قال الشيخ عبد المجيد بيرم رئيس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر: "إن الأمة التي تترك جزءا من شعب غزة يموت جوعا وهي قادرة على إطعامها آثمة وفقا لما قرر علماء المسلمين".

وأضاف الشيخ بيرم في تصريحات خاصة لـ "عربي21": "من الناحية الشرعية، قرر العلماء أنه إذا كان المرء في حاجة إلى مساعدة ووقف جاره موقفا سلبيا منه وتركه يموت، بدون أن يمد يد له المساعدة فهو آثم.

. الأمة بهذا الوضع تجاه غزة هي في إثم من دون شك.. الأمة آثمة من خلال هذا الموقف".

ورأى الشيخ بيرم، "علاج هذا الإثم يحتاج إلى عمل طويل الأمد حتى لا يتكرر هذا الخطأ وهذا الوضع البائس الذي نعيشه اليوم".

وقال: "لو أصدرت مائة فتوى بأنه لا يجوز ترك الناس يموتون جوعا وأنه حرام وفيه إثم فما الذي سيتغير في الواقع؟ بغض النظر على الموقع الذي يحتله المرء كل واحد منا مسؤول عن الدائرة التي هو فيها.. وعليه أن يعمل بكل وسيلة يمكنه بها إنقاذ إخوتنا من الموت بالجوع والعطش"..

وأضاف: "طبعا سنة الله جارية في الكون ولا تتخلف، ولكن الإنسان لا يستطيع أن يقول هل أن الله سيعجّل لمن تخاذل العقوبة فهذا أمر غيبي.. لكن المؤكد أن هذا الموقف السلبي فيه إثم كبير، والأمة في تخاذلها عن مد يد العون والمساعدة إلى إخوتهم آثمة.. والمطلوب هو العمل لتغيير هذا الواقع، والتغيير يحتاج إلى وقت وإعداد طويل، وإعادة اللحمة إلى هذه الأمة التي تمزقت، حيث أن المسلم لم يعد يشعر بألم أخيه المسلم، وهذا مشكل يحتاج إلى علاج".

وتابع: "هنا يأتي دور الدين لإحياء هذه المعاني في النفوس.. لا يجب أن ننتظر لتوقف المأساة لمعالجة المشكل.. المفروض أن نشتغل قبل ذلك.. ونسأل الله أن يعجل بالفرج".

وأكد بيرم أن "الفلسطينيين في غزة يعيشون مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، وقال: "يكفي أن الصور التي تتناقلها إلينا الفضائيات تفطّر الأكباد فعلا، ولذلك فإن كل من يستطيع أن يمدهم ويخفف معاناتهم هذا يصبح واجبا.. والأقربون أولى بالمعروف، أعني المجاورين لغزة".

وقال: "للأسف الشديد على المستوى الدولي، وحتى العربي الدول عاجزة عن إدخال قوارير ماء لأهل غزة، هذا وضع بائس جدا.. لكن أقول ما لا يدرك كله لا يترك جله.. على مستوى المنظمات الدولية والجمعيات الخيرية أن تتحرك لإنقاذ إخوة لنا وأهالينا في غزة من الجوع المحتم فعلا".

وذكر أن "الجانب الرسمي هو ما تقوم به الدول خصوصا الدول العربية ودول الجوار والقريبة، والهيئات الدولية وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي باعتبار أن القضية عربية إسلامية، وأيضا حتى المنظمات الإنسانية التي تقوم بهذا الشأن فلها قنواتها وطرقها للإيصال والمطالبة.. وعلى المستوى الشعبي المجتمع المدني فيه لجان إغاثية تجمع وتحاول أن تقدم هذه المساعدات إلى إخواننا".

وأعرب عن أمله أن يتوقف هذا العدوان وتفتح المجال لإيصال المساعدات العاجلة إلى غزة، وقال: "الحمد لله الخير لا يزال في هذه الأمة إلى يوم القيامة، هناك ناس لديهم استعدادات كبيرة لتقديم العون لأهلنا في فلسطين وغزة على وجه الخصوص.. وفي جمعية العلماء باعتبار أن لدينا لجنة الإغاثة إن شاء الله نساهم بالشيء الذي نستطيع المساهمة به، والشعب الجزائري شعب كريم ومعطاء وإن شاء الله نغيث إخواننا بما نستطيع فعله، والدولة الجزائرية قد أرسلت من قبل حوالي 4 طائرات إلى غزة، لكن للأسف لم يسمح إلا بإدخال الدواء والباقي ينتظر الإذن للإدخال.. نأمل أن تتوقف الحرب وتفتح المعابر ويرفع الضيم عن أهلنا في غزة".

