صباح بشائر و يوم كارثي.. عملية المغازي بين المنصات العربية والإسرائيلية
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
"كارثة في غزة"، "الحادثة الأصعب"، "صباح صعب لا يطاق".. هذه العبارات هي من أكثر العبارات تداولا على منصات التواصل الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل 24 ضابطا وجنديا بمعارك غزة خلال 24 ساعة.
فمنذ يوم أمس الاثنين بدأت حسابات وزارة الدفاع الإسرائيلية على منصات التواصل بنشر أسماء وصور جنوده الذين قتلوا في معارك غزة، ليطل اليوم الثلاثاء المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري وعلى وجهه ملامح الحزن والأسى، فيعلن مقتل 21 ضابطا وجنديا من قوات الاحتياط الإسرائيلي قتلوا بتفجير عمارتين في مخيم المغازي وسط قطاع غزة.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن حادث مقتل الجنود في مخيم المغازي وقع على بعد 600 متر من الشريط الحدودي، وإن عمليات إنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض استمرت ساعات طويلة.
وبثت قناة الجزيرة مقطعا يظهر لحظة انفجار مبنى بمخيم المغازي تحصنت به قوات الاحتلال بعد استهدافه من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.
وقد أثار مقتل الضباط والجنود الإسرائيليين حالة من الصدمة على منصات التواصل الإسرائيلية، وبدأت الحسابات بنشر صور للضباط والجنود الذين سمح بنشر أسمائهم وصورهم.
وقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي العزاء لعائلات الجنود والضباط الذين قتلوا بالقول "لقد شهدنا أمس أحد أصعب الأيام منذ نشوب الحرب. وألتمس أن أتقدم بخالص تعازينا إلى العائلات العزيزة لمقاتلينا البواسل الذين سقطوا في ساحة المعركة. وأعلم أن حياة هذه العائلات قد تغيرت إلى الأبد، إنني أحزن لسقوط جنودنا البواسل، وأعانق العائلات وسط الكرب الذي ينتابها حيث نصلي جميعا لشفاء جرحانا. لقد باشر جيش الدفاع التحقيق في ملابسات المأساة. ويتوجب علينا استخلاص العبر اللازمة وبذل كل ما في وسعنا من أجل الحفاظ على أرواح مقاتلينا، باسم أبطالنا، ومن أجل حياتنا، لن نتوقف عن القتال حتى يتم تحقيق الانتصار المطلق".
باسم أبطالنا، ومن أجل حياتنا، لن نتوقف عن القتال حتى أن يتم تحقيق الانتصار المطلق.
— رئيس وزراء دولة إسرائيل (@Israelipm_ar) January 23, 2024
ولكن تعزية نتنياهو لأسر القتلى أثارت غضب الكثير من المتابعين الذين وصفوه بالفاشل كما حملوه المسؤولية الرئيسية عن الوضع الرهيب الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه الآن، وعن الكابوس الذي لا ينتهي، وعن الحفرة السوداء التي لا نهاية لها، وطالبوه بالتوقف عن الكذب على المواطنين الإسرائيليين، كما طالبه آخرون بالاستقالة، وسألوه عن العدد الذي سيقتل من قوات الجيش الإسرائيلي قبل أن يستقيل.
ولكن كيف تفاعل جمهور منصات التواصل في العالم العربي مع خبر مقتل 24 ضابطا وجنديا إسرائيليا في 24 ساعة؟، مغردون علقوا على الخبر "بصباح البشائر"، ووصفوا العملية بالمدروسة والدقيقة، وقالوا إن المقاومة الفلسطينية أوقعت القوات الإسرائيلية بمصيدة، فبعد أن تركتهم يفخخون المنازل استهدفتهم المقاومة بقذيفة لا يتجاوز ثمنها الـ10 دولارات، ففجرت فيهم المكان، وأدت إلى مقتل 21 ضابطا وجنديا دفعة واحدة.
عقب مؤتمر جيش الاحتلال.. كتائب القسام تلمح بأن عدد الجنود الصهاينة القتلى أكبر من 21 في إشارة لما حدث لجنود الاحتلال في قطاع غزة مساء أمس. pic.twitter.com/iccm4NdnI1
— رضوان الأخرس (@rdooan) January 23, 2024
وعلق بعض المتابعين بالقول إن "بعد العملية النوعية للمقاومة الفلسطينية يبدو أن قادة جيش الاحتلال سيرفعون سقف شعورهم بالخيبة واليأس والإحباط وقراءة المشهد من منظور ميداني يشي أن كتيبة أو عدة سرايا أُبيدت عن بكرة أبيها ووقعت بمصيدة مُحكمة".
