فى رواية دوستويفسكى الفقراء أو المساكين يعرض للكثير من اللمحات والخصال التى تحتويها نفسى الفقير.. وهى تحتاج منا الكثير والكثير من العرض.. لكننا سنتوقف عند نقطة واحدة هنا.. علاقة (مكار) و(فرفارا).. علاقة الحب الرومانسى وما فعله ذلك الحب فى داخله.. فقد تحول من كائن لآخر.. من كائن لا يثق بذاته إلى كائن يشعر بوجوده فى الحياة.
(... أنا أعرف فضلك علىّ يا يمامتى. أننى منذ عرفتك أخذت أعرف نفسى معرفة أصدق وأعمق، وأصبحت أحبك مزيدًا من الحب يومًا بعد يوم. كنت قبل أن ألقاك يا ملاكى الرقيق إنسانًا منعزلًا، إنسانًا لا يعيش حقًا، إنسانًا يشبه أن يكون نائمًا. كانوا جميعًا، أولئك التعساء، يزعمون أن لى دماغًا متحجرًا، وكانوا يهزءون بى ويسخرون منى صراحة، حتى صرت أحتقر نفسى بنفسى. كانوا يؤكدون أننى غبى أبله، حتى صدقت أننى كذلك فعلًا، فلما ظهرت لى، أضأت وجودى كله، وغمرت بالنور حياتى المظلمة القاتمة. صار كل شىء فىّ عندئذ مضيئًا: قلبى وروحى، وأخذ كل شىء يشع. وفزت بالطمأنينة الداخلية حين أدركت بفضلك أننى لست أسوأ من غيرى، فليس يعوزنى إلا البريق الخارجى، وشىء من اللمعان والمظهر، ولكننى إنسان بالقلب والفكر).
هنا نتوقف عند هذا الحديث لنكتشف أن الحب لديه القدرة على المعرفة والكشف.. معرفة الذات, وكشف قدراتها وممكناتها ووجدودها.. وإذا كان سقراط قد قال (أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك) فإننا يمكننا القول بأن الحب هو الذى يجعل الإنسان يعرف نفسه.. فنقول عن طريق الحب يعرف الإنسان نفسه.. والحب يجعل الذات تخرج من قوقعتها لتتجه للخارج.. الحب هو انفتاح الذات على العالم الخارجى أو بمعنى آخر.. الحب هو الذى يجعل الذات تشرق على الوجود، هو الذى يضىء القلب والروح.
فى الحب تكتشف الذات حالة من الراحة النفسية أو الطمأنينة.. طمأنينة أن الذات ليست فى حالة من الوحدة والعزلة.. الحب هو الذى يوجد تلك الطمأنينة الداخلية، لأنها تعيش حالة من التواصل مع.. لم تعد منفردة، لم تعد وحيدة.. إنه (الونس).. ومع الونس تسرى الطمأنينة داخل الذات.. هى طمأنينة ليست داخلية فقط وإنما أيضاً خارجيًا.. ذلك هو السحر الخاص بالحب.. إنه الحب النابع من القلب والعقل.. هو الحب القادر أن يتجاوز كل الواقع بمشتتاته ومنغصاته.. وتعرف الذات أن روعة الحب تكمن وتأتى من تلك اللحظة المتمثلة فى الطمأنينة والسكينة. الحب هو تصحيح الرؤية للذات.. فكل تصور سلبى للذات أو اعتقاد ذاتى متدن للذات، كل ذلك.. الحب له القدرة على تبديله إلى ما هو إيجابى.. بحيث ترى نفسها بشكل جيد وجديد.. بشكل فاعل وفعال سواء لذاته أو لمحيطه.. الحب هو القضاء على كل ما هو سلبى ليستحضر كل ما هو إيجابى وجميل ومزهر.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال– أكاديمية الفنون
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أكاديمية الفنون إنسان ا هو الذى الحب هو
إقرأ أيضاً:
ببعت كلام حب لبنت على السوشيال فهل علي ذنب؟ رد دار الإفتاء
أجابت الدكتورة وسام الخولي، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال شاب، حيث قال إنه معجب بفتاة، ويقوم بإرسال عبارات غزل لها عبر أحد التطبيقات الإلكترونية، من نوعية "بحبك" و"وحشتيني"، متسائلًا عن مدى جواز هذا التصرف من الناحية الدينية.
وأوضحت أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال تصريح: "مجرد الشعور بالإعجاب أو الحب القلبي لا يُعد إثمًا شرعيًا، لكنه يصبح موضع مساءلة شرعية إذا ترتبت عليه سلوكيات أو أقوال محرّمة، والإعجاب أو الحب كشعور داخلي لا حُكم له في الشرع، لأنه أمر يقع في القلب ولا يملكه الإنسان، ولكن ما يترتب على هذا الشعور من أقوال أو أفعال، هو ما يحمل الحكم الشرعي".
وأضافت: "إذا تحول هذا الإعجاب إلى تصرفات غير منضبطة، كالكلام الغزلي، أو التعرض للفتاة في أي موقف بشكل غير لائق، فهنا نقع في دائرة الحرام، لأن هذه السلوكيات مخالفة للشرع، ولا تجوز".
وعن طريقة التعبير عن هذه المشاعر بشكل صحيح، شددت الخولي على أهمية اللجوء للطريق الشرعي، قائلة: "إذا أحب شاب فتاة، فعليه أن يتوجه إلى أهلها ويتقدّم لخطبتها بشكل رسمي ومحترم، كما نظم لنا الشرع الحنيف.. أما الإفصاح عن مشاعر الحب خارج هذا الإطار، وخاصة إذا تم ذلك عبر وسائل غير واضحة الهوية كالتطبيقات التي لا تُظهر اسم المرسل، فهو أمر مرفوض شرعًا ويُعد من السلوكيات الخطيرة".
وتابعت: "كون الفتاة لا تعرف من يرسل لها هذا الكلام لا يُبرر هذا الفعل، لأن الأصل أن الإنسان يتحرى الحلال في كلامه وسلوكياته، سواء أكان معروفًا أو مجهولًا.. الإفصاح بهذا الشكل يعد تعديًا شرعيًا ويقع فيه الإثم".
وأضافت: "النبي قال: من عشق فعفّ، فكتم، فمات، فهو شهيد، وهذا الحديث يدل على فضل كتمان المشاعر ما دام لا يُمكن التعبير عنها في إطار شرعي، فالأولى في هذه الحالات أن نكتم، أو نسلك الطريق الصحيح، لا أن نبوح بما لا يليق في غير موضعه".