القدس المحتلة- قبل بزوغ الفجر يتجه 50 طفلا من كافة محافظات الضفة الغربية نحو القدس للانتظام في جلسات غسيل الكلى الخاصة بهم، والتي تتراوح بين 3 إلى 4 جلسات أسبوعيا.

في قاعة غسيل الكلى يتوزع الأطفال على الأجهزة التي تُنقي أجسادهم من السموم المتراكمة، لكن الوجوه شاحبة بسبب طول الطريق التي يسلكها هؤلاء مع نصب عشرات الحواجز العسكرية الإضافية بين قرى ومدن الضفة الغربية منذ بداية الحرب على غزة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بالإضافة لتلك التي تُطوّق مدينة القدس.

التقت الجزيرة نت بطفل فضّل استخدام اسمه الأول "حسن" القادم من مدينة دورا جنوب الضفة الغربية، والذي يتعالج منذ سنوات من الفشل الكلوي في مستشفى أوغستا فكتوريا (المطلع) بالقدس، ورغم ملامحه المنهكة إلا أن هذا الطفل لا يتردد بالرد على التحيات بابتسامة عريضة تنمُّ عن تفاؤل رغم الصعاب.

وبكلمات قليلة عبّر حسن عن رحلاته قائلا إن الطريق أصبحت منهكة بعد اندلاع الحرب الأخيرة، وإن الوصول لم يعد بالأمر السهل بسبب الحواجز الكثيرة.

ورغم العقبات فإن هؤلاء الأطفال وذويهم لا يمكنهم التخلف عن الحضور إلى جلسات غسيل الكلى لما لذلك من مضاعفات تحدث عنها للجزيرة نت طبيب الأطفال المقيم في مستشفى المطلع سعيد سلامة.

سلامة: نعالج أطفالا يعانون من قصور في عمل القلب بسبب التوقف الفجائي عن جلسات غسيل الكلى في بداية الحرب (الجزيرة) مضاعفات خطيرة

"في حال انقطع المريض عن جلسة الغسيل فإن المضاعفات تظهر مباشرة بسبب ارتفاع نسبة السموم بالجسم لأن الغسيل يعمل مكان الكلى المعطلة… ويؤدي التخلف عن جلسات الغسيل إلى حدوث تشنجات وتؤثر السموم المتراكمة بالجسم على الدماغ، وهو ما يؤدي أحيانا إلى تلفه ثم إلى الوفاة".

ويضيف سلامة أن بعض الأطفال يؤدي انقطاعهم عن جلسة الغسيل إلى ارتفاع نسبة السوائل بالجسم ووصولها إلى الرئة في بعض الأحيان وهو ما يؤدي إلى توقف التنفس والوفاة، كما أن بعض الأطفال يتعرضون إلى ضعف في عضلة القلب؛ وهو ما واجهه الأطباء في بداية الحرب مع تعثر وصولهم إلى جلساتهم الروتينية.

ويقول سلامة: "نعالج الآن أطفالا يعانون من قصور في عمل القلب لأنهم توقفوا فجأة بداية الحرب عن جلسات غسيل الكلى وتراكمت السوائل حول القلب".

ويضيف الطبيب أن الأطفال المعنيين يواجهون في بعض الحالات أيضا مشكلة الهبوط الحاد في الكلس بالجسم وهو ما يؤدي إلى ظهور مشكلة هشاشة العظام وعدم قدرة الطفل على المشي بسبب التقطع في الجلسات أحيانا.

ولم يقتصر الضرر على مرضى الفشل الكلوي خاصة الأطفال منهم الذين يُعالج معظمهم في مستشفى المطلع بالقدس، بل طال مرضى السرطان وخاصة ممن يحتاجون للعلاج الإشعاعي غير المتوفر بالضفة الغربية وقطاع غزة.

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول لا يستطيع مرضى السرطان في غزة تلقي علاجهم بمستشفى المطلع في القدس (الجزيرة) انقطاع مرضى غزة

وعن مرضى السرطان تحدث المدير التنفيذي لمستشفى المطلع ورئيس قسم علاج الأورام بالإشعاع في المستشفى فادي الأطرش قائلا إنه منذ بداية الحرب حتى الآن تعثر وصول 738 مريض سرطان غزي كان يفترض أن يكملوا رحلة علاجهم في المستشفى منهم 42 مريضا كانت خطط العلاج بالإشعاع جاهزة بانتظار وصولهم.

وأضاف أن المشكلة لا تكمن في انقطاع مريض عن جلسة إشعاع واحدة بسبب عدم تمكنه من الوصول نتيجة الحواجز العسكرية، وإنما المشكلة الأخطر تكمن في عدم حصوله على العلاج الإشعاعي نهائيا بسبب الحرب كمرضى غزة.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم لم يصل أي مريض غزي إلى مستشفى المطلع الذي يعتبر الوجهة الأساسية لهؤلاء للعلاج من الأورام المختلفة والمعقدة وتلقي العلاج الكيميائي والإشعاعي والبيولوجي، وللخضوع للجراحات المختلفة في مستشفى المقاصد بالقدس أيضا.

وعن تداعيات ذلك على صحة المرضى قال الطبيب فادي الأطرش إن ذلك يؤثر بشكل مباشر على نتائج العلاج وفرص النجاة من المرض والسيطرة عليه، وبالتالي منح المريض نوعية حياة أفضل.

وعما يواجهه المرضى الغزيّون المنقطعون عن العلاج الآن أكد الأطرش أنهم حتما يعيشون مرحلة الانتكاسة والتقدم في المرض في ظل اضطراب الخطة العلاجية وعدم استكمال جلسات الإشعاع والعلاج الكيميائي والبيولوجي في المستشفى.

منع أمني

وحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية فإن نحو ألفي غزّي يُشخصون بإصابتهم بأمراض السرطان المختلفة سنويا، ويشكل هؤلاء ما نسبته 40% من مرضى مستشفى المطلع بالقدس، بالإضافة لـ60% يصلون إلى المستشفى من محافظات الضفة الغربية المختلفة.

وعمّا إذا كان بعض المرضى قد حُرم من البدء في علاجه أو استكماله في القدس بسبب "المنع الأمني" الذي تفرضه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أشار الأطرش إلى أن هذه المعضلة كانت موجودة قبل الحرب واستمرت بعدها، إلا أن إصدار قرار "المنع الأمني" أصبح أكثر سهولة بعد الحرب.

ولا يقتصر هذا المنع على المرضى المحولين للعلاج في القدس وحدهم، بل يطال أيضا بعض موظفي مستشفيات القدس الشرقية الستّة التي يشكل أهالي الضفة الغربية ما بين 70 إلى 80% من إجمالي موظفيها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الضفة الغربیة مرضى السرطان بدایة الحرب فی مستشفى فی القدس وهو ما

إقرأ أيضاً:

مستشفى حمد القطري في غزة يستأنف العمل جزئيا

 

غزة- لم يجدِ صراخ أم محمد شبات في وجه الجندي الإسرائيلي وهي تتوسل إليه بأعلى صوتها "طفلي أصمّ لا يسمع" في محاولة منها لمنعه من ضرب طفلها محمد (9 أعوام)، ولا من صفعه بوحشية، مطالبا إياه بالتحدث دون اعتبار لحالته الصحية أو لصغر سنه.

تلقى محمد ضربات متتالية على وجهه ورقبته أسقطت جهاز القوقعة الخارجي الملتصق بأذنه أرضا، ليتهشم تحت بساطير الجنود، ويفقد على إثر ذلك سمعه كليًا بعد أن كان يعتمد على جهاز القوقعة في التقاط الأصوات من حوله.

مستشفى حمد للأطراف الصناعية بغزة قبل التدمير وبعد التدمير (وكالات) طفل بلا قوقعة

وقف والد محمد شبات عاجزا أمام فجيعة ابنه الذي كان يقضي نهاره وليله باكيًا، بعدما عاد للتحدث مع الناس بلغة الإشارة، فلا مكان لتغيير الجهاز الخارجي للقوقعة ولا لإصلاحها، بعد خروج مستشفى حمد عن الخدمة جراء الحرب الإسرائيلية منذ أيام الحرب الأولى، وهو المكان الذي كان يتابع فيه حالة طفله.

يستذكر والد محمد حين اكتشف فَقدَ ابنه للسمع قبل 6 أعوام، حيث توجه به إلى مستشفى حمد التخصصي ليتبين بعد الفحوصات أنه أصم منذ مولده، فيتبناه المستشفى القطري الذي قام بزراعة قوقعة له في ذلك الحين.

يقول والد محمد للجزيرة نت "لقد قدم لي مستشفى حمد حلا أنهى كابوسا كان يرافقني طول العمر بأن يظل ابني أصم وأبكم، لكن بفضل جهودهم  زرعت له القوقعة وأعيد تأهيله وتمكن من الاندماج مع الطلاب العاديين في المدرسة".

 

الشاب محمد عليوة  خلع طرفه الصناعي خلال الحرب لحاجته للصيانة ينتظر بفارغ الصبر التمكن من إصلاحه (الجزيرة) بلا أطراف

أما محمد عليوة (22 سنة) الذي بُترت قدمه عام 2018 خلال مسيرات العودة، فقد كان يعتمد في سيره وأداء مهامه اليومية ونشاطاته الرياضية على الطرف الصناعي الذي زرعه في مستشفى حمد منذ ذلك الحين، لكنه اضطُر لخلعه قبل عام خلال الحرب، بسبب حاجته إلى الصيانة فقد صار متهالكا ومهترئا.

إعلان

كان النزوح المتكرر شاقا على محمد الذي عاد لاستخدام العكاز بعد عدم صلاحية طرفه الصناعي الذي قام فريق الأطباء في مستشفى حمد بتركيبه له بعد فتة قصيرة من الإصابة، ينتظر بفارغ الصبر تمكنه من إصلاح الطرف والعودة لحياته الطبيعية وأداء أنشطته ومهامه اليومية.

محمد عليوة واحد من ألفي مصاب بالبتر، كان مستشفى حمد وجهتهم في تلقي الرعاية الطبية وتركيب الأطراف الصناعية وصيانتها.

يضاف إليهم اليوم 4500 حالة بتر جديدة وقعوا ضحية الاستهداف الإسرائيلي خلال الحرب على غزة، بحسب منظمة الصحة العالمية، وسيكونون بحاجة ماسة لوجود مستشفى متخصص يتلقون فيه الخدمات النوعية والرعاية الخاصة التي يحتاجونها.

 

مخلفات الصواريخ والقذائف الإسرائيلية التي استخرجها طواقم العاملين من داخل المستشفى أثناء عملية التأهيل
(الجزيرة) عودة رغم الدمار

رصدت الجزيرة نت مظاهر الدمار في مستشفى حمد وآثار حرق الاحتلال لعدد من الأقسام فيه.

وكان قد خرج عن الخدمة منذ أيام الحرب الأولى، بعد تعرضه للاستهداف المباشر، ولوجوده في محور التوغل الذي بدأ جيش الاحتلال مناورته البرية منه. على إثر ذلك فقد آلاف المراجعين قدرتهم على المتابعة التي يحتاجونها بشكل دوري.

دافعٌ أجبر إدارة مستشفى حمد للعمل على قدم وساق لترميم عدد من أقسامه لإعادة تشغيلها، حيث نجحت وبدعم من صندوق قطر للتنمية الذي يتولى مهمة إعادة تأهيله، باستئناف فتح أبوابها لاستقبال الحالات في قسمي الأطراف الصناعية وقسم السمع والتوازن وتقديم الخدمات الخاصة لهم في المرحلة الأولى.

كما يجري العمل على ترميم بقية الأقسام لافتتاحها خلال الأسابيع القادمة، وهي حاجة ملحة في ظل وجود أكثر من 24 ألف حالة بحاجة للتأهيل الطبي حتى يتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

وقال المدير العام لمستشفى حمد أحمد نعيم في مقابلة مع الجزيرة نت "نحاول إعادة التأهيل بالحد الأدنى بما يتوفر من إمكانات متاحة وقطع غيار متوفرة، حيث يرفض الاحتلال السماح بإدخال معدات الصيانة والأجهزة اللازمة لتشغيله بطاقته القصوى التي كان يعمل بها قديما".

