جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-19@05:34:59 GMT

الإنسان والفلسفة.. محور الكون

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

الإنسان والفلسفة.. محور الكون

 

زكريا الحسني

 

قصة الإنسان بدأت بابتكار اللغة، وأصبح من خلالها التواصل والتطور، ومنها بدأت الحكاية، وتكونت تجمعات، وابتُكرت القوانين، والتي جاءت لتسد حاجة الإنسان للأنظمة التي تؤسس له مجتمعا مدنيا يمسك من خلاله بزمام الأمور، فإذا افترضنا عدم حدوث ذلك التطور والتقدم فأتصور أنه لن تكون هناك إنسانية باقية، وحتى لو كانت باقية لما بلغت إلى هذا المستوى من التقدم والتحضر.

من هذا المنطلق قالوا إنّ الإنسان هوَ محور الكون، ولقد عُرّفت الفلسفة عبر تاريخها بتعريفات متعددة اختلفت في تحديد معناها وكانت بعض تلك التعريفات تحط من قيمتها وأهميتها من قبيل أنها ضرب من الكفر والزندقة والإلحاد، وتعمل على ترسيخ فكرة نكران الله وعدم الاعتراف بالدين، وإنها كلام فارغ لا طائل منه سوى مضيعة الوقت، وهذا المعنى هو المتداول كثيرا عن الفلسفة.

وتفسير المفاهيم والمصطلحات يخَتلف من مكان إلى آخر باختلاف الأمكنة والأزمنة، وما لهُ من تأثير في طريقة التعاطي مع الأفكار وتحليلها وتفسيرها من خلال الحصيلة المعلوماتية والتجربة الحياتية، وهذه سنة الله في خلقه، ونتيجة ذلك حدث هذا التطور الإنساني؛ فالمعرفة كلها تراكمية وتتطور وتتغير لتواكب العصر، والذي لا يتماشى مع ذلك يندثر.

وكم رأينا من أمم وحضارات أصبحت كالهشيم ذرته الرياح فأصبحت نسياً منسيا كأنها لم تكن شيئاً يذكر.

‏وإذا أردنا أن نفهم أي مصطلح أو مفهوم ينبغي علينا أن نعود إلى نقطة البداية ولا يمكن ذلك إلا من خلال التاريخ، وأن نجمع أكبر قدر من المعلومات للوصول إلى أقرب نقطة تقربنا للحقيقة، أو هي الحقيقة بعينها فحتى لو لم نصل إليها فطريقنا إليها جزء من الحقيقة تقربنا الى موضوع الفلسفة وتاريخها وتطورها.

 إن الفلسفة وُجدت لحظة وُجد العقل، فالفلسفة تخضع لنطاق العقل والمنطق وبالتأمل في الأشياء وتفسيرها وتحليلها والغوص في أعماقها والإتيان بالحجج والبراهين لفهم الأشياء من جميع الأبعاد. كما إن التفلسف والانبهار أمام عظمة هذا الوجود منح للغات مضمونها العميق.

الفلسفة كانت البداية، ومنها تفرعت شتى العلوم، ولكن مصطلح الفلسفة في عالمنا الإسلامي عامةً والعربي خاصةً مقرونٌ بالغيبيات والكفريات، ولهذه الأسباب يتم التهجم على الفسلفة والخوف منها.

الفلسفة تُحطِّم كثيرًا من الأوهام، وتزيح دائرة الراحة التي يطمئن لها الإنسان فلذلك يطالها الهجوم والتشويه.

تاريخ الفلسفة هو تاريخ التفكير، يتضح هذا بالعودة إلى الوراء، فالإنسان ما برح يفكر قبل أرسطو وأفلاطون وسقراط وفيثاغورث، وحتى قبل ظهور اللغة والكتابة فقد وُجدت الفلسفة عند وجود العقل وكما يقول رينيه ديكارت أنا أفكر إذن أنا موجود.

الفلسفة تفسير وتحليل الظواهر للوصول إلى ماهية الأشياء.

إنها مؤشر لوجود العقل المفكر والتحليل المبدع.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل تعاني من الأفكار السلبية؟

 

مدرين المكتومية

في بعض الأحيان وقبل أن أشرع في كتابة مقالي الأسبوعي، ينتابني شعور غامض بأنني أخوض معارك ذاتية في أعماق نفسي، شيء ما يُشبه الحرب، لكنها حرب أفكار، تتصارع في ذهني، هل أكتب عن ذلك الموقف الذي وقع أمامي واستخلصتُ منه العِبر والحِكَم؟ أم أتطرق لقضية تلك المرأة التي تُعاني في حياتها الزوجية من شريكها الذي لا يكف عن إيذائها نفسيًا؟ أم أُناقش قضية تفجّرت على منصات التواصل الاجتماعي وأصبحت حديث الرأي العام والنَّاس في كل منزل، رغم أنها لو حدثت في العصر الذهبي للصحافة الورقية لنُشِرَت على عمودين في صفحة داخلية دون أن ينتبه إليها أحدٌ!!

في الحقيقة ما وددت قوله في هذه المقدمة هو أننا نعيش كل يوم بمزاج مختلف، وتقلب في الطاقات، أننا نعيش وفق الأفكار التي تسكننا والتي تتشبث بمخيلتنا، فتجدنا مرة من السعادة المفرطة نود لو أن نهدي العالم بأكمله لمن نحبهم، وفي أحيان أخرى نتمنى أن نعيش الحياة بأنفسنا دون أن نتشاركه مع أحد، وفي بعض اللحظات من فرط الفرح نود لو أن لدينا أجنحة تأخذنا للبعيد، وفي بعض اللحظات الأخرى نتمنى لو أنَّ الحياة تقف عند هذا الحد.

كل هذه التناقضات التي يعيشها العقل البشري هي حصاد ما يسكنه من أفكار وهواجس تراكمت مع الوقت وأصبحت تشكل لديه تشويشاً بين الحين والآخر، لذلك الإنسان فينا يعيش بمزاجات متقلبة وفق ما ينهي به يومه أو يبدأ به يوميه، لذلك علينا دائماً أن نكون حريصين في كل ما نفكر به قبل النوم وما نستيقظ عليه.

والأفكار السلبية تحبط الشخص وتصنع منه شخصًا متقاعسًا غير قادر على العطاء، أو استكمال يومه بطريقه صحيحة، فتجده يتهرب من أداء عمله بشكل متكامل تحت عذر أنه بمزاج سيئ، ولكن كل هذا لا يأتي إلّا بما يُمليه الشخص على نفسه من شعور، فكل ما أرسلت لعقلك رسائل سلبية فإنه يرسلها بطريقة تحولك لشخص يعيش حالة سيئة، فالجسم يعمل بنظام " الرد " أي كما نقول نحن لكل فعل رد فعل، ولكل نوع من المشاعر تأثيره المباشر على تقلب المزاج.

إننا بحاجة لأن نصنع لأنفسنا حاجزَ أمانٍ من الأفكار السلبية، وبلغة حروب العقل "منطقة منزوعة السلاح"، بالطبع سلاح الفكر. علينا ألا نُعطي الأفكار السلبية أي فرصة لتتحكم بمشاعرنا وتخلق منّا أشخاصًا سيئين أو على الأقل أشخاصاً لا يملكون القدرة على اكتشاف جماليات الأشياء في داخلهم، والامتنان لكل اللحظات الجميلة، ولكل الأشخاص المحيطين، ولكل ما بين أيدينا من نعم، دون أن نفكر بطريقة سلبية أو عكسية اتجاه المواقف والأحداث.

علينا ألا نعطي تحليلات لكل شيء خاصة وأن العقل يكبر الأشياء أكثر من حجمها إذا ما أخذ فرصته، بل علينا أن نرى الأشياء بحجمها الطبيعي حتى نكون سعداء كفاية، علينا أن نهتم بصحتنا النفسية، وحياتنا العملية، وواجباتنا الاجتماعية دون أن يطغى أحدها على الآخر حتى نعيش السعادة بكل ما نستطيع.

وأخيرًا.. إنَّ كل فكرة تلمع في عقولنا يجب أن نتعاطى معها بصورة إيجابية، وأن نكف عن تصدير السلبية وتضخيم الأمور والمبالغة في طرح الرؤية ووجهة النظر، علينا أن نشعر بالامتنان إلى هذا الوطن المعطاء مهما ضغطت علينا الظروف، ومهما ضاق بالبعض الحال، وعلينا أن نمارس الود والمحبة وكرم الأخلاق مع جميع من حولنا، وخاصة أولئك الذين نلتقي بهم يوميًا من الأهل وزملاء العمل.. الحياة فرصة للسعادة أو التعاسة، فاخترْ أيهما تريد!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تعليم ووظائف جديدة.. أهداف مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان (فيديو)
  • لمَ يبدو لنا الكون مظلمًا على الرغم من وجود النجوم؟
  • بيت الفلسفة.. منارة للاستثمار في العقول والأفكار
  • كاتب صحفي: إصلاح التعليم محور أساسي في مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان
  • الحياة.. فرصة!
  • هل تعاني من الأفكار السلبية؟
  • وزير الثقافة: نعقد شراكات مع التعليم والتعليم العالي والشباب والرياضة للوصول لتكاملية الإنسان المصري
  • وزير الثقافة: نعقد شراكات مع «التعليم» للوصول إلى تكاملية الإنسان المصري
  • برشلونة يتلقى ضربة موجعة في ظل البداية القوية مع فليك
  • رئيس جامعة القاهرة يفتتح معملي الذكاء الاصطناعي والروبوتات وإنترنت الأشياء