الحرب في غزة.. هل ثمة دروس عربية؟
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
تتواصل حرب الإبادة في غزة مخلّفة أكثر من 25 ألف شهيد ومصاب وسط تواطؤ أمريكي/ غربي «غير مستغرب بل ومتوقع» في سبيل إبقاء هذا الكيان وحمايته وتسليحه بأحدث الأسلحة الفتاكة ودعمه سياسيا بكل السبل رغم «الانتفاضة» الأخلاقية العالمية ضد بربرية الجيش الإسرائيلي وحرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين. في الوقت ذاته، تزايدت حدة الرفض العالمي على المستوى الإنساني ونجحت دولة مثل جنوب إفريقيا في تصعيد الجبهة القانونية وصولا لمحاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي في سابقة تاريخية تعكس حجم الاشمئزاز الشعبي الدولي ضد الكيان الصهيوني.
على الصعيد ذاته، فجّرت حرب الإبادة أسئلة لافتة على مستوى الداخل الإسرائيلي، حيث تعالت بعض الأصوات الرافضة لبقاء نتانياهو وترى أنه يقود البلاد إلى الهاوية بمن في ذلك بعض القادة العسكريين الكبار مثل غادي أيزنكوت (Gadi Eisenkot) وفق ما نشره موقع أسوشيتد برس بتاريخ 20 يناير 2024، لافتا إلى أن الاعتقاد بتحرير الرهائن خارج إطار وقف إطلاق النار إنما هو محض أوهام، منتقدا سياسة نتانياهو في قيادة الحرب، فيما وصفه أرون ديفيد ميلر وهو أحد المفاوضين المخضرمين في شؤون الشرق الأوسط وفق ما نشره موقع بوليتيكو بتاريخ 8 يناير 2024 أنه «مثال سيئ لقائد خلط بين بقائه السياسي وما يعتبره أنه الأفضل مصلحة لهذه الدولة، إنه توليفة فظيعة وتفضي إلى اتخاذ قرارات مريعة»، مشيرا إلى أنه «ذلك القائد الذي يسعى إلى البقاء في السلطة وتفادي السجن بتهم الفساد وهو ما يجعله تحت رحمة اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم». ورغم كل هذه الأطروحات التي تحفل بها بعض الصحف والمواقع الغربية، فإن الواقع يعكس تفاهما مطلقا مع توجهات قيادات السياسة الغربية للتخلص من حماس وسحقها بأي ثمن، ومهما كلف الأمر من سقوط للضحايا الأبرياء من المدنيين، وللتذكير فإن مصطلح «الأضرار المصاحبة» شائع في الأدبيات العسكرية الأمريكية وهو -وفق تعريف موقع قاموس كيمبريدج- يشير إلى أي وفيات أو إصابات غير مقصودة خلال الحرب ضد أشخاص من غير الجنود والدمار الذي يلحق بالمدارس والمنازل وما إلى ذلك من أهداف مدنية في الصراعات العسكرية، واتخذ مخرجا شيطانيا لتبرير قصف المدنيين والمنشآت المدنية ولتذهب اتفاقيات وبروتوكولات «جنيف» والمعاهدات الخاصة بحماية المدنيين للجحيم طالما أنهم يحققون الغاية النهائية من الحرب، ولا يخلو المصطلح من استخفاف متطرف بحياة الآخرين.
على الصعيد ذاته، فإنهم يثبتون في الصراع تلو الصراع أنه «إما أن تكون معنا أو ضدنا» سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو ليبيا، وأينما وجّهت وجهك في الجغرافيا العربية التي ابتليت بهذا الكيان الغاصب وهو تذكير بسياسة الغابة التي تتخفى بدهاء تحت ستارة الدبلوماسية. يذكر أن «هيلاري كلينتون» كتبت مقالا في موقع «ذا أتلانتيك» بتاريخ 14 نوفمبر 23 شددت فيه أن وقف إطلاق النار في غزة سيكون خطأ، مشيرة إلى أن «حماس لن تتوقف عن مهاجمة إسرائيل وستستغل أي وقف لإطلاق النار لإعادة تجميع صفوفها وتعزيز تسلحها قبل شن هجوم جديد» وكعادة الذهنية الغربية الرسمية المتصهينة، فهي لا يرف لها جفن حول عدد الضحايا الذين يتزايد سقوطهم على مدار الساعة وفداحة التدمير والتهجير ومحو البنية التحتية في غزة وهو تصريح ليس ببعيد عن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «مادلين أولبرايت» حينما سئلت خلال برنامج «ستون دقيقة» في محطة «سي بي أس» عام 1996 عن موقفها من موت نصف مليون طفل عراقي بسبب الحصار الجائر ضد العراق آنذاك وذكرت حرفيا أن الأمر كان يستحق ذلك وقتها!
