11 محافظة وتطلعات الاستثمار الحقيقي
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
تتطلع سلطنة عمان إلى مستقبل مزدهر تجاه جميع المحافظات، انطلاقا من نهج (اللامركزية)، الساعي إلى بسط التنمية في ربوع البلاد، وفتح آفاق أرحب لتطوير المحافظات، والتوجه إلى الاستثمار فيها واستغلال إمكانياتها ومقوماتها الاستراتيجية، ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والتراثية والثقافية والسياحية.
ووضعت الحكومة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ القواعد المتينة، للانتقال بالمشاريع في المحافظات إلى مستويات متقدمة، تلبي متطلبات المرحلة الحالية التي تعمل فيها البلاد، على تحقيق رؤية عمان 2040، التي وضعت ضمن مستهدفاتها تطوير المحافظات، وتشجيع الاستثمار فيها، واستغلال الإمكانيات المتاحة التي تزخر بها المحافظات.
وبما أن التنمية في المحافظات، تحتاج إلى عمل متكامل، وشراكة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع، فقد عملت الحكومة على إيجاد جسور من الشراكة بين كافة القطاعات، لتحقيق التطلعات المستقبلية للمحافظات، حيث تم العمل على إيجاد قنوات من التواصل بين المجتمع والجهات الحكومية من خلال تعزيز صلاحيات المجالس البلدية، والمديريات بالمحافظات والولايات، ورفع مخصصات المحافظات من (10) ملايين ريال إلى (20) مليون ريال لكل محافظة خلال سنوات الخطة الخمسية الحالية (2021-2025) ابتداء من عام 2022، وغيرها من المبادرات الحكومية الساعية إلى تذليل كافة الصعاب والمعوقات من أجل بناء منظومة مشاريع استثمارية في كل محافظة.
إن لكل محافظة من محافظات سلطنة عمان الـ11، إرث تزخر به، وتنوع بيئي وتراثي وثقافي فريد، تستطيع من خلاله كل محافظة البدء في إقامة مشروعات على مستويات عدة، وفي مجالات متعددة، تسهم في تعزيز الوضع الاقتصادي والاستثماري للمحافظات، وإيجاد خريطة للمشاريع عبر استغلال المقومات التي تتميز بها كل محافظة، والعمل على إيجاد مشاريع استثمارية نوعية ذات مردود اقتصادي، يسهم في تحسين المستوى الاجتماعي لأبناء المحافظة، وتعزيز جذب الاستثمار وانتعاش المشاريع المتوسطة والصغيرة، خاصة تلك التي يعمل بها الشباب في الولايات.
ويأتي توجيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بضرورة وضع خطة زمنية لتطوير «الجبل الأبيض» وقرية «وكان»، ويتم بموجبها استكمال البنى الأساسية اللازمة، وتهيئة الظروف المناسبة لتطويرهما لما تتميزان به من الممكنات، وما تحيط بهما من المقاصد السياحية، الأمر الذي يجعل منهما وجهتين مهمتين للرحلات والتخييم وسياحة المغامرات، ولفتح المجال لاستكشاف مناطق ذات جذب لهوايات أخرى، في كل محافظة من محافظات سلطنة عمان، وقد تكون بعض المناطق متشابهة في الجذب والمقومات، وبعضها ينفرد بميزة معينة، وهذا الأمر يضيف لها بعدا آخر يسهم في تعزيز المشاريع السياحية في سلطنة عمان، وسيكون لها الأثر المستقبلي كقيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
لقد أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على أهمية قيام المحافظين بالتركيز على المواقع السياحية في المحافظات، ووضع الخطط المناسبة لإقامة الأنشطة والفعاليات السياحية التي تجذب الزائرين لتلك المواقع وتشغل في الوقت ذاته البرنامج السياحي لهم، كما تسهم في زيادة عدد الزائرين للمواقع على مدار العام، وهذا التأكيد من لدن جلالته ـ أبقاه الله ـ هو دعوة للجميع على ضرورة المساهمة في العمل على الجذب السياحي من خلال إقامة فعاليات تجذب السياح والزوار، حيث إن جذب السياح لفعالية أو مهرجان، في أي ولاية من ولايات سلطنة عمان سيسهم بلا شك في إثراء العديد من الجوانب التجارية والسياحية، ويوفر بيئة استقطاب للعنصر البشري الباحث عن الترفيه والمتعة واستغلال أوقات الإجازات.
إن واقع الاستثمار وتنفيذ المشاريع بالمحافظات، يحتاج أيضا لمشاركة الشباب بأفكارهم في تنفيذ المشاريع، والإسهام مع الجهات ذات العلاقة ومكاتب المحافظين، في بلورة مشاريع ذات جذب سياحي واستثماري، حيث ينبع ذلك من أهمية الشراكة بين الجميع لتحقيق التطلعات المستقبلية الرامية لتحقيق مزيد من الازدهار والتنمية للمحافظات التي بدورها سوف تسهم في تنمية مجتمعية توفر الكثير من الفرص للشباب.
ولعل المشاريع التي فازت في محافظات ظفار ومسندم وجنوب الباطنة متمثلة في مشاريع «بوليفارد الرذاذ» في منطقة أتين بولاية صلالة، ومشروع تطوير «خليج آيمس» بولاية خصب بمحافظة مسندم، ومشروع «رمال بارك» الذي يقع بـ(خبة القعدان) بولاية نخل بمحافظة جنوب الباطنة، هي باكورة مشاريع الجذب الاستثماري والسياحي في المحافظات، التي بلا شك سيكون لها الأثر الإيجابي الكبير في تعزيز المشاريع بالولايات والمحافظات، لذلك فإن بقية المحافظات عليها العمل لإيجاد مشاريع ذات بعد سياحي واستثماري يحقق العائد الاقتصادي المرجو لأبناء المحافظة، ويوفر فرصا سياحية للقطاع السياحي في سلطنة عمان.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی المحافظات سلطنة عمان کل محافظة
إقرأ أيضاً:
خبراء: الشراكة مع القطاع الخاص مفتاح لتحقيق التنويع الاقتصادي المستدام
أكد خبراء اقتصاديون أن خطط التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان تؤدي دورا محوريا في تعزيز الاقتصاد المحلي وتقليل تأثير تقلبات السوق العالمية، وأسعار النفط.
وقالوا في استطلاع أجرته "عُمان" إن تحقيق التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان يتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا، ولفتوا إلى أهمية تبنّي سياسات مالية ونقدية مرنة لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، مشيرين إلى أن سلطنة عُمان تبدو في طريقها لتحقيق اقتصاد متنوع ومستدام، قادر على مواجهة التقلبات العالمية، وتعزيز النمو الاقتصادي بما يتماشى مع رؤية عمان 2040.
وأوضح الخبير الاقتصادي الأستاذ الدكتور سعيد المحرمي أن الحكومة لا يمكنها أن تكون الفاعل الوحيد في قيادة الاقتصاد، بل يجب أن يكون دورها تنظيميا وإشرافيا ورقابيا، بينما يتولى القطاع الخاص مهمة الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية والمحافظات، مضيفا: يتطلب الاستثمار في جميع القطاعات أموالًا طائلة واستدامة طويلة الأمد، وهو ما يجعل من الضروري إشراك القطاع الخاص بفاعلية في دعم التنمية الاقتصادية وتتبنّى حوافز تعزز ثقة المستثمرين.
وأضاف المحرمي أن تعزيز استثمارات القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية يحملان فوائد اقتصادية متعددة، من أبرزها تنويع مصادر الدخل؛ من خلال فرض الضرائب على الأرباح والرسوم الجمركية، مما يقلل من الاعتماد على النفط، وتخفيف العبء على الحكومة عبر توفير فرص عمل جديدة للمواطنين، وتقليل الحاجة إلى التوظيف في القطاع الحكومي، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ من خلال ربطها بسلاسل الإمداد الخاصة بالشركات الكبرى، مما يعزز نموها واستدامتها، وتحسين الميزان التجاري وميزان المدفوعات؛ من خلال زيادة الصادرات، وتقليل الواردات، والحد من التحويلات النقدية إلى الخارج، مما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وشدد المحرمي على أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي المفتاح الرئيسي لتحقيق تنويع اقتصادي مستدام، مشيرا إلى أن تعزيز البيئة الاستثمارية وتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين سيجعلان من سلطنة عُمان وجهة جاذبة لرؤوس الأموال المحلية والدولية.
من جهته أوضح محمد بن حسن العنسي، عضو مجلس الشورى ورئيس لجنة سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عُمان أن ارتفاع أسعار النفط يسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي من خلال دعم المشاريع الاقتصادية وخلق فرص العمل، مشيرا إلى ضرورة تسريع تنفيذ سياسات التنويع الاقتصادي وإيجاد بدائل مستدامة للحد من الاعتماد على النفط، خاصة أن تقلبات الأسواق العالمية تفرض تحديات على الاقتصاد العُماني.
وتابع العنسي: إن تعزيز استثمارات القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية يعدان عنصرين أساسيين لدعم التنويع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تتماشى مع رؤية عُمان 2040، التي تهدف إلى تعزيز التنافسية وخلق فرص استثمارية جديدة لتحقيق التنمية المستدامة.
القطاعات الواعدة
وقال الخبير الاقتصادي مصطفى بن أحمد بن سلمان اللواتي إن سلطنة عمان تمتلك إمكانات كبيرة لتنويع اقتصادها، خاصة في قطاعات السياحة، الصناعة والطاقة المتجددة، لافتا إلى ما تمتلكه من فرصة كبيرة للاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة، مثل الهيدروجين الأخضر، مما يعزز مكانتها الإقليمية في مجال الطاقة المستدامة.