ولفت بيرم الانتباه إلى أن "الكلام لا يشبع بطنا جائعا"، وقال: "الواقع يعكس الوضع المأساوي الذي تعيشه الأمة، وضع مأساوي بأتم معنى الكلمة، هنالك عجز عربي وإسلامي في إدخال المساعدات لأهلنا في غزة، والمفترض أن هذا الواقع المر، يجعلنا نراجع أنفسنا من أجل التغيير"..

وأنهى بيرم تصريحاته بالتأكيد على أن مصير الصمود هو الانتصار، وقال: "إخوتنا في فلسطين 70 سنة يواجهون الاحتلال الاحتلال وغزة تحت الحصار منذ نحو عقدين من الزمن، وما يجري منذ 7 من أكتوبر الماضي هو صرخة في وجه هذه المعاناة والظلم.. وثمن الحرية باهظ".

وأضاف: "الشعب الجزائري سنة 45 بعد الحرب العالمية الثانية خرج للتظاهر للمطالبة باستقلاله فكان جزاؤه قتل حوالي 45 ألف والبعض تحدث عن 70 ألف شهيد.. فهذا جزء من ضريبة الحرية التي يقدمها الشعب الفلسطيني.. وهذا فيه إعداد للمستقبل لأن الحرية لا تُمنح وإنما تُؤخذ، والواقع أثبت أن مسار المفاوضات لم يؤد إلا إلى المزيد من الانتهاكات.. ولذلك ندعو الله أن يكون ثمن هذا الذي يقدمه الشعب الفلسطيني هو بداية التخلص من هذا الكابوس البشع المجرم الذي لم نر مثله منذ الحرب العالمية الثانية"، وفق تعبيره.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، في بيان صحفي له أمس الإثنين عن نفاد كميات الطحين ومشتقاته والأرز والمعلبات التي كانت متبقية في محافظة شمال قطاع غزة منذ قبل حرب الإبادة الجماعية على غزة، وهذا الأمر يؤكد بدء وقوع مجاعة حقيقية يواجهها 400,000 مواطن من أبناء شعبنا الفلسطيني مازالوا متواجدين في المحافظة.

وذكر المكتب الإعلامي، أن "الاحتلال أجبر سكان محافظة شمال غزة على طحن أعلاف الحيوانات والحبوب بدلاً من القمح المفقود، وأصبحوا يواجهون مجاعة حقيقية في ظل استمرار العدوان وفي ظل تشديد الاحتلال للحصار على شعبنا الفلسطيني".

وأضاف: "تتعرض كل من محافظة شمال غزة ومحافظة غزة إلى حصار شديد ومطبق بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، حيث يمنع الاحتلال وصول أية مساعدات إلى تلك المحافظتين منذ بدء الحرب الوحشية، وتم تسجيل عشرات حالات الإعدام والقتل الميداني التي نفذها جيش الاحتلال لعشرات الشهداء حاولوا الحصول على الغذاء بمحافظتي غزة وشمال غزة".

وحمل الاحتلال "الإسرائيلي" كامل المسئولية عن المجاعة في محافظة شمال قطاع غزة، كما وحمّل المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية والرئيس بايدن شخصياً المسؤولية أيضاً تجاه هذه الجريمة التي قال بأنها "تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتخالف كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تضمن حق الحصول على الغذاء لأي إنسان، حيث منحوا الاحتلال الضوء الأخضر لارتكاب هذه الجرائم، ورفضوا وقف هذه الحرب الوحشية على قطاع غزة".

وناشد المكتب كل دول العالم الحر والمنظمات الدولية المختلفة بالعمل الجاد والفوري والعاجل من أجل إدخال المساعدات التموينية والإمدادات الغذائية لجميع أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة في محافظة شمال غزة ومحافظة غزة.

كما طالب كل العالم بوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ووقف شلال الدم ووقف قتل واستهداف المدنيين والأطفال والنساء.

ومنذ 109 أيام يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة علي قطاع غزة، خلفت حتى الاثنين "25 ألفا و295 شهيدا و63 ألف إصابة معظمهم أطفال ونساء"، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت بـ"دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب الأمم المتحدة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة تصريحات الفلسطينيين الاحتلال تصريحات احتلال فلسطين غزة تجويع المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی محافظة شمال قطاع غزة شمال غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة

عقد الجامع الأزهر اليوم الأحد جلسة من جلسات ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية عقب صلاة التراويح بالجامع الأزهر تحت عنوان «الشائعات»، بحضور نخبة من علماء الأزهر، حيث شارك في الملتقى الدكتور محمد أبو زيد الأمير، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الملتقى الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر.

