مكافحة تهريب المخدرات... قضية تزداد تعقيدا بعد مقتل مدنيين في ضربات أردنية على السويداء بسوريا
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنالأردن صعد ضرباته الجوية على مناطق في جنوب سوريا وخصوصا في ريف محافظة السويداء "بشكل كبير جدا" منذ مطلع العام، وأنه وقعت "ثلاثة استهدافات أسفرت عن مقتل واستشهاد 14 شخصا جلهم من المدنيين، بينهم طفلتان و6 سيدات، ومن ضمن القتلى أشخاص معروفين بتجارة المخدرات أيضا، كما تسببت الضربات بتدمير ممتلكات مدنيين، ومواقع ومستودعات للمخدرات".
وعن العملية الأخيرة التي استهدفت جنوب المدينة، يضيف المرصد أنه في "18 كانون الثاني، قتل 10 أشخاص بقصف جوي أردني على منطقتين بريف السويداء، ففي المنطقة الأولى ارتكب الطيران الأردني مجزرة بقصفه لمنزل من طابقين في عرمان راح ضحيته 7 أشخاص، هم رجل وزوجته وطفلتاهما ورجل آخر وزوجته وسيدة مسنة، و3 آخرون هم رجل ووالدته وعمته بمنزل آخر." وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الأنباء الفرنسية "بحجة تجارة المخدرات، يستهدف الجيش الأردني مرارا منازل السكان ليلا ما يسفر عن مقتل مدنيين وأطفال"، مضيفا "ليس مؤكدا ما إذا كان الرجلان المستهدفان في منزليهما الخميس (18 كانون الثاني/يناير) من تجار المخدرات".
وأورد موقع إخباري محلي كيف عاشت المدينة الجنوبية طقوس حزن في تشييعها لضحاياها.
صدمة وحزن في #السويداء ناتج وفاة عدد من المدنيين بينهم أطفال ونساء بغارة جوية أردنية استهدفت منزلين في بلدة عرمان بالريف الجنوبي للمحافظة..
المشاهد من بدء تشييع الضحايا في بيت الجنازة قبل وصول الرجال لنقل الجثامين. pic.twitter.com/b4CtDNzAoz
وأكدت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، أن من بين الضحايا امرأة مسنة تدعى "أم نزيه" يبلغ عمرها ثمانين عاما، وأفراد من عائلة طلب، وكذلك من عائلة الحلبي بينهم طفلتان لا تتجاوز أعمارهما خمس سنوات. وأن نزيه الحلبي، وهو عقيد ركن متقاعد، كان "أحد رواد ساحة الكرامة، والمشاركين في المظاهرات الشعبية المطالبة بالتغيير السياسي وإقامة دولة القانون" في سوريا.
ولم يصدر تعليق من الجانب الأردني على الحادثة، في حين أن الخارجية السورية أدلت الثلاثاء، بعد نحو أسبوع على ضربات 18 يناير/كانون الثاني، أن التصعيد الأخير "لا مبرر له" وأنه "لا ينسجم إطلاقا مع ما تم الاتفاق عليه بين اللجان المشتركة من الجانبين".
فيما برزت في مدينة السويداء، التي تشهد مظاهرات بشكل متواتر ضد النظام السوري منذ أغسطس/آب الماضي والتي خرجت عن سيطرته، ردة فعل صدرت من "حركة رجال الكرامة، أكبر الفصائل العسكرية في السويداء، عبر بيان مطول، عن مبادرة موجهة إلى الجانب الأردني"، أكدت فيها "استعدادها لملاحقة جميع المتورطين بتهريب وتجارة المخدرات، بعد تقديم الجانب الأردني قوائم بأسماء المتورطين". كما اتهمت الدولة السورية بـ"التخلي المقصود عن دورها في حماية السيادة السورية، ودورها في مكافحة المخدرات بل أيضا في تسهيل تحويل المنطقة الجنوبية إلى معبر غير شرعي لتهريبها، وترك المجتمع منفردا لمواجهتها. لا بل تتساهل أجنحة أمنية وعسكرية، في نشر الفوضى الأمنية، وتسهيل عبور شحنات المخدرات إلى السويداء وتحويلها إلى منطقة تخزين وتهريب إلى الأردن".
