بوابة الوفد:
2024-10-03@10:52:21 GMT

الذهاب إلى الغد!

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

الثورات دائمًا لها أسباب، وثورة 25 يناير من بين أسبابها معاناة المجتمع المصرى من ازدياد الأوضاع سوءًا، وتفاقم اليأس والسخط مما أدى إلى ثورة الشعب بعد صبر طويل، وعندما تثور الشعوب ينتج فعل نادر فى حياة المجتمعات. أما الفتيل الذى أشعل تلك الثورة فكرة التوريث التى أشعرت الناس أنه لا أمل فى جديد، فرأوا أن عليهم الذهاب إلى الغد بأنفسهم بالقوة الاجتماعية والقوة الشعبية فكانت الثورة لتحقيق رغبة الشعب فى الذهاب إلى الغد.


إن الفترة التى تعقب الثورات دائمًا ما تكون سلبية، فالثورة الفرنسية لم تؤت بثمارها ولم تغير المجتمع الفرنسى إلا بعد ما يقرب من 40 سنة، فالثورة تفكك المجتمع كله وتعيد ترتيبه من جديد، وذلك لا يحدث بسهولة، لأن بعد عملية التفكيك يظهر الانتهازيون، وهو ما حدث فى مصر فى أعقاب ثورة 25 يناير، فبعد أن تخلص الشعب من النظام ظهرت قوى متآمرة كان كل ما يشغل بالها القفز على السلطة وأرادوا أن يأخذوا الشعب للذهاب إلى الأمس لولا الوعى السياسى الكبير لدى الشعب المصرى الذى يرغب فى الذهاب إلى الغد، وبمساندة الجيش المصرى الذى لم ينحز لفئة من الفئات وتحيزه للأمة، فالجيش هو القوة المنظمة التى لملمت شتات المجتمع، وهو القوة الوحيدة المضمونة الفعل  السياسى المنضبط، وهو ما يؤكده علم الاجتماع العسكرى الأمريكى «أن الجيش هو الفئة الاجتماعية الوحيدة القادرة على فعل سياسى منضبط».. وهو أيضًا ما حدث فى الثورة الفرنسية بتدخل الجنرال «نابليون بونابرت» لوقف سفك دماء الفرنسيين ولضبط الأوضاع، وكل المجتمعات لجأت للجيوش لضمان الاستقرار وحماية المجتمع من الانهيار.
أى عمل أو حدث سياسى يكون له سلبيات وإيجابيات، وسلبيات ثورة 25 يناير كانت كثيرة، فقد أدت إلى أعمال عنف، وتعطيل لمؤسسات الدولة. شهد المصريون خلال الأعوام الثلاثة التالية للثورة، استخدامًا مفرطًا للعنف، ومحاصرة لعدد من مؤسسات الدولة قام بها جماعة الإخوان الإرهابية وذيولها، كمدينة الانتاج الاعلامى، والمحكمة الدستورية العليا.
هناك من امتطى الثورة، وحاول تغيير مسارها، وتمت سرقة الثورة من الشباب من قبل جماعة الإخوان وغيرهم من التيارات الاسلامية، وحاولوا الاستفادة والاستئثار بها. تضررت البلاد، وتضرر معها الناس، وزادت الجريمة والمجرمون، وظهرت أنواع عنيفة من البشر، وتراجعت السياحة وانخفض الاستثمار وزاد حجم البطالة.
كانت هناك مشكلة كبيرة، هى لم يعرف الشباب الذين قاموا بالثورة ماذا يريدون.. كانوا يريدون تغيير كل شىء، دون أن تكون لديهم فكرة عن الخطوة التالية، فجميعهم كانوا يريدون إسقاط السلطة، لكن لم يكن لديهم خطة، وهذا كان من ضمن العيوب، التى جعلت الوضع بعد الثورة سيئًا للغاية، وأصبح لكل فرد أو فصيل رأى مختلف، فنجاح ثورة يناير كان يحتاج إلى خطة وحسن إدارة لها، وأن تكون مدروسة بشكل كاف، لتحديد الخطوات التالية والمطالب التى يحتاجها المجتمع.
أبرز خسائر ثورة 25 يناير هى تراجع المكاسب الاقتصادية، وانتشار الإرهاب فى سيناء، ونمو الاستقطاب بين فئات الشعب وخاصة بين الشباب.
ثورة 25 يناير أظهرت أسوأ ما فى المجتمع المصرى، من سوء استخدام لمواقع التواصل الاجتماعى والتنمر، وأصبحت هناك حالة من الانقسام، بدأت تلتئم مع الوقت مؤخرًا.
أما أخطر السلبيات التى ترتبت على ثورة 25 يناير، فهى مجئ الإخوان، وما أسفر عنه ذلك من زيادة كبيرة فى استخدام العنف، واتساع نطاقه، والصدام مع الأمن، إضافة إلى خسارة بعض الملفات نتيجة استثمار الخلافات والعنف والانشغال بالداخل كملف سد النهضة وبدء اثيوبيا بناءه فى ظل حالة الفوضى التى عمت مصر.
أما ايجابيات ثورة 25 يناير فتمثلت فى زيادة الرغبة فى المشاركة السياسية، وأصبح هناك دور للشباب، وبروز دور المرأة، والمكتسبات التى عادت عليها، سواء خلال قيام الثورة ودورها ومشاركتها فيها، أو بعد عام 2014 حيث تزايد دورها، وتوليها مناصب وزارية، وتم تمثيلها بشكل جيد فى البرلمان، كما شهدت مصر فى السنوات الأخيرة برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى لم يكن ليتحقق بدون وجود إرادة سياسية حقيقية، وتم تنشيط السياسة الخارجية لمصر، وعدم الاعتماد على قوة واحدة، وتنوع مصادر السلاح.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حكاية وطن ثورة 25 يناير الجيش المصرى ثورة 25 ینایر

إقرأ أيضاً:

مهرجان الموسيقى العربية الـ32 يحتفى بسيد درويش

تفجرت الموهبة من عامل البناء سيد درويش، فأصبح أيقونة التجديد فى الموسيقى العربية، وأصبح أول من فتح النافذة للتطوير قبل مائة عام، لكن الجفاء لفنان الشعب ظل لعقود طويلة، حتى إننى اكتشفت أن له أكثر من أربعمائة لحن لم يظهر للنور، بسبب تعثر ظروف الإنتاج من وقت رحيله وحتى اليوم، رغم أن هذه الأعمال مدونة لدى الأسرة ومكتوبة «نوتة»، ولم يظهر لسيد درويش سوى ثلاث مسرحيات غنائية هى «الباروكة»، و«شهر زاد»، و«العشرة الطيبة» وسبع مسرحيات غنائية لم تظهر للنور بالإضافة إلى بعض الألحان الفردية ظهر بعضها ولم يظهر البعض الآخر، إلا أن اختفاء مهرجان الموسيقى العربية فى دورته الحالية بفنان الشعب سيد درويش يعد خطوة على طريق عودة الحق والجمال والخير لصاحب ذلك سيد درويش الذى فتح الطريق لعالم التجديد وأصبح ظل درويش على كل العصر الذى أتى بعده، فقدم التعبير على التطريب، وأصبح المستمع لا يستمع إلى مجرد لحن فحسب إنما يسمع إلى لحن جميل وثائر، وأثرت ألحان سيد درويش فى الشارع المصرى حتى أصبحت ملهمة لثورة 1919 ومن بين أنشطة مهرجان الموسيقى العربية هذا العام تقديم حفل الافتتاح يوم الجمعة بتكريم لفنان الشعب سيد درويش يعقبه فيلم تسجيلى عنه، وتقديم أغنيات وعزف لألحانه المبهرة، ونطالب بتقديم كل أعمال فنان الشعب سيد درويش التى لم تظهر بعد للنور، وأن يحتفى ببيته فى القاهرة والإسكندرية لكى يصبحا مزاراً على غرار ما يفعل مع كبار الفنانين فى العالم الذى يعلم أن الفن هو الباقى وسواه إلى زوال.

وكانت جمعية سيد درويش تجاهد كى تظهر أعمال سيد درويش للنور من خلال مركرها «بأتيليه» القاهرة وسط البلد، وظلت جمعية سيد درويش تجاهد حتى تمكنت بفضل مديرها الفنان محمد حسن سيد درويش فى أن يحذو حذو والده حسن سيد درويش فى احتفاء آثار جده وتقديمها لعناصر شابة أحبت فن سيد درويش، فكانوا يتدربون على أصول الغناء وحفظ أعمال فنان الشعب ومعهم المطربة سوزان مهدى زوجة الفنان محمد حسن سيد درويش وظلوا يعملون فى دأب، ويقيمون فعلاً كل جمعة بالأتيليه، يجتمع فيها أعضاء فريق سيد درويش يغنون أغنياته التى طالما صدمت بها منطقة وسط القاهرة.. وصدحت بها مسارحها. والناس لا يعلمون من أعمال فنان الشعب سوى أغنيات قليلة منها «بلادى بلادى» النشيد الوطنى الذى كتبه المناضل السياسى مصطفى كامل وصاغه فى قالب شعرى وغنائى بديع خيرى وسيد درويش مرددين مقاطع بأكملها من كلمات مصطفى كامل، بالإضافة إلى ألحان «زورونى فى كل سنة مرة، والحلوة دى قامت تعجن فى البدريه، ويا ورد على فل وياسمين»، و«طلعت يا ما أحلا نورها» ثم دور «ضيعت مستقبل حياتى» و«أنا هويت» أكثر انتشاراً، بينما أعمال سيد درويش كثيرة تحتاج من جديد لإعادة تقديمها ونشرها خاصة مع نوافذ السوشيال ميديا وإقامة المزيد من الحفلات.

 

مقالات مشابهة

  • حرب أكتوبر.. وصناعة التاريخ
  • «نصر أكتوبر» معجزة التاريخ
  • الأسعار تتحدي الحكومة
  • من كتاب «أحاديث السحاب» للكاتب الصحفى الكبير عادل حمودة.. هيكل الاختلاف لا ينفى الإعجاب (2)
  • عادل حمودة يكتب: سنة على الحرب فى غزة انتهت بمشهد اغتيال «نصر الله»
  • رئيس «الشيوخ»: نجدد العهد بأن نبذل كل ما بوسعنا لاستكمال مسيرة التنمية
  • الضالع.. ندوة عن دور الجيش والمقاومة في الثورة اليمنية وحماية مكتسباتها في الماضي والحاضر
  • مهرجان الموسيقى العربية الـ32 يحتفى بسيد درويش
  • أستاذ علم نفس عن محتوى "تيك توك": شخصيات استعراضية لا تمتلك مهارات للعمل
  • الهوية الثقافية و الإيمانية.. صمام ثورة الـ21 من سبتمبر