يقدِّم جناح الأزهر الشريف بـمعرِض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 55 لزوَّاره كتاب "وسطية الإسلام" بقلم الشيخ محمد محمد المدني، وذلك بـ 11 لغة؛ هي (الفرنسية، الإسبانية، الإندونيسية، الأردية، الفارسية، التركية، اليونانية، البشتو، العبرية، الإيطالية، السواحيلية)، من إصدارات مركز الأزهر للترجمة؛ وذلك انطلاقًا من دور الأزهر الشريف في نشر الفكر الوسطي المستنير والتَّعريف بمبادئ الإسلام ومقاصده في كل ربوع العالم.

يوضِّح الشيخ المدني أن هدفه الذي يرمى إليه من هذا الكتاب أن يقتنع القارئ المسلم بأنه يعتنق أكمل الأديان وأعدلها، وأن مبادئ هذا الدين وأحكامه ومُثُله ومقاييسه هي المبادئ السليمة الكفيلة بإسعاد الفرد والمجتمع، وأن يقتنع القارئ غير المسلم بهذا المعنى نفسه حتى لا يتصوَّر الإسلام دعوة تعصبية أو قاصرة عما يكفل الحياة السعيدة للناس، وأن يعرف أن ما جاء به الإسلام إنما هو برنامج عملي إصلاحي للبشرية كافة، وأنَّه ينظر إلى مخالفيه نظرة قوامها التسامح والبر، وليس كما يصوره أعداؤه دينًّا هجوميًّا اغتياليًّا، أو هادمًا مدمرًا.

ويشير المؤلف إلى أنَّ هذه "الوسطية" الَّتي جعل الله المسلمين عليها، هي التي جعلت -أو من شأنها أن تجعل- المسلمين "شهداء على الناس"، أي أنَّ هذه الشريعة من شأنها أن تكون أمة خيرة متوسطة مستقيمة على الجادة، لا انحراف لها في شيء من الأشياء إلى طرف، ولا التواء لها في أمرٍ من الأمور عن الصراط السوي، فهي أمة لها طابع الاعتدال، قد مرنت عليه حتى أصبح سليقة لها، وصلحت به لأن تكون أمة القيادة والتوجيه إلى المثالية الواقعية، وأن تكون أحكامها هي الفيصل حين يختلف الناس على الأحكام، ومبادئها ومثلها هي المبادئ والمثل حين يختصم الناس في المبادئ والمُثُل.

وبعد نظرةٍ من المؤلف لواقع مرير تمر به الأمة الإسلامية، ينبِّه المؤلف أن القرآن الكريم يرشدنا إلى أن هذا الوضع الذى ارتضيناه لأنفسنا وضعٌ مقلوب، وأن علينا أن نعرف قيمة أنفسنا، وندرك وضعنا الصحيح في الحياة، وهو لا يكتفي منا بأن نشعر بعِزَّتنا وبأننا أمة مستقلة لها مبادئها وأحكامها وأفكارها وفلسفتها؛ بل يريد منا مع ذلك أن نشعر بأننا ندبنا في هذا العالم لرسالةٍ ساميةٍ شريفةٍ، نحن فيها الموجهون والقادة والدعاة إلى المثل والحماة لها، وأصحاب المناهج والقائمون على تنفيذها.

وينبه المؤلف أن هذه الأمة بمجموعها أمة تدعو إلى الخير، قال تعالى: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ". ثم يفسر المؤلف الآية بالقول: "ينبغي أن نفهم قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة) على معنى: ولتكونوا أمة هذا شأنها -أما الذين فسروها بمعنى: وليكن بعضكم أو فريق منكم دعاة الى الخير، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر، فإني لست معهم، ولا أجد في القرآن الكريم ما يدل على هذا التبعيض، فإن الله تعالى يقول في آخر هذه الآية {وأولئك هم المفلحون} فهل تراه يأمر عباده بأن يكون منهم فريق يفعل كذا وكذا ثم يقول لهم إن هذا الفريق فقط هم المفلحون؟" لافتًا إلى أنَّ الإسلام يريد بهذا المعنى تكوين (رأي عام) قوي؛ إذ يشعر كل فرد في الأمة بأنه شيء معتد به في كيانها، عليه واجب نحوها، لا نحو نفسه فقط.

ويشتمل كتاب وسطية الإسلام على خمسة فصول، يتناول الفصل الأول معنى الوسطية، ويعدِّد الفصل الثاني مظاهر تلك الوسطية من المزاوجة في طبيعة الانسان والاعتراف بالواقع البشري ومسايرة الفطرة وتهذيب الغرائز وبساطة العقيدة ويسر التكليف، بينما يوضح الفصل الثالث هدي الإسلام في الزواج والطلاق، ويناقش الفصل الرابع تحديد الوضع الاجتماعي لكل من الرجل والمرأة، ويأتي الفصل الخامس والأخير من الكتاب بعنوان "بحوث في أصول الأحكام".

ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

IMG-20240123-WA0051 IMG-20240123-WA0052 IMG-20240123-WA0048 IMG-20240123-WA0049 IMG-20240123-WA0050 IMG-20240123-WA0045 IMG-20240123-WA0046 IMG-20240123-WA0047 IMG-20240123-WA0044

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: IMG 20240123

إقرأ أيضاً:

فعاليات جناح الأزهر بمعرض الكتاب في يومه السابع.. أنشطة تعليمية وندوات علمية

شهد جناح الأزهر الشريف في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في يومه السابع، إقبالًا كبيرًا من الزوار لحضور مجموعة متنوعة من الفعاليات الثقافية والتعليمية، حيث تنوعت الأنشطة بين الورش التربوية للأطفال والطلاب، والمبادرات الهادفة إلى تعزيز القيم الإسلامية، إضافة إلى الندوات العلمية التي ناقشت المستجدات الطبية من منظور فقهي.