بذلك الإعتراف يبدو أن/ قادة جيش الإحتلال / يرفعون سقف شعور الخيبة واليأس والإحباط وقراءة المشهد من منظور ميداني يشي أن /كتيبة أو عدة سرايا أُبيدت عن بُكرة أبيها ووقعت بمصيدة مُحكمة /سيُضاعِف ذلك من مجازر بحق الأطفال والنساء والمدنيين بغزة للإنتقام
— Àdm Omar (@AdamOmar71255) January 23, 2024
وقال مدونون إن الجيش الإسرائيلي دفع بأعداد كبيرة وغير خبيرة بقتال المدن إلى غزة، مما زاد من فرصة استهدافهم من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية، كما أعاد مغردون مقولة "أبو عبيدة" الشهيرة "ها هي رمال غزة تبتلع جنودهم".
هم دفعوا باعداد كبيرة و غير خبيرة بقتال المدن، إذا فرصة كبيرة لاستهدافهم و الضغط لايقاف العدوان غصبا عنهم مهما قالوا…الواضح فشل ذريع لهم،فقط تتبعوهم …
— Mansour bergn (@bergn_mansour) January 23, 2024
فيما أشار بعض المتابعين إلى أن الجيش الإسرائيلي يقلل من عدد قتلاه، ولا يعلن عن الأرقام الحقيقة كي لا يحبط باقي القوات المقاتلة في قطاع غزة، وأضافوا أن العملية جاءت بعد أكثر من 100 يوم من الاجتياح البري على القطاع، مما يثبت فشل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في جمع معلوماتها وعدم قدرتها على حماية قواتها من هجمات المقاومة الفلسطينية.
ومع إعلان الجيش الإسرائيلي مقتل 24 عنصرا يرتفع إجمالي قتلى الاحتلال إلى 559 منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، منهم 229 قتيلا منذ الاجتياح البري جراء الاشتباكات المستمرة مع المقاومة الفلسطينية
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة الجیش الإسرائیلی منصات التواصل ضابطا وجندیا
إقرأ أيضاً:
المتصهينون العرب وانتصار المقاومة الفلسطينية
يأبى الطابور الخامس من المتصهينين العرب إلا أن يعكر بادعاءاته صفو لحظة انتصار المقاومة وتحقيق معركة طوفان الأقصى لأهدافها الاستراتجية والمرحلية كاملة وهو ما تؤكده علوم الحرب والتخطيط الاستراتيجي والوقائع على الأرض ونضالات الشعوب من أجل التحرر وأهل الاختصاص وأصحاب العقول المتحررة من وهم تفوق الغرب وما أظهرته لحظات اليوم التالي عند بداية تبادل الأسرى.
فهل ما حصل يعد نصرا بالفعل أم هو غير ذلك؟ وما هي الانعكاسات الاستراتجية والظرفية التي سيخلفها بعد اتفاق الهدنة؟ ولماذا يولول المتصهينون العرب أكثر من الصهاينة أنفسهم؟ وما مدى مصداقية ما يدعونه؟
للحكم على ما حصل في معركة طوفان الأقصى من حيث انطلاقتها وأداء المقاومة أثناءها وجرائم الإبادة الموصوفة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني بغزة والتي تحولت إلى محرقة العصر وتجاوزت الهلكوست الذي مارسه الغرب في حق أجدادهم.
تختلف معارك التحرير وجولاتها عن الحروب النظامية فالخسائر لا تقتصر على المادية منها والبشرية فهناك خسائر أخرى معنوية واستراتجية معيارها الأساسي مدى التقدم نحو الهدف المتمثل في إنهاء الاحتلال والتحرير الشامل.فلا بد من الاحتكام لمعايير محددة باتت معلومة في العلوم العسكرية والتخطيط الاستراتيجي.
ـ وضع القضية قبل المعركة وبعدها:
لقد كانت القضية الفلسطينية على حافة تصفية يريدها العدو وداعموه والمتواطئون معه من الأعراب نهائية بفرض مشروع الشرق الأوسط الجديد بالقوة الصلبة والناعمة عبر التطبيع واتفاقيات إبراهام ومزيد تفتيت دول المنطقة وتجزئتها لصالح هيمنة الكيان.
ـ طبيعة المعركة وأهدافها:
هي معركة بين قوة احتلال استيطاني غاشم وقوة مقاومة مطاردة ومحاصرة مع حاظنتها الشعبية وهذا الوضع يختلف جوهريا عن الحروب النظامية وهي أيضا ليست معركة تحريك لجلب الانتباه وتثبيت دور طرف دولي أو إقليمي كما حصل في حرب 1973 رغم أهمية الانجاز العسكري للجيش المصري. كما أنها ليست معركة تحرير فلسطين بالكامل إنما أطلقتها المقاومة لإعادة طرح القضية خارج سياق التطبيع والتصفية النهائية والتقدم بها خطوة نحو التحرير.
ـ معايير النصروالهزيمة:
تختلف معارك التحرير وجولاتها عن الحروب النظامية فالخسائر لا تقتصر على المادية منها والبشرية فهناك خسائر أخرى معنوية واستراتجية معيارها الأساسي مدى التقدم نحو الهدف المتمثل في إنهاء الاحتلال والتحرير الشامل.