وبالعودة إلى هذا الصراع ودروسه عربيا، فإنه يبدو أننا لن نستطيع الفرار من حزن الشاعر طرفة ابن العبد حينما أنشد (وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّد) ولعل الرسالة التي تصل إلى ذوي الألباب أن النظام العربي إن كان هناك فعلا مثل هذا الوهم الآن، قد اضمحل، ومن المفارقات المروعة أن نستمع لتصريحات مسؤولين عرب يقترحون مناطق بديلة للتهجير القسري للغزاويين في صحراء النقب! بدلا من سيناء وهناك حالة عربية -ليست جديدة بطبيعة الحال- وهي حدة الانقسام بين تطلعات الجماهير العربية للحظة مجد وشرف (وجدتها في استبسال كتائب القسام في وجه آلة القتل الإسرائيلية) وبين بعض الأنظمة العربية التي تتهجى مصالحها في دهاليز تل أبيب سرا وجهرا وبرا وجوا! وهناك حالة عميقة من القنوط الشعبي من هذه الأنظمة تفشت في مختلف وسائل التعبير ومنصاته ومنابره.
أظهرت الحرب أيضا أن «المقاطعة» غدت سلاحا مؤثرا واللافت أن ثقافة المقاطعة تسربت أيضا إلى جيل جديد من الناشئة في العالم العربي وتكون لديهم ما يشبه الوعي بـ«لا أخلاقية» شراء منتجات دول تشارك بصورة أو بأخرى في تمويل قتل الفلسطينيين، وهو ما لوحظ في «نواح» الشركات الغربية المتأثرة بالمقاطعة في أكثر من دولة في خضم اصطفاف أخلاقي وقيمي عالمي مع القضية الفلسطينية.
عكسَ صمود الغزاويين الملحمي كذلك، حجم المأزق الإسرائيلي الداخلي والوجودي من مسألة السلام مستقبلا مع الطرف الفلسطيني ورغم أن كل الشواهد والمعطيات السياسية والعسكرية والأمنية توضح بكل جلاء أنه لا مخرج سوى التفاوض والقبول بحق تقرير المصير الفلسطيني وتأسيس دولتهم المستقلة، إلا أن إسرائيل نتانياهو، يبدو أنها في مفترق طرق، ويذكر لربما بالنزع الأخير لنظام الفصل العنصري (الأبارثايد) في جنوب إفريقيا وهي للمفارقة الدولة ذاتها التي تقاضيهم في «لاهاي».
ولعل الدرس الأهم في خضم هذا الاستهداف الممنهج لضرب استقرار دول المنطقة وتفتيتها، يستوجب وبكل شفافية أن لا يسمح لكائن من كان بمحاولة العبث بالسلم الأهلي والمجتمعي واستقرار الأوطان واحتواء كل متربص وحاقد، وهو أمر لن يتأتى إلا بمزيد من التمكين والتعزيز والمنعة لدولة العدل والقانون والكرامة في الوقت الذي تقدم فيه القيادة العمانية درسا في احترام المبادئ والأخلاق العربية والإسلامية والاصطفاف مع قيم الحق والخير والسلام والإنسانية سواء مع ما يجري في غزة أو رفض استخدام أجوائها لضرب جارة شقيقة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
شاهد بالفيديو.. اللاعب علاء الدين طيارة ينبه جنود الدعم السريع لمواعيد تحرك الجيش والأوقات التي يكثف فيها هجماته في رمضان وساخرون: (انت بعد الحرب تنتهي مفروض يربطوك في سوخوي وتموت خلعة بس)
عاد لاعب الهلال, والمريخ, السابق علاء الدين بابكر, للظهور على مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو جديد أثار به سخرية المتابعين.
وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فإن اللاعب الدولي السابق عرف عنه بدعمه ومساندته لقوات الدعم السريع, التي دخلت في حرب ضد الجيش.
وكشف اللاعب الملقب بطيارة نسبة لخوفه الشديد من ركوب الطائرات, لأفراد وجنود الدعم السريع, عن المواعيد التي يتحرك فيها الجيش لشن هجمات عليهم.
https://www.facebook.com/reel/422976527539901
وقال بحسب ما نقل عنه محرر موقع النيلين: (تحركاتهم تكون وقت إفطار رمضان وفي الوقت الذي تكونوا فيه جاهزين للصلاة والإفطار) وأضاف أن تحركاتهم تأتي بفتوى من الشيخ عبد الحي يوسف.
تصريحات علاء الدين, أثارت سخرية المتابعين الذين طالبوا بإجباره على ركوب الطائرات بسبب خوفه الشديد منها, حيث كتب أحدهم: (انت بعد الحرب تنتهي مفروض يربطوك في سوخوي وتموت خلعة بس).
محمد عثمان _ الخرطوم
النيلين
إنضم لقناة النيلين على واتساب