إطلاق منصة ستوفر فرص العمل الحر للكفاءات العُمانية
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
العمانية – أثير
أُطلقت اليوم بمسقط منصة “دوام” لتعزيز فرص العمل الحر للكفاءات العُمانية في القطاعات الاقتصادية المختلفة، تحت رعاية صاحب السمو السيد الدكتور كامل بن فهد بن محمود آل سعيد مساعد الأمين العام لمكتب نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء.
وأكدت صاحبة السمو السيدة ميان بنت شهاب بن طارق آل سعيد رئيسة مجلس إدارة منصة “دوام” في كلمتها على أن المنصة ستكون شريكًا حيويًّا وملهمًا وأداةً فاعلة في تعزيز ملف العمل، وداعمًا للاقتصاد الوطني من خلال توفير فرص العمل الحر، وإتاحة الاستفادة من المحترفين والخبراء، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتسويق للمحترفين والخبراء العُمانيين في أسواق العمل العالمية.
وقالت سمو السيدة رئيسة مجلس إدارة منصة “دوام”: إن هناك جهودًا متواصلة بُذلت في التجهيز والإعداد الجيد لهذه المنصة، وأهمية دورها الإيجابي وشراكتها الفعالة مع مختلف الجهات في تذليل التحديات في ملف العمل، مضيفة أن هذه المنصة ستكون علامةً فارقةً في مجال العمل والتشغيل، وستسهم بفعالية في تأهيل الكوادر الوطنية العُمانية بما يتناسب وتوجهات رؤية “عُمان 2040”.
من جانبها قدمت ليلى بنت سعيد الحارثية الشريكة المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمنصة “دوام”، عرضًا مرئيًّا عن المنصة وأهدافها ومحتوياتها وكيفية الاستفادة من الخدمات التي تقدمها المنصة، مشيرة إلى أن المنصة هي منصة عمل رقمية ديناميكية تعمل على تقديم حلول رقمية لقطاع العمل، حيث تربط بين الأفراد ومجموعة من الفرص، تتراوح بين فرص عمل بدوام كامل والعمل الحر وبرامج التدريب المختلفة كالتدريب على رأس العمل والتدريب المقرون بالتشغيل، والمنح.
وأوضحت أن المنصة لديها حاليًا قاعدة بيانات ديناميكية لأكثر من 150 ألف مستخدم، ويوجد بها أكثر من 3 آلاف شركة مسجلة في المنصة، وأكثر من 10500 مسجل في بوابة العمل الحر، وأكثر من 6 آلاف قصة نجاح مختلفة استفادت من خدمات المنصة، إضافة إلى عقد شراكات مع أكثر من 6 مؤسسات تعليمية.
وتخلل الحفل توقيعُ مذكرة تعاون بين البرنامج الوطني للتشغيل ومنصة “دوام” لتأهيل وتنمية القدرات الوطنية العُمانية في قطاع العمل الحر لرفع كفاءات الباحثين عن عمل وتوفير فرص وظيفية لهم.
وتسعى المنصة من خلال هذه المذكرة إلى تطوير سوق العمل عبر توظيف التقانة في إدارة وتوفير فرص العمل، ما سيسهم بشكل مباشر في تعزيز فرص العمل الحر للشباب العُماني في القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومساعدة الباحثين عن عمل في الحصول على الفرص الوظيفية المناسبة، وأصحاب العمل في إيجاد الكوادر التي تتناسب مع متطلبات الوظيفة في مؤسساتهم، إضافة إلى إجراء الدراسات اللازمة في قطاع العمل الحر وريادة الأعمال في سلطنة عُمان.
كما تم توقيع مذكرة تعاون بين وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات ومنصة “دوام”؛ بهدف مد جسور التعاون والتواصل بين القطاعيين العام والخاص، وبما يضمن تحقيق الأهداف الوطنية في مجالات التشغيل والتوظيف.
ووقعت المنصة أيضًا مذكرة تعاون مع شركة النفط العُمانية للتسويق “نفط عُمان” ؛ لإيجاد حلول مستدامة لملف التشغيل، وأهمية استخدام التقانة الحديثة في هذا المجال، والتأكيد على تأهيل وتدريب الكوادر العُمانية للدخول في سوق العمل بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية الحديثة ويدعم الاقتصاد الوطني العُماني.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: فرص العمل الحر الع مانیة
إقرأ أيضاً:
قبور عُمانية بلا شواهد!
