هل هزيمة حماس ممكنة؟
«إسرائيل لا تقترب من تحقيق نصر حاسم، كما أنها ستجد صعوبة في تحقيقه مستقبلاً في ظل الظروف التي خلقتها».
«حركة حماس لن تستسلم ومن الصعب هزيمتها، والجيش الإسرائيلي لا يقترب من تحقيق الأهداف التي حددها لهذه الحرب».
إسرائيل فشلت في القضاء على حماس، واستمرارها في الحرب ليس سوى محاولة من نتنياهو لإنقاذ مستقبله السياسي فقط، وليس أملاً في تحقيق أهدافه.
«احتلال الجزء الشمالي من قطاع غزة، وتوسيع العملية للمناطق الوسطى والجنوبية من القطاع، ألحقا أضرارا جسيمة بحماس ومعاناة إنسانية شديدة لسكان قطاع غزة».
حرب يومية شرسة تستهدف مدنيين أبرياء بالمستشفيات أو نازحين في المدارس، أو باحثين عن لقمة طعام على أبواب مراكز وكالة الغوث، وهذه الحرب ليست سوى عملية انتقامية بحتة يُراد منها التدمير والانتقام والتشفي.
* * *
مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون، ومحللون وصحافيون وكتّاب في تل أبيب وواشنطن، يستبعدون نجاح إسرائيل في سحق حركة حماس أو إلحاق الهزيمة بها، وهذه الأحاديث تزايدت في الأيام والأسابيع الأخيرة، بعد أن تجاوزت الحرب المئة يوم، واقتربت من إكمال شهرها الرابع، من دون أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من اصطياد ولو قيادي واحد من حماس، كما لم يتمكن من تحرير ولو أسير إسرائيلي واحد من غزة بالقوة.
في نهاية العام الماضي، أي بعد شهرين فقط على الحرب، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت مقالاً في جريدة «هآرتس» العبرية قال فيه، إن «هزيمة حماس ما زالت بعيدة المنال وليست سهلة».
وأضاف أولمرت: «كانت احتمالات تحقيق القضاء التام على حماس معدومة، منذ اللحظة التي أعلن فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن ذلك هو الهدف الرئيسي للحرب».
وتابع: «حتى في ذلك الوقت كان واضحاً لكل من فكر في الأمر أن التدمير الكامل للمنظمة مجرد أُمنيات غير قابلة للتطبيق عسكرياً، حتى في ظل ظروف غير تلك الموجودة في قطاع غزة».
أولمرت ليس وحده الذي يتبنى هذا التقدير، بل هناك الكثيرون الذي يشاطرونه الرأي، وينظرون الى نتنياهو على أنه مجرد مغامر مهووس، فقد كشفت جريدة «واشنطن بوست» قبل أيام، أن الكثير من قادة الجيش الإسرائيلي يتبنون هذا الرأي، وهو الاعتقاد السائد لدى صانعي القرار في الولايات المتحدة أيضاً، وملخصه «أن إسرائيل بعيدة عن هزيمة حماس».
المحلل الاسرائيلي المعروف عاموس هارئيل كتب أيضاً في جريدة «هآرتس» يقول أن «حركة حماس لن تستسلم ومن الصعب هزيمتها، والجيش الإسرائيلي لا يقترب من تحقيق الأهداف التي حددها لهذه الحرب».
واعتبر هارئيل أن «احتلال الجزء الشمالي من قطاع غزة، وتوسيع العملية الآن إلى المناطق الوسطى والجنوبية من القطاع، ألحقا أضرارا جسيمة بحماس». وأضاف أن ذلك «أدى كذلك إلى معاناة إنسانية شديدة بين جميع سكان قطاع غزة، لكن إسرائيل لا تقترب من تحقيق نصر حاسم، كما أنها ستجد صعوبة في تحقيقه مستقبلاً في ظل الظروف التي خلقتها».
كثيرون من صانعي القرار والمحللين والصحف والبرلمانيين وغيرهم في تل أبيب وواشنطن يبدون اعتقاداً متزايداً بأن إسرائيل فشلت في الهدف الرئيس الذي وضعته لنفسها والذي يتمثل في هزيمة حماس والقضاء عليها، والاعتقاد السائد اليوم هو أن هذه الحرب لو استمرت لسنوات مقبلة فلن تؤدي إلى سحق حماس وإنهاء وجودها، حتى لو أدت الى إضعافها، أو أدت الى إسقاط حكمها في غزة.