إن التقدير الموضوعي والعقلاني لا يمكن أن يغفل عن النقلة النوعية التي أحدثتها معركة طوفان الأقصى نحو إنهاء الاحتلال والتحرير الشامل لفلسطين وهو نصر للقضية في حدود ما تتطلبه المرحلة حيث دقت المقاومة الفلسطينية آخر مسمار في نعش الكيان الغاصب كما يقال الذي حولته معركة طوفان الأقصى إلى عبء على شركائه الغربيين وخاصة أمريكا وأحدثت داخله زلزالا عسكريا وميدانيا بمعية جبهات إسنادها من لبنان واليمن والعراق وزلزالا معنويا تمظهر في الهجرة العكسية والرعب النفسي والتفكك الاجتماعي وزلزالا اقتصاديا بتعطل نسبة هامة من القطاعات والمرافق الحيوية .
وقد وضعت المعركة القضية على طاولة البحث عن حل مرحلي عادل لم تتبلور إلى الآن معالمه ولن يكون مثل الحلول والاتفاقيات السابقة لأن المفاوض يختلف عن سابقيه.
وكما وحدت المعركة الجبهة الفلسطينية بين غزة والقدس والضفة وبين الداخل والخارج وحشدت الرأي العام الدولي الحر ضد الكيان وعرت دول الغرب والنظام الدولى وكشفت زيف التزامها القيم والمبادىء التي تعلنها وأسقطت ورقة التوت عن عدد لا بأس به من الأنظمة العربية وفضحت الطابور الخامس من المتصهيين العرب وأكدت أن من يملك الميدان يملك القرار والمبادرة، وهو ما تترجم في كيفية تسليم أسرى المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة الذي أكد أن غزة هي حماس وحماس هي غزة، كما عبر عن ذلك كبار صناع الرأي في الكيان وأن اليوم التالي لن يكون إلا فلسطينيا في صالح القضية والمقاومة ولا موقع فيه للخونة المطبعين رافعي أسلحتهم في وجه أبناء شعبهم.
ومع ذلك تتعالى الأصوات وتنعق بعدم انتصار المقاومة ويذهب بعضها إلى القول بأنها قد جنت على غزة وشعبها بما حصل من إبادة وتدمير وأن المدخل الوحيد لحل القضية الفلسطينية هو السلام الدائم مع إسرائيل على قاعدة القرارات الأممية.
لقد حققت المقاومة الفلسطينية مدعومة بحزب الله والحوثيين في اليمن والمقاومة العراقية وأحرار الأمة الإسلامية وأحرار العالم انتصارا تاريخيا في جولة مهمة من جولات الصراع مع المشروع الصهيوني الاستيطاني الغاصب تمهيدا لجولات أخرى على طريق تحرير الأقصى ولا عزاء للمطبعين المتصهينين العرب وغير العرب..وهي أصوات تختلف في منطلقاتها وتلتقي في مخرجاتها، فمنها من يفعل ذلك شفقة وحرصا ويفلسفه ببعض الأدلة والشواهد الدينية وغيرها مجتزأة ومؤولة تأويلا خاطئا مبتذلا مثل قول أحدهم "جاهد بالسنن يا أبا عبيدة" ومنها من يفعل ذلك كرها وحقدا وخدمة للكيان الغاصب ووكلائه في المنطقة من أنظمة الاستبداد والفساد .
وفي كل الأحوال فقد غاب عن هؤلاء المتصهينين أن رد الاعتداء لا يتم إلا بالمقاومة وتلك سنن التاريخ وأصل الوجود الإنساني "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"، صدق الله العظيم. ورغم أن القتال تكرهه النفس البشرية فقد كتبه الله على عباده في مثل هذه الحالات "كتب عليكم القتال وهو كره لكم" صدق الله العظيم فلا أحد يرغب بالقتل والدمار ولكن من غير المنطقي أن يكون رد الاعتداء دون خسائر مادية فقد قدمت الثورة الجزائرية مليون شهيد ظريبة للتحرر الوطني وكل ثورات التحرير كذلك من فتنام الى جنوب افريقيا .
أما السلام فمن المؤسف أن يحاجج به البعض بعد أن تبخر مع رفض الشهيد أبو عمار ياسر عرفات تسليم القدس للكيان وبعد أن تحول إلى وهم وسراب يلهث وراءه المطبعون حتى إذا جاؤوه وجدوه استسلاما وخضوعا وخنوعا. فمن يصدق أن الكيان الصهيوني سيقبل بقيام دولة فلسطينية بجانبه حتى وإن كانت منزوعة السلاح؟
لقد حققت المقاومة الفلسطينية مدعومة بحزب الله والحوثيين في اليمن والمقاومة العراقية وأحرار الأمة الإسلامية وأحرار العالم انتصارا تاريخيا في جولة مهمة من جولات الصراع مع المشروع الصهيوني الاستيطاني الغاصب تمهيدا لجولات أخرى على طريق تحرير الأقصى ولا عزاء للمطبعين المتصهينين العرب وغير العرب.. "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ".
*كاتب تونسي