الوطن:
2024-12-27@07:44:44 GMT

طارق الزملوط يكتب: حرب بلا أخلاق وإنسانية

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

طارق الزملوط يكتب: حرب بلا أخلاق وإنسانية

إذا تأملنا العصور المختلفة نجد أن كل التشريعات والقوانين تدعو إلى احترام المبادئ الأخلاقية فى الحروب وكان السائد هو إعلاء قيم الإنسانية والرحمة، فظهر ذلك فى كافة التشريعات القديمة مثل قانون حامورابى وغيره، والتشريعات الهندية القديمة مثل قانون «مانو»، الذى كان يوجب «على المحارب ألا يقتل عدواً استسلم، ولا أسير حرب، ولا عدواً نائماً أو أعزل، ولا شخصاً مُسالماً غير مُحارب، ولا عدواً مشتبكاً مع خصم آخر»، كذلك جاء الإسلام ولم يترك الحرب هكذا دون قيود أو قانون يحكمها، وإنما جعل الحروب مضبوطة بالأخلاق، فهى كانت ضد الطغاة لا ضد الأبرياء والمسالمين.

ومن أبرز الضوابط الأخلاقية التى جاء بها الإسلام (عدم قتل الشيوخ والنساء والأطفال، عدم قتل المتعبدين، وعدم الغدر، عدم الإفساد فى الأرض، معاملة الأسرى أفضل معاملة، عدم التمثيل بالميت)، فسياسة الإسلام فى الحرب جاءت بالاعتبارات الأخلاقية والشرف والإنسانية، ونرى أيضاً ما فعله كثير من القادة العسكريين المسلمين فى التعامل بسماحة وأخلاق فى الحروب، ومن أبرزهم السلطان صلاح الدين الأيوبى الذى ضرب أعظم الأمثلة فى حسن التعامل مع أعدائه وحسن معاملته للأسرى من الصليبيين، كذلك إذا نظرنا إلى الحضارة الأوروبية فى القرون الوسطى نجد أنه ظهرت أيضاً قيم الأخلاق فى الحروب وذلك من خلال حمايتهم للنساء وإغاثة الملهوف وعدم مهاجمة الفارس الذى يسقط عن فرسه، أمور كثيرة ومبادئ أخلاقية عظيمة كانت أساساً للقانون الدولى الإنسانى.

ويقوم القانون الدولى فى الإسلام، والقانون الدولى الإنسانى، على جملة من المبادئ المهمة المشتركة مثل مبدأ الإنسانية ومبدأ عدم المساس بالمدنيين سواء كانوا أطفالاً أو نساءً أو شيوخاً والمسالمين أبداً، كذلك عدم الاقتراب من المستشفيات ومساس الجرحى والمصابين وعدم تخريب أى ممتلكات خاصة بالمدنيين. وتفرض أحكام القانون الدولى الإنسانى على الأطراف المتحاربة احترام الضمانات الواردة فى مواثيقه، وتقيِّد أو تحظر استخدام وسائل، وأساليب، وأسلحة معينة، فى القتال. والقانون الدولى الإنسانى، وإن كان لا يمنع الحرب، ولم يتجاهل ضروراتها، إلا أنه يسعى إلى الحدِّ من آثارها حرصاً على مقتضيات الإنسانية، ويدعو إلى «التفرقة» بين الأهداف العسكرية، والأشخاص المدنيين، والممتلكات، أو الأعيان المدنية، وإلى «التناسب» فى القيام بالأعمال الحربية.

ولكن ما نشاهده فى هذه الأيام من حروب وخاصة حرب العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة التى نتج عنها الآلاف من الضحايا والدمار، نجد استهدافاً للمدنيين بشكل مباشر، ونرى عدواناً ظالماً ينتهك كل الاعتبارات الإنسانية وحقوق الإنسان، نرى قتل الشيوخ والنساء والأطفال بأعداد كبيرة بدون أى ذنب، كذلك تخريب الممتلكات العامة والخاصة والمساكن بأطنان المتفجرات الغاشمة التى لا تفرق بين أحد، نرى أيضاً تجريف الجثث والتمثيل بالموتى دون الأخذ فى الاعتبار احترام خصوصية وقدسية الموتى، نرى استهدافاً مباشراً ومتعمداً للصحفيين وأطقم الأطباء والمسعفين، نرى تدميراً للمستشفيات وسيارات الإسعاف، نسمع كل يوم تصريحات من مسئولين دوليين بأن الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة يعانى من تهديد للأمن الغذائى والصحى، وهناك الكثير يحذر من أنه يمكن أن تنتشر الأوبئة والأمراض. ما نراه فى هذه الحرب هو انتهاك كبير لكل مبادئ القانون الدولى الإنسانى وانتهاك لكافة القيم الإنسانية، مما يستوجب ضرورة وقف هذا العدوان ومحاكمتهم على كافة هذه الجرائم ضد الإنسانية، فأين حقوق الأبرياء والمسالمين؟ أين حقوق الأطفال والنساء والشيوخ؟ أين حقوق الصحفيين؟ أين حقوق المسعفين وأطقم الأطباء؟ أين حقوق الإنسان ومن ينادى باحترامها؟ فحقاً هى حرب وعدوان بلا أخلاق أو احترام للإنسانية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التشريعات والقوانين العدوان الإسرائيلى الدولى الإنسانى أین حقوق

إقرأ أيضاً:

أكاديمية الشرطة تنظم دورات تدريبية للكوادر الأمنية بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ختتمت بمقر "مركز بحوث الشرطة" بأكاديمية الشرطة فاعليات الدورة التدريبية السادسة التى نظمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر فى مجال "القانون الدولى الإنسانى وآليات تطبيقه على الصعيدين الوطنى والدولى"، بمشاركة عدد من الكوادر الأمنية بالوزارة.

وقد تضمن البرنامج التدريبى (التعريف باللجنة الدولية للصليب الأحمر وأنشطتها على المستويين المحلى والدولى – تصنيف النزاعات المسلحة – مبادىء إستخدام القوة فى النزاعات المسلحة – الفئات المشمولة بالحماية - آليات إحترام القانون الدولى الإنسانى- ومبادئ إستخدام القوة فى النزاعات المسلحة).
يأتى ذلك فى إطار إهتمام الوزارة بالإنفتاح على كافة المنظمات الدولية المعنية ، دعمًا وتعزيزًا لمسارات التعاون فى مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان بين أوساط العاملين بها.

مقالات مشابهة

  • أخلاق المشتركة
  • حقوق الطفل في الإسلام.. الإفتاء توضح
  • ورحل جيل دوفير
  • الفلاحات يكتب .. ارْجِـعْ إليْنـا سالِمــاً يا أَحمَــدُ
  • د.حماد عبدالله يكتب: "هندسة " النظام المالى الدولى !!
  • صندوق النقد: اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر يتيح صرف 1.2 مليار دولار
  • "برتقالة من يافا ونهار عابر" أبرز الجوائز العربية بمسابقة الفيلم الدولى بـ القاهرة للفيلم القصير
  • أكاديمية الشرطة تختتم فاعليات الدورة التدريبية السادسة للصليب الأحمر
  • أكاديمية الشرطة تواصل تنظيم الدورات التدريبية للكوادر الأمنية
  • أكاديمية الشرطة تنظم دورات تدريبية للكوادر الأمنية بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر