أطياف –
صباح محمد الحسن
في بداية الحرب حافظ الجيش السوداني على خطاب عسكري متزن وحصر إنتقاداته و (شتائمه) على الخصم ووجه سهام النقد لقائد الدعم السريع الذي خرج من رحم المؤسسة العسكرية وساء الأدب
وبعدها تحول الهجوم من القائد الي القوات وبدأ الجيش يتحدث عن أنه يحارب قوات غير سودانية مرتزقة
وعندما إختلت الموازين في المعارك وفقد الجيش مواقع إستراتيجية ومدن كبيرة ومهمة بدأ هجوم قادته على الدول التي تدعم الدعم السريع
وحمل ياسر العطا الإتهامات من الغرف المظلمة الي مسارح الضوء ووجه الإتهامات مباشرة الي (الإمارات) وكان هذا أول إتهام صريح
الآن إنتقلت الإتهامات من منابر الخُطب الجماهيرية وتخطت دوافع الإنفعال في الهتاف السياسي ودخلت حيز الجدية بعدما أعلن الفريق ياسر العطا عضو المجلس الإنقلابي أن الحكومة السودانية ستقدم شكوى ضد الإمارات للأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية
ولكن المتابع للخطاب العسكري يجد أنه وبوزن ثقة العطا في قبضة يده على الأدلة وإصراره على الإتهامات، أن قائد الجيش الفريق البرهان لم يوجه إتهام رسمي او مباشر للإمارات، وحتى في المحافل الدولية والإقليمية كان يتحدث عن أن هناك دول تقدم الدعم لقائد الدعم السريع وقواته داخليا، أي لم يعلن البرهان موقفه الرسمي في إتهامها أو النية لمقاضاتها
الأمر الذي يبدو وكأن القيادات الإسلامية بلسان ياسر العطا تقصد بهذا التهديد الفريق عبد الفتاح البرهان وليس الفريق حميدتي
وذلك ليس لمعرفتها بما يجمع حميدتي والإمارات ولكن لعلمها التام بما يجمع البرهان و الإمارات !!
سيما أن السودان وحسب تصريحات نائب البرهان مالك عقار لايمتلك الأدلة لتوجيه الإتهام للدول التي تدعم قوات الدعم السريع
إذن تهديد العطا بتقديم شكوى ضد الدعم السريع للدوائر العدلية الدولية بلا أدلة، هو مجرد تهديد للبرهان شخصيا، فالحكومة قصدت دفعه الي مواجهة جديدة ومعارك سياسية دبلوماسية مع الدول العربية في هذا التوقيت بعدما خلصت من قطع علاقاته بالدول الأفريقية
تلك المواجهة التي قد تجعل الإمارات تضطر لكشف كل الأوراق السياسية و الأمنية و الربحية التي تجمعها بالبرهان وبعض القادة العسكريين
والشكوي الي مجلس الأمن لاتحتاج كل هذا الوقت فالبلاد تعيش حربا يموت فيها الآلاف فما الذي يمنع السودان من تقديم الشكوى منذ أن وجه العطا قبل شهرين إتهامه المباشر لها!!
والفلول تعلم أن البرهان لن يتقدم بشكوى ضد الإمارات ولن يضع نفسه في مربع المواجهة معها
ولهذا السبب سيظل البرهان صامتا بموقف رمادي ضبابي في مايتعلق ببتر العلاقات مع دولة الإمارات لكن لن ينتهي الأمر بهذه الضبابية
فالحكومة عبر وزارة الخارجية ستتبنى هذه المهمة وستخوض حرباً دبلوماسية بالنيابة عنه مثلما خاضت حربا عسكرية بإسم الجيش.
طيف أخير:
#لا_للحرب
كتيبة مستنفرين بإسم الإسلامي جمال زمقان، كم لواء وقائد من الجيش إستشهد في هذه الحرب لماذا لاتوجد كتائب بأسمائهم !!
الجريدة
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الإسلاميون وراء تغذية النزاع بين كيكل والحركات
صلاح شعيب
•بعد ثورة ديسمبر طالب المكون المدني بدمج الدعم السريع والحركات المسلحة في الجيش عبر ترتيبات عسكرية معينة. وكان هدف الثوار الديسمبريين أن تبدأ البلاد عهداً جديداً يعيد الاعتبار للمهنية المنضبطة داخل المؤسسات النظامية، وكذلك مؤسسات الخدمة المدنية، وتحريرها من القبضة الأيديولوجية الإسلاموية التي أضرت بها، وأفقدتها الفاعلية. ولكن كان المكون العسكري يحرص باستمرار على عرقلة هذه الخطوات الضرورية للإصلاح داخل بنية مؤسسات الدولة. بل كان يحاول استخدام الدعم السريع، والحركات المسلحة، لتعويق عمل الحكومة المدنية بقيادة د. عبدالله حمدوك حتى أثمر التآمر عن انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2025.
وبعد عامين من الحرب انتهى الجيش الذي يسيطر عليه المؤتمر الوطني إلى تفريخ أكثر من دستة من المليشيات، وضمها إليه لتعمل تحت قيادة البرهان – علي كرتي.
•الآن بدت بوادر حرب كلامية بين قوات درع الوطن التي يقودها أبو عاقلة كيكل وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وتساهم في تأجيج الفتنة بينهما منصات إعلامية منحازة لهذا الطرف، أو ذاك. فضلاً عن ذلك فإن هذا التنازع له منحازون من أطراف أخرى تؤيد استمرار الحرب، ولديها انتماءات إسلاموية، ومناطقية، وعسكرية.
الحقيقة أن المليشيات الداعمة للجيش لم تخض الحرب بدافع القناعة بمصطلح، ومضمون، “حرب الكرامة” وإنما خاضت فيها لتعزز أهدافها المتصلة بالأيديولوجيا، والقبلية، والمناطقية والانتهازية. ولهذا السبب وجد البرهان فرصته كقائد ظاهر للجيش ليراوغ بها من أجل الوصول إلى أهدافه في الحفاظ على حكم البلاد بعون مؤيديه من الإسلاميين.
•ولكن تأسياً بالتاريخ القريب فإن تعدد الأجندات وسط هذه المليشيات سوف يخلق صراعات أعمق مما نشاهد بوادرها الآن كلما غاصت الحرب في التصعيد، أو فقد الدعم السريع مناطق سيطرته نتيجة للدعم اللوجستي الذي يتلقاه الجيش من مصر، وإيران، وتركيا، وقطر، وروسيا.
•محللون سياسيون، وخبراء عسكريون، أشاروا إلى أن تكرار الجيش أخطاء تبني المليشيات الجاهزة في ظل ضعف تجنيده للمقاتلين سوف يعيد في كل مرة التجربة الماثلة أمامنا: حرب الدعم السريع على القوات المسلحة.
•ولكن مخاطر تكثيف الجيش لمليشياته بعد انتهاء شهر العسل بينه وبين الدعم السريع سيولد في المستقبل أكثر من حرب بين الجيش وهذه المليشيات التي يحتضنها بكل ما لديها من أهداف ليس من بينها وضع السلاح أرضاً في حال انتهاء الحرب بأي كيفية. فبعض قادة المليشيات الداعمين للحرب ينتظر أن تكون المكافأة اقتسام السلطة، والثروة، والنفوذ، وبعض منها ينتظر التخلص من البرهان نفسه، وهناك بعض آخر ربما يفكر في التخلص من البرهان، ومليشياته جميعها ليتسنى له حيازة كامل الدولة.
•إذا عدنا إلى رؤية الديسمبريين بقطاعاتهم كافة فهي كانت الأنسب للقوات المسلحة حتى تضطلع بمهام الدفاع من بعد تسريح، ودمج. ولكن البرهان، ومن خلفه المؤتمر الوطني، كانوا يفضلون مصالحهم على مصالح الوطن، ولذلك تآمروا على فكرة دمج الدعم السريع حتى وقعت الطامة الكبرى التي تمثلت في أن الأخير شب عن الطوق، وخرج عن سيطرة الجيش. وهذا ما كان ليحدث لولا أن القائد الأعلى للجيش نفسه سحب المادة “5” التي خلقت من الدعم السريع جهة اعتبارية مستقلة بذاتها.
•باختصار: الحرب أولها كلام. فالنزاع المكبوت حتى الآن بين درع الوطن والحركات المسلحة المساندة للحرب علامة على مستقبل قاتم ينتظر السودانيين بسبب الجهة التي أشعلت الحرب: المؤتمر الوطني المنحل. بل إننا نتوقع أنه إذا سارت الأمور على هذا المنوال فإن الحرب ستتحول إلى حروب فرعية تستقطب المزيد من الداعمين من المكونات العرقية، وعندئذ سيكون أغلب الإسلاميين قد نجحوا تماماً في تفريق دم إجرامهم على قبائل السودان جميعها. أولم يعترف البرهان أنهم صنعوا كيكل قبل الحرب؟!