قالت صحيفة "لوتان" السويسرية إن الإسرائيليين يبدون غير مبالين بمعاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة، رغم أن الحرب التي يشنونها هناك خلّفت أكثر من 25 ألف قتيل في غضون 100 يوم فقط، وحاولت تحديد الأسباب التي أدت إلى ذلك.

تنطلق الصحيفة –في تقرير شارلوت غوتييه من القدس- من قصة آرييل شاكي غليك، المدرّسة التي ذهب زوجها للحرب في شمال البلاد، فهي لا تطفئ الأنوار بالليل منذ عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي تتابع القناة الإسرائيلية 12، وموقع يديعوت أحرنوت، وليست لديها سوى فكرة غامضة عما يحدث في غزة.

ورغم أنها اطلعت على بعض الأخبار المؤلمة من غزة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، تقول وهي تتحدث عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي "بالنسبة لي كانوا جميعا متورطين، لكن مرت 3 أشهر وأنا إنسان".

وتضيف "بالطبع عندما أرى الأم تحمل ابنها الميت أشعر بالحزن عليها. لكن في الوقت الحالي، ليس هناك مجال لتأنيب الضمير أو الشفقة. الآن هو الوقت المناسب للعمل. الأولوية هي ضمان أمننا، بالنسبة لنا نحن الإسرائيليين. ولتحقيق ذلك، عليك أن تفعل ما يجب القيام به".

7 أكتوبر.. تكرار لا ينتهي

ويكشف هذا الخطاب –حسب الصحيفة- كثيرا عن الحالة الذهنية للمجتمع الإسرائيلي الذي يشعر بأنه يُساء فهمه من بقية العالم، كلما ابتعدنا عن 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويقول الصحفي الفرنسي الإسرائيلي شارل إندرلين في القدس، "لا يزال الإسرائيليون مصدومين تماما مما حدث في ذلك اليوم. إنهم يستعيدون، مرارا وتكرارا، يوم 7 أكتوبر"، ويضيف "لقد عانت إسرائيل من أخطر هزيمة عسكرية لها منذ إنشائها، ولا يزال هناك محتجزون في غزة، ويشعر السكان بعدم الثقة في الحكومة والجيش"، وهم يعانون من الصدمات النفسية وحالات ما بعد الصدمة.

وحسب الصحيفة فقد استوعبت وسائل الإعلام هذه الصدمة وانسجمت معها، فهي تذكر أسماء المحتجزين على الهواء، وتمدح كل جندي إسرائيلي قُتل في غزة، وبعد مرور 3 أشهر على الهجوم، لا تزال جميع المعلومات فيها تدور حول 7 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، والرؤية الإسرائيلية للحرب، وقد اعتمدت جميع القنوات شعارات مخصصة؛ مثل: "أقوياء معا" لدى القناة 13، و"معا سوف ننتصر" لدى القناة 12، والهدف هو توحيد الصفوف حول الدولة.

أم إسرائيلية: بالطبع عندما أرى الأم (في غزة) تحمل ابنها الميت أشعر بالحزن عليها. لكن في الوقت الحالي، ليس هناك مجال لتأنيب الضمير أو الشفقة. الآن هو الوقت المناسب للعمل. الأولوية هي ضمان أمننا، بالنسبة لنا نحن الإسرائيليين. ولتحقيق ذلك، عليك أن تفعل ما يجب القيام به

ويشرح أراد نير، الذي يعمل صحفيا في القناة 12 منذ أكثر من 30 عاما، بصراحة كيف تغطي قناته أخبار غزة، قائلا "نحن لا نظهر حداد المدنيين، ولا الجثث التي تُنتشل من تحت الأنقاض، ولا المعاناة في المستشفيات، بل تُقدّم المستشفيات على أنها قواعد خلفية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كما أننا لا نعطي عدد الضحايا المدنيين الذي سجلته حماس اهتماما، وعندما نستخدم صور الوكالات الدولية، نختار الأكثر حيادية، ونفضل عليها الصور التي يرسلها الجيش الإسرائيلي".

جمهورنا إسرائيلي

ويسوّغ الصحفي هذا الأسلوب بجمهور القناة قائلا "نحن وسيلة إعلام إسرائيلية وجمهورنا إسرائيلي، وفي هذه اللحظة هم مصدومون، لذلك نقدم لهم المعلومات التي يحتاجونها. وعندما أقدم الأخبار، وأحاول أن أروي ما يحدث على الجانب الآخر، وأعرض الطريقة التي تغطي بها وسائل الإعلام الأجنبية غزة، تنخفض الأرقام. الجمهور لا يريد سماع ذلك".

ويوضح أراد نير أن هذا الاختيار خطأ لأنه "يجب على الإسرائيليين أن يعرفوا ما يجري باسمهم، حتى لو وضعنا الاعتبارات الأخلاقية جانبا. يمكنك أن تؤيد ذلك أو ترغب في جعل سكان غزة يدفعون الثمن، أو تقول إن هذا هو الحل الوحيد لتكون آمنا، أو ترفض القيام بذلك باسمك، لكن عليك أن تعرف. ونحن لا نقدم هذه المعلومات. أنا محبط للغاية".

وخلافا لراد نير يأخذ جدعون ليفي من صحيفة هآرتس وجهة النظر بشكل أكثر قسوة قائلا "إننا نعيش الفترة الأكثر خزيا في تاريخ الإعلام الإسرائيلي. نحن صحفيون أحرار ولا توجد رقابة، ومع ذلك، باستثناء صحيفة هآرتس، اختارت الصحف والقنوات التلفزيونية الرئيسة إخفاء الكارثة في غزة، لاعتقاد الصحفيين أن عليهم أن يقوموا بالدعاية، كجزء من آلة الحرب".

جدعون ليفي: إننا نعيش الفترة الأكثر خزيا في تاريخ الإعلام الإسرائيلي. نحن صحفيون أحرار ولا توجد رقابة، ومع ذلك، باستثناء صحيفة هآرتس، اختارت الصحف والقنوات التلفزيونية الرئيسة إخفاء الكارثة في غزة، لاعتقاد الصحفيين أن عليهم أن يقوموا بالدعاية، كجزء من آلة الحرب

ويقارن جدعون ليفي صحافة إسرائيل مع الصحافة الروسية، قائلا "كنا نسخر من وسائل إعلامهم وتغطيتهم للحرب في أوكرانيا. لكنهم يخضعون لنظام (الرئيس الروسي) فلادمير بوتين، وليس لديهم خيار آخر. هذه ليست حالتنا، وواجبنا ليس إرضاء الإسرائيليين، أو الحصول على موافقتهم بشأن هذه الحرب. دورنا هو أن نروي القصة كاملة. ونحن لا نفعل ذلك".

لا صورة من غزة

ورغم أن هذا الصحفي كان يُدعى كل يوم للمناظرة على القناة 13 فقد أُبعد حتى نهاية الحرب؛ لأنهم –كما يقول- "لا يريدون أي أصوات معارضة"، لأن "الفلسطينيين والاحتلال خارج المجال التلفزيوني والإعلامي منذ قيام إسرائيل (…) يمكنك مشاهدة التلفاز لمدة 12 ساعة متواصلة دون أن ترى صورة واحدة لغزة. هذا جنون"، كما يقول جدعون ليفي.

وبالفعل قالت أنات ساراجوستي، الصحفية ومسؤولة حرية الصحافة في اتحاد الصحفيين بإسرائيل، إن تأثير هذه الفجوة بين الإسرائيليين وبقية العالم خطير، "معظم الأخبار هي غزة. والناس في جميع أنحاء العالم يرون الصور الرهيبة، على عكسنا نحن الإسرائيليين".

ساراجوستي: معظم الأخبار هي غزة. والناس في جميع أنحاء العالم يرون الصور الرهيبة، على عكسنا نحن الإسرائيليين.

وفي إسرائيل نفسها، تثير الطريقة التي يدير بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذه الحرب وتأثيرها جدلا متزايدا، ولكن الموضوع المطروح هو عدم وجود مخصصات للنازحين والرعاية الاجتماعية في ميزانية الحكومة الجديدة، ولكن حقيقة -أيضا- أن "أهداف الحرب لم تتحقق"، كما تقول أنات ساراجوستي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول نحن الإسرائیلیین جدعون لیفی فی غزة

إقرأ أيضاً:

إعدامات ميدانية بالسودان تطال عشرات المدنيين

 

كشفت منظمات حقوقية أن عناصر من الجيش السوداني وقوات متحالفة معه نفذوا خلال اليومين الماضيين إعدامات ميدانية راح ضحيتها نحو 45 مدنيا على الأقل في عدد من مناطق العاصمة الخرطوم.

التغيير ــ وكالات

ووفقا لمجموعة “محامو الطوارئ”، فقد وثقت مقاطع فيديو لتصفيات ميدانية نفذها أفراد من الجيش السوداني إلى جانب المجموعات التي تقاتل معه بحق أسرى ومدنيين في أحياء بجنوب وشرق الخرطوم ومنطقة جبل أولياء.

وأوضحت المجموعة أن تلك التصفيات يتم تنفيذها “بالتزامن مع حملة مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي يقودها نشطاء ومؤيدون للجيش بهدف توفير الغطاء لهذه الجرائم”.

خرق خطير

واعتبرت مجموعة “محامو الطوارئ” أن هذه الانتهاكات، التي يتم تبريرها بتهم “التعاون مع قوات الدعم السريع”، تشكل “خرقا خطيرا للقوانين الوطنية والدولية، وتؤجج خطاب الكراهية والعنف، وتهدد النسيج الاجتماعي عبر نشر ثقافة أخذ الحق باليد، ما يؤدي إلى استغلال البعض لهذه الفوضى لتصفية خصوماتهم خارج إطار القانون والقضاء”.

وحذرت المجموعة في بيان من أن عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء تعد جرائم حرب بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يحظر قتل الأسرى والمدنيين دون محاكمة عادلة وفقا لاتفاقيات جنيف للعام 1949 والبروتوكولات الإضافية الملحقة بها.

وأضافت: “تكرار هذه الجرائم بعد سيطرة الجيش على مدينة ود مدني يؤكد أنها تنفذ ضمن سياسة ممنهجة تستغل لترهيب المدنيين ونشر الخوف، مما يجعلها جرائم ضد الإنسانية وفق المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.

وطالبت المجموعة بالتحرك لحماية المدنيين والوقف الفوري لعمليات القتل خارج نطاق القضاء، ومحاسبة جميع المتورطين فيها، سواء المنفذين أو المحرضين، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

كما دعت إلى وقف حملات التحريض التي تبرر هذه الانتهاكات لما تمثله من خطر على السلم المجتمعي.

تصفيات ممنهجة

وشملت التصفيات عددا من المدنيين على أساس جهوي، إضافة إلى أعضاء في لجان مقاومة، وبعض المشرفين على المطابخ الخيرية “التكايا”.

وحمل الكاتب الصحفي صلاح شعيب قيادة الجيش مسؤولية ما يجري، وقال: “هناك حملات اغتيال ممنهجة يوثقها القتلة بأنفسهم بلا خوف من سلطات قانونية محلية أو دولية”.

وأضاف: “بين كل يوم وآخر تخرج لنا الوسائط الإعلامية أصنافا من الفيديوهات البشعة التي تصور شبابا لا حول لهم ولا قوة، وهم يساقون إلى حتفهم بلا أي ادعاء قانوني أو محاكمة أمام قضاء نزيه. وكل هذا يحدث تحت سمع ومرأى السلطة القائمة التي لا تحرك ساكنا لإدانة هذا الفعل حتى شجعت مباركتها للقتل خارج مظلة القانون حدوث المزيد من الانتهاكات المروعة”.

تحرك أميركي

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، قتل أكثر من 150 ألف شخص وأجبر نحو 15 مليونا على الفرار من منازلهم، بينما يواجه ملايين السكان احتمال المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الحاد.

والإثنين، قدم عضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأميركي، جروجي مييكس، مشروع قانون يتضمن فرض إجراءات لمحاسبة مرتكبي الفظائع في السودان من خلال فرض عقوبات على من ساهموا في ارتكاب الإبادة الجماعية، أو جرائم الحرب، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو منعوا المساعدات الإنسانية.

وقال مييكس إن مشروع القانون الجديد سيزيد المساعدات الإنسانية ويقدم الدعم لحماية المدنيين من خلال إقرار مساعدة الولايات المتحدة لقوة تابعة للأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو أي قوة متعددة الجنسيات أخرى لهذا الغرض.

الوسومالجيش الخرطوم تصفيات ميدانية

مقالات مشابهة

  • لهذه الأسباب تقلق إسرائيل من الوجود العسكري المصري في سيناء
  • مناوي يكشف عن رؤيته للقوات التي تقاتل مع الجيش بعد انتهاء الحرب
  • لإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل .. هكذا تضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين على نتنياهو
  • مقرر أممي يدعو لمعاقبة إسرائيل على حملة التجويع التي تمارسها ضد المدنيين بغزة
  • لإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل.. هكذا تضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين على نتنياهو
  • إعدامات ميدانية بالسودان تطال عشرات المدنيين
  • تحويلات غير مسبوقة للأموال إلى الخارج.. 40% من الإسرائيليين يفكرون في الهجرة
  • الدويري: غزة تمر بأصعب أوقاتها منذ بدء الحرب وهذه هي الأسباب
  • لا تتوقف عن تناول التمر بعد رمضان.. لهذه الأسباب
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: الحرب عبثية وصفقة شاملة هي الحل الوحيد