رئيس علماء المسلمين الجزائرية لـ عربي21: الأمة آثمة إذا تركت أهل غزة للجوع
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
قال الشيخ عبد المجيد بيرم رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر: "إن الأمة التي تترك جزءا من شعب غزة يموت جوعا وهي قادرة على إطعامها آثمة وفقا لما قرر علماء المسلمين".
وأضاف الشيخ بيرم في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "من الناحية الشرعية، قرر العلماء أنه إذا كان المرء في حاجة إلى مساعدة ووقف جاره موقفا سلبيا منه وتركه يموت، بدون أن يمد يد له المساعدة فهو آثم.
ورأى الشيخ بيرم، "علاج هذا الإثم يحتاج إلى عمل طويل الأمد حتى لا يتكرر هذا الخطأ وهذا الوضع البائس الذي نعيشه اليوم".
وقال: "لو أصدرت مائة فتوى بأنه لا يجوز ترك الناس يموتون جوعا وأنه حرام وفيه إثم فما الذي سيتغير في الواقع؟ بغض النظر على الموقع الذي يحتله المرء كل واحد منا مسؤول عن الدائرة التي هو فيها.. وعليه أن يعمل بكل وسيلة يمكنه بها إنقاذ إخوتنا من الموت بالجوع والعطش"..
وأضاف: "طبعا سنة الله جارية في الكون ولا تتخلف، ولكن الإنسان لا يستطيع أن يقول هل أن الله سيعجّل لمن تخاذل العقوبة فهذا أمر غيبي.. لكن المؤكد أن هذا الموقف السلبي فيه إثم كبير، والأمة في تخاذلها عن مد يد العون والمساعدة إلى إخوتهم آثمة.. والمطلوب هو العمل لتغيير هذا الواقع، والتغيير يحتاج إلى وقت وإعداد طويل، وإعادة اللحمة إلى هذه الأمة التي تمزقت، حيث أن المسلم لم يعد يشعر بألم أخيه المسلم، وهذا مشكل يحتاج إلى علاج".
وتابع: "هنا يأتي دور الدين لإحياء هذه المعاني في النفوس.. لا يجب أن ننتظر لتوقف المأساة لمعالجة المشكل.. المفروض أن نشتغل قبل ذلك.. ونسأل الله أن يعجل بالفرج".
وأكد بيرم أن "الفلسطينيين في غزة يعيشون مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، وقال: "يكفي أن الصور التي تتناقلها إلينا الفضائيات تفطّر الأكباد فعلا، ولذلك فإن كل من يستطيع أن يمدهم ويخفف معاناتهم هذا يصبح واجبا.. والأقربون أولى بالمعروف، أعني المجاورين لغزة".
وقال: "للأسف الشديد على المستوى الدولي، وحتى العربي الدول عاجزة عن إدخال قوارير ماء لأهل غزة، هذا وضع بائس جدا.. لكن أقول ما لا يدرك كله لا يترك جله.. على مستوى المنظمات الدولية والجمعيات الخيرية أن تتحرك لإنقاذ إخوة لنا وأهالينا في غزة من الجوع المحتم فعلا".
وذكر أن "الجانب الرسمي هو ما تقوم به الدول خصوصا الدول العربية ودول الجوار والقريبة، والهيئات الدولية وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي باعتبار أن القضية عربية إسلامية، وأيضا حتى المنظمات الإنسانية التي تقوم بهذا الشأن فلها قنواتها وطرقها للإيصال والمطالبة.. وعلى المستوى الشعبي المجتمع المدني فيه لجان إغاثية تجمع وتحاول أن تقدم هذه المساعدات إلى إخواننا".
وأعرب عن أمله أن يتوقف هذا العدوان وتفتح المجال لإيصال المساعدات العاجلة إلى غزة، وقال: "الحمد لله الخير لا يزال في هذه الأمة إلى يوم القيامة، هناك ناس لديهم استعدادات كبيرة لتقديم العون لأهلنا في فلسطين وغزة على وجه الخصوص.. وفي جمعية العلماء باعتبار أن لدينا لجنة الإغاثة إن شاء الله نساهم بالشيء الذي نستطيع المساهمة به، والشعب الجزائري شعب كريم ومعطاء وإن شاء الله نغيث إخواننا بما نستطيع فعله، والدولة الجزائرية قد أرسلت من قبل حوالي 4 طائرات إلى غزة، لكن للأسف لم يسمح إلا بإدخال الدواء والباقي ينتظر الإذن للإدخال.. نأمل أن تتوقف الحرب وتفتح المعابر ويرفع الضيم عن أهلنا في غزة".
