الثورات دائمًا لها أسباب، وثورة 25 يناير من بين أسبابها معاناة المجتمع المصرى من ازدياد الأوضاع سوءًا، وتفاقم اليأس والسخط مما أدى إلى ثورة الشعب بعد صبر طويل، وعندما تثور الشعوب ينتج فعل نادر فى حياة المجتمعات. أما الفتيل الذى أشعل تلك الثورة فكرة التوريث التى أشعرت الناس أنه لا أمل فى جديد، فرأوا أن عليهم الذهاب إلى الغد بأنفسهم بالقوة الاجتماعية والقوة الشعبية فكانت الثورة لتحقيق رغبة الشعب فى الذهاب إلى الغد.
إن الفترة التى تعقب الثورات دائمًا ما تكون سلبية، فالثورة الفرنسية لم تؤت بثمارها ولم تغير المجتمع الفرنسى إلا بعد ما يقرب من 40 سنة، فالثورة تفكك المجتمع كله وتعيد ترتيبه من جديد، وذلك لا يحدث بسهولة، لأن بعد عملية التفكيك يظهر الانتهازيون، وهو ما حدث فى مصر فى أعقاب ثورة 25 يناير، فبعد أن تخلص الشعب من النظام ظهرت قوى متآمرة كان كل ما يشغل بالها القفز على السلطة وأرادوا أن يأخذوا الشعب للذهاب إلى الأمس لولا الوعى السياسى الكبير لدى الشعب المصرى الذى يرغب فى الذهاب إلى الغد، وبمساندة الجيش المصرى الذى لم ينحز لفئة من الفئات وتحيزه للأمة، فالجيش هو القوة المنظمة التى لملمت شتات المجتمع، وهو القوة الوحيدة المضمونة الفعل السياسى المنضبط، وهو ما يؤكده علم الاجتماع العسكرى الأمريكى «أن الجيش هو الفئة الاجتماعية الوحيدة القادرة على فعل سياسى منضبط».. وهو أيضًا ما حدث فى الثورة الفرنسية بتدخل الجنرال «نابليون بونابرت» لوقف سفك دماء الفرنسيين ولضبط الأوضاع، وكل المجتمعات لجأت للجيوش لضمان الاستقرار وحماية المجتمع من الانهيار.
أى عمل أو حدث سياسى يكون له سلبيات وإيجابيات، وسلبيات ثورة 25 يناير كانت كثيرة، فقد أدت إلى أعمال عنف، وتعطيل لمؤسسات الدولة. شهد المصريون خلال الأعوام الثلاثة التالية للثورة، استخدامًا مفرطًا للعنف، ومحاصرة لعدد من مؤسسات الدولة قام بها جماعة الإخوان الإرهابية وذيولها، كمدينة الانتاج الاعلامى، والمحكمة الدستورية العليا.
هناك من امتطى الثورة، وحاول تغيير مسارها، وتمت سرقة الثورة من الشباب من قبل جماعة الإخوان وغيرهم من التيارات الاسلامية، وحاولوا الاستفادة والاستئثار بها. تضررت البلاد، وتضرر معها الناس، وزادت الجريمة والمجرمون، وظهرت أنواع عنيفة من البشر، وتراجعت السياحة وانخفض الاستثمار وزاد حجم البطالة.
كانت هناك مشكلة كبيرة، هى لم يعرف الشباب الذين قاموا بالثورة ماذا يريدون.. كانوا يريدون تغيير كل شىء، دون أن تكون لديهم فكرة عن الخطوة التالية، فجميعهم كانوا يريدون إسقاط السلطة، لكن لم يكن لديهم خطة، وهذا كان من ضمن العيوب، التى جعلت الوضع بعد الثورة سيئًا للغاية، وأصبح لكل فرد أو فصيل رأى مختلف، فنجاح ثورة يناير كان يحتاج إلى خطة وحسن إدارة لها، وأن تكون مدروسة بشكل كاف، لتحديد الخطوات التالية والمطالب التى يحتاجها المجتمع.
أبرز خسائر ثورة 25 يناير هى تراجع المكاسب الاقتصادية، وانتشار الإرهاب فى سيناء، ونمو الاستقطاب بين فئات الشعب وخاصة بين الشباب.
ثورة 25 يناير أظهرت أسوأ ما فى المجتمع المصرى، من سوء استخدام لمواقع التواصل الاجتماعى والتنمر، وأصبحت هناك حالة من الانقسام، بدأت تلتئم مع الوقت مؤخرًا.
أما أخطر السلبيات التى ترتبت على ثورة 25 يناير، فهى مجئ الإخوان، وما أسفر عنه ذلك من زيادة كبيرة فى استخدام العنف، واتساع نطاقه، والصدام مع الأمن، إضافة إلى خسارة بعض الملفات نتيجة استثمار الخلافات والعنف والانشغال بالداخل كملف سد النهضة وبدء اثيوبيا بناءه فى ظل حالة الفوضى التى عمت مصر.
