دعا رضوان نويصر خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان طرفي النزاع إلى الوقف الفوري للعنف، مشيرا إلى أن ما يجري في البلاد الآن هو "جريمة في حق السودان والسودانيين".

وأشار إلى أن السودان عانى لعقود طويلة من الاضطرابات السياسية والإفلات من العقاب وعدم وجود السلطات القضائية وانتهاكات الحقوق.

وحث المجتمع الدولي على التوافق حول آليات حل الأزمة السودانية.

وقال نويصر في حوار حصري مع أخبار الأمم المتحدة: " ارحموا السودان. هذا يكفي". ونبه الخبير الأممي إلى أن أغلب الانتهاكات المرتكبة في السودان قد ترقي- من الناحية القانونية- إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

عُين نويصر أواخر عام 2022 من قبل المفوض السامي لحقوق الانسان بناء على طلب مجلس حقوق الإنسان لتوثيق الانتهاكات المرتكبة في السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر / تشرين الأول 2021 والإبلاغ عنها. وتم تعزيز ولايته خلال جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان لتشمل الانتهاكات الناجمة بشكل مباشر عن الصراع الحالي.

فيما يلي نص الحوار مع الخبير الأممي:

رضوان نويصر: هناك تدمير كلي تقريبا للبنية التحتية- الخاصة منها والعامة- في بعض المناطق، بما فيها المدارس والمستشفيات ودور العبادة وحتى مخازن المساعدات الإنسانية. ثم هناك نهب وسرقة وتدمير العديد من المنازل الخاصة وحرق بعض القرى بأكملها. هناك حوادث مفزعة حول العنف الجنسي والاغتصاب الذي يستهدف النساء والفتيات. هناك اعتداءات على الأطفال بما في ذلك إدماجهم في صفوف العساكر. هناك حالات من التعذيب والاختفاء القسري والسجن غير المبرر. لا ننسى أن السودان دولة متعددة اللغات والقبائل ومن الصعب جدا أن تستمر أعمال العنف هذه والتي قد تهدد بتقسيم السودان إلى مناطق عدة وربما أقاليم متنازعة.

دولة مثل السودان تتميز بتعدد القبائل والمجموعات العرقية والإثنية وعندما يستهدف أي طرف من الجهات المتنازعة قبائل أو إثنيات بعينها فهذا يغذي الصراع العرقي والإثني.

أخبار الأمم المتحدة: دعوت مرارا إلى ضمان التحقيق الفوري والشامل في جميع انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ومحاسبة المسؤولين عنها. ما جدوى هذه الدعوات في ظل استمرار الانتهاكات منذ بداية الحرب؟
رضوان نويصر: الإفلات من العقاب كان ولا يزال سببا أساسيا في الانتهاكات التي يتعرض لها أهل السودان. رغم أن كل الأطراف المتنازعة اليوم أعلنت عن وضع آليات ولجان بقصد الحد من ظاهرة الإفلات من العقاب وتقديم المنتهكين إلى العدالة فليس لدينا أي معلومة عن نتائج هذه الإجراءات وهذه الآليات، وهذا الأمر يؤدي إلى تقويض الثقة بين المواطن والحكومة والسلطات العمومية ويؤدي إلى إثارة الشك في المنظومة القضائية. وهذا ما يجعل الإفلات من العقاب عنصرا في مواصلة الانتهاكات والعنف والاعتداءات على الحقوق الأساسية للبشر.

أخبار الأمم المتحدة: كنتَ قد أجريتَ زيارة إلى السودان في بداية تسلمك لمهامك. هل لا زلت على تواصل مع الأطراف؟
رضوان نويصر: زرت السودان في شباط فبراير 2023- أي قبل بضعة أسابيع من اندلاع الصراع الحالي. وكان هناك أمل كبير في الانتقال إلى مرحلة جديدة في السودان- مرحلة وفاق سياسي وتجميع أطراف المجتمع السوداني ووضع الأسس الضرورية لانطلاق مرحلة سياسية تضمن الاستقرار والأمن وربما الانطلاق الاقتصادي في البلاد. ولكن مع الأسف مع حلول 15 نيسان/أبريل من السنة الماضية- أي قبل أكثر 9 أشهر- تبددت كل الآمال وصرنا نبحث عن وقف لأعمال العنف وانتهاكات الحقوق الأساسية.

أخبار الأمم المتحدة: قلت أيضا إنه ما من حلّ سلمي يلوح في الأفق على الرغم من مبادرات الوساطة الإقليمية والدولية المتعدّدة. برأيك ما الذي يعيق جهود الحل السلمي في السودان؟
رضوان نويصر: غياب الحل السياسي ومواصلة الأعمال العسكرية. في نظري لا يمكن حل الوضع في السودان بالأعمال العسكرية ولابد من إجراء مناقشات ومفاوضات سياسية بإشراك كافة الأطراف المعنية وخاصة الأطراف المجتمعية وأهل الذكر في ميدان السياسة وكذلك إشراك الجمعيات النسائية والشبابية لأن كل هذه الأطراف لها كلمتها في مستقبل السودان والذهاب نحو حل يرضي الجميع وتسريع الانتقال إلى حكومة وسلطات مدنية لتفادي تقسيم السودان وضمان انطلاقة جديدة لحوكمة ديمقراطية وإنماء اقتصادي.

أخبار الأمم المتحدة: كيف تحصلون على التقارير من الأرض؟ هل لديكم مكاتب في السودان؟
رضوان نويصر: في الوقت الحاضر، كما تعلمون، تم إخراج كل الموظفين الدوليين من السودان ولم يبق لنا سوى مكتب صغير في بورتسودان في شرق البلاد وهناك أيضا زملاء سودانيون لا يزالون داخل السودان- ومن بينهم من أصبح نازحا. نعقد اجتماعات أسبوعية مع بعض منظمات المجتمع المدني في السودان وتصلنا الأخبار عن طريق كل هذه المجموعات.

أخبار الأمم المتحدة: هل تنوي زيارة السودان في أي وقت قريب؟
رضوان نويصر: طلبت مؤخرا زيارة السودان- بورتسودان على وجه التحديد- وأنتظر الموافقة والتأشيرة كي أتمكن من الذهاب إلى هناك والاطلاع عن كثب عما يحدث والاتصال بالسلطات والنظر عما إذا كان هناك أمل في أن تتغير الأحوال في البلاد.

أخبار الأمم المتحدة: أخيرا، هل لديك رسالة إلى طرفي النزاع؟
رضوان نويصر: ارحموا السودان، فما يجري الآن هو جريمة في حق السودان والسودانيين. لا ننسى أن هذا البلد عانى لمدة عقود طويلة من الاضطرابات السياسية والإفلات من العقاب وعدم وجود السلطات القضائية، وانتهاكات الحقوق. هذا يكفي. السودان دولة قوية بثرواتها وبشعبها وبثقافتها وبتنوعها المجتمعي والقبلي واللغوي. لابد من وضع حد لهذه الأعمال العدائية والوصول إلى اتفاق. بالطبع، هذا أمر يخص السودانيين وأنا لست خبيرا سياسيا أو عسكريا لإعطاء نصائح في هذا الموضوع، ولكن ما أقوله هو أن ما حدث يكفي وقد فات اللزوم.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أخبار الأمم المتحدة فی السودان من العقاب

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تحذر جنوب السودان من شلل سياسي

كان من المنتظر أن تنظم  دولة جنوب السودان أول انتخابات في تاريخها في ديسمبر المقبل، لكن الرئيس سلفا كير أعلن في سبتمبر الماضي تمديداً جديداً للفترة الانتقالية لمدة سنتين، مرجئاً موعد الانتخابات إلى ديسمبر من عام 2026..

التغيير: وكالات

دعت الأمم المتحدة القادة السياسيين في جنوب السودان إلى “تقديم أدلة ملموسة” على نيتهم التوجه نحو مستقبل ديمقراطي للبلد، إذ بات الوقت ينفد لإجراء الإصلاحات اللازمة بعد التأجيل الأخير لموعد الانتخابات.

وكان من المفترض أن تنظم هذه الدولة الحديثة العهد أول انتخابات في تاريخها في ديسمبر المقبل، لكن الرئيس سلفاكير أعلن في سبتمبر الماضي تمديداً جديداً للفترة الانتقالية سنتين، مرجئاً موعد الانتخابات إلى ديسمبر من عام 2026.

وقال ممثل الأمم المتحدة في جنوب السودان نيكولاس هايسوم الخميس أمام مجلس الأمن إنه “تطور كان لا بد منه لكنه مؤسف نظراً إلى الاستياء والتبرم في أوساط المواطنين في ظل ما يتبدى من شلل سياسي وتقاعس المسؤولين عن تنفيذ اتفاق السلام والقيام بالانتقال الذي طال انتظاره”، حسب ما نقلته انبدندت عربية.

وأسف هايسوم لأن المسألة لم تعُد مجدداً ضمن الأولويات منذ تأجيل موعد الانتخابات، وشدد على أن الأمم المتحدة “واضحة في ما تقول، فالوقت بات ينفد مع هذا التمديد الرابع للفترة الانتقالية”، مشيراً إلى أنه في غياب تدابير حاسمة سريعة سيجد البلد نفسه “في الوضع نفسه في ديسمبر من عام 2026”.

وصرّح نيكولاس هايسوم بأنه ينبغي على كل الجهات المحلية والدولية أن “تنتهز هذه الفرصة كي يكون هذا التمديد الأخير ويجلب للسكان ما يستحقونه من سلام وديمقراطية”.

وحددت البعثة الأممية التي يترأسها هايسوم ستة أهداف “قابلة للتنفيذ” ينبغي أن تكون على رأس أولويات كل الأطراف، من بينها توحيد الجيش والتربية المدنية والعمل التمهيدي لتسجيل الناخبين وإعداد “مدونة سلوك” بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام.

وأفضى اتفاق السلام الذي وضع حداً عام 2018 لخمس سنوات من حرب أهلية طاحنة (400 ألف قتيل وملايين النازحين) إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية عام 2020 تجمع بين الخصمين سلفا كير (في الرئاسة) ورياك مشار (في رئاسة الوزراء).

لكن ما زال البلد يرزح تحت وطأة التنازع على السلطة والفساد والصراعات الإثنية المحلية، ويبقى التقدم المحرز في مجالات أساسية من الاتفاق مثل صوغ الدستور وتوحيد الجيش ضئيلاً.

وقال هايسوم إن “الأسرة الدولية بحاجة إلى أدلة ملموسة على أن قادة البلد ونخبته السياسية حريصون فعلاً على مستقبل ديمقراطي” لجنوب السودان.
ويعدّ جنوب السودان الذي نال استقلاله عام 2011 والذي يبلغ عدد سكانه 12 مليون نسمة من البلدان الأكثر فقراً في العالم وعرضة للكوارث المناخية كموجات الجفاف والفيضانات.

الوسومالأمم المتحدة دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر جنوب السودان من شلل سياسي
  • ملك المغرب: هناك من يستغل قضية صحراءنا ليغطي على مشاكله الداخلية
  • تحذير أممي: المدنيون في قطاع غزة يموتون جوعا أمام أعين العالم
  • تحذير أممي: المدنيون الفلسطينيون يموتون جوعا أمام أعين العالم
  • خبير اقتصادي: هناك تغير في سعر صرف الدولار بحد أقصى 5%
  • تقرير أممي مخيف عن انتشار لمرض خطير في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن
  • نصرة الأقصى تدين الانتهاكات بحق الأسيرات الفلسطينيات
  • مفوض أممي: 3 ملايين شخص غادروا السودان منذ أبريل 2023
  • تقرير أممي: قرابة 220 ألف إصابة بالكوليرا في اليمن منذ مطلع 2024
  • "يفوق شدة حرب 2006".. تحذير أممي من تدهور الوضع الإنساني في لبنان