ولفت بيرم الانتباه إلى أن "الكلام لا يشبع بطنا جائعا"، وقال: "الواقع يعكس الوضع المأساوي الذي تعيشه الأمة، وضع مأساوي بأتم معنى الكلمة، هنالك عجز عربي وإسلامي في إدخال المساعدات لأهلنا في غزة، والمفترض أن هذا الواقع المر، يجعلنا نراجع أنفسنا من أجل التغيير"..
وأنهى بيرم تصريحاته بالتأكيد على أن مصير الصمود هو الانتصار، وقال: "إخوتنا في فلسطين 70 سنة يواجهون الاحتلال الاحتلال وغزة تحت الحصار منذ نحو عقدين من الزمن، وما يجري منذ 7 من أكتوبر الماضي هو صرخة في وجه هذه المعاناة والظلم.. وثمن الحرية باهظ".
وأضاف: "الشعب الجزائري سنة 45 بعد الحرب العالمية الثانية خرج للتظاهر للمطالبة باستقلاله فكان جزاؤه قتل حوالي 45 ألف والبعض تحدث عن 70 ألف شهيد.. فهذا جزء من ضريبة الحرية التي يقدمها الشعب الفلسطيني.. وهذا فيه إعداد للمستقبل لأن الحرية لا تُمنح وإنما تُؤخذ، والواقع أثبت أن مسار المفاوضات لم يؤد إلا إلى المزيد من الانتهاكات.. ولذلك ندعو الله أن يكون ثمن هذا الذي يقدمه الشعب الفلسطيني هو بداية التخلص من هذا الكابوس البشع المجرم الذي لم نر مثله منذ الحرب العالمية الثانية"، وفق تعبيره.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان صحفي له أمس الإثنين عن نفاد كميات الطحين ومشتقاته والأرز والمعلبات التي كانت متبقية في محافظة شمال قطاع غزة منذ قبل حرب الإبادة الجماعية على غزة، وهذا الأمر يؤكد بدء وقوع مجاعة حقيقية يواجهها 400,000 مواطن من أبناء شعبنا الفلسطيني مازالوا متواجدين في المحافظة.
وذكر المكتب الإعلامي، أن "الاحتلال أجبر سكان محافظة شمال غزة على طحن أعلاف الحيوانات والحبوب بدلاً من القمح المفقود، وأصبحوا يواجهون مجاعة حقيقية في ظل استمرار العدوان وفي ظل تشديد الاحتلال للحصار على شعبنا الفلسطيني".
وأضاف: "تتعرض كل من محافظة شمال غزة ومحافظة غزة إلى حصار شديد ومطبق بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، حيث يمنع الاحتلال وصول أية مساعدات إلى تلك المحافظتين منذ بدء الحرب الوحشية، وتم تسجيل عشرات حالات الإعدام والقتل الميداني التي نفذها جيش الاحتلال لعشرات الشهداء حاولوا الحصول على الغذاء بمحافظتي غزة وشمال غزة".
وحمل الاحتلال "الإسرائيلي" كامل المسئولية عن المجاعة في محافظة شمال قطاع غزة، كما وحمّل المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والرئيس بايدن شخصياً المسؤولية أيضاً تجاه هذه الجريمة التي قال بأنها "تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتخالف كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضمن حق الحصول على الغذاء لأي إنسان، حيث منحوا الاحتلال الضوء الأخضر لارتكاب هذه الجرائم، ورفضوا وقف هذه الحرب الوحشية على قطاع غزة".
وناشد المكتب كل دول العالم الحر والمنظمات الدولية المختلفة بالعمل الجاد والفوري والعاجل من أجل إدخال المساعدات التموينية والإمدادات الغذائية لجميع أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة في محافظة شمال غزة ومحافظة غزة.
كما طالب كل العالم بوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ووقف شلال الدم ووقف قتل واستهداف المدنيين والأطفال والنساء.
ومنذ 109 أيام يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة علي قطاع غزة، خلفت حتى الاثنين "25 ألفا و295 شهيدا و63 ألف إصابة معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت بـ"دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة تصريحات الفلسطينيين الاحتلال تصريحات احتلال فلسطين غزة تجويع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی محافظة شمال قطاع غزة شمال غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الشهيد القائد وسيكولوجية الجماهير
محمد الجوهري
في كتابه الشهير “سيكولوجية الجماهير”، تحدث “غوستاف لوبون”، الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي الشهير، عن أهمية القيادة الواعية وضرورتها للجماهير، وكيفية تعاملها معها. وأكد أن القائد الفعلي هو الذي يدرك طبيعة الروح الجماعية ويستطيع توجيهها نحو أهداف إيجابية ومستدامة، وأن تجاهل الجماهير لتلك القيادة قد يؤدي إلى كوارث على المستويين الفردي والجماعي.
