ما الذي نعرفه حقًا عن الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
ما الذي سيحدث لاقتصاد العالم؟ لن نعرف أبدا الإجابة على هذا السؤال. على مرِّ العقود كان يحدث شيء كبير وغير متوقع إلى حد بعيد. من هذه الأحداث الجسام التضخم العظيم وصدمات النفط في سبعينات القرن الماضي وانكماش التضخم في أوائل الثمانينيات وسقوط الاتحاد السوفييتي وصعود الصين في التسعينيات والأزمات المالية في بلدان اقتصادات الدخل المرتفع في العشرية الأولى من هذا القرن والجائحة وتضخم ما بعد الجائحة والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط في هذا العقد.
نحن نعيش في عالم به مخاطر محتملة وتترتب عنها عواقب. بعضها يمكن أن يكون مدمرا ومنها الحرب بين القوى النووية العظمى. لكن الصعوبة هي أن الأحداث التي يقل احتمال وقوعها والقوية الأثر يستحيل التنبؤ بها تقريبا.
مع ذلك نحن نعرف بعض الملامح الكبيرة لاقتصادنا العالمي والتي لا يثور حولها الشك حقا ويجب أن تظل في بالنا. سنذكر منها خمس في هذا المقال.
أولها، التركيبة السكانية. الناس الذين سيشبّون عن الطوق ويصبحون كبارا بعد عقدين من الآن ولدوا جميعهم. والذين سيصلون إلى سن الستين فما فوق بعد أربعة عقود من الآن صاروا كبارا بالفعل. ومن الممكن أن يرتفع معدل الوفيات ربما بسبب جائحة رهيبة أو حرب عالمية. لكن إذا استبعدنا كارثة من هذه الشاكلة ستتوافر لدينا فكرة جيدة حول من الذي سيكون على قيد الحياة بعد عقود من الآن.
هنالك عدة خصائص واضحة جدا لتركيبتنا السكانية. إحداها أن معدلات الخصوبة (عدد الأطفال المولودين لكل امرأة) ظلت تتراجع في كل مكان. وفي بلدان عديدة خصوصا الصين تقل معدلات الخصوبة كثيرا عن مستويات الإحلال (بمعنى أن عدد المواليد الجدد أقل إلى حد بعيد من عدد الوفيات- المترجم.) في الأثناء توجد أعلى معدلات الخصوبة في إفريقيا جنوب الصحراء. نتيجة لذلك قد يقفز نصيبها من سكان العالم إلى 10% بحلول عام 2060.
هذه التغيرات السكانية ترتبت عن الازدياد في طول العمر والتحول في الأدوار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للنساء والانتقال إلى المدن وارتفاع تكاليف رعاية الأطفال والتحسينات في منع الحمل والتغيرات في الكيفية التي يحكم بها الناس على الأشياء التي لها قيمة في حياتهم. فقط الصدمات الكبيرة يمكن أن تغير أيَّا من هذا.
الملمح الثاني هو التغير المناخي. ربما سيتم عكس الاتجاهات المناخية الحالية في الوقت المناسب. لكن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالكاد استقرت فيما يتزايد احترار العالم مع استمرار الارتفاع في كميات الغازات بطبقات الجو العليا. ويمكن الرهان بأن الوضع سيستمر على هذا النحو لفترة طويلة.
إذا كان ذلك كذلك من المؤكد أن درجات الحرارة سترتفع بأكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي والتي قيل لنا إنها الحد الأعلى للسلامة المعقولة. وسيتوجب علينا بذل المزيد من الجهد للتقليل من الانبعاثات. لكن علينا أيضا الاستثمار بكثافة في التكيف مع الأوضاع المناخية.
ملمح ثالث وهو التقدم التقني. أحد الأمثلة على ذلك المكتسبات في مجال الطاقة المتجددة وخصوصا تراجع تكلفة الطاقة الشمسية. الإنجازات في علوم الحياة مثال آخر. لكن في عصرنا تشكل الثورة في تقنيات المعلومات والاتصالات مركز هذا التقدم.
روبرت جوردون الأستاذ بجامعة نورث ويسترن يقدم في كتابه «صعود وهبوط النمو الأمريكي» حججا مقنعة بتباطؤ التحول التقني تقريبا منذ الثورة الصناعية الثانية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. فتقنية النقل لم تشهد تغيرا يذكر خلال نصف قرن.
مع ذلك كان التحول في معالجة البيانات والاتصالات مذهلا. ففي عام 1965 حاجج جوردون مور الذي شارك في تأسيس شركة أنتل بقوله: «مع هبوط تكلفة الوحدة نتيجة لازدياد عدد المكوِّنات لكل دائرة متكاملة قد تُملِي الاعتبارات الاقتصادية وضع ما يصل إلى 65 ألف مكوِّن في شريحة سيليكون واحدة بحلول عام 1975.» لقد كان ذلك صحيحا.
لكن المذهل أن «قانون مور» هذا يظل صحيحا بعد ما يقرب من نصف قرن لاحقا. ففي عام 2021 كان عدد مثل هذه المكونات 58.2 بليون.
هذا يسمح بظهور عجائب في معالجة البيانات. إلى ذلك استخدم 60% من سكان العالم الإنترنت في عام 2020. ويجب أن يترتب على ذلك المزيد من التحول في طريقة حياتنا وعملنا. أحدث مثال لذلك تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي.
الملمح الرابع انتشار المعرفة الفنية (الخبرات) حول العالم. مناطق العالم النامية التي أثبتت أنها الأكثر حذقا في استيعاب واستخدام وتطوير مثل هذه المعرفة موجودة في شرق وجنوب شرق وجنوب آسيا والتي يقطن بها حوالي نصف سكان العالم تقريبا. ولا تزال آسيا أيضا أسرع مناطق العالم نموا. ونظرا إلى قدرتها وفرصتها في اللحاق (بالغرب) يمكن الرهان بأن هذا النمو سيتواصل.
سيستمر انتقال مركز جاذبية اقتصاد العالم باتجاه تلك المناطق. وذلك حتما سيوجد تحولات سياسية. لقد حدث ذلك بالفعل. فالصعود الاقتصادي السريع للصين أكبر حقيقة جيوسياسية في حقبتنا. وفي الأجل الطويل غالبا ما ستكون لصعود الهند عواقب عالمية كبيرة أيضا.
الملمح الخامس هو النمو نفسه. حسب عمل بحثي مُحدَّث للراحل انجوس ماديسون وأيضا لصندوق النقد الدولي ظل اقتصاد العالم ينمو سنويا منذ عام 1950 باستثناء 2009 و2020. فالنمو ملمح أصيل في اقتصادنا.
يذكر آخر تقرير أصدره البنك الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي أن ما يتبدَّى أمامنا في عام 2024 «مَعلَم بائس (في طريق النمو). إنه أضعف نمو عالمي في أي نصف عقد منذ التسعينات. فالناس في بلد واحد بين كل أربعة بلدان نامية أكثر فقرا مقارنة بما قبل الجائحة.
مع ذلك حتى في هذه الفترة المتأثرة بالصدمات شهد اقتصاد العالم نموا وإن لم يكن متكافئا عبر البلدان والناس وغير متساوٍ مع مرور الوقت. ونحن في الواقع لا ندخل في عهد ركود اقتصادي عالمي.
من اليسير أن تجتاحنا الصدمات قصيرة الأجل. لكن يجب ألا تشغلنا الأمور العاجلة عمَّا هو مهم. ففي الخلفية ستعيد القوى الكبيرة التي وصفناها للتوِّ تشكيل عالمنا. وفيما نعكف على تحسين قدرتنا على التعامل مع الصدمات يجب أن ننتبه لها جيدا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی عام
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد تطلق نداء عاجلاً لإدخال احتياجات غزة ووقف استخدام "سلاح الجوع"
أطلقت وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية، اليوم السبت 15 مارس 2025، نداء عاجلا للأمم المتحدة ولدول العالم وشعوبها، للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالوقف الفوري عن استخدامها الجوع والحرمان كأحد أدوات الحرب ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة .
جاء النداء، لمناسبة اليوم العالمي لحقوق المستهلك الذي يصادف اليوم 15 آذار/ مارس، الذي أقرّته الأمم المتحدة منذ عام 1983، ويأتي هذا العام تحت شعار "أنماط حياة مستدامة".
وقالت الوزارة: "نذكر العالم أجمع بأن إسرائيل ترفض إدخال الاحتياجات الأساسية الصحية والإنسانية وخاصة الماء والكهرباء والغذاء إلى أبناء شعبنا في قطاع غزة، في ظل انهيار لكافة مقومات الحياة الأساسية، وحصار على مختلف المدن في الضفة الغربية وخاصة في شمالها، وتقيم نحو 900 حاجز عسكري تقيد حركة تنقل الأفراد والبضائع علاوة على نزوح نحو 41 ألف مواطن".
وأضافت "يمر هذا اليوم على أبناء شعبنا في ظروف استثنائية يحتم على منظومة المجتمع الدولي بمختلف هيئاتها، الانتصار للقوانين الدولية، التي كفلت حق المواطن في الحصول على احتياجاته وحقوقه الأساسية وخاصة وقت الحروب، إلا أن إسرائيل لم تعد تقيم وزنا لهذه القوانين، وتضع لنفسها معايير لا قانونية ولا أخلاقية".
وتابعت: "رغم الحصار والتحكم الإسرائيلي، إلا أن الجهود مستمرة في تقوية منظومة حماية المستهلك، والحفاظ على حقوق المستهلك في الحصول على سلعة آمنة ونظيفة وبأسعار عادلة، وهناك إجراءات تنفذ على صعيد مراجعة البيئة القانونية لحماية المستهلك، وإجراءات رقابية لضبط وتنظيم السوق".
وأشارت إلى أنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على أهلنا في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عززت من استجابتها السريعة لتوفير احتياجات المواطنين من المخزون السلعي والذي كفي لمدة ستة أشهر، ومخزون الدقيق ثلاثة أشهر، علاوة على استمرار سلسلة التوريد من مختلف بلدان العالم.
ولفتت إلى إطلاق منصة "بهمنا" المخصصة لاستقبال شكاوى الجمهور والبلاغات والاستفسارات التي تخص عملها، والاستجابة السريعة لمعالجة احتياجات المواطنين، ومن أجل الحفاظ على الحقوق، والمساهمة الفاعلة في تطوير خدمات الوزارة.
وشددت الوزارة في بيانها، على المضي قدما في تنفيذ تعليمات رئيس الوزراء باتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة حالات الاستغلال والتلاعب بالأسعار في قطاع غزة.
وبينت الوزارة في بيانها إلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها طواقمها حاليا لضبط وتنظيم السوق خلال شهر رمضان المبارك، عبر مكافحة السلع المزورة والتالفة، والالتزام بالسقف السعري المحدد للسلع، حيث تمت إحالة 16 مخالفا للنيابة العامة خلال الشهر الجاري، وضبط نحو 20 طنا من السلع التالفة.
يشار إلى أن طواقم حماية المستهلك نفذت خلال العام الماضي نحو 4 آلاف جولة ميدانية تم خلالها زيارة ما يقارب 30 ألف محل تجاري، جرى خلالها مخالفة 595 محلا، وأحالت إلى النيابة العامة 26 مخالفا.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين بلدية رفح تعلن توقف تزويد جميع آبار المياه في المدينة بالوقود توقيع مذكرة تعاون بين فلسطين وإسبانيا لتعزيز التعاون الثقافي الاحتلال يقتحم قرية الجانية غرب رام الله الأكثر قراءة غزة: 7 إصابات إثر قصف إسرائيلي لجرافة تابعة للجنة المصرية القطرية صحة غزة: وصل مستشفيات القطاع 7 شهداء خلال 48 ساعة الماضية معروف: إسرائيل قتلت 24 صحفية خلال حرب الإبادة على غزة مصطفى يدعو لتبني خطة إعمار غزة "الفلسطينية المصرية" عربيا وإسلاميا عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025