لجريدة عمان:
2025-02-16@15:25:32 GMT

ما الذي نعرفه حقًا عن الاقتصاد العالمي

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

ما الذي سيحدث لاقتصاد العالم؟ لن نعرف أبدا الإجابة على هذا السؤال. على مرِّ العقود كان يحدث شيء كبير وغير متوقع إلى حد بعيد. من هذه الأحداث الجسام التضخم العظيم وصدمات النفط في سبعينات القرن الماضي وانكماش التضخم في أوائل الثمانينيات وسقوط الاتحاد السوفييتي وصعود الصين في التسعينيات والأزمات المالية في بلدان اقتصادات الدخل المرتفع في العشرية الأولى من هذا القرن والجائحة وتضخم ما بعد الجائحة والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط في هذا العقد.

نحن نعيش في عالم به مخاطر محتملة وتترتب عنها عواقب. بعضها يمكن أن يكون مدمرا ومنها الحرب بين القوى النووية العظمى. لكن الصعوبة هي أن الأحداث التي يقل احتمال وقوعها والقوية الأثر يستحيل التنبؤ بها تقريبا.

مع ذلك نحن نعرف بعض الملامح الكبيرة لاقتصادنا العالمي والتي لا يثور حولها الشك حقا ويجب أن تظل في بالنا. سنذكر منها خمس في هذا المقال.

أولها، التركيبة السكانية. الناس الذين سيشبّون عن الطوق ويصبحون كبارا بعد عقدين من الآن ولدوا جميعهم. والذين سيصلون إلى سن الستين فما فوق بعد أربعة عقود من الآن صاروا كبارا بالفعل. ومن الممكن أن يرتفع معدل الوفيات ربما بسبب جائحة رهيبة أو حرب عالمية. لكن إذا استبعدنا كارثة من هذه الشاكلة ستتوافر لدينا فكرة جيدة حول من الذي سيكون على قيد الحياة بعد عقود من الآن.

هنالك عدة خصائص واضحة جدا لتركيبتنا السكانية. إحداها أن معدلات الخصوبة (عدد الأطفال المولودين لكل امرأة) ظلت تتراجع في كل مكان. وفي بلدان عديدة خصوصا الصين تقل معدلات الخصوبة كثيرا عن مستويات الإحلال (بمعنى أن عدد المواليد الجدد أقل إلى حد بعيد من عدد الوفيات- المترجم.) في الأثناء توجد أعلى معدلات الخصوبة في إفريقيا جنوب الصحراء. نتيجة لذلك قد يقفز نصيبها من سكان العالم إلى 10% بحلول عام 2060.

هذه التغيرات السكانية ترتبت عن الازدياد في طول العمر والتحول في الأدوار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للنساء والانتقال إلى المدن وارتفاع تكاليف رعاية الأطفال والتحسينات في منع الحمل والتغيرات في الكيفية التي يحكم بها الناس على الأشياء التي لها قيمة في حياتهم. فقط الصدمات الكبيرة يمكن أن تغير أيَّا من هذا.

الملمح الثاني هو التغير المناخي. ربما سيتم عكس الاتجاهات المناخية الحالية في الوقت المناسب. لكن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالكاد استقرت فيما يتزايد احترار العالم مع استمرار الارتفاع في كميات الغازات بطبقات الجو العليا. ويمكن الرهان بأن الوضع سيستمر على هذا النحو لفترة طويلة.

إذا كان ذلك كذلك من المؤكد أن درجات الحرارة سترتفع بأكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي والتي قيل لنا إنها الحد الأعلى للسلامة المعقولة. وسيتوجب علينا بذل المزيد من الجهد للتقليل من الانبعاثات. لكن علينا أيضا الاستثمار بكثافة في التكيف مع الأوضاع المناخية.

ملمح ثالث وهو التقدم التقني. أحد الأمثلة على ذلك المكتسبات في مجال الطاقة المتجددة وخصوصا تراجع تكلفة الطاقة الشمسية. الإنجازات في علوم الحياة مثال آخر. لكن في عصرنا تشكل الثورة في تقنيات المعلومات والاتصالات مركز هذا التقدم.

روبرت جوردون الأستاذ بجامعة نورث ويسترن يقدم في كتابه «صعود وهبوط النمو الأمريكي» حججا مقنعة بتباطؤ التحول التقني تقريبا منذ الثورة الصناعية الثانية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. فتقنية النقل لم تشهد تغيرا يذكر خلال نصف قرن.

مع ذلك كان التحول في معالجة البيانات والاتصالات مذهلا. ففي عام 1965 حاجج جوردون مور الذي شارك في تأسيس شركة أنتل بقوله: «مع هبوط تكلفة الوحدة نتيجة لازدياد عدد المكوِّنات لكل دائرة متكاملة قد تُملِي الاعتبارات الاقتصادية وضع ما يصل إلى 65 ألف مكوِّن في شريحة سيليكون واحدة بحلول عام 1975.» لقد كان ذلك صحيحا.

لكن المذهل أن «قانون مور» هذا يظل صحيحا بعد ما يقرب من نصف قرن لاحقا. ففي عام 2021 كان عدد مثل هذه المكونات 58.2 بليون.

هذا يسمح بظهور عجائب في معالجة البيانات. إلى ذلك استخدم 60% من سكان العالم الإنترنت في عام 2020. ويجب أن يترتب على ذلك المزيد من التحول في طريقة حياتنا وعملنا. أحدث مثال لذلك تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي.

الملمح الرابع انتشار المعرفة الفنية (الخبرات) حول العالم. مناطق العالم النامية التي أثبتت أنها الأكثر حذقا في استيعاب واستخدام وتطوير مثل هذه المعرفة موجودة في شرق وجنوب شرق وجنوب آسيا والتي يقطن بها حوالي نصف سكان العالم تقريبا. ولا تزال آسيا أيضا أسرع مناطق العالم نموا. ونظرا إلى قدرتها وفرصتها في اللحاق (بالغرب) يمكن الرهان بأن هذا النمو سيتواصل.

سيستمر انتقال مركز جاذبية اقتصاد العالم باتجاه تلك المناطق. وذلك حتما سيوجد تحولات سياسية. لقد حدث ذلك بالفعل. فالصعود الاقتصادي السريع للصين أكبر حقيقة جيوسياسية في حقبتنا. وفي الأجل الطويل غالبا ما ستكون لصعود الهند عواقب عالمية كبيرة أيضا.

الملمح الخامس هو النمو نفسه. حسب عمل بحثي مُحدَّث للراحل انجوس ماديسون وأيضا لصندوق النقد الدولي ظل اقتصاد العالم ينمو سنويا منذ عام 1950 باستثناء 2009 و2020. فالنمو ملمح أصيل في اقتصادنا.

يذكر آخر تقرير أصدره البنك الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي أن ما يتبدَّى أمامنا في عام 2024 «مَعلَم بائس (في طريق النمو). إنه أضعف نمو عالمي في أي نصف عقد منذ التسعينات. فالناس في بلد واحد بين كل أربعة بلدان نامية أكثر فقرا مقارنة بما قبل الجائحة.

مع ذلك حتى في هذه الفترة المتأثرة بالصدمات شهد اقتصاد العالم نموا وإن لم يكن متكافئا عبر البلدان والناس وغير متساوٍ مع مرور الوقت. ونحن في الواقع لا ندخل في عهد ركود اقتصادي عالمي.

من اليسير أن تجتاحنا الصدمات قصيرة الأجل. لكن يجب ألا تشغلنا الأمور العاجلة عمَّا هو مهم. ففي الخلفية ستعيد القوى الكبيرة التي وصفناها للتوِّ تشكيل عالمنا. وفيما نعكف على تحسين قدرتنا على التعامل مع الصدمات يجب أن ننتبه لها جيدا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

هذا ما نعرفه عن البروتوكولات الإنسانية في الحروب والنزاعات المسلحة

تعد الحروب والنزاعات المسلحة، من أكثر الأفعال المدمرة للبشرية، وخلالها تقع الكثير من الانتهاكات والجرائم، ما يؤدي إلى مفاقمة المعاناة الإنسانية، ولذلك وضعت العديد من القوانين والاتفاقيات التي عرفت بـ"البروتوكولات الإنسانية".

وتهدف البروتوكولات الإنسانية، إلى توفير الحماية للمدنيين والمقاتلين الذين خرجوا من ساحة المعركة ولم يعودوا قادرين على القتال، وباتت جزءا من القانون الدولي الإنساني.

ما هو البروتوكول الإنساني؟

البروتوكول الإنساني، هو مجموعة من الاتفاقيات الدولية والمعاهدات الناظمة لقواعد الحروب والنزاعات المسلحة، بهدف توفير الحماية للأفراد غير المشاركين فيها من المدنيين والفرق الطبية والخدمية الإنسانية وأسرى الحرب والصحفيين.

وتعد اتفاقية جنيف وملحقاتها، من أهم البروتوكولات الدولية، التي تحتوي على قوانين وقواعد تفرض خلال الحروب من أجل تجنيب غير المقاتلين تبعاتها الكارثية.

ماذا نعرف عن اتفاقية جنيف؟

اتفاقية جنيف، كما شاعت، هي مجموعة من 4 بروتوكولات، صيغت للمرة الأولى، عام 1864، من أجل حماية حقوق الإنسان في حالة الحرب، وطريقة معالجة الجرحى والمرضى وأسرى الحرب، وحماية المدنيين الواقعين في ساحة المعركة، أو المناطق المحتلة.

بدأت فعليا في 1863 وأطلق عليها اسم اللجنة الدولية لإغاثة الجنود الجرحى، ولاحقا في عام 1876، صار اسمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، واعتبرت منظمة دولية محايدة لمعالجة شؤون الجرحى والمرضى وأسرى الحرب.



وتضم الاتفاقية 4 بروتوكولات، الأول يتعلق بحماية الجرحى والمرضى من القوات المسلحة للأطراف المتحاربة في الميدان.

الثاني يتعلق بحماية الجرحى والمرضى والغرقي من القوات البحرية المتحاربة.

والثالث يتعلق بأسرى الحرب، ومن ينطبق عليهم هذا التصنيف وطريقة معاملتهم بصورة إنسانية لا تنتهك كرامتهم أو تودي بحياتهم.

أما البروتوكول الرابع، فيتعلق بحماية المدنيين في وقت الحرب، وتوفير المأوى والإغاثة لهم والحماية من القتال وإجلائهم وعدم التعرض لهم.

وأجريت تعديلات على اتفاقية جنيف، ودمجت البروتوكولات الأربعة السابقة في بروتوكول موحد، وألحقت بها بروتوكولات إضافية بدأ من العام 1977.

بروتوكولات إضافية:

في عام 1977، أضيفت بروتوكولان للاتفاقية، الأول يعزز الحماية في الحروب والنزاعات المسلحة الدولية، للصحفين والعاملين في مجال الإعلام، والثاني يتعلق بطريقة التعامل الإنساني في النزاعات المسلحة غير الدولية، مثل الحروب الأهلية.

أما البروتوكول الثالث، فجرت إضافته في عام 2005، ويتعلق بتحديد علمي الصليب الأحمر والهلال الأحمر، كرمزين مخصصين لتوفير الحماية في مواطن النزاع، وتجنب المساس بهما.

ماذا نعرف عن البروتوكول الإنساني الخاص بقطاع غزة في اتفاقية وقف إطلاق النار؟

ما أعلن عنه من بروتوكول إنساني لقطاع غزة، فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 كانون ثاني/يناير الماضي، كان إدخال 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية من طعام وشراب بصورة يومية إلى القطاع.

إدخال 50 شاحنة من الوقود لتشغيل محطة توليد الكهرباء والمرافقة الحيوية من مستشفيات ومراكز إيواء ومواقع خدمية، وإدخال المستلزمات الطبية الأسياسية للمستشفيات والأدوية.

تأمين مآوي النازحين الفلسطينيين الذين فقدوا بيوتهم، عبر إدخال 60 ألف وحدة سكنية متنقلة "كرفانات" و200 ألف خيمة لإيواء الأسر



إضافة إلى إدخال معدات لإزالة الأنقاض تشمل الجرافات والحفارات وآليات تعبيد الطرق وفتحها، وإعادة تأهيل المرافق الصحية والمخابز وشبكات المياه والصرف الصحي.

كما اشتمل البروتوكول على توفير مولدات كهربائية وقطع غيار للآليات الخدمة مثل الدفاع المدني والإسعاف، ومعدات للطاقة مثل الألواح الشمسية للمستشفيات.

وعلى صعيد المرضى والحالات الإنسانية، يشتمل البروتوكول، على فتح معبر رفح لخروج عدد محدد من المرضى والحالات الإنسانية مع 3 مرافقين بحد أقصى يوميا.

على الرغم من وضوح بنود البروتوكول الإنساني، إلا أن الاحتلال، يرتكب منذ اليوم الأول، خروقات متكررة فيه، ويقلص عدد الشاحنات الخاصة بالوقود، لحرمان القطاعات المختلفة من توليد الطاقة أو تشغيل الآليات المتبقية في القطاع.

كما أن الاحتلال يرفض حتى الآن، إدخال البيوت المتنقلة ويحرم الفلسطينيين منها ليزيد من معاناتهم، وأدخل عددا قليلا من الخيام لا يسد حاجة المشردين بسبب تدميره منازلهم.

ويرفض الاحتلال حتى الآن، إدخال المعدات الثقيلة من جرافات وغيرها، فضلا عن معدات الدفاع المدني وإزالة الأنقاض ومعدات لانتشال جثامين الشهداء من أسفل الأنقاض والكثير من المستلزمات الخدمية لإغاثة سكان القطاع، ويلجأ بدلا من ذلك لإدخال المواد غير الملحة ثم أنواع معينة من الطعام والشراب والحلويات.

مقالات مشابهة

  • هذا ما نعرفه عن البروتوكولات الإنسانية في الحروب والنزاعات المسلحة
  • وفقا للحسابات الرياضية.. عالم أفغاني يتبنأ بموعد تدمير الاقتصاد العالمي والحرب العالمية الثالثة
  • اتساع نطاق الرفض العالمي لمخطط ترامب تهجير الفلسطينيين والسيطرة على قطاع غزة
  • المجر: سنعيد دمج روسيا في الاقتصاد العالمي فور انتهاء الحرب
  • كيف تؤثر عودة ترامب للبيت الأبيض على انتشار الإيدز في أفريقيا؟.. نخبرك ما نعرفه
  • كيف تؤثر عدة ترامب للبيت الأبيض على انتشار الإيدز في أفريقيا؟.. نخبرك ما نعرفه
  • خبراء: السياحة والترفيه يعززان القوة الناعمة للدول
  • مع اليوم العالمي للراديو.. نقيب الإعلاميين يثمّن دور الإذاعة في تحسين وعي الشعب المصري
  • أردوغان: خطة ترامب للاستيلاء على غزة تهديد للسلام العالمي
  • "رحيل".. معرض للفنان العالمي مدحت شفيق بجاليري إرم بالمملكة السعودية