أما ايجابيات ثورة 25 يناير فتمثلت فى زيادة الرغبة فى المشاركة السياسية، وأصبح هناك دور للشباب، وبروز دور المرأة، والمكتسبات التى عادت عليها، سواء خلال قيام الثورة ودورها ومشاركتها فيها، أو بعد عام 2014 حيث تزايد دورها، وتوليها مناصب وزارية، وتم تمثيلها بشكل جيد فى البرلمان، كما شهدت مصر فى السنوات الأخيرة برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى لم يكن ليتحقق بدون وجود إرادة سياسية حقيقية، وتم تنشيط السياسة الخارجية لمصر، وعدم الاعتماد على قوة واحدة، وتنوع مصادر السلاح.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن ثورة 25 يناير الجيش المصرى ثورة 25 ینایر
إقرأ أيضاً:
أمريكا ترسل ٢٤ ألف بندقية لإسرائيل
اكد مسئول أمريكى أن إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تدرس إرسال 24 ألف بندقية هجومية إلى إسرائيل والتى تم احتجازها فى وزارة الخارجية بناء على أوامر أنتونى جيه بلينكين، وزير الخارجية السابق. بحسب نيويورك تايمز الأمريكية
وكان بلينكن قد طلب من وزارة الخارجية عدم المضى قدماً فى تلبية طلب إسرائيل، الذى يتألف من ثلاث دفعات بقيمة إجمالية تبلغ 34 مليون دولار. على إثر مخاوف المشرعين الديمقراطيين من امتلاك ميليشيات المستوطنين واستخدامها من جانب ضباط الشرطة الإسرائيلية فى أعمال عنف غير مبررة ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية.
وتشترى إسرائيل أكثر من ثلاثة أرباع البنادق المعلقة من شركة كولت.وأصبح المشرعون على علم بأمر بيع الأسلحة بعد أن قدمت وزارة الخارجية إخطارًا غير رسمى بالبيع إلى لجنتين فى الكونجرس بعد أسابيع قليلة من هجمات حماس فى إسرائيل فى أكتوبر 2023 والتى أشعلت ضربات عنيفة من قبل الجيش الإسرائيلى فى غزة. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الأمر أثار قلق المشرعين وبعض مسئولى وزارة الخارجية.
وكان وزير الأمن القومى ايمتار بن غفير قد صرح فى أكتوبر 2023 أنه سيزود المستوطنات بالسلاح وسينشئ ميليشيات مدنية لحماية المستوطنين.
وعندما سُئل أحد مسئولى وزارة الخارجية عن المخاوف بشأن كيفية استخدام البنادق، قال إن الأسلحة ستذهب فقط إلى «الوحدات الخاضعة لسيطرة الشرطة الوطنية الإسرائيلية»، فى إشارة إلى الشرطة الوطنية الإسرائيلية. لكن المسئولة، جيسيكا لويس، التى تدير المكتب المسئول عن نقل الأسلحة، لم تحدد هذه الوحدات.
وقد غادر بن غفير وحزبه الحكومة مؤخراً احتجاجاً على سلسلة جديدة من صفقات تبادل الأسرى بين إسرائيل والفلسطينيين.
وفى ديسمبر 2023، وافق المشرعون الديمقراطيون بشكل غير رسمى على طلب البنادق بشرط أن تقدم إسرائيل ضمانات مناسبة لاستخدامها، حسبما قال المسئول الأمريكى، ثم واصل المشرعون التعبير عن مخاوفهم بلينكين، الذى أمر فى النهاية باحتجاز البنادق.
وفى منتصف الشهر الماضى، أبلغ البيت الأبيض البنتاجون أنه قد يرسل شحنة كبيرة من القنابل التى يبلغ وزنها 2000 رطل إلى إسرائيل، والتى كان بايدن قد أوقفها فى الصيف الماضى فى محاولة لثنى إسرائيل عن إسقاط ذخائر ثقيلة على مدينة رفح الفلسطينية، وهو ما فعلته على أى حال. ويرى المسئولون العسكريون الأميركيون أن القنابل التى يبلغ وزنها 2000 رطل مدمرة للغاية بحيث لا يمكن استخدامها فى حرب المدن.
وأوضح مايك هاكابى، الذى اختاره ترامب ليكون السفير الأمريكى القادم إلى إسرائيل، أن الضفة الغربية بأكملها تابعة لإسرائيل واعلا يوجد شىء اسمه فلسطين.
يأتى ذلك فى ظل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لعقد اجتماع عمل مع ترامب بحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت والتى لفتت الى دعم الرئيس الجديد لإسرائيل.
وذكر موقع أكسيوس أن من المتوقع اجتماع ترامب ونتنياهو مرتين فى واشنطن يوم الثلاثاء المقبل، مرة من أجل اجتماع عمل والأخرى من أجل عشاء غير رسمى بصحبة زوجتيهما.
ومن المزمع أن يجرى الاجتماع، والذى أكدته حكومتا إسرائيل والولايات المتحدة هذا الأسبوع، وسط وقف هش لإطلاق النار مدته ستة أسابيع أدى إلى توقف مؤقت للقتال الذى استمر 15 شهراً بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) فى قطاع غزة.
من بين الموضوعات الرئيسية المدرجة على جدول الأعمال صفقة إطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار التى تم تنفيذها جزئياً والتى لا تزال قيد التطوير بين إسرائيل وحماس ودخلت حيز التنفيذ فى 19 يناير بعد أشهر من المفاوضات وبعد ضغوط مكثفة مارسها مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، الذى انضم إلى المحادثات حتى قبل أن يؤدى الرئيس الأمريكى الجديد اليمين الدستورية.