وعدتُ فـي نهاية مقال الأسبوع الماضي أن أسرد حكاية تدمير الإنجليز لقصر «بيت الحكم»؛ أحد أهم مفردات التاريخ العُماني فـي شرق أفريقيا، والذي كان يتوسط «بيت العجائب» و«بيت الساحل»، وقد دمره الإنجليز تدميرًا كاملًا بالفعل يوم 27 أغسطس 1896، فـي اعتداء سافِر حدث اعتراضًا على تسلّم السيد خالد بن برغش الحكم. وجراء هذا الاعتداء لم يحكم السيد خالد إلا ثلاثة أيام فقط، وكان مدفوعًا بقوة التأييد الشعبي الواسع له ومساندة قوة الحرس السلطاني التي خلفها له السلطان حمد بن ثويني. وتنقل الموسوعة العُمانية عن السيد خالد أنه كان «يرى فـي تسلط الإدارة الإنجليزية بحجة اتفاقية الحماية تدخلًا فـي سيادة الدولة لا يمكن الرضوخ له، وكان السلطان حمد بن ثويني مشجعًا له فـي تعميق توجهه المضاد للاستعمار من خلال إسناد بعض المهام القيادية إليه، ووجد أنه يتمتع بشعبية وطنية قوية بين العرب، وكان يظن أنّ الإدارة الإنجليزية سترضخ للإرادة الشعبية، وعندما اشتد على السلطان حمد بن ثويني مرض موته، أرسل إلى السيد خالد بألا يتأخر بعد وفاته عن ارتقاء العرش»، لكن الإنجليز كان لهم رأيٌ آخر، «فبعد انقضاء مهلة الأيام الثلاثة التي منحتها له سلطة الحماية للخروج من القصر بتاريخ 27 أغسطس 1896 وامتناعه عن ذلك، قصفت البوارج البريطانية «بيت الحكم» و«بيت العجائب» و«بيت الساحل»، مسجلة بذلك ما عُرف زورًا وبهتانًا بحادثة «أقصر حرب فـي التاريخ».
وفـي الواقع لم تكن تلك حربًا ولا هم يحزنون، وإنما كانت عدوانًا سافرًا -كما سبقت الإشارة- وتدخلًا فـي شؤون السلطنة، خرج بعدها السيد خالد بن برغش من أنقاض قصر الحكم بمساندة رئيس الحرس السلطاني الذي بقي مواليًا لسيده ومرابطًا معه، فاتجه به مباشرة إلى القنصلية الألمانية، ونقله الألمان إلى دار السلام التي كانت مستعمرة ألمانية وبقي هناك لاجئًا سياسيًّا، ماكثًا فـيها حتى نشوب الحرب العالمية الأولى، وعندما خسر الألمان الحرب عرضت عليه الإدارة الألمانية الانتقال والعيش فـي برلين إلا أنه رفض، فنفته بريطانيا إلى سيشل ثم جزيرة سانت هيلانة، ثم سمحت له الإدارة البريطانية بالعيش فـي ممباسا بعد تدخل واليها السيد علي بن سالم البوسعيدي، وبقي فـيها حتى وفاته عام 1927.
المحزن فـي حكاية تدمير «بيت الحكم» من قبل الإنجليز أنه لم يُعَد بناؤه بعد ذلك، وإنما حُوِّل إلى حديقة، على عكس «بيت الساحل» الذي رُمِّم وأجريت له بعض الإصلاحات.
على بعد خطوات من «بيت الساحل»، وفـي الباحة الداخلية، حيث نسير وراء دليلنا السياحي محمد، وجدنا المقبرة السلطانية مفتوحة فتوّجهنا إليها. من الجيد أن أذكِّر هنا أن هذه المقبرة أنشأها السيد سعيد بن سلطان لدفن المتوفـين من الأسرة البوسعيدية الحاكمة، وقد ظلّ أموات هذه الأسرة يُدفنون فـيها حتى انتهاء الحُكم العُماني عام 1964. سألتنا موظفة الاستقبال: هل أنتم ضيوف أم من أبناء البلد؟ فأجبناها أننا ضيوف، وقد كان سؤالها لأنّ رسوم تذكرة الدخول للضيوف تختلف عنها للمواطنين. وبعد أن دفعنا الرسوم المقررة أخذتنا هذه الموظفة فـي جولة داخل مبنى بجانب المقبرة، عبارة عن المعرض الوثائقي والتاريخي الدائم للمقبرة السلطانية بزنجبار، الذي هو من تنظيم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية العُمانية، بعد إجرائها أعمال تحسينات وصيانة وترميم لتلك المقبرة، وبات فـيها أرشيف دائم يؤرخ لأسماء وتواريخ المدفونين فـيها. وقد أحسنت الهيئة بهذا الصنيع؛ فحالة المقبرة قبل الترميم كان يُرثى لها، وكلُّ الشواهد على القبور اختفت؛ بل إنّ الأمر الأسوأ أنها كانت مفتوحة ويدخلها العابثون، وسبق لي أن كتبتُ عن ذلك فـي أحد مقالاتي، غير أنّ المفاجأة السارّة هذه المرة، أنّ الفرق صار شاسعًا على الصعيد الإيجابي بالطبع.
تنقسم المقبرة إلى ثلاثة أجزاء، وتضم عددًا من القبور يصل عددها إلى سبعة وثمانين قبرًا، كما يتضمن الضريحُ الذي يقع فـي الركن الشمالي للمقبرة -وهو أبرز معلم فـيها- قبرَ السيد سعيد بن سلطان، إضافة إلى ثمانية قبور أخرى. شيَّد هذا الضريح السلطان ماجد بن سعيد تكريمًا لأبيه، حيث أرسل إلى الهند يطلب المهندسين والبنّائين والأحجار المناسبة وغير ذلك من مواد البناء، وأنفق فـي سبيل ذلك أموالًا كثيرة، فشرع فـي بناء مقام الضريح الذي ضمَّ فـيما بعد قبور السلاطين ماجد وبرغش وخليفة بن سعيد، الذين تولوا حكم زنجبار بعد وفاة أبيهم. ويحكي الشيخ سعيد بن علي المغيري فـي كتابه «جهينة الأخبار فـي تاريخ زنجبار» أنه عندما بلغ بناء القبة ارتفاعًا معينًا، اعترض المطاوعة (علماء الدين) على ذلك البناء وعدّوه منكرًا عظيمًا وأفتوا بعدم جواز البناء على القبور، فلم ير السيد ماجد بُدًّا من الانصياع لاعتراضات هؤلاء العلماء وأهمل البناء. «والذي يشاهد ذلك المقام اليوم يرى ذلك النحت البديع البادي فـي أعمدته، وتلك النقوش الفنية البارعة فـي بنيانه، ويتصور مقدار حسنه ونفاسته رغم أنه قديم ولم يكتمل، ويرى كم فقدت مدينة زنجبار جاذبية سياحية نتيجة إهمال ذلك التذكار على ضريح ذلك الرجل الجليل»، كما يقول المغيري.
وقد ذكرَتْ لنا موظفة أرشيف المقبرة أنّ جميع سلاطين زنجبار ابتداءً من السيد سعيد بن سلطان دُفنوا فـي تلك المقبرة عدا اثنين منهم هما: السلطان علي بن حمود الذي دفن فـي فرنسا، والسيد خالد بن برغش الذي دفن فـي ممباسا بكينيا حاليًّا، أما آخر السلاطين العُمانيين السلطان جمشيد بن عبدالله بن خليفة بن حارب فقد توفـي فـي الثلاثين من ديسمبر 2024، أي بعد انتهاء هذه الرحلة بنحو أسبوعين.
وفـي نهاية زيارتنا للمقبرة السلطانية، وجّهنا -أنا وسيف- ملاحظة لموظفة الاستقبال بأنّ القبور حتى الآن ليس بها شواهد، وإنما هناك شرحٌ مفصل لجهات المقبرة ولمن دفن فـيها. بل إنه حتى من دفن بجانب قبر السيد سعيد بن سلطان من أبنائه، لا توجد شواهد على قبورهم، وهم الذين تولوا السلطة من بعده. وبالطبع فإنّ وجود الشواهد على تلك القبور كان سيضيف بُعدًا معرفـيًّا للمقبرة، وما من شك لديّ أنّ الشواهد كانت موجودة، وربما كان الهرج والمرج الذي ساد بعيد الانقلاب هو ما أدى إلى اقتلاعها فـي إطار الحقد الأعمى على كلِّ ما هو عُماني فـي تلك الفترة العصيبة، التي حاول الانقلابيون خلالها طمس كلِّ شيء جميل يعود لفترة الحكم العُماني لزنجبار.