إيكونوميست: أميركا وإيران تقتربان من حافة الحرب
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
خلال ما يزيد على 100 يوم منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سعى الرئيس الأميركي جو بايدن لمساعدة إسرائيل على الانتصار في حربها على غزة ومنع الصراع من التحول إلى حرب إقليمية مع إيران ووكلائها. وقد أصبح هذا الأمر أكثر صعوبة مع قيام "محور المقاومة" الإيراني وإسرائيل وأميركا بشن ضربات أكثر خطورة على بعضهما بعضا، بما في ذلك الاغتيالات.
وذكر تقرير لمجلة الإيكونوميست البريطانية أن حلفاء إيران في العراق وسوريا شنوا نحو 140 هجوما بالصواريخ والمسيرات ضد القوات الأميركية منذ بداية حرب غزة، ولعل أعنفها جاء يوم 20 يناير/كانون الثاني الجاري، مع إطلاق وابل من "الصواريخ الباليستية المتعددة والقذائف" على قاعدة الأسد غربي العراق، وفقًا للقيادة الوسطى الأميركية.
وأضافت المجلة أن الولايات المتحدة شنت في اليمن غارتها السابعة "على حليف إيراني مختلف"، وهو جماعة الحوثي التي تسيطر على جزء كبير من البلاد، في محاولة لوقف الصواريخ التي تطلقها على السفن المارة بمضيق باب المندب.
ويعترف بايدن نفسه بأن الضربات الأميركية لن توقف الحوثيين. ومع ذلك، تشير صحيفة واشنطن بوست إلى أن إدارته تقوم بصياغة خطط "لحملة عسكرية مستمرة" في اليمن على الرغم من مخاوف بعض المسؤولين.
وتابعت المجلة قائلة إن حزب الله في لبنان، من ناحية أخرى، كان يتبادل إطلاق النار بشكل منتظم مع القوات الإسرائيلية. وقد أعرب عن دعمه لحركة حماس، لكنه لم يزج بنفسه في حرب ضد إسرائيل، وفق تعبير المجلة، إذ ساعدت إدارة بايدن في ثني إسرائيل عن شن هجوم وقائي على حزب الله مباشرة بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكن إسرائيل تهدد باتخاذ إجراء في لبنان إذا فشلت الدبلوماسية في إقناع حزب الله بوقف إطلاق النار والابتعاد عن المنطقة الحدودية.
وترى المجلة البريطانية أن أميركا وإيران تلعبان دورا متوازنا محفوفا بالمخاطر. فقد ساعدت إيران حلفاءها في "محور المقاومة" على شن هجمات تهدف إلى إضعاف إسرائيل وتشتيت أميركا وتشويه سمعة الدول العربية التي وقعت اتفاقيات سلام أو طبّعت علاقاتها (أو تسعى إلى ذلك) مع إسرائيل. ومن جانبها، انخرطت أميركا في "عمليات انتقامية محدودة"، وقد تجنبت كلتاهما الصدام المباشر، لكن هذا التوازن ربما لا يصمد.
وألمحت إيكونوميست إلى أن إسرائيل تشن حربا غير سرية على إيران وحلفائها، إلى جانب المواجهات العلنية مع حماس وحزب الله.
الصبر الإستراتيجيومع ذلك، دعا المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي القوات الإيرانية إلى ممارسة "الصبر الإستراتيجي"، في حين أن علي فايز من مجموعة الأزمات الدولية يقول إن النظام الإيراني يشعر الآن أنه بحاجة إلى "استعادة الردع"، وقد أخذ الأمور على عاتقه.
وأفادت المجلة البريطانية بأنه، خلال الأسبوع الماضي، أطلقت إيران صواريخ على أهداف "إرهابية" مزعومة في سوريا وباكستان، وعلى "قاعدة تجسس إسرائيلية مفترضة في كردستان العراق"، وقد أدى الهجوم على باكستان إلى توجيه ضربة صاروخية انتقامية إلى إيران، ويبدو أن كلا البلدين تراجع الآن عن حافة الهاوية.
ويقول فايز إنه "لا يزال الإيرانيون يتجنبون المخاطرة؛ إنهم يريدون تغيير التصور بأنهم في موقف دفاعي. ولكن في الوقت نفسه، هناك تصور بأن إسرائيل قد نصبت لهم فخا؛ إما لتبرير تمديد الحرب أو لجر الولايات المتحدة إليها".
وحسب المجلة، كان بايدن حذرا، فهو لا يريد الانجرار إلى حرب في الشرق الأوسط في وقت أصبحت فيه أميركا منهكة بالفعل بسبب دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وتحاول منع حرب أخرى ضد الصين بسبب تايوان. علاوة على ذلك، يسعى بايدن لإعادة انتخابه هذا العام.
وفي العراق وسوريا، ترد القوات الأميركية بشكل أقل بكثير من الهجمات التي تتعرض لها. وبالمثل في اليمن، اقتصرت واشنطن في ردها في البداية على تدمير الصواريخ والمسيرات التي كانت تهدد إسرائيل أو السفن المارة.
ونقلت المجلة عن آرون ديفيد ميلر، من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قوله إن "الإدارة الأميركية تعلم أن لديها مشكلة ليس لها حل، ولا يمكنها إلا محاولة إدارتها".
وأشارت إلى أن أفضل أمل لدى بايدن هو أن تنتصر إسرائيل قريبا، أو على الأقل تنهي حربها في غزة، وبالتالي تقليل الغضب في جميع أنحاء المنطقة، "لكن إسرائيل لم تنجح في قمع حماس ولم تسترد رهائنها، ولم تظهر أي علامة تذكر على استعدادها للتوقف، وقد تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 25 ألفا".
واختتمت المجلة تقريرها بأنه بينما يكافح بايدن للسيطرة على المشهد في الشرق الأوسط، يقول ميلر إنه قد يكون على بعد "حادث مؤسف أو هجوم إرهابي" يشعل حربا إقليمية. وأضاف: "إذا استمر هذا الأمر، وانتهت إحدى هذه الضربات فعليا بمقتل عدد كبير من الأميركيين، فلن يكون أمام الإدارة خيار سوى ضرب الحرس الثوري الإيراني".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أوروبا على حافة الهاوية: الخلاف بين أمريكا وأوكرانيا يضع القارة العجوز في دائرة الضوء
تواجه أوروبا تساؤلات وجودية حول مستقبلها الأمني في أعقاب الخلاف العلني الذي وقع في المكتب البيضاوي بين الرئيسين زيلينسكي وترامب. وستكون القمة التي تُعقد الأحد في لندن حاسمة.
يلتف القادة الأوروبيون حول زيلينسكي لإظهار دعمهم له، بعد خلافه في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي ترامب، لكنهم يواجهون تحديات حاسمة لأن الخلاف جعلهم الداعم الرئيسي لأوكرانيا.
كان أحد الأسباب الرئيسية للمشادة في المكتب البيضاوي هو محاولة زيلينسكي الضغط للحصول على الضمانات الأمنية المرتبطة بأي اتفاق سلام. إذ أصرّ الرئيس ترامب على أن المشاركة التجارية الأمريكية ستشكل ضمانة في حد ذاتها، لكن القادة الأوروبيين وزيلينسكيي دفعوا باتجاه المزيد.
وقال زيلينسكي لترامب إن بوتين قد انتهك الاتفاقات من قبل، لذا هناك حاجة إلى ضمانات. وفي إحدى الملاحظات التي أغضبت تحديدا الرئيس الأمريكي، قال الرئيس الأوكراني : "لديك محيط جميل ولا تشعر به الآن، ولكنك ستشعر به في المستقبل"، في إشارة إلى احتمال استرضاء بوتين.
حينها ردّ ترامب بنبرة عالية: "لا تخبرنا بما سنشعر به. أنت لست في وضع يسمح لك بإملاء ذلك".
وقال له أيضا: "أنت لا تملك الأوراق الآن". "أنت تقامر بملايين الأرواح."
لا بدّ أن هذه المشادة قد أثار لقيت صدى في أروقة السلطة في أوروبا، حيث لا يمكن لأي "محيط جميل" أن يكون بمنأى عن عدوان روسي محتمل وحيث الرغبة الأوروبية في الحصول على ضمانات أمنية أمريكية لا تقل قوة عن رغبة أوكرانيا.
ولطالما سعى الزعماء الأوروبيون لربط أوكرانيا بحلف الناتو على أمل أن يضع البلاد تحت الدرع الأمني الغربي الأوسع - بما في ذلك ما تمثله واشنطن بترسانتها النووية وقوتها العسكرية.
واليوم، فإن النزاع وجهود السلام غير المنظمة يهددان تماسك الناتو بل وجود الحلف نفسه ما يجعله في حالة سيئة. وأكبر دليل على ذلك هو قرار الأمم المتحدة حول أوكرانيا الأسبوع الماضي. حيث صوتت الولايات المتحدة إلى جانب الخصوم التقليديين للناتو متمثلين في روسيا وكوريا الشمالية.
وعلى منصة إكس وبعد المشادة مع ترامب، سارع كبار الساسة الأوروبيين للإعراب عن دعمهم غير المشروط لزيلينسكي وأوكرانيا، بما في ذلك ساسة فرنسا والمملكة المتحدة وبولندا وإسبانيا وإيرلندا وأيسلندا وألمانيا وليتوانيا ومولدوفا والسويد.
Relatedصدمة الأوروبيين من التصريحات الأمريكية بشأن أوكرانيا تدفعهم للتحرك ورصّ الصفوف برلماني أوروبي بارز: على الاتحاد الأوروبي أن يكون "أقوى وأجرأ" بشأن المعادن الأوكرانيةصدمة عالمية من مشادة ترامب وزيلينسكي.. وتضامن أوروبي مع الرئيس الأوكراني إلا أوربان"فشل سياسي لأوكرانيا".. هكذا علّقت روسيا على المشادة الكلامية بين ترامب وزيلينسكيفي مشهد غير مألوف: مشادة كلامية عنيفة بين ترامب وزيلينسكي أمام الإعلام... ولا توقيع لاتفاقية المعادنوصرحت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في منشور على منصة إيلون ماسك: "اليوم، أصبح من الواضح أن العالم الحر يحتاج إلى قائد جديد. والأمر متروك لنا، نحن الأوروبيين، لقبول هذا التحدي".
لكن الحقيقة، أن النشر على منصة X، حل أرخص من الإقدام على تعويض محل الولايات المتحدة كراعٍ رئيسي لأوكرانيا في معركتها ضد العدوان الروسي.
ومن المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي يوم الخميس للاتفاق على سبل رصد الأموال لميزانياتهم الدفاعية التي تعاني من ضائقة مالية. ولكن العجز الدفاعي في القارة متجذر، ولا تزال أوروبا تعتمد بشكل مفرط على الولايات المتحدة. وهي مثل الطفل الذي يبلغ من العمر 40 عامًا وما زال لم يغادر منزل الأسرة، وها هو يستيقظ الآن ليكتشف أن الأب لم يعد سعيدًا بهذا الترتيب.
إن الأزمة حول الضمانات الأمنية المستقبلية لأوكرانيا هي أيضًا أزمة حول مستقبل الأمن في أوروبا. وسيحتاج القادة الأوروبيون الذين يجتمعون الأحد في لندن إلى إيجاد مخرج من هذه الأزمة من خلال جذب الولايات المتحدة نحو اتفاق ناجح.
ستحتاج أوروبا إلى القيادة للقيام بذلك، ولكنها بالتأكيد ستحتاجها أيضًا إذا لم تنجح في ذلك.
وقد أشارت "كالاس" إلى أن العالم الحر بحاجة إلى قائد جديد. ولكن التدخل كراعٍ مهيمن للدفاع عن أوكرانيا - في وقت تسحب فيه واشنطن دعمها على نطاق أوسع، سيكون جدّ مكلّف. ولن تذهب بعيدًا بما فيه الكفاية تلك التحسينات في الميزانية العمومية المدرجة على جدول أعمال مجلس الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل.
وكما قال عضو البرلمان الأوروبي الاشتراكي رافاييل جلوكسمان لإذاعة فرانس إنفو: "سنحتاج إلى أفعال من الآن فصاعدًا، وإيماءات قوية، وليس مجرد كلمات قوية".
وحث النائب الفرنسي الأصل الاتحاد الأوروبي على مصادرة أكثر من 200 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة لتمويل الدفاع عن أوكرانيا. قد تعود هذه القضية إلى جدول الأعمال في ظل الظروف الحالية الملحة.
وقد صرح مصدر في الاتحاد الأوروبي لـ Euronews أن "الجبهة التي تعارض فكرة مصادرة الأصول الروسية آخذة في الذوبان". وقال: "نأمل أن نرى بعض التحركات في هذا الشأن؛ بلجيكا وألمانيا هما أكبر المعارضين، ولكن في ظل حكم ميرتس، قد يتغير هذا الأمر. نأمل أن ترى بلجيكا أهمية اللحظة الراهنة".
قال أحد مصادر حزب الشعب الأوروبي لـ Euronews عن إلغاء تجميد الأصول - الذي روّج له رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك: "أعتقد أنه أمر صعب للغاية. وحتى لو نجح الأمر سيستغرق وقتًا طويلًا جدًا".
وتخشى العواصم الأوروبية من أن يؤدي استخدام هذه الأصول المصادرة إلى تقويض مصداقية أوروبا كمكان آمن للاستثمار. لكن المخاطر الآن أكبر. وكما قال أحد مصادر الاتحاد الأوروبي ليورونيوز: ”إذا نشبت حرب عالمية ثالثة، فستصبح أوروبا أيضا مكانًا أقل أمانًا للادخار“.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية إفطار وسط الركام.. الفلسطينيون في رفح يستقبلون أول أيام رمضان في مشهد استئنائي زيلينسكي يرفض الاعتذار لترامب ويقول: ما حدث لم يكن أمرا جيدا لكنني لم أخطئ "ميتا" تستعد لإصدار روبوت دردشة آلي منافس لـ "تشات جي بي تي" فولوديمير زيلينسكيدونالد ترامبأورسولا فون دير لايينحلف شمال الأطلسي- الناتو