وأكد الدكتور عبد الفتاح العواري أن الشائعات تمثل خطرًا داهمًا يهدد وحدة الأمة وتماسكها، ولذلك وضعت الشريعة الإسلامية سياجًا حصينًا لمنع انتشارها، وجاء الأمر الإلهي واضحًا في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوآ﴾، حيث لم تأتِ كلمة أخرى تغني عن «فَتَبَيَّنُوا»، لأن ديننا قائم على التبين والتثبت، ورسولنا ﷺ مكلف بالتبيين، كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾. فالشائعة قد تقتل بريئًا، أو تهدم بيتًا، أو تؤجج فتنةً، لذلك كان التثبت أمرًا إلهيا لا يقبل التساهل.

وأوضح أن الشائعات لها آثار مدمرة لا يمكن الاستهانة بها، فقد تسببت عبر التاريخ في إزهاق أرواح وسفك دماء دون وجه حق. ويكفي أن نرى كيف تنتشر بعض الأخبار الكاذبة فتثير الفوضى والاضطراب، مما يؤكد أن الشائعة ليست مجرد كلمة تُقال، بل سهم قاتل يُطلق بلا تفكير. فالمسلم مسؤول عن الكلمة التي ينطق بها، وعليه أن يكون عونًا على نشر الحق لا وسيلةً لترويج الباطل والفتن.

من جانبه، شدد الدكتور محمد أبو زيد الأمير على أن الشائعة جريمة ضد الإنسانية، فهي تهدد أمن المجتمع، وتزعزع استقرار الأسرة، وتثير الفتن بين الأفراد. ومروجها مجرم في حق دينه وأمته، إذ يسهم في نشر الفوضى وبث الرعب وإشاعة الفساد. ولذا حذرنا الله سبحانه من أمثال هؤلاء بقوله: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ﴾. فالشائعات قد تكون مغلفة بكلام معسول، لكن حقيقتها مريرة ومدمرة.

وأضاف أن مروج الشائعة شخص ضعيف الدين، خبيث النفس، منحرف التفكير، عديم المروءة، تتقاطر من كلماته الخسة والدناءة. فتراه ينشر الأخبار المغلوطة دون وازع من ضمير، متلذذًا بتخريب العلاقات وإثارة البلبلة. ولذا علينا جميعًا أن نكون حائط صد ضد الشائعات، فلا نردد كل ما نسمع، بل نتحرى الدقة ونتثبت قبل نشر أي خبر، حمايةً للمجتمع من الفتن والمخاطر.

و أوضح الدكتور عبد المنعم فؤاد أن الشائعات سلاح خطير يهدد استقرار المجتمعات، فقد تسببت في القطيعة بين الأحبة، وأثارت الفتن بين الأشقاء، بل وزعزعت استقرار الدول والأسر. ولذا عالجها الإسلام بحكمة من خلال صيدلية التثبت، حيث أمرنا الله سبحانه بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوآ﴾. فالمسلم لا يأخذ الأمور بالظن، لأن الظن أكذب الحديث، ومن ينشر الشائعات دون تحقق يقطع أواصر المحبة ويشيع الفوضى في المجتمع.

وأشار إلى أن الشائعات طالت حتى النبي ﷺ في حادثة الإفك، لكنه واجهها بالصبر والحكمة، حتى أنزل الله القرآن ليبرئ السيدة عائشة رضي الله عنها ويضع منهجًا للتعامل مع الأخبار الكاذبة. لذلك، على كل مسلم أن يكون مسؤولًا عن كلمته، فلا ينشر إلا ما تأكد من صحته، حتى نحفظ مجتمعاتنا من الانقسام والاضطراب.

مقالات مشابهة

  • روتايو “الحاقد” يوجّه تهديدات للجوية الجزائرية
  • عالم بالأوقاف يكشف أعظم نعمة يمنحها الله لعباده في الدنيا
  • المحاضرات الرمضانية.. تزكية النفس ومواجهة التحديات الخارجية
  • تعدد قضايا الأمة ووحدة الهدف: غزة تستنهض الضمير الإسلامي
  • المحاضرات الرمضانية .. نحو تزكية النفس ومواجهة التحديات الخارجية
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة
  • شيخ الأزهر: الأمة الإٍسلامية في أشد الحاجة إلى الوحدة لمجابهة تحديات العصر
  • مصر في مارس.. وحدة في الصوم بين المسلمين والمسيحيين
  • مائدة إفطار سنوية في الغردقة.. إرث المحبة الذي يجمع المسلمين والمسيحيين في رمضان
  • الرئيس اليمني في خطاب للشعب بمناسبة شهر رمضان : الأمة التي تجتمع على الخير لا تهزم أبدا