سودانايل:
2024-07-08@04:30:06 GMT

الواثق البرير بين الصحوة والغفلة

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

عندما يقدم أي قيادي سياسي يتبوأ مقعد الأمين العام لحزب، أو رئيس للحزب، يكون للكتابة ثلاث مدلولات.. الأول أنه يريد أن يقدم فكرة يكسر بها حالة من الجمود، أو يشرح موقف يعتقد قد فهم خطأ.. الثاني يريد أن يفتح حوارا حول الرؤية التي يقدمها في المكتوب.. الثالث أن يتجاوز حدود الحوار سياج الحزب إلي المجتمع خارج الحزب.

. في كل الأحوال هي خطوة جيدة، و تنقل الناس من حالة الأفق المسدود إلي رحاب الفضاء المفتوح.. و اللجوء للعقل يعني البعد عن الشعارات المانعة المحمولة بحمولات سالبة من مصطلحات الإقصاء و غيرها من موروثات حقبة ما قبل الربيع العربي..
أرسل إلي صديق من قيادات حزب الأمة مقالا للسيد الواثق البرير الأمين العام لحزب الأمة، بعنوان " المؤتمر الوطني في المرحلة القادمة ضرورة حتمية أم استسلام لأهداف الحرب" الغريب أن المقال لا يحمل تاريخ الصدور أو النشر، و إن كان البيان حسب المادة التي يحتويها كتب بعد الحرب، و ربما يكون المقال نفسه ردا على المقال الذي كان قد كتبه عبد الرحمن الغالي بعنوان " قراءة أولية في إعلان أديس أبابا بين تقدم و قوات الدعم السريع و مقترح تطويره لحوار سوداني سوداني جامع" ثم اللقاء الذي أدراه " راديو دبنقا" مع عبد الرحمن الغالي.. أن قرأة مقال البرير عبارة عن " وصف الحالة" و المقالات الوصفية للحالة دائما لا تحمل بين أحشائها رؤى فكرية تجذب القاريء للتعليق عليها، و لكن من خلال الوصف تجد هناك الكاتب يقف على بعض المحطات و يركز عليها، و هي تحمل مضامين سياسية التعليق عليها يكون من المصلحة. يقول الواثق في المقال (اتضح جلياً بعد قيام الحرب سيطرة مجموعة علي كرتي على الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، وسعيهم لإعادة حزبهم المباد بإدارة هذه الحرب التي هدفها الأساسي و أد الثورة وإعادة النظام البائد للواجهة عبر إشعال أوارها) أن سيطرة مجموعة على كرتي على الجيش و الأجهزة الأمنية لم تكن بالوضوح إلا بعد إشعال الحرب، تيقن البرير أن مجموعة على كرتي تسيطر على الجيش و كل المؤسسات الشبه عسكرية. ثم ينتقل الكاتب إلي فقرة أخرى تتعلق بالفقرة أعلاه، و لكنها تبين التناقض الكبير الذي يقع فيه البرير، لا أدري هل كان واعيا لهذا التناقض أم هو مجرد تبرير لأخطاء أرتكبها التحالف الذي هو جزءا منه.. يضيف البرير (إشراك المؤتمر الوطني أو مجموعة علي كرتي غير ممكن بعد هذه الحرب اللعينة، ليس من باب فش الغبينة، ولكن لأن المجموعة اصلاً لا تؤمن بالتغيير الذي حدث بعد الثورة ولا بالسلام الشامل العادل ولا بالمشاركة في الشأن الوطني عبر التحول الديمقراطي) سؤال للبرير إذا كان الجيش تحت أمرة على كرتي و مجموعته و هؤلاء هم الذين يديرون الحرب لماذا تريد أن تفتح حوارا مع الأدوات و لا تفتحها مع الذي يدير هذه الأدوات و يملك القدرة على السيطرة عليها؟
يتضح من إثارة عملية إشراك المؤتمر الوطني في الحوار، أن الأمين العام لحزب الأمة يريد بالمقال الرد على مقال عبد الرحمن الغالي، و المقابلة التي أجراها "راديو دبنقا" مع الغالي رغم أن الغالي كان قد قدم مقاله للحوار داخل الحزب، و أن رشا عوض الناطق الرسمي بأسم مجموعة " تقدم" هي التي انتقدت المقال في مقالين كانا قد نشرا في كل من " سودانيل و التغيير" و ردت عليها رباح الصادق المهدي، مما يؤكد أن هناك إختلاف في وجهات النظر داخل حزب الأمة في قضية " الحرب و كيفية التعامل معها" و أن ينقل الحوار خارج اسوار الحزب للفضاء العام فرصة طرح الأراء و البدايل، و هي خطوة إيجابية لأنها تنقل الناس من وسائل العنف إلي العقل.. رغم أن الصراع السياسي بعد الثورة بين أن القوى السياسية و الذين يدورون في فلكها أغلبيتهم وقعوا في دائرة الاستقطاب الحاد التي يجعلهم يعطلون العقل و يكتفون باستخدام المعاول لهدم خصومهم.
يذهب البرير إلي محطة أخرى و يقول في المقال (هذه المجموعة تعارض السلام الذي يشمل الجميع ويتمتع فيه السودانيين بالمواطنة المتساوية في الحقوق، وصنفت الشعب السوداني على أساس عرقي وجهوي، واجتهدت في إذكاء روح الفتنة بين أبناء الوطن) في ظل الصراع الدائر في الساحة؛ يظل هذا القول مجرد إتهامات كل جانب يريد رمي الأخر بأنه وراء الأسباب التي قادت للحرب. و الأفضل كان على حزب الأمة الذي يتبنى شعار " التحول الديمقراطي" أن يصل لهذه النتيجة من خلال الحوار. حتى لا تكون مجرد إتهامات تمليها عوامل الصراع. و القيادات التي تتبنى عملية التغيير يجب أن تكون بالجسارة التي تجعلها تقدم على الأفعال التي تحدث أختراقا في جدار الأزمة، و ليس البحث عن تبريرات واهية تقعدها عن الفعل الذي يجب أن تقوم به. ثم يقول البرير في فقرة أخرى (النقطة المهمة هي أنه ليس هناك أي مؤشرات من قبل المؤتمر الوطني على قبول أية لغة تصالحية ولا رغبة له في الجلوس مع الآخرين على قدم المساواة في شأن الوطن، لم يبد ذلك في أفعالهم ولا كتاباتهم ولا أقوالهم، ويكفي أنهم يجتهدون في تبديد كل فرص السلام وإنهاء الحرب( الشيء المحير أن البرير الأمين لحزب في أخر انتخابات أحرز أعلى المقاعد، يحمل حزب قد أسقطه الشعب مسؤولية عدم تقديم مؤشرات تصالحية..! و قد حدث أن قدم إشارات.. عندما أعلنت بعض قيادات قوى الحرية و التغيير منهم " الإمام و عمر الدقير" أن حزب المؤتمر يجب أن يشارك في الفترة الانتقالية و عليهم الانتظار حتى الانتخابات و قال رئيس الحزب في ذلك الوقت البروف إبراهيم غندور موافقين على ذلك و سوف نكون معارضة إيجابية في فترة الانتقال و ننتظر الانتخابات... إليس هذه إشارة؟.. لكن بعض القوى الأيديولوجية؛ هي التي دفعت بحل المؤتمر الوطني بقرار سياسي و حظر عناصره من العمل، و كان لابد أن تكون هناك ردة فعل من عضوية المؤتمر الوطني..
أن أغلبية النخب السياسية التي أدارت الإزمة بعد سقوط النظام كان أغلبها من الناشطين الذين لم يقرأوا تاريخ الصراع السياسي في السودان.. عندما تم حل الحزب الشيوعي من قبل أحزاب " الأمة و الاتحادي و الأخوان" 1965و تطرد نوابه من البرلمان قد قاموا بأنقلاب عسكري ضد النظام الديمقراطي.. و كانت القيادات السياسية في ذلك الوقت تعتقد أن هؤلاء فئة صغيرة لا تجروء على فعل شيء.. و كيف تكون ردة فعل حزب حكم ثلاث عقود و له قاعدة اجتماعية عريضة أرتبطت مصالحها بالنظام السابق و الدولة؟ أن من أهم شروط نجاح القيادات السياسية التي تقود عملية التغيير تكون مدركة لدورها و لديها من التصورات أن لا تجعل البلاد تنزلق للحرب، أو تجعلها في مواجهة مباشرة مع المؤسسة العسكرية، قيادة مدركة لتوازن القوى و كيف تجعل هذا التوازن دائما لصالحها. نسأل الله التوفيق.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی حزب الأمة

إقرأ أيضاً:

قدر الأمة ومصيرها يبدأ من الفصل الدراسي: طموحات ما بعد الحرب – الجزء (28)

aahmedgumaa@yahoo.com

قدر الأمة ومصيرها يبدأ من الفصل الدراسي:
طموحات ما بعد الحرب – الجزء (28)
•ماذا نتوقع من الإختبار الجيد؟
د.أحمد جمعة صديق
ما هو الاختبار الجيد؟
رمي صديقي بأوراقه على التربيزة بغضب وقال( تعرف السنة دي أنا حأسقط المستوى (X) ديل كلهم... يا أخي ديل ما نافعين بقرش!!). هدأت من روعه وبعد أن تناسينا الأمر تماماً سألته: بالمناسبة يا دكتور فلان انت الطلبة ديل حسقطم كيف؟ نظر بسخرية وأجاب (والله أديهم أختبار زي السم). قلت له يا سيدي إذن هذا ليس اختبار إنما تحدي بينك وبين الطلاب والعلاقة بينكم لا ينبغي أن تصل الى هذا الحد. ثانياً أنت ولا غيرك - مع الاعتذار - لا تملك حق ترسيب الطلاب أو نجاحهم ولا تستطيع،لأن ذلك يتم بارادة الطالب نفسه، فمن شاء بحث عن النجاح ومن تراخي فمصيره الفشل... وفي كلا الحالين ليس القرار بيدك؟ أجاب كيف يعني؟ يعني ما ممكن ارسبهم؟ قلت مستحيل ... لانك لا تملك ذلك الحق أما ما تريد ان تتحدى به هؤلاء الطلاب فيمكن أن يؤدي بك الى المحكمة في الدول الراقية التي تعرف ما هو الإختبار وكيف يصمم. أما انت كمعلم فلا تملك سوى أن:
1. تدرس المنهج بأمانة.
2. تغطي جميع نواحي المنهج
3. تراعي الفروق الفردية للطلاب.
4. تبتكر الوسائل المحفزة والجاذبة لتحبيب المادة للطلاب.
5. تفرد وقتاً خاصاً لاصحاب الحاجات.
6. تقيم أداء الطلاب عبر الموسم الدراسي وبصورة مستمرة.
7. ثم تصمم الاختبار وتوزع الدرجات حسب الثقل النوعي لكل موضوع.
8. تراعي التنوع في الاسئلة مقالية وقصيرة واختيار الاجابة من متعدد.
9. ثم تصحح الاختبار بكل شفافية ونزاهة.
10. تضع الاختبار على مستوى الطالب المتوسط (Mr. Average) ثم تتدرج في الصعوبة الى الطالب الجيد ثم الجيد جداً ثم سؤال متفرد فقط للطالب الممتاز.
11. وتعلن النتيجة في العلن.
فإذا راعيت أخلاقيات الاختبار هذه فستجد أن مهمتك تنحصر في التدريس الجيد ووضع الاختبار الجيد والنزاهة في منح الدرجات... وعليه فلن يكون في وسعك أو من صلاحياتك على الاطلاق أن تجعل أحداً من الطلاب يرسب أو ينجح، لانك لا تملك ذلك الخيار بل هو خيار الطالب المجد فينجح أو الطالب المهمل فيرسب. والسؤال إذن ما هو الاختبار الجيد؟
ما هي خصائص الاختبار الجيد:
• الثبات،
• الصدق،
• الشمولية،
• صدق المحتوى،
• والمردود.

• الثبات:
ويعني أن الاختبار يقيس باستمرار ما يهدف إلى قياسه، معطياً نتائج ثابتة عندما نكرر الاختبار نفسه بنفس الملابسات.
• أما الصدق:
فيشير إلى أن الاختبار يقيم بدقة المهارات أو المعرفة المحددة كأن يختبر القدرة على الكتابة باللغة العربية بدون أخطاْ إملائية مثلاً، مما يعكس قدرات الدارسين بصدق.
• ويغطي الاختبار الشامل:
مجموعة واسعة من المحتوى والمهارات ضمن المجال الموضوعي في المنهج المحدد، مما يوفر تقييماً شاملاً لفهم الطلاب.
• أما صدق المحتوى:
فهو أن يتضمن الاختبار عناصر تمثل بصورة صحيحة كامل المجال المعرفي في المنهج المحدد representative، متماشياً بشكل وثيق مع المنهج والأهداف التعليمية. يعني ما تجيب سؤال من خارج المنهج اطلاقاً لأن الطلاب لن يهتموا بالمنهج وسيبحثون عن الاجابة في مكان آخر وبذلك تفسد كل العملية التعليمية ولن تتحقق اجندة التعليم الوطنية أبداً كما رسمت في المنهج.
• وأخيراً، المردود washback or backwash: )وليس التغذية الراجعة)
ويشير هذا المصطلح إلى تأثير الاختبار على التعليم والتعلم. يشجع المردود الإيجابي على ممارسات تعليمية مفيدة، يحفز الطلاب على الانخراط بعمق في المادة ويوجه المعلمين للتركيز على استراتيجيات التدريس الفعالة. فمثلا لو احرز الطالب الدرجة الكاملة في المادة فسيكون المردود ايجابي فيحافظ ذلك الطالب على تكرار التجربة كل مرة يواجه فيها الموقف. كما يشجع نجاح الطلاب المعلمين على الحفاظ على هذا النجاح والتحسن المستمر للتدريس والتعاطي الايجابي مع طلابهم للمحافظة على الانجاز المحدد.
وفي جوهره، يقيس الاختبار المصمم جيداً أداء الطلاب بدقة ويعزز في الوقت نفسه تجارب التعلم الهامة ويدعم الأهداف التعليمية الشاملة. ومن خلال دمج هذه الخصائص، يمكن للمربين تكوين مفاهيم وتصورات لا تقيِّم فقط تعلم الطلاب بصورة فعالة فحسب، بل تساهم أيضاً في تحسين منهجيات التدريس وتفاعل الطلاب وتجعل من عملية التعليم والتعلم مناسبة للمتعة وغرس القيم وحب الحياة. ولنا عودة....  

مقالات مشابهة

  • حين يصبح الولاء للقبيلة فوق الولاء للفكرة: “المحقق” يستعرض القائمة الكاملة “لفلول” الدعم السريع
  • الأمة القومي:مؤتمر القاهرة حقق أهدافه
  • الطريق إلى جدة!!
  • حزب المؤتمر: الشارع المصري يحتاج إلي نهضة في ملف الصحة وطفرة بالتعليم.. والحوار الوطني يقوم بذلك 
  • حزب المؤتمر: اجتماع الحوار الوطني يعبر عن انطلاقة واعدة في نسخته الجديدة
  • الطريق الي جدة!!
  • قدر الأمة ومصيرها يبدأ من الفصل الدراسي: طموحات ما بعد الحرب – الجزء (28)
  • القاهرة تستضيف مؤتمرا دوليا لبحث سبل وقف الحرب المستمرة في السودان
  • معركة «النفس الأخير» لماكرون ضد اليمين المتطرف.. «الوحدة الأوروبية في خطر»
  • جنوب أفريقيا بعد تشكيل الحكومة.. هل ستتغير المواقف؟