وسبق ردة الفعل هذه كلمة للرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، الغالبية العظمى لساكني السويداء، حكمت الهجري قال فيها إنه يؤيد الضربات الأردنية التي تستهدف تجار المخدرات لكن دعا إلى "التحقق" منها والتأكد أنه يجب أن تتم "بعيدا عن الأماكن المدنية". وقال أيضا إن "عدونا وعدو الأردن واحد" بالتلميح إلى تورط النظام السوري في عمليات إنتاج وتهريب مادة الكبتاغون. وهذا ما أشارت إليه تقارير كان آخرها للبي بي سي "اتهم فيه رأس هرم النظام بمسؤوليته بشأن إنتاج هذه المادة المخدرة وتهريبها إلى دول عدة". وقبل ذلك، كانت قد تحدثت نيويورك تايمز في تقرير مطول لها عام 2021 عن أن تجارة مخدرات غير قانونية تدر مليارات الدولارات على الدولة والتي تتجاوز حجم الصادرات القانونية السورية وأن هذا حوّل سوريا إلى أحدث دولة تعتمد على التجارة غير الشرعية للمخدرات في العالم.
تهريب المخدرات قضية "مؤرقة" للأردنومكافحة تهريب المخدرات من القضايا الرئيسية التي اتفقت الدول العربية عليها في ما يتعلق بسوريا بعد إعادتها إلى جامعة الدول العربية العام الماضي بعد أكثر من عقد من عزلة دبلوماسية، لكن لم يتم تحقيق خطوات على الأرض بهذا الشأن وبقيت الأردن الدولة المتاخمة للجنوب السوري المعنية الأكبر بحل القضية نظرا لارتباطها الجغرافي بسوريا. والعام الماضي في أيار/مايو، قُتل مهرّب مخدرات مع زوجته وأطفالهما الستة جراء غارة جوية استهدفت منزلهم في جنوب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري، فيما لم تؤكد عمان أو تنف تنفيذ الضربة. وسبق ذلك العديد من المواجهات الحدودية التي كلفت حياة جنود أيضا من الجيش الأردني.
ويقول الكاتب والصحافي عمر كوش لفرانس24 إن هذه القضية "تؤرق النظام في الأردن منذ زمن وهو يشكو من تهريب عصابات المخدرات وحتى شملت الأسلحة مؤخرا وبالتالي قام بعدة مبادرات مع حكومة النظام الذي لم يقدم له شيئا في هذا المجال، وتواتر عمليات التهريب خاصة في الآونة الأخيرة جعلت المسؤولين الأردنيين يتحدثون عن حرب مخدرات تخاض على حدودهم الشمالية ووجهوا اتهامات بشكل مباشر إلى الميليشيات التي تتبع لإيران. هناك بالفعل قوى متعددة تقف وراء تصنيع وتهريب المخدرات سواء عبر الأردن أو عبر الموانئ السورية وأيضا عبر لبنان عن طريق شبكة تهريب مع حزب الله وغيره من القوى اللبنانية". ويضيف بهذا الشأن أن "الأردن استنفد كل الفرص حتى التطبيع وتشكيل لجنة خماسية من وزراء خارجية العرب وغيرها ولم تجد نفعا مع النظام ثم تحدث عن تغيير قواعد الاشتباك أي أنه سيلجأ ليعالج الأمور بنفسه".
هل هناك تنسيق أمني؟وحول كيفية تعاطي الأردن مع واقع الوضع بين مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري وأخرى خرجت عن سيطرته في مناطق متاخمة لحدوده الممتدة على نحو 400 كلم، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي عمر الرداد لفرانس24 إن "المستوى الرسمي أعلن المرة تلو الأخرى أن هناك تنسيق مع الحكومة السورية لكن لا استجابة تاريخية منذ سنوات" وبشأن الضربات الأخيرة يقول "ربما هناك تنسيق ميداني على الجهات المكلفة بحراسة وأمن الحدود على الجانبين وربما تلقت تعليمات من قياداتها لكن ليس على مستوى وزارة الدفاع السورية مع رئاسة الأركان الأردنية أو الأجهزة الأمنية السورية لا أعتقد أن هناك تنسيق بالمعنى الكامل لمثل هذه الضربات".
ويؤكد الرداد على حساسية المنطقة التي ترتبط ببعضها جغرافيا وعبر تركيبتها السكانية ويضيف "يرتبط الأردن بعلاقات خاصة مع مدينة السويداء إذ إن الغالبية الدرزية هي أيضا ترتبط مع عائلات وأقارب وعشائر درزية موجودة في الأردن، وهذا أيضا حال العشائر البدوية، ولا يستهدف الأردن أي فئة أو إثنية محددة بقدر ما يستهدف رؤوس وتجار المخدرات بمعزل عن انتماءاتهم وإثنياتهم أو تواجدهم الجغرافي سواء كانوا من السويداء أو من درعا أو من ريف دمشق أو غيرها". ويضيف أن "الأردن يحترم كل مكونات الجنوب السوري وكل الوطن السوري".
فيما يرى كوش أن التنسيق الأمني بين البلدين مشكلة وأنه "مؤشر خطير"، ويعزو ذلك لأن الأردن يعرف حجم تورط المسؤولين السوريين وإيران في هذه القضية، و"لأن المسؤول الأول في النظام هو ماهر الأسد ومعروف أنه شقيق الرئيس ولا يخضع لأي سلطة ولديه فرقته الرابعة وهو المشرف الأساسي على هذه الصناعة والتهريب فضلا عن الجهات الأخرى التي لا يستطيع النظام أن يلجمها". ويضيف بشأن مشكلة وجود تنسيق أمني في هذه الحالة أن "النظام قد يستغل الفرصة ويعطي الأردن أهدافا غير حقيقية" كنوع من "تصفية الحساب" تجاه المدينة المنتفضة على حكمه. وبحسبه هذا ما دفع سكان السويداء إلى تحميل المسؤولية للنظام ودفع "رجال الكرامة" إلى طلب التنسيق مع الأردن ليقولوا له إنهم "مستعدون للتعاون معه بشكل مباشر".
فيما يربط كوش الأحداث الأخيرة بواقع سوريا ككل وبالأخص منه التدهور الاقتصادي في البلاد وأن المخرج سيكون "بحل سياسي يدفع النظام إلى التعاون مع المبادرات الأردنية والعربية من أجل وقف صناعة وتهريب المخدرات، وهذا يحتاج إلى ثمن يدفع له يسد أزماته الاقتصادية وشح مداخيله". وبشأن الصمت الأردني، يقول كوش إن هذا "دلالة على أن هناك حسابات وتفكير حول هل بالفعل الأهداف كانت وهمية أم حقيقية وأن هناك شيء ما مربك" حيث أن عمليات سابقة تضمنت تصريحات لمسؤولين أردنيين بشأنها فور وقوعها. ويرى أن المشكلة في طريقة المعالجة هذه بالضربات هي أنها "لا تقضي على المشرفين الحقيقيين على هكذا تجارة وبالتالي حتى لو قصف الأردن مرات كثيرة ولو كانت الأهداف حقيقية دوما فهذا لا يعني أنه سيقضي على تهريب المخدرات".
فرانس24
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: كأس الأمم الأفريقية 2024 الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج الأردن سوريا تجارة المخدرات سوريا الأردن تهريب المخدرات بشار الأسد إيران كرة القدم كأس الأمم الأفريقية 2024 للمزيد ساحل العاج منتخب مصر الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا تهریب المخدرات هناک تنسیق أن هناک
إقرأ أيضاً:
خشب الزيتون الأردني حاضر في الحِرف اليدوية بمعرض “بَنان”
الرياض : البلاد
تشارك المملكة الأردنية الهاشمية في النسخة الثانية من معرض الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية (بَنان)؛ الذي يُقام في واجهة روشن بمدينة الرياض خلال الفترة من 23 إلى 29 نوفمبر، وذلك من خلال ثلاث جهات رئيسية؛ هي وزارة الثقافة الأردنية، ومؤسسة نهر الأردن، ومؤسسة الأميرة تغريد للتنمية والتدريب، مقدمةً مجموعة غنية ومتنوعة من الأعمال التراثية التي تعكس عمق الهوية الثقافية الأردنية.
ويشمل الجناح الأردني عروضًا من الحِرف اليدوية التقليدية؛ التي تجمع بين المهارة الفنية والتعبير الثقافي، حيث أوضح رئيس جمعية صناع الحرف التقليدية في الأردن الأستاذ رائد البدري، أن مشاركة وزارة الثقافة الأردنية تُبرز الفنون التراثية التي تعتمد على خامات طبيعية مميزة، مثل النقوش الدقيقة على خشب الزيتون عالي الجودة، وتُعرض أعمالاً فنية مصنوعة من خشب الزيتون؛ تشمل أدوات زينة وأواني منزلية، تجسد الحرفية الدقيقة والروح الفنية للحرفيين الأردنيين.
كما يضم الجناح أعمالاً من الفخار والخزف، تُستخدم لتزيين المنازل أو كأوانٍ عملية، إضافةً إلى القطع الفريدة المصنوعة من الفسيفساء الحجرية والرخامية التي اشتهرت بها مناطق عدة في الأردن؛ مثل مادبا، والمعروفة عالميًا بإبداع تصميماتها المستوحاة من التراث العربي.
وأشار إلى أن هناك مشاركات أردنية تعكس البُعد الحرفي والتراثي للمنتجات الأردنية؛ ومنها أعمال النحت على الصلصال لإنتاج أواني الطهي وأدوات الضيافة، المزيّنة باستخدام تقنيات الخط العربي وتطعيمات ماء الذهب، بالإضافة إلى عرض مشغولات يدوية تُبرز مهارات الحرفيات المحليات في تحويل المواد الطبيعية إلى قطع فنية مبهرة.
وأكد البدري أن التراث الأردني يتكامل مع نظيره العربي، مشيراً إلى أن الأردن يتميز باستخدام خشب الزيتون في الصناعات الحرفية، بينما يتميز الخليج باستخدام سعف النخيل، ما يعكس تلاقح الحضارات وتكاملها في صون التراث وتطويره.
وفي حديثه عن أهمية التراث، أوضح البدري أن التراث يُعدّ عنصرًا أساسيًا في بناء الهوية الوطنية، مشددًا على أن الحفاظ عليه وتطويره هو مهمة وطنية تسهم في تعزيز الانتماء الوطني وربط الأجيال بتاريخها، مؤكدًا أنه مهما تطورت الدول وارتقت، تبقى معتزةً بتراثها الذي يعكس أصالتها وهويتها الثقافية، ومن واجبنا نقله للأجيال القادمة بطريقة تواكب العصر.
وأشاد البدري بمستوى تنظيم معرض (بَنان)، مؤكدًا أنه نجح في تقديم تجربة عالمية من حيث تنوع المشاركات وشموليتها، سواءً من مناطق المملكة أو من دول عربية وأوروبية، واعتبر أن الحدث يُعدّ منصة مثالية لتبادل الخبرات بين الحرفيين والمهتمين بالتراث، ما يعزز فرص التعاون الثقافي ويُسهم في تطوير الصناعات الحرفية التقليدية.
تأتي مشاركة الأردن ضمن فعاليات معرض (بَنان)؛ الذي يُعدّ أحد أبرز الأحداث الدولية في مجال الحرف اليدوية، ويجمع المعرض الحرفيين والمهتمين بالتراث من جميع أنحاء العالم في تجربة ثقافية فريدة تُبرز تنوع التراث وأصالته، مسلطًا الضوء على كيفية الحفاظ على هذه الحرف وتطويرها ونقلها للأجيال القادمة.