ومن المسلم به أن أغلب كوارث الأمة كانت بسبب انحراف في مفهوم القيادة، وتخلي الناس عن القائد الذي يعبر عن روح الجماهير وقضاياها العادلة. ولم نرَ قيادة قط تهتم بأمر الأمة إلا تلك الآتية من بيت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فهي النموذج المعبر عن المفاهيم النبيلة، كالحرية والعدالة والمساواة، وهي قيم مستمدة من الدين الإسلامي الحنيف. لكنها لم تجد سبيلاً في أوساط الأمة بعد وفاة الرسول، فكانت النتيجة هي الانحطاط الكبير للمسلمين، وهيمنة أعدائهم على الإنسانية كلها، وما الكيان الصهيوني إلا رمزٌ لسيطرة قوى الشر على العالم أجمع.
والشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، كان نموذجاً للقيادة التي تؤمن بأن الرسالة الإلهية كانت من أجل إنقاذ البشرية، وأن القائد المثالي هو من يهتم بأمر الأمة ويدافع عنها ويقدم حتى نفسه شهيداً في سبيل الله ونصرة المستضعفين، لأنه كان قائداً بحجم الأمة الإسلامية قاطبة، فحمل همومها كلها واتجه لمعاداة أعدائها الفعليين، حسب التوجيهات الإلهية والمنهج القويم.
ولأنه كذلك، فقد تحول السيد حسين نفسه إلى رمزٍ من رموز الحق، حتى بعد شهادته، وأصبح في حد ذاته علماً يفرز الناس إلى فريقين: حق صريح وباطل صريح. وهكذا كان كل الأنبياء والآمرين بالقسط من قبله، ولم يكن بدعاً من الهداة المهتدين، بل متمماً لمسيرتهم العظيمة، وناصراً لأهل الحق والمظلومين أينما كانوا.
ولأن أعلام الهدى يخاطبون الناس بلغة القرآن، فقد ترجم السيد حسين القرآن إلى واقعٍ عملي، وكشف مضامين الواقع من القرآن نفسه، فأعاد للكتاب الكريم قيمته في نفوس الناس، بعد أن رأوا فيه منهجاً عملياً يخاطب الحياة بكل مواقفها، وهو ما لم يتحقق على يد الدعاة المزيفين في زمن السيد حسن، وإن كثروا وضجت بهم المنابر والساحات.
مقولاته الخالدة “إن وراء القرآن من أنزل القرآن” هي عبارة فلسفية عميقة جداً، فالكتب التي بين أيدينا هي من مؤلفات بشر قضوا قبل سنوات وانتهى بذلك تأثيرهم في الحياة، أما القرآن فهو باقٍ لأن من أتى به يتولى رعاية من يعمل به. فهو كتاب حي يخاطب البشر في كل مواقفهم وتحركاتهم، ويظهر الواقع للمتبصرين فلا يضلون، سواءً في هذا العصر أو سائر العصور السالفة والمقبلة، وأنَّى لكتابٍ آخر أن يعطينا كل هذه البصائر، ومن هنا برزت حكمة السيد التي هي امتداد لنور الله عز وجل.
أضف إلى ذلك، أن الشهيد القائد، رضوان الله عليه، كسر كل الأصنام التي جمدت الأمة، سواءً ما كان منها على شكل كتب أو أسماء أو كيانات، وكانت سبباً في جمود المسلمين وتخاذلهم عن نصرة دينهم. ويكفي أن صرخته اليوم قتلت هيبة الطغاة بكل أشكالهم، وتجلت في الميدان كعصا موسى أو معول إبراهيم الذي حطم أصنام عصره. فكل ما يتعارض مع الصرخة ومشروعها هو من صنع اليهود، ولو كان على شكل عقائد باطلة.
إن القيادة الواعية، مثل تلك التي جسدها الشهيد القائد، تعتبر قادرة على توجيه الجماهير نحو المصير الأفضل. من الضروري أن نتذكر دائماً أن القيم النبيلة هي التي يجب أن تقودنا، وأن نتعلم من تجارب الماضي لنستشرف مستقبلاً مشرقاً. فلنستمر في السعي نحو تحقيق العدالة والحرية، ولنجعل من شهدائنا، مثل السيد حسين، قدوة لنا في العمل من أجل الحق والمظلومين.