بما يتوفر من إمكانات تتواصل الجهود في مستشفى حمد لإعادة تأهيله و افتتاح أبوابه لاستقبال مرضاه  (الجزيرة) بأقل الإمكانيات

تبذل إدارة المستشفى جهدا ذاتيا حثيثا منذ اليوم الأول لإعلان وقف النار لبعث الحياة فيه، في ظل شح المتوفر وتأثر القدرة التشغيلية للمستشفى والتي لن تتجاوز 70%، خاصة بعدما فقدت 4 من كوادرها المتخصصة شهداء، فضلًا عن سفر عدد منهم خارج القطاع.

إعلان

وخلال جولة رافقنا بها نعيم في أقسام المستشفى، علق قائلا "كلفنا تجهيز هذه الغرفة 800 ألف دولار وهي وحدة فريدة من نوعها على مستوى فلسطين لتشخيص السمع والتوازن تم إحراقها بالكامل، وفقدنا كل الأجهزة التي فيها، نحتاج لبدائل ومعدات جديدة ومولدات لتشغيل الأجهزة".

وبين حرق أجهزة الفحص السمعي بالكُلّية، وافتقار المستشفى لأجهزة القوقعة ولكثير من قطع الغيار الخاصة بها، تتجدد المطالبات بالإغاثة العاجلة لإعادة المكان الذي وصفته رئيس قسم السمع والتوازن في المستشفى بسمة صلاح بأنه من أفضل الأماكن في الوطن العربي التي تقدم خدمات متكاملة لفاقدي السمع بدءا من تشخيص المريض وحتى زراعة القوقعة إلى جلسات تأهيل سمعي ولفظي لدمج المرضى بالمجتمع.

 

خلفت الحرب على غزة دمارا بالمستشفى ونقصا في معداته الضرورية (الجزيرة) أعمار ضائعة

وقد كشفت بسمة صلاح أن أكثر من 300 مريض هم بحاجة لقطع غيار لصيانة أجهزة القوقعة الخاصة بهم، وهو أمر مرهون بفتح المعبر، وسماح الاحتلال لهذه المستلزمات بالدخول.

تقول بسمة صلاح للجزيرة نت، "سنعيد البدء من الصفر مع كل الأطفال الذين تعطل لديهم جهاز القوقعة في الحرب، حيث يحتاجون لأجهزة جديدة وبرمجة جديدة وتأهيل جديد، وهم بحاجة لإعادة البرنامج المتكامل بشكل كلي كأنهم أطفال جدد، ما يعني أنهم شطبوا عمرا من أعمار مرضانا".

يذكر أن مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية بغزة والممول من صندوق قطر للتنمية يعد مرفقا حيويا ونوعيا في قطاع غزة، وهو الوحيد والأكبر الذي يقدّم خدمات عالية الجودة في مجالات التأهيل، السمع والتوازن، والأطراف الصناعية، كما يقدم خدماته بشكل مجاني لكل الفلسطينيين في قطاع غزة من رفح وحتى بيت حانون.

مقالات مشابهة

  • افتتاح مركز أستر الرفاعة الدولي لرعاية مرضى السرطان
  • بالتعاون مع الوكالة الدولية.. مصر تقتحم عالم علاج السرطان بتقنيات متطورة|تفاصيل
  • الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين ويحتجز صحفيين قرب مستشفى جنين
  • معبر رفح يستقبل الدفعة الـ36 من مصابي غزة.. فيديو
  • على طريقِ الانعتاقِ من الهيمنةِ المصرية (5 – 20)
  • إغلاق طريق «العربان».. الأمطار الغزيرة تغمر مستشفى ترهونة وشوارع المدينة
  • المستشارية الطبية بقنصلية أسوان ومبادرة الأشقاء تزور مرضى الجالية السودانية
  • الموت يغيب استشاري الأطفال جعفر ابنعوف
  • تدشين عمل اول جهاز للغسيل الكلوي بهيئة مستشفى شبوة العام
  • مستشفى حمد القطري في غزة يستأنف العمل جزئيا