ورش تعليمية للأطفال وتعزيز القيم التربوية

في إطار اهتمام الأزهر الشريف بالتربية والتعليم، نظمت منطقة دمياط الأزهرية بجناح الأزهر مبادرة "أخلاقنا سبب تطورنا"، التي تهدف إلى تعزيز السلوكيات الإيجابية، من خلال مسابقة تجمع بين المعلومات الدينية، العامة، التاريخية، والرياضية، والتي تتناسب مع جميع الأعمار. كما ركزت المبادرة على توعية الزوار بكيفية ضبط السلوكيات الأخلاقية إلكترونيًا، وأهمية تطوير الذات من خلال القيم الإسلامية والمجتمعية.

وعلى صعيد آخر، شهد ركن الطفل ورياض الأطفال إقبالًا كثيفًا من الأسر، حيث تم تنظيم ورش إبداعية لتنمية مهارات الرسم والتلوين، إلى جانب فقرات تفاعلية تهدف إلى تعزيز قيم التسامح والعفو والإيجابية لدى الأطفال.

وفي ركن الطلاب الوافدين، أقيمت ورش عمل تناولت قضايا سلوكية ونفسية مثل التعامل مع الانفعالات، وطرق الوقاية والعلاج منها، بهدف مساعدة الطلاب على تحسين مهاراتهم الاجتماعية والنفسية داخل بيئة دراسية صحية.

ندوة علمية تناقش قضايا المرأة الطبية وفق الضوابط الشرعية

وفي إطار الأنشطة الثقافية والعلمية، عقد جناح الأزهر ندوة علمية تحت عنوان "المرأة بين القضايا الطبية المعاصرة والأحكام الفقهية"، بمشاركة نخبة من العلماء والأطباء، منهم الدكتور حسن الصغير، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشؤون العلمية والبحوث، والدكتور جمال أبو السرور، مدير مركز البحوث السكانية بجامعة الأزهر، والدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شؤون القرآن الكريم بالأزهر الشريف، وأدارت الندوة الدكتورة أماني عودة، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.

ناقشت الندوة الأحكام الفقهية المتعلقة بالقضايا الطبية الخاصة بالمرأة، مثل تناول الأدوية المؤثرة على الدورة الشهرية لأداء العبادات، حيث أكد الدكتور حسن الصغير أن الشريعة الإسلامية اعتمدت في هذه القضايا على المعرفة الطبية الدقيقة، وأن الفقهاء دائمًا ما يحيلون مثل هذه الأمور إلى الأطباء لضمان دقة الفتوى.

من جانبه، تناول الدكتور جمال أبو السرور تأثير التقدم العلمي في المجالات الطبية على الأحكام الفقهية، مشيرًا إلى أن شيخ الأزهر الأسبق، الإمام جاد الحق علي جاد الحق، كان من أوائل العلماء الذين ناقشوا قضايا التبرع بالبويضات، والأم البديلة، والرحم الصناعي، قبل أن تصبح واقعًا علميًا.

أما الدكتور أبو اليزيد سلامة، فشدد على أهمية الرجوع إلى أهل الاختصاص عند إصدار الأحكام الشرعية المتعلقة بالمسائل الطبية، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، موضحًا أن التعاون بين الفقهاء والأطباء ضروري لإيجاد حلول شرعية دقيقة للقضايا الطبية المستجدة.

الأزهر ودوره في نشر الفكر الوسطي المستنير

يشارك الأزهر الشريف للعام التاسع على التوالي في معرض القاهرة الدولي للكتاب بجناح خاص في قاعة التراث رقم (4)، على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان مثل قاعة الندوات، ركن الفتوى، ركن الخط العربي، ركن المخطوطات، وركن الأطفال. ويأتي ذلك في إطار دور الأزهر التعليمي والدعوي في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير، الذي تبنّاه على مدار أكثر من ألف عام.

وتستمر فعاليات جناح الأزهر في الأيام المقبلة، مقدمةً العديد من الأنشطة التثقيفية والتوعوية التي تخدم مختلف فئات المجتمع، وتؤكد على أهمية العلم، والعمل، وبناء مجتمع إيجابي متماسك.

مقالات مشابهة

  • فعاليات جناح الأزهر بمعرض الكتاب في يومه السابع.. أنشطة تعليمية وندوات علمية
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يحذِّر من جريمة سرقة حقوق التأليف
  • سابع أيام جناح الأزهر بمعرض الكتاب.. ورش عمل وفعاليات متنوعة
  • لوحات فلسطين في جناح الأزهر بمعرض الكتاب
  • بالعربية والإنجليزية.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره "معجم مصطلحات الحج والعمرة"
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم "معجم مصطلحات الحج والعمرة".. بالعربية والإنجليزية
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم معجم مصطلحات الحج والعمرة
  • باللغتين العربية والإنجليزية.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره "معجم مصطلحات الحج والعمرة"
  • إقبال كثيف على جناح الأزهر بمعرض الكتاب في يومه الخامس
  • إنشاد الغربية يتلألأ فى جناح الأزهر بمعرض الكتاب