمي والدولي كلاعب رئيسي، فتسعى إلى استعادة نفوذها في المنطقة، مستندة إلى إرثها الإسلامي وموقعها الاستراتيجي الذي يربط أوروبا بالشرق الأوسط. تتبع أنقرة سياسة خارجية نشطة تشمل التدخل العسكري في سوريا والعراق، ودعم القوى العسكرية في سوريا وليبيا، والصومال وأذربيجان وغيرها.
كما تمتلك تركيا علاقات متوترة مع إسرائيل رغم التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتتنافس مع إيران في عدة ساحات مثل سوريا والعراق، رغم حجم التبادل الاقتصادي الكبير.
أما إيران ومحور المقاومة والتوسع الإقليمي والأحلام الامبراطورية
فتعتمد إيران على تحالفاتها الإقليمية لتعزيز نفوذها، خاصة من خلال دعم الجماعات المسلحة في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وتتعرض هذه الجماعات إلى استهداف أمريكي إسرائيلي لتقويض أذرع إيران وإضعاف هذه الجماعات، فترى طهران أن توسعها الإقليمي جزء من استراتيجيتها لحماية أمنها القومي في مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
وتشهد علاقاتها مع تركيا حالة من التعاون الحذر، حيث يتقاطع نفوذهما في بعض القضايا مثل دعم قطر في أزمة الخليج، لكنه يتعارض في سوريا والعراق، حيث تتنافس الدولتان على النفوذ، إضافة لخطر حزب العمال الكردستاني الحزب الكردي التركي الذي انتشر في سوريا، بعنوان جديد.
أما إسرائيل فتسلك مسلك الأمن والردع في مواجهة التهديدات
فتسعى إلى تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، معتبرة أن البرنامج النووي الإيراني ودعم طهران للجماعات المسلحة مثل حزب الله يمثلان تهديدًا مباشرًا لأمنها، فتستخدم إسرائيل استراتيجيات متعددة تشمل الغارات الجوية في سوريا واستهداف منشآت إيرانية. في المقابل، تحافظ إسرائيل على علاقات متوترة مع تركيا، رغم التعاون التجاري، حيث تنتقد تل أبيب دعم أنقرة لحماس ومعارضتها للتطبيع العربي مع إسرائيل.
إذن يشهد الصراع بين هذه القوى الإقليمية عدة محاور رئيسية، منها:
سوريا والعراق: حيث تتنافس إيران وتركيا على النفوذ، بينما تعمل إسرائيل على إضعاف الوجود الإيراني، ولن تيأس إيران من محاولات كثيرة لعودتها إلى الساحة السورية، وتسعى تركيا لإنشاء قاعدة عسكرية جنوب سوريا، وتضغط إسرائيل لمنع ذلك، فيما تسعى القيادة الانتقالية في دمشق لمنع استفزاز أية دولة، فهي حالة وليدة.
وفي ظل استمرار التوترات الإقليمية، من المتوقع أن يستمر التنافس بين تركيا وإيران وإسرائيل، مع احتمالية تصاعد المواجهات غير المباشرة في سوريا ولبنان والعراق. قد تسعى كل دولة لتعزيز تحالفاتها لكسب المزيد من النفوذ، حيث تعزز إسرائيل تعاونها مع الدول العربية، وتسعى أن يكون جنوب سوريا بعمق 65 كيلومتمترا منزوع السلاح وتعمل على تحسين العلاقات مع الجنوب السوري لاسيما السويداء، لاسيما في ظل عدم غياب تفاهم حقيقي بين الجنوب والحكومة الحالية، بينما تحاول إيران وستبقى تحاول تعزيز حضورها من جديد في الساحة السورية سواء عبر لبنان أو من العراق.
وسيظل هذا الصراع بين تركيا وإيران وإسرائيل مستمرا ولاسيما أن القيادة الأمريكية الجديدة متماهية مع إسرائيل، وسيكون هذا الصراع أحد أبرز عوامل عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث تسعى كل دولة لتحقيق مصالحها عبر أدوات مختلفة، وسييقى المشهد الإقليمي عرضة لمزيد من التعقيد بسبب تضارب الأجندات الاستراتيجية لهذه الدول، وفي الوقت نفسه هناك توازن استراتيجي فيما بينها، إضافة إلى مساندة كبيرة من الأمريكيين لإسرائيل لضمان استقرارها وحفظ أمنها، لاسيما في غياب حضور استراتيجيات لتعزيز الأمن القومي العربي.
** باحث وأكاديمي سوري، ينشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان