لجريدة عمان:
2024-10-05@06:05:54 GMT

الحرب في غزة.. هل ثمة دروس عربية؟

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

تتواصل حرب الإبادة في غزة مخلّفة أكثر من 25 ألف شهيد ومصاب وسط تواطؤ أمريكي/ غربي «غير مستغرب بل ومتوقع» في سبيل إبقاء هذا الكيان وحمايته وتسليحه بأحدث الأسلحة الفتاكة ودعمه سياسيا بكل السبل رغم «الانتفاضة» الأخلاقية العالمية ضد بربرية الجيش الإسرائيلي وحرب الإبادة والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين. في الوقت ذاته، تزايدت حدة الرفض العالمي على المستوى الإنساني ونجحت دولة مثل جنوب إفريقيا في تصعيد الجبهة القانونية وصولا لمحاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي في سابقة تاريخية تعكس حجم الاشمئزاز الشعبي الدولي ضد الكيان الصهيوني.

على الصعيد ذاته، فجّرت حرب الإبادة أسئلة لافتة على مستوى الداخل الإسرائيلي، حيث تعالت بعض الأصوات الرافضة لبقاء نتانياهو وترى أنه يقود البلاد إلى الهاوية بمن في ذلك بعض القادة العسكريين الكبار مثل غادي أيزنكوت (Gadi Eisenkot) وفق ما نشره موقع أسوشيتد برس بتاريخ 20 يناير 2024، لافتا إلى أن الاعتقاد بتحرير الرهائن خارج إطار وقف إطلاق النار إنما هو محض أوهام، منتقدا سياسة نتانياهو في قيادة الحرب، فيما وصفه أرون ديفيد ميلر وهو أحد المفاوضين المخضرمين في شؤون الشرق الأوسط وفق ما نشره موقع بوليتيكو بتاريخ 8 يناير 2024 أنه «مثال سيئ لقائد خلط بين بقائه السياسي وما يعتبره أنه الأفضل مصلحة لهذه الدولة، إنه توليفة فظيعة وتفضي إلى اتخاذ قرارات مريعة»، مشيرا إلى أنه «ذلك القائد الذي يسعى إلى البقاء في السلطة وتفادي السجن بتهم الفساد وهو ما يجعله تحت رحمة اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم». ورغم كل هذه الأطروحات التي تحفل بها بعض الصحف والمواقع الغربية، فإن الواقع يعكس تفاهما مطلقا مع توجهات قيادات السياسة الغربية للتخلص من حماس وسحقها بأي ثمن، ومهما كلف الأمر من سقوط للضحايا الأبرياء من المدنيين، وللتذكير فإن مصطلح «الأضرار المصاحبة» شائع في الأدبيات العسكرية الأمريكية وهو -وفق تعريف موقع قاموس كيمبريدج- يشير إلى أي وفيات أو إصابات غير مقصودة خلال الحرب ضد أشخاص من غير الجنود والدمار الذي يلحق بالمدارس والمنازل وما إلى ذلك من أهداف مدنية في الصراعات العسكرية، واتخذ مخرجا شيطانيا لتبرير قصف المدنيين والمنشآت المدنية ولتذهب اتفاقيات وبروتوكولات «جنيف» والمعاهدات الخاصة بحماية المدنيين للجحيم طالما أنهم يحققون الغاية النهائية من الحرب، ولا يخلو المصطلح من استخفاف متطرف بحياة الآخرين.

على الصعيد ذاته، فإنهم يثبتون في الصراع تلو الصراع أنه «إما أن تكون معنا أو ضدنا» سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو ليبيا، وأينما وجّهت وجهك في الجغرافيا العربية التي ابتليت بهذا الكيان الغاصب وهو تذكير بسياسة الغابة التي تتخفى بدهاء تحت ستارة الدبلوماسية. يذكر أن «هيلاري كلينتون» كتبت مقالا في موقع «ذا أتلانتيك» بتاريخ 14 نوفمبر 23 شددت فيه أن وقف إطلاق النار في غزة سيكون خطأ، مشيرة إلى أن «حماس لن تتوقف عن مهاجمة إسرائيل وستستغل أي وقف لإطلاق النار لإعادة تجميع صفوفها وتعزيز تسلحها قبل شن هجوم جديد» وكعادة الذهنية الغربية الرسمية المتصهينة، فهي لا يرف لها جفن حول عدد الضحايا الذين يتزايد سقوطهم على مدار الساعة وفداحة التدمير والتهجير ومحو البنية التحتية في غزة وهو تصريح ليس ببعيد عن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «مادلين أولبرايت» حينما سئلت خلال برنامج «ستون دقيقة» في محطة «سي بي أس» عام 1996 عن موقفها من موت نصف مليون طفل عراقي بسبب الحصار الجائر ضد العراق آنذاك وذكرت حرفيا أن الأمر كان يستحق ذلك وقتها!

وبالعودة إلى هذا الصراع ودروسه عربيا، فإنه يبدو أننا لن نستطيع الفرار من حزن الشاعر طرفة ابن العبد حينما أنشد (وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّد) ولعل الرسالة التي تصل إلى ذوي الألباب أن النظام العربي إن كان هناك فعلا مثل هذا الوهم الآن، قد اضمحل، ومن المفارقات المروعة أن نستمع لتصريحات مسؤولين عرب يقترحون مناطق بديلة للتهجير القسري للغزاويين في صحراء النقب! بدلا من سيناء وهناك حالة عربية -ليست جديدة بطبيعة الحال- وهي حدة الانقسام بين تطلعات الجماهير العربية للحظة مجد وشرف (وجدتها في استبسال كتائب القسام في وجه آلة القتل الإسرائيلية) وبين بعض الأنظمة العربية التي تتهجى مصالحها في دهاليز تل أبيب سرا وجهرا وبرا وجوا! وهناك حالة عميقة من القنوط الشعبي من هذه الأنظمة تفشت في مختلف وسائل التعبير ومنصاته ومنابره.

أظهرت الحرب أيضا أن «المقاطعة» غدت سلاحا مؤثرا واللافت أن ثقافة المقاطعة تسربت أيضا إلى جيل جديد من الناشئة في العالم العربي وتكون لديهم ما يشبه الوعي بـ«لا أخلاقية» شراء منتجات دول تشارك بصورة أو بأخرى في تمويل قتل الفلسطينيين، وهو ما لوحظ في «نواح» الشركات الغربية المتأثرة بالمقاطعة في أكثر من دولة في خضم اصطفاف أخلاقي وقيمي عالمي مع القضية الفلسطينية.

عكسَ صمود الغزاويين الملحمي كذلك، حجم المأزق الإسرائيلي الداخلي والوجودي من مسألة السلام مستقبلا مع الطرف الفلسطيني ورغم أن كل الشواهد والمعطيات السياسية والعسكرية والأمنية توضح بكل جلاء أنه لا مخرج سوى التفاوض والقبول بحق تقرير المصير الفلسطيني وتأسيس دولتهم المستقلة، إلا أن إسرائيل نتانياهو، يبدو أنها في مفترق طرق، ويذكر لربما بالنزع الأخير لنظام الفصل العنصري (الأبارثايد) في جنوب إفريقيا وهي للمفارقة الدولة ذاتها التي تقاضيهم في «لاهاي».

ولعل الدرس الأهم في خضم هذا الاستهداف الممنهج لضرب استقرار دول المنطقة وتفتيتها، يستوجب وبكل شفافية أن لا يسمح لكائن من كان بمحاولة العبث بالسلم الأهلي والمجتمعي واستقرار الأوطان واحتواء كل متربص وحاقد، وهو أمر لن يتأتى إلا بمزيد من التمكين والتعزيز والمنعة لدولة العدل والقانون والكرامة في الوقت الذي تقدم فيه القيادة العمانية درسا في احترام المبادئ والأخلاق العربية والإسلامية والاصطفاف مع قيم الحق والخير والسلام والإنسانية سواء مع ما يجري في غزة أو رفض استخدام أجوائها لضرب جارة شقيقة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

ناشطون يهاجمون مقر جامعة الدول العربية في تونس احتجاجا على موقفها من الحرب على فلسطين ولبنان

هاجم ناشطون تونسيون الأربعاء مكاتب جامعة الدول العربية في جهة البحيرة بالعاصمة تونس، وكتبوا شعارات على جدرانها، معبرين عن امتعاضهم واحتجاجهم على موقفها الصامت تجاه الحرب على فلسطين ولبنان.

اعلان

وقال وائل نوّار، وهو أحد المحتجين، ليورونيوز "إنّه هو وعدد من الناشطين في المجتمع المدني التونسي نظموا حركة احتجاجية ضدّ جامعة الدول العربية استهدفت مكاتبها في تونس العاصمة وذلك رفضا لصمتها تجاه العدوان على فلسطين ولبنان"

وأضاف "أنّ الدول العربية تغلق الحدود وتحاصر فلسطين ولبنان ثم تمارس سياسة النعامة" "وقال أيضا "لقد كتبنا على الجدران تحيا فلسطين، ونعرب عن قلقنا ."

جامعة الدول العربية بتونس تعرب عن قلقها

Posted by Wael Naouar on Wednesday, October 2, 2024

وقد توجّه عدد من الناشطين يوم الأربعاء إلى جهة البحيرة التي هي من الأحياء الراقية في العاصمة تونس، حيث تقع مكاتب جامعة الدول العربية، ورفعوا شعارات لنصرة فلسطين ولبنان، ثمّ كتبوا على جدران الواجهة الأمامية لمكاتب الجامعة "نعرب عن قلقنا"، في إشارة إلى مواقف الدول العربية، وهو "نوع من السخرية والتهكم" كما يقول وائل نوار.

كما كتبوا "فلسطين حرّة"، وألقوا القمامة أمام مقر الجامعة العربية في تونس، فيما تدخّل أعوان الحماية محاولين صدّهم.

Relatedشاهد: جلسة لجامعة الدول العربية لبحث التطورات في السودانفيديو: سوريا تحضر أول اجتماع لها بجامعة الدول العربية منذ 2011جامعة الدول العربية تجتمع في القاهرة لحسم عودة سوريا وبحث الإستقرار في السودان

مع الإشارة إلى أنّ هؤلاء الناشطين يقول وائل نوّار نظموا" قرابة 300 تحرك احتجاجي مثل اقتحام مراكز ثقافية وعروض يحضرها سفراء وسياسيون، "حيث نقاطعهم ونرفع علم فلسطين تعبيرا منا عن رفض الحرب على أهلنا في غزّة ولبنان".

وقد بدا الناشط وائل نوار في مقطع فيديو وهو يكتب بلون أحمر على جدران مركز تونس لجامعة الدول العربية مخاطبا أعوان الحماية بأنّ الجامعة "أصبحت أضحوكة".

المصادر الإضافية • أب

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الموت يلاحق الغزيين.. الضفة تشييع فلسطينيا من غزة قتل في الغارة الإيرانية على إسرائيل مأساة في لبنان.. شحّ في معدات الدفاع المدني وعمليات الإنقاذ ما زالت مستمرة تحت النيران التونسيون يرفضون مناخ الاستبداد الذي يفرضه الرئيس سعيّد قبل الانتخابات الرئاسية جامعة الدول العربية تونس لبنان فلسطين اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next الأمم المتحدة تحذر: كارثة إنسانية في الشرق الأوسط قد تشعل موجة لجوء جديدة نحو أوروبا يعرض الآن Next "أوكرانيا قريبة جدا من الانضمام إلى الناتو".. رئيس حلف شمال الأطسلي الجديد يزور كييف يعرض الآن Next قتلى وجرحى إثر اندلاع حريق بمستشفى في تايوان جراء إعصار كراثون يعرض الآن Next قواعد أكثر صرامة بشأن الهجرة وضرائب أعلى.. ما أهم النقاط في خطة رئيس الوزراء الفرنسي السياسية؟ يعرض الآن Next ألوان من شتى بقاع العالم تزين شوارع شنغهاي في مهرجانها السياحي السنوي الخامس والثلاثين اعلانالاكثر قراءة الأردن يعيد مشهد نيسان ويعترض صواريخ إيران وهي بطريقها إلى إسرائيل.. "موقف مبدئي للمملكة"

مقالات مشابهة

  • بين الحاضر والماضي... رحلة النزوح اللبنانية التي لم تنتهِ "ألم يرفض النسيان"
  • «6 أكتوبر ».. دروس لكل الأجيال!!
  • ناشطون يهاجمون مقر جامعة الدول العربية في تونس احتجاجا على موقفها من الحرب على فلسطين ولبنان
  • أزهر الغربية يحتفي بنصر أكتوبر المجيد بكلية القرآن الكريم بطنطا
  • وزيرة “القراية” السودانية الحسناء تسخر من “حكامة” الدعم السريع التي خلعت ملابسها الداخلية: (ح استف ليك مية دسته وانا جاية الخرطوم وارسلهم بصابونهم)
  • جامعة الدول العربية: نقف صفاً واحداً ضد استهداف لبنان
  • المعهد الديمقراطي: ندوب الحرب التي دامت عقد من الزمان لا تزال تلازم كل جوانب الحياة في اليمن
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • موقع انتظر صناعة عربية باقلام نخبة عربية
  • الحرب و السياسة و المتغيرات التي أحدثتها