سودانايل:
2024-11-26@01:21:35 GMT

بين المحجوب وكرتي أو في حكاية الكيزان الزعلانين!

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

يحكى أنّ الراحل محمد أحمد محجوب كان في زيارة الى مصر وهو وزير لخارجية السودان، بعد انتهاء زيارته كان يود زيارة صديق كاتب وصحفي مصري، لكنه عرف انه معتقل ضمن اعتقالات شملت عددا من المثقفين والناشطين، التقى المحجوب الرئيس عبد الناصر لوداعه، سأله عبد الناصر: متى ستعود للسودان؟
قال المحجوب : الأمر يتوقف عليك يا سيادة الرئيس!
سأله عبد الناصر باهتمام: كيف ذلك؟
قال المحجوب: لدي صديق أود رؤيته بشدة قبل سفري، لكنني علمت أنه معتقل!
فرد عبد الناصر مبتسما: اذن لن نطلق سراحه حتى نسعد ببقائك بيننا لأطول وقت!
وفي لحظة خروج المحجوب من مكتب عبد الناصر، صدر الأمر بإطلاق سراح صديقه الكاتب، فالتقاه المحجوب قبل أن يغادر عائدا لبلاده.


لم يكن جيل المحجوب مُبَرَّءًا من الأخطاء، بل أن انعدام الرؤية والخطط الاستراتيجية لجيل ما بعد الاستقلال افضى للكثير من المشاكل والتعقيدات التي شهدتها بلادنا لاحقا. لكن ذلك الجيل اجتهد قدر استطاعته، وكانت تلك الرموز وجوها ناصعة للدبلوماسية السودانية، إنّ من المحزن أن الوزارة التي شغلها افذاذ أمثال المحجوب وجمال محمد أحمد ومنصور خالد ومحمد توفيق أحمد، ورثها في زمن الضياع عدد من ضباع وسماسرة السياسة، فمن عُشّاق الأدب والفنون أمثال المحجوب وجمال، انتهى الامر بالخارجية إلى عاشق الأرض (تقرأ الأراضي) (المجاهد)علي كرتي!
إنها مأساة وطن تسلط عليه تشكيل عصابي يتخذ الدين ستارا لتنفيذ مآربه الشيطانية، لم يتركوا شريعة أو قانونا أو عرفا لم ينتهكوه، لم يتركوا مالا عاما لم ينهبوه، ومجتمعا هادئا في تعايش سلمي سليم الا ودمروه، لم يجتهدوا في شيء ومنذ بيان انقلابهم الأول مثل اجتهادهم في غرس بذور تفتيت وتدمير هذه البلاد.
في تسعينات التمكين، طردوا كل الكفاءات في الخدمة المدنية، وقاموا بتعيين غير المؤهلين من سدنة التنظيم، لم يشغلهم التفكير في عدالة توزيع الفرص بين أبناء الوطن، بل كانوا حريصين على تنمية الغبن في النفوس، ولم يشغلهم هم انهيار الخدمة المدنية وما قد يستتبع ذلك من انهيار كل شيء، فالإنسان، تعليمه وصحته وتنمية قدراته، كان يقبع في مؤخرة اهتماماتهم، فالأولوية كانت للتمكين، غرس التنظيم الشيطاني في تربة بلادنا.
لكن تلك التربة الطيبة لفظت تنظيمهم فبقي غريبا، لا يجمع حوله سوى السفلة واللصوص وشذاذ الآفاق. مجرد نبت شيطاني بلا جذور، لا يطرح سوى الشوك والفتن والمصائب، والحرب العبثية التي تشهدها بلادنا الان هي آخر ثمار نبت مشروع النهب والموت والدمار.
ورغم أنّ اعلان انقلابهم الكاذب كان أساسه مزاعم اهمال الحكومة الديمقراطية للجيش، لكنهم بعد استيلائهم على السلطة، امعنوا في اهماله وتدميره، صنعوا المليشيات الموازية له، من دفاع شعبي وأمن شعبي. وجهاز امني تتواضع أمام اعماله، عصابات الجريمة المنظمة، يمارس فقط كل ما تحرمه القوانين، من قتل واغتصاب وسرقة وتجارة بالممنوعات!
ثم أنشأوا الدعم السريع، وبلغ من فرح رئيسهم مجرم الحرب به، أن أدمن الإشادة به في كل يوم، بمناسبة وبدون مناسبة. كانت كل المليشيات التي ينشئوها تهدف فقط في الواقع لإرهاب الشعب وتثبيت نظامهم. وحين شعروا بتنامي قوة الدعم السريع واحتمال خروجه على سلطتهم، كانوا بصدد انشاء جيش آخر باسم جيش الاحتياط، حين فاجأتهم الثورة.
ومنذ لحظة اندلاع حربهم الأخيرة، كان واضحا رهانهم على هزيمة الدعم السريع خلال فترة وجيزة، ليعودوا بعدها للواجهة كمنقذين (نسخة جديدة من الإنقاذ، حتى صارت كلمة انقاذ مرادف للموت والنهب والخداع) وبعد وضع كل القوى التي تناهضهم في سلة الدعم السريع. للخلاص من الجميع بضربة لازب.
لا تهدف حربهم سوى لهزيمة الثورة، صناعة فظائع تفوق ما اقترفته أيديهم خلال عقود الشؤم الثلاثة. يحاولون خداع الناس كالعادة، وحرف الأنظار عن حقيقة انّ الجرائم التي ترتكب في هذه البلاد من قبل كل الأطراف، منذ يونيو 89 وحتى هذه اللحظة كلها من صنع أياديهم، فالدعم السريع لم يهبط من السماء، وحين تقاطعت المصالح صار عدوا، وصار النصر عليه مطلوبا لمحاولة غسل ذاكرة الأمة بانتصار وهمي.
نالت الخارجية نصيبها من التمكين، فتقاطر إلى صفوفها متردية التنظيم الشيطاني، فشهدنا التخبط والفضائح الأخلاقية، لننتهي إلى دبلوماسية الزعل والحردان، تطرد المبعوثين الدوليين وتقاطع دول الجوار والمنظمات الإقليمية، وترفض دعوات مؤتمرات البحث عن سلام في بلادهم، وتلوم الايقاد على استقبال قائد الدعم السريع، والأمين العام للأمم المتحدة بسبب اتصاله مع حميدتي! ولم يبق لهم سوى تعيين سكرتير اتصالات للسكرتير العام ليحدد له على من يجب أن يرد، ومن يجب أن يعمل لهم (بلوك) في تليفونه!
دبلوماسية يكون العسكر أكثر دبلوماسية منها! حين يتنازلون ليلا (في لحظات اللاوعي السيادي) ويقبلون التفاوض لوقف الحرب، فيمحو كلامهم نهار دبلوماسية بطل جهاد الأراضي: علي كرتي!
لا_ للحرب
التحية للسفراء أصحاب المواقف نورالدين ساتي وعبد الرحيم خليل ورفاقهم من الشرفاء.



ortoot@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع عبد الناصر

إقرأ أيضاً:

أدان جماعة قحت/ تقدم بشدة كل ما يدعم الجيش، وامتنعوا عن إدانة كل ما يدعم الدعم السريع

□□ من أجل التوثيق ( ١- ٢ )
□ إذا كان هناك من جماعة قحت/ تقدم، أو غيرهم، من لديه ملاحظات على هذا الرصد فليتكرم بها مشكوراً للاستفادة منها في التوثيق.
□ أدان جماعة قحت/ تقدم بشدة كل ما يدعم الجيش، وامتنعوا عن إدانة كل ما يدعم الدعم السريع:
□ أدانوا بيع السلاح للجيش، ولم يدينوا الدولة التي تمد الدعم السريع بالسلاح ولا الدول التي تساعد في توصيله.

□ طالبوا بحظر طيران الجيش، ولم يطالبوا بأي حظر لأي سلاح من أسلحة الدعم السريع.
□ أدانوا دعم بعض قادة القبائل للجيش، ولم يدينوا انضمام بعض قادة القبائل للدعم السريع.
□ حاولوا إلصاق تهمة قبلنة الصراع بالجيش وداعميه، ولم يوجهوا هذه التهمة للدعم السريع.
□ دعوا إلى عدم الاستجابة لاستنفار الجيش، وأدانوا المستجيبين، ولم يدعوا إلى عدم الاستجابة لاستنفار الدعم السريع، ولم يدينوا المستجيبين.

□ جرَّموا أي شكل من أشكال “التعاون” مع الجيش، ولم يدينوا “المتعاونين” مع الدعم السريع.
□ حاولوا إلصاق تهمة جلب المرتزقة بالجيش، ولم يدينوا استعانة الدعم السريع بالمرتزقة.
□ لم يدينوا استعانة الدعم السريع بالمساجين وحاولوا استخدامهم في تبرئة الدعم السريع من الجرائم ونسبتها إليهم.

□ جرَّموا الوقوف مع الجيش ودعمه معنوياً، ولم يجرِّموا الوقوف مع الدعم السريع ودعمه معنوياً.
□ أدانوا انضمام بعض الحركات المسلحة للجيش، ولم يدينوا انضمام بعض الحركات المسلحة للدعم السريع.

□ انتقدوا من دعموا الجيش من “غاضبون”، ولم ينتقدوا من دعموا الدعم السريع.
□ هاجموا الإعلاميين الذين يدعمون الجيش ، ولم يهاجموا الإعلاميين الذين يدعمون الدعم السريع.

□ جرَّموا مقاومة الدعم السريع عندما يعتدي على القرى، ولم يدينوا أي شكل من أشكال مواجهة الجيش.

□ لم يدافعوا عن الجيش بأي شكل، ودافعوا عن الدعم السريع كثيراً وبرؤوه من عدد من التهم.
□ هاجموا قيادات الجيش وسخروا منهم، وامتنعوا تماماً عن مهاجمة قيادة الدعم السريع والسخرية منها.

□ أطلقوا على الحكومة تسميات تنتقص منها مثل حكومة بورتسودان، واتفقوا مع الدعم السريع على تشكيل “الإدارة المدنية”، وساهموا في تشكيلها، ولم ينابزوها بالألقاب.
□ ساهموا في الحملات الإعلامية ضد الجيش التي نظمها الدعم السريع، وامتنعوا عن دعم الحملات ضد الدعم السريع.

□ سخروا من الجيش وداعميه وسموهم البلابسة، ولم يسخروا من الدعم السريع وداعميه بأي شكل، ولم يسموهم أي تسمية تنتقص منهم.
○ رصد/ إبراهيم عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع "قوات الدعم السريع" 
  • حرب الكيزان – مليشيات الكيزان: المشهد الختامي لنهاية الحركة الإسلامية في السودان 
  • أدان جماعة قحت/ تقدم بشدة كل ما يدعم الجيش، وامتنعوا عن إدانة كل ما يدعم الدعم السريع
  • هزائم الدعم السريع
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم
  • الجيش السوداني يحقق انتصارًا ساحقًا على قوات الدعم السريع.. واحتفالات شعبية واسعة (فيديو)
  • قتلى وجرحى جراء قصف الدعم السريع لمخيم بشمال دارفور
  • لماذا توقفت أميركا عن تأييد الدعم السريع؟
  • “قطعوا لي أذني.. لا يرحمون أحدًا” .. انتهاكات الدعم السريع
  • أين تقف .. مع مليشيات الجيش أم مليشيا الدعم السريع؟