قال الأكاديمي والمفكر الأمريكي اليهودي، البروفيسور نورمان فينكلشتاين، إنه لا يوجد اختلاف كبير فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بين الأطياف السياسية الإسرائيلية، فمواقفهم من اليمين وأقصى اليمين وصولا إلى اليسار تتشابه.

وفي مقابلة مصورة مع "عربي21"، يعتقد فينكلشتاين أن الحكم في الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية والتي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، سيعتمد على السياسة وليس القانون الدولي أو الوثائق المُقدمة من قبل جنوب أفريقيا.



وأكد أن ما يحدث بغزة ليس صراع مسلح عادي، وإنما حرب إبادة جماعية وحرب تجويع ضد سكان قطاع غزة، لافتا إلى أن إسرائيل هذه المرة قررت القضاء بشكل كامل على المقاومة.



وتاليا نص الحوار:

حينما وقع هجوم 7 أكتوبر اعتبرت إسرائيل هذا الهجوم مُهددا لوجودها، بالمقابل اعتبرته المقاومة بداية للتحرير، ما رأيك بوجهتي نظر الطرفان، وإيها أصح؟

بداية، ما حدث يوم 7 أكتوبر كان في رأيي جريمة حرب، وربما يرقى إلى مستوى ما يسمى بموجب القانون الدولي جريمة ضد الإنسانية، لكن لا أعتقد أنه يمكن القول بجدية إن وجود إسرائيل كدولة كان في خطر كنتيجة لهذا الهجوم.

بالمقابل من ناحية الجانب الفلسطيني فأنا أعتبر ما حدث في 7 أكتوبر كان بمثابة عمل يائس أخير، لأن كل المحاولات التي قام بها الفلسطينيون ككل وسكان غزة بشكل خاص لمحاولة التوصل إلى نوع من التسوية للصراع قد مُنعت من قبل إسرائيل.

وفي حالة غزة على وجه الخصوص، كانت هناك استحالة في التوصل إلى تسوية شاملة، ثم كانت هناك استحالة في إنهاء الحصار غير القانوني وغير الإنساني المفروض على غزة.



وقامت حركة حماس التي تتواجد حاليا في غزة بمحاولات عديدة لمحاولة التوصل إلى تسوية على أساس القانون الدولي، وقد رفضت إسرائيل هذه المحاولات.

كما حاول شعب غزة القيام بعصيان مدني سلمي لإنهاء الحصار، وتم قمع ذلك بوحشية، وبحلول السادس من تشرين أول/أكتوبر 2023، لم يكن أمام سكان غزة أي خيار سوى المعاناة والموت في معسكر الاعتقال في غزة.

لذلك من ناحية الجانب الفلسطيني أرى أن ما حدث يوم 7 أكتوبر هو محاولة يائسة أخيرة للتحرر من معسكر الاعتقال.

قبل الحرب كانت نسبة تأييد اليمين المتطرف في إسرائيل تزداد ونجم عن ذلك حكومة يمينية متطرفة، برأيك هل تساهم هذه الحرب في تنامي هذا التيار، وما تأثير ذلك على مستقبل إسرائيل والفلسطينيين والمنطقة بشكل عام؟

لا أعتقد أن هناك اختلافات كبيرة بين النخب الحاكمة في إسرائيل، نعم قد يكون هناك فرق بين ما يمكن أن نسميه اليمين واليمين المتطرف واليمين المتطرف جدا، ولكن من وجهة نظر المراقبين الخارجيين، لا توجد اختلافات سياسية أو أخلاقية كبيرة عبر الطيف السياسي الإسرائيلي، وقد ظهر ذلك جليا في محكمة العدل الدولية.

حيث كان من بين القضاة ممثل إسرائيل وهو "رئيس المحكمة العليا الليبرالي السابق في إسرائيل أهارون باراك"، والذي قال في مقابلة له قبل أن يتسلم مقعده في المحكمة، -إنني أوافق على جميع الإجراءات التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية في غزة-، علما أنه ليبرالي.

برأيي لا يوجد ليبراليون في الطيف السياسي الإسرائيلي، فمثلا هذا القاضي في الثمانينات من عمره وهو ليبرالي، ولكن عند السؤال الحاسم حول الإبادة الجماعية في غزة، فهو يتفق مع الحكومة الإسرائيلية بأكملها.

لذا لا أعتقد أن هناك فائدة كبيرة في الحديث عن ما هو اليمين، واليمين المتطرف، أو اليمين المتطرف جدا، أو حتى اليسار، نعم قد تكون ذات أهمية داخل المجتمع الإسرائيلي، ولكن بالنسبة لمعظم الناس خارج إسرائيل لا يوجد فرق كبير.

بماذا تفسر زيادة نسبة المؤيدين للقضية الفلسطينية عبر العالم، بالمقابل لم يكن حجم التأييد هذا موجود خلال الحروب السابقة؟

حسنًا، الفرق الرئيسي هو أن طبيعة الحرب الحالية على غزة مختلفة، في الماضي كانت إسرائيل منخرطة في ما أسمته "جز العشب، - ضربات عسكرية محددة الهدف منها تقليم قدرات الفلسطينيين وهي حملات أدت دائما لقتل المدنيين وهدم البيوت- حيث كانت تشن بشكل دوري غارات عبر القصف الجوي على غزة.

لكن طبيعة الهجوم هذه المرة ليست جز العشب، بل اقتلاع العشب من الجذور، وهذا يعني أننا لا نقوم بجز العشب، بل نقوم بمسحه بالكامل، وهكذا حتى وصل الأمر إلى نقطة الإبادة الجماعية.

أي أنها إبادة جماعية في وضح النهار وتتكشف على شاشات الكمبيوتر وشاشات التلفزيون، ولذا فليس من المستغرب أن إن الإبادة الجماعية من شأنها أن تخلق المزيد من الغضب والسخط من قيام إسرائيل بانتهاكات ومجازر أكثر من المعتاد.



يطلب بايدن أحيانًا من إسرائيل تحديد جدول زمني لحربها على غزة، لكنه يعود ليقول إنه لن يطلب من إسرائيل وقف الحرب، ما تفسيرك لهذا التضارب في تصريحاته؟

لا أعتقد أننا يجب أن نولي أهمية كبيرة لتصريحات بايدن، فالأهم هو الأفعال، حيث يمكن لبايدن أن يتصل برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أي يوم وفي أي ساعة وفي أي دقيقة ليقول له، إننا لن نرسل لك أي أسلحة أو أننا لن نستخدم حق النقض ضد أي قرارات أخرى في مجلس الأمن للدفاع عنك.

وأي من هذه الخطوات البسيطة التي يمكن تنفيذها في حوالي 15 ثانية من شأنها أن تنهي الإبادة الجماعية في غزة، لذلك لا أولي اهتمامًا كبيرًا لمحاولة قراءة المعنى العميق لتصريحات الرئيس بايدن، ما يهم هو الأفعال، وحتى الآن بعد أكثر من  100 يوم من الحرب يواصل فيها تمكين الإبادة الجماعية في غزة، بالتالي كل شيء آخر لا علاقة له بالموضوع.

أيضا يجب أن يكون واضحًا أنه فيما يحدث الان لا يوجد شيء اسمه حرب مستمرة، بل هي إبادة جماعية، هناك صراعات مسلحة تحدث يمكنك القول عنها أنها قريبة من الإبادة الجماعية أو أقل منها.

لكن الحقيقة الرئيسية في الوقت الحالي هي أن الإبادة الجماعية تجري الان وهي موجهة ضد السكان المدنيين، وكان شكلها الرئيسي حتى الآن هو الهجمات العشوائية والتي تستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية.

وهي تنتقل الآن إلى مرحلة جديدة تتجسد فيها الخصائص الرئيسية لحرب الإبادة الجماعية، ومنها المجاعة الجماعية الناشئة، أي المجاعة التي يسببها الإنسان، والتي هي الآن تحدث  في غزة، ونتيجتها أنه في غضون شهر ربما سيموت عشرات الآلاف من سكان غزة من الجوع.

كما تعلم بدأت منذ أيام في محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، والتي تتهمها فيها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، كيف رأيت أداء المحامين الإسرائيليين مقارنة بأداء المحامين الجنوب أفريقيين؟

أعتقد أن قضية جنوب إفريقيا ومرافعتها استندت بالكامل إلى وثائق الأمم المتحدة ومسؤوليها ومؤسساتها، كما أن محكمة العدل الدولية هي الذراع القانوني للأمم المتحدة.

لذلك إذا قامت جنوب إفريقيا ببناء قضيتها على وثائق الأمم المتحدة بالكامل تقريبًا، سيكون من الصعب جدًا أن تقول المحكمة إن القضية غير قابلة للتصديق، خاصة أنها مبنية على ما قالته الأمم المتحدة.

في حين أن القضية والمرافعة الإسرائيلية مبنية بالكامل تقريبًا على تأكيدات وتصريحات وليس وثائق، وهذه التأكيدات والتصريحات صادرة من الحكومة الإسرائيلية، ولا أعتقد أن القضية المبنية عليها يمكن أن تدحض الوثائق التي تًصدرها منظومة الأمم المتحدة.

لكن هل تعتقد أن قرار المحكمة سيكون لصالح الفلسطينيين؟

لا، فهناك فرق بين ما تظهره الحقائق وما تظهره القوانين وبين ما تظهره السياسة، إن الحقائق والقانون يقفان إلى جانب جنوب أفريقيا، وربما تكون السياسة إلى جانب إسرائيل، لأنه إما حلفاء إسرائيل أو أولئك الذين هم جبناء للغاية لدرجة أنهم لا يستطيعون تحدي الولايات المتحدة، لن يقولوا إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية.

أخيرا هل تعتقدون أن دور مثل هذه المنظمات الدولية سيكون أقل فعالية في المستقبل؟

يعلم الجميع أن القرارات القضائية تحتوي دائمًا على عنصر سياسي ثقيل للغاية، وإذا قررت محكمة العدل الدولية في هذه القضية عدم القيام بأي شيء بسبب الضغوط السياسية، فإنها ستفقد احترام كل المحاكم حول العالم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية فينكلشتاين العدل الدولية غزة غزة العدوان مجازر الاحتلال العدل الدولية فينكلشتاين المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة الیمین المتطرف الأمم المتحدة جماعیة فی غزة إبادة جماعیة جنوب أفریقیا لا أعتقد أن لا یوجد على غزة

إقرأ أيضاً:

الخارجية تستدعي السفير.. السودان يجدد مطالبته للرئاسة الكينية بالتراجع عن تشجيع واحتضان مؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها

اصدرت وزارة الخارجية بيانا، الخميس، ردا على خلفية بيان رصيفتها الكينية التي بررت فيه موقف الرئيس وليم روتو المشجع والمحتضن لمؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها جددت فيه مطالبتها للرئاسة الكينية بالتراجع عن هذا التوجه الخطير الذي يهدد السلم والأمن في الإقليم، ويشجع على الإرهاب والإبادة الجماعية وأعربت فيه عن تقديرها لمواقف الدول الشقيقة التي عبرت عن رفضها لتهديد سيادة السودان ووحدة أراضيه والشرعية الوطنية وثمنت فيه تصريح الأمين العام للأمم المتحدة برفض إعلان حكومة موازية في السودان وفيما يلي تورد سونا نص البيان:إطلعت وزارة الخارجية علي البيان الصحفي الصادر من رصيفتها الكينية لمحاولة تبرير موقف الرئيس وليم روتو المشينباحتضان وتشجيع مؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها، في انتهاك لسيادة السودان وأمنه القومي وتهديد خطير للسلم والأمن الإقليميين، وعلاقات حسن الجوار بين دول المنطقة. حيث يمثل ذلك سابقة خطيرة لم يعرفها الإقليم ولا القارة من قبل.لا يمكن تبرير هذا المسلك العدائي وغير المسؤول بسابقة استضافة مفاوضات مشاكوس، لانها كانت بين حكومة السودان والحركة الشعبية في جنوب السودان، وبموافقة الحكومة، وتحت مظلة إيقاد وبرعاية دولية معتبرة أما ما يجري في نيروبي حاليا فهو اجتماعات بين مليشيا الجنجويد الإرهابية وتابعيها، بهدف تأسيس حكومة موازية للحكومة الشرعية القائمة. هذا في وقت تواصل فيه المليشيا ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والإغتصاب واسع النطاق وآخر هذه الفظائع مجزرة القطينة التي وقعت أثناء اجتماعات نيروبي وراح ضحيتها 433 من المدنيين.لم تكن الإجتماعات الحالية إلا تتويجا لما ظلت الرئاسة الكينية تقدمه من دعم للمليشيا الإرهابية في مختلف المجالات . وفي ظل ذلك صارت نيروبي أحد المراكز الرئيسية للأنشطة السياسية والدعائية والمالية واللوجستية للمليشيا. كما سبق أن استقبل الرئيس الكيني قائد المليشيا الإرهابية استقبال الرؤساء.وبهذا أصبح، في نظر غالبية الشعب السوداني، ضالعا في حرب العدوان التي تشنها المليشيا الإرهابية ومرتزقتها الأجانب عليه.لقد سعت الحكومة السودانية لتغيير هذا الموقف عن طريق التواصل الدبلوماسي دون جدوى. ومن المؤسف أن الرئيس الكيني يعلي مصالحه التجارية والشخصية مع رعاة المليشيا الإقليميين وقيادة المليشيا الإرهابية علي العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين ومقتضيات القيادة والمصالح الحقيقية لبلاده وضرورات السلم والأمن الإقليمي متجاوزاً بذلك المواثيق الدولية والإقليمية.يعرب السودان عن تقديره لمواقف الدول الشقيقة التي عبرت عن رفضها لتهديد سيادة السودان ووحدة أراضيه والشرعية الوطنية القائمة. كما تثمن تصريح الأمين العام للأمم المتحدة برفض إعلان حكومة موازية في السودان. ويجدد مطالبة الرئاسة الكينية بالتراجع عن هذا التوجه الخطير الذي يهدد السلم والأمن في الإقليم، ويشجع على الإرهاب والإبادة الجماعية والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان. وقد شرع السودان بالفعل في اتخاذ الإجراءات التي تصون أمنه القومي وتحمي سيادته ووحدة أراضيه.و استدعت وزارة الخارجية الخميس سفير السودان لدى كينيا السفير كمال جبارة للتشاور، احتجاجاً على إستضافة كينيا إجتماعات المليشيا المتمردة وحلفائها في خطوة عدائية أخرى ضد السودان.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مؤتمر دولي عن الإبادة الجماعية في غزة في العاصمة البريطانية لندن (شاهد)
  • ترامب متفاجيء من موقف مصر والأردن: ستكون هناك أخبار جيدة
  • مؤتمر العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة: محطة مفصلية في مسار المساءلة الدولية
  • "العدل الدولية" توافق على مشاركة الاتحاد الإفريقي بقضية التزامات إسرائيل بالأراضي الفلسطينية
  • “العدل الدولية” تسمح للاتحاد الأفريقي بالمشاركة في إجراءات استشارية حول التزامات “إسرائيل” في الأرض الفلسطينية
  • "العدل الدولية" تسمح للاتحاد الأفريقي بالمشاركة في إجراءات بشأن إسرائيل
  • الخارجية تستدعي السفير.. السودان يجدد مطالبته للرئاسة الكينية بالتراجع عن تشجيع واحتضان مؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها
  • السودان يجدد مطالبته للرئاسة الكينية بالتراجع عن تشجيع واحتضان مؤامرة تأسيس حكومة لمليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها
  • جنوب أفريقيا: لن نتراجع عن دعوى الإبادة ضد إسرائيل رغم ضغوط ترامب
  • العميد خالد حمادة: النقاط التي تحتفظ بها إسرائيل في جنوب لبنان ذات أهمية إستراتيجية