وأشار إلى أن تطوير بيئة الأعمال يعَد عنصرا أساسيا لجذب المستثمرين، مؤكدا أن تبسيط القوانين والإجراءات، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز المناطق الاقتصادية الخاصة مثل الدقم وصحار ستسهم في تعزيز مكانة سلطنة عُمان كمركز تجاري إقليمي.
كما أن تعزيز حضور سلطنة عمان في المعارض التجارية العالمية ومنتديات الاستثمار سيُسهم في عرض الفرص الاقتصادية وجذب المستثمرين الدوليين، لافتا إلى أهمية تبنّي استراتيجيات متكاملة ومتزامنة لتحقيق التنويع الاقتصادي والاستفادة من المزايا الطبيعية التي تمتلكها سلطنة عمان.
واختتم حديثه قائلًا: تتمتع سلطنة عُمان بمقومات اقتصادية قوية تجعلها وجهة جاذبة للاستثمارات الدولية، وإذا تم استغلال هذه العوامل بفعالية سيكون لها مستقبل اقتصادي أكثر استدامة ومرونة في مواجهة التحديات العالمية.
من جانبها، أكدت الدكتورة حبيبة المغيرية، أكاديمية وخبيرة اقتصادية أن سلطنة عمان شهدت تحسنًا في البيئة الاستثمارية خلال السنوات الأخيرة؛ بفضل الإصلاحات التشريعية وتطوير الخدمات الرقمية لتسهيل الإجراءات للمستثمرين، حيث أطلقت عدة مبادرات وطنية مثل برنامج نزدهر، وبرنامج إقامة مستثمر، وصالة استثمر في عمان، والتي أسهمت في تعزيز ثقة المستثمرين وتحقيق نسبة رضا بلغت 94%. وأضافت أن الحكومة تعمل على تطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة، والاتصالات، والخدمات المالية، مما يعزز من جاذبية الاستثمارات الأجنبية.
وتابعت حديثها قائلة: لضمان استدامة الخطط الاقتصادية لمواجهة التقلبات العالمية يوصي الخبراء باتخاذ إجراءات استراتيجية تركز على المرونة على المدى القصير والاستدامة على المدى الطويل وذلك بالعمل على التنوع الاقتصادي بالاستثمار في عدة قطاعات لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على الاقتصاد الريعي (النفط) لتجنب مخاطر تقلبات أسعار الطاقة ولذلك تبذل الحكومة جهدا لهذا التوجه بالإضافة إلى تعزيز السياسات المالية والنقدية من خلال الحفاظ على الموازنة، وخفض الدين الحكومي، وتنفيذ سياسات نقدية مرنة للاستجابة للتضخم وتغيرات أسعار الفائدة.
وبيّنت المغيرية أنه للتخفيف من حدة المخاطر الناجمة عن الانكماش الاقتصادي أو النزاعات التجارية في أي بلد ينبغي أيضا إقامة شراكات تجارية قوية عبر مناطق وأقاليم متعددة حيث يوصي الخبراء بتعاون القطاع العام مع القطاع الخاص والذي ينتج عنه تعزيز الاستثمار في البنية الأساسية، والتكنولوجيا، والإبداع لمعالجة التحديات المحلية والعالمية، كما أن دعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة يؤدي دورا مهما في النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، مما يسهم في حماية الاقتصادات من الاضطرابات واسعة النطاق.
اقتصاد متنوع ومستدام
أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور قيس السابعي أن اعتماد سلطنة عمان على النفط يجعلها عرضة لتقلبات الأسواق، مشيرًا إلى أن التوجه نحو اقتصاد المعرفة والابتكار سيكون مفتاحًا لتحقيق الاستدامة الاقتصادية.
وأفاد السابعي بأن القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية يمثلان أحد الحلول الأساسية للحد من الاعتماد على النفط؛ فالقطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للاقتصاد، حيث يسهم في تطوير رأس المال البشري، وتحفيز الكفاءات، ودعم التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، والأتمتة، والتحول الرقمي. أما الاستثمارات الأجنبية، خصوصًا من الشركات الكبرى، فهي تؤدي دورا محوريا في تحريك رؤوس الأموال ونقل التكنولوجيا المتقدمة، مما يعزز الاقتصاد المحلي والدولي.
وقال السابعي إن سلطنة عُمان تتجه نحو تطوير قطاعات جديدة مثل السياحة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا، وهو ما سيعزز قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
وأضاف أن الموقع الجغرافي المتميز لسلطنة عمان يمنحها ميزة تنافسية كبيرة، مما يمكنها من أن تصبح مركزا تجاريا إقليميا عبر تطوير الموانئ والمناطق الاقتصادية الخاصة.