ما تفعله إسرائيل اليوم هو حرب يومية شرسة تستهدف المدنيين الأبرياء من القابعين في المستشفيات أو النازحين في المدارس، أو الباحثين عن لقمة طعام أمام شاحنات الإغاثة، أو على أبواب مراكز وكالة الغوث، وهذه الحرب ليست سوى عملية انتقامية بحتة يُراد منها التدمير والانتقام والتشفي.
ولا يُمكن أن تؤدي الى إنهاء حركة حماس، خاصة مع استمرار مقاتلي الحركة في إطلاق الصواريخ، التي تصل إلى تل أبيب، ومع استمرارهم في إشعال جبهات متعددة للقتال، بما في ذلك في مناطق شمال القطاع، وهو ما يعني بالضرورة أن قدرتهم على توجيه الضربات ما زالت موجودة، بل إن ترسانة الأسلحة التي يمتلكونها ما زالت ممتلئة، ولم يتمكن الإسرائيليون من الوصول إلى مخازنها، رغم اجتياحهم القطاع من شماله إلى جنوبه وتوجيه الضربات براً وبحراً وجواً.
واقعُ الحال هو أنَّ اسرائيل فشلت في القضاء على حماس، واستمرارها في الحرب ليس سوى محاولة من نتنياهو لإنقاذ مستقبله السياسي فقط وليس أملاً في تحقيق أهدافه، إذ ما دامت الحرب قائمة فهو يبيع الأمل لناخبيه ويطلب منهم الانتظار على أمل أن يأتي اليوم الذي تتحقق فيه أهدافه.
وثمة العديد من الشواهد التاريخية المماثلة، فقد سبق أن اجتاحت اسرائيلُ بيروت في عام 1982 بهدف القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، فلم تنتهِ المنظمة، وإنما اضطرت إسرائيلُ إلى الاعتراف بها في عام 1993، كما خاضت إسرائيلُ حرباً، بل حروباً شرسة من أجل القضاء على حزب الله اللبناني فإذا بالحزب ما زال صامداً، بينما اضطرت القوات الإسرائيلية للانسحاب من جنوب لبنان في عام 2000.
المؤكد اليوم أن الحرب على غزة فشلت، ولم يحقق الإسرائيليون أهدافهم، والحل الوحيد للمشهد هو وقف هذه الحرب، والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى تُنهي هذه الأزمة، ومن ثم المضي فوراً في مفاوضات للحل الشامل تضع في الاعتبار حق الفلسطينيين في الحياة، وحقهم في إقامة دولة فلسطينية طبيعية ومنطقية وقابلة للحياة، حالهم في ذلك حالُ غيرهم من شعوب المنطقة.
*محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل الفشل هزيمة حماس أهداف الحرب صفقة تبادل أسرى الحرب على غزة الجيش الإسرائيلي القضاء على هزیمة حماس حرکة حماس من تحقیق فی تحقیق قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
“حماس”: تصريحات نتنياهو تكريس لنهج “الإبادة الجماعية”
الثورة نت/..
قالت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، إن رئيس الوزراء في حكومة العدو بنيامين نتنياهو يتحدث عن الهولوكوست (محرقة راح ضحيتها يهود خلال الحرب العالمية الثانية -بحسب الإعلام العبري-)، بينما يُحرق الفلسطينيون أحياء في غزة بمحرقة العصر الحديث”.
وأضافت في بيان مساء اليوم الخميس، إن “من يتباكون على ضحايا النازية صاروا سادة الإبادة في عصرنا الحديث”.
وأكدت أن “غزة اليوم “أوشفيتز” (معسكر اعتقال) القرن الـ21، والرماد فلسطيني، والفاعل صهيوني، والعالم يصمت”.
وأشارت إلى أن “تصريحات نتنياهو تكريس لنهج الإبادة الجماعية وتبرير مفضوح لجرائم الحرب”.
ونوّهت إلى أن “مقاومة المشروع الصهيوني الإبادي واجب إنساني وأخلاقي على العالم الحر”.
وكانت “حماس” قد طالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية في بيان آخر، بتحمّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، واتخاذ موقف عملي وفاعل لوقف هذا العدوان المتواصل على القطاع.
كما دعت إلى “محاسبة العدو على جرائمه، والعمل على كسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، وضمان إدخال المستلزمات الطبية والمواد الإغاثية والاحتياجات الأساسية للحياة”.
وكان العدو قد استأنف فجر 18 مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، إلا أن العدو خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.
وبدعم أميركي وأوروبي، ترتكب قوات العدو منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود.