هل يحاول الإعلام قتل التاريخ الآن؟
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
واجهني هذا السؤال في إحدى الصفحات الإلكترونية: "هل يمكن أن نرى في المستقبل نهاية لدور المؤرخين إذا اعتبرنا الإعلام تغطية للأحداث التاريخية؟". إن هذا السؤال الذي يبدو متوقعًا للوهلة الأولى، لكنه يحمل في طياته الكثير من التهديدات للمستقبل القريب قبل البعيد. إذ أننا كدارسين للإعلام جميعًا ندرس مادة تجعلنا نستخدم المادة الإعلامة فيما اصطلح على تسميته بالتوثيق، أي تقديم المادة الوثائقية مما يقدمه الإعلام.
تقدمت قدرات المؤسسات الإعلامية مع الوقت. إذ أتاحت التكنولوجيا أشكالًا جديدة من المتابعة الفورية الحية المصحوبة بتسجيل مرئي ومسموع للأحداث، يمكن حفظه والرجوع له دون التدخل في تحويله لمادة وثائقية يمكن حفظها والرجوع لها للتأريخ. لكن هل يمكننا أن نطالب الإعلامي بالتجرد من ذاتيته في التعببر عن رأيه في مواد الرأي حتى لو أشار بوضوح إلى أن هذا رأي لا علاقة له بالأحداث الموضوعية؟ إن الإعلام في حد ذاته يحمل فنونًا مختلفة للرأي، ولها أصول علمية ومهنية في كتابتها بحيث لا يختلط الرأي بالحقيقة، إلا أن المادة التاريخية بعد فترة من الزمن حين تتحول لتاريخ نجد أن تحليل آراء من كتبوها يكتسب قوة تاريخية في حد ذاته. حينها تثار تساؤلات حول طبيعة المادة الوثائقية التي سيتفهمها الجيل القادم، وليس تلك التي يقدمها الإعلامي في الوقت الحالي.
يتضح لقراء التاريخ أن المؤرخين لجأوا في إثباتهم لبعض حقائق التاريخ إلى أعمال فنية مسرحية إعلامية، كما حدث في تأريخ أحداث طروادة والتاريخ الإغريقي من خلال العودة لملحمة هوميروس الشعرية. يرى المؤرخون أن الإعلام والأدب يقدمان إنعكاسًا للأحداث في الفكر الإنساني بأشكال مختلفة تعبر عن العصر الذي عاش فيه الكاتب. ترى في انعكاس هذا الفكر أمارات حرية التعبير وملامح الحضارة والمراكز الاجتماعية المختلفة للأفراد، وحالات التغير الفكري الناتجة عن الحروب وتعاقب الحكومات المختلفة. إلا أن كل ذلك يظل رهينًا برؤية من كتب.
ويعتقد جانب آخر من المؤرخين أن المؤرخ ذاته، الذي لا يسمح له بأن يقدم رأيًا شخصيًا بشكل صريح كالإعلامي، لا يمكنه أن يخرج من ذاتيته. إلا أن ندرة عدد المؤرخين والأسلوب العلمي المعتمد للبحث عن موثوقيتهم يجعل الأمر أسهل في التأكد من سلامة ما يكتبون. نجد أن جانبًا من التراث يرى أن التاريخ يكتبه الأقوياء، وهم من يسمحون لبعض المؤرخين بأن يكونوا مؤرخين من الأساس. لكن هذا أيضًا يظل تبريرًا شخصيًا في كثير من جوانبه، إذ لم يدخر من تلوا حتشبسوت وسعًا في إخفاء ملامح كثيرة من عصر حكمها، مع ذلك وجدنا ما مكننا من تكوين فكرة شبه كاملة عن هذا العصر. اعتمد ذلك على غير المؤرخين الرسميين أحيانًا كالفنانين.
يختلف الأمر فيما يخص التوثيق الإعلامي، لا سيما وأن تعريف الإعلامي الآن اتسع لدرجة كبيرة حتى أنه ضم صانعي محتوى التواصل الاجتماعي وأي مشارك في نشر أي مضمون بأي طريقة تحت عباءة المواطن الصحفي. ترى هل نحن الآن بحاجة لحماية التاريخ، أم أن كل الضوضاء لا تدخل التاريخ بحكم حماية التاريخ لنفسه بطريقة تشبه حركة الطبيعة؟. هل نحن في فترة يتغير فيها التأريخ نحو شكل جديد يمتزج فيه بالإعلام؟ أم يتدخل فيه الإعلام في التأريخ عن طريق إضافة تسجيل حالي باقٍ لفترة طويلة لهذا التأريخ؟. إنني أرى أن الإنسان يختار أساليب تعبيره حسب حاجة عصره، وما نعيشه تعبير عن حاجة العصر، لذا يستحق أن يقنن له أسلوب تأريخ جديد سنناقشه وفق قوانين محكمة في المقال القادم إن شاء الله.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الصفحات الإلكترونية
إقرأ أيضاً:
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي أودت بحياة مئات الآلاف
استحضارا لما حدث قبل 20 عاما، قرر الإندونيسيون إحياء ذكرى تسونامي الذي ضرب دولا آسيوية، وراح ضحيته أكثر من 230.000 شخص. وخشية من تكرار الكارثة، باتت السلطات تهتم بالتوعية، ولا تكتفي بعرض لافتات كُتب عليها (باللغة الإندونيسية) "أنت في منطقة معرضة للتسونامي"
اعلانشاركت مجموعة متنوعة من طلاب المدارس الثانوية في تدريبات التأهب للزلازل، ضمن الأنشطة المخلدة لذكرى واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في تاريخ البشرية. وخرج الطلاب والطالبات من المدارس، وكأنهم يستجيبون فعلاً لتحذير داعٍ ينذرهم بوقوع تسونامي جديد، فمثلوا الدور وكأن الحادث وقع فعلا.
فنانون يؤدون عرضا فنيا خلال عرض مسرحي يصور كارثة تسونامي خلال إحياء ذكرى مرور 20 عاما، في أتشيه في باندا أتشيه بإندونيسيا، السبت 14 ديسمبر/كانون الأول 2024.Achmad Ibrahim/APويستحضر السكان هناك تلك الطامة الكبرى، حينما هاجت الأمواج العاتية في المحيط الهندي، إبان عيد الميلاد، عام 2004، ووقع زلزال تجاوز قوته 9 درجات على مقياس ريختر، ضرب سواحل جزيرة سومطرة الأندونسية، وهاجت الأمواج، وحلقت في الهواء، في ارتفاع تجاوز 17 مترا، واجتاح المد شواطئ دول عديدة في المنطقة، كان أكثرها تضررا، بعد إندونيسا: تايلاند والهند وسريلانكا.
لقطة جوية باستخدام طائرة بدون طيار، تُظهر مسجد رحمة الله في قرية لامبوك، إحدى أكثر المناطق تضررا من تسونامي 2004، في أتشيه بيسار، إندونيسيا، الخميس 12 ديسمبر/كانون الأول 2024.Achmad Ibrahim/Copyright 2024 The AP. All rights reserved.وتُظهر الصور مدى تمسك السكان بأرضهم ووطنهم، واستعدادهم للعيش في تلك المناطق، رغم أن قرى بكاملها قد سُويت بالأرض جراء الأمواج العاتية التي قتلت أكثر من 150 ألفا في أندونيسيا وحدها.
Relatedزلزال بقوة 7.1 درجة يهز جنوب اليابان: تحذيرات من تسونامي وتفتيش للمفاعلات النوويةفيضانات وانهيارات أرضية في إندونيسيا.. وفاة 27 واستمرار عمليات الإنقاذتغير المناخ أحدث موجات تسونامي هزت الأرض 9 أيامإندونيسيا: عمليات إجلاء مستمرة مع استمرار ثوران بركان جبل ليوتوبي "لاكي لاكي"كما تظهر الفيديوهات مناطق أعيد بناؤها، وصارت تتزين بعشرات آلاف المباني السكنية والتجارية والحكومية، فضلا عن بناء المدارس في المنطقة التي شهدت فعليا دمارا شاملا في 2004.
واستذكارا لذلك اليوم الأليم، تقول السيدة تريا أسناني، مدرسة ثانوية في إندونيسيا: ”عندما يسألني الناس كيف نجوت، أقول لهم: الله وحده يعلم. فأنا لا أجيد السباحة. وكان اعتمادي على الدعاء وذكر الله، لأنني آمنت بأننا إذا كنا مع الله فالله أكبر“.
ومن اللافت أن الكارثة تسببت في توحيد الناس، بغض النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم، فصار إحياؤها يشمل الصلوات عند كثير من أتباع الملل والنحل، وخصوصا: المسلمين والمسيحيين والبوذيين.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعية خلابة إل ألتو البوليفية: "المنازل الانتحارية" مهددة بالانهيار والسكان يصرون على البقاء احتفال بالريادة في مجال الاستدامة في إندونيسيا.. شركات في خدمة المجتمع والبيئة عيد الميلادإندونيسياتسوناميذكرىاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next إسرائيل تواصل قصف غزة موقعة قتلى وجرحى والحوثيون يستهدفون تل أبيب بصاروخ باليستي يعرض الآن Next ألمانيا: الشرطة تفتش منزل المشتبه به في تنفيذ هجوم سوق الميلاد بماغديبورغ يعرض الآن Next صاروخ باليستي من اليمن يسقط في تل أبيب ويصيب 16 شخصاً بجروح طفيفة يعرض الآن Next هجوم بطائرات مسيّرة يستهدف مدينة قازان الروسية ويتسبب بأضرار مادية يعرض الآن Next من التشويق إلى الدراما.. أفضل أفلام عام 2024 عليك أن تشاهدها قبل نهاية العام اعلانالاكثر قراءة القيادة المركزية الأمريكية تعلن عن تصفية "أبو يوسف" زعيم داعش في سوريا آيتان على سقف قصر السيسي ومُلْك فرعون الذي لا يفنى.. صورة الرئيس المصري تشعل مواقع التواصل عاجل. ألمانيا: 5 قتلى على الأقل وإصابة 200 شخص بعملية دهس بسوق عيد الميلاد واعتقال مشتبه به سعودي الجنسية إصابة شاب بنيران الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة في ريف درعا السورية بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية.. هل تعلم أن للأسد 348 اسمًا؟ اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومضحاياسورياهيئة تحرير الشام قطاع غزةبشار الأسدألمانياأبو محمد الجولاني الصراع الإسرائيلي الفلسطيني اعتداء إسرائيلقصفإسرائيلروسياالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024