رغم عقوبات وعزلة محتملة.. هكذا سترسو سفينة إثيوبيا في ميناء بربرة
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
بعد اتفاقها مع جمهورية أرض الصومال الانفصالية على استئجار جزء من ساحلها على البحر الأحمر، تواجه إثيوبيا عقوبات وعزلة محتملة، لكن يبدو أن أكبر دولة حبيسة في العالم قد حسمت أمرها ولن تتراجع، وفقا لعزرا نكو، وهو خبير في الجغرافيا السياسية والسياسة الدولية.
نكو أشار، في تحليل بموقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي (Modern diplomacy) ترجمه "الخليج الجديد"، إلى أن إثيوبيا أبرمت في 1 يناير/ كانون الثاني الجاري اتفاقا مع إقليم أرض الصومال، الذي أعلن في عام 1991 انفصالا من جانب واحد عن الصومال.
وأضاف أن الاتفاق ينص على أن تستأجر إثيوبيا، وهي دولة حبيسة، جزءا من ساحل أرض الصومال في منطقة ميناء بربرة لإنشاء قاعدة بحرية لأغراض تجارية وعسكرية، وفي المقابل تحصل أرض الصومال على حصة في شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.
كما "تقع أرض الصومال على الساحل الجنوبي لخليج عدن، وهي منطقة ذات أهمية عالمية منذ افتتاح قناة السويس في عام 1869، وتربط منطقة باب المندب في أرض الصومال خليج عدن بالبحر الأحمر؛ مما يجعل المنطقة النقطة الوحيدة ذات أقصر طريق بين أوروبا وآسيا، التي يعد غربها مركز إنتاج النفط في العالم"، كما أضاف نكو.
وتابع أن "التحدي الأكبر أمام أرض الصومال هو عدم الاعتراف بها كدولة مستقلة وشرعية وفق القوانين الدولية؛ مما يؤدي إلى استبعادها من القرارات والقروض والمساعدات الدولية، ويبدو أنها تسعى عبر هذا الاتفاق إلى أن تحظى باعتراف إثيوبيا وهي دولة قوية في أفريقيا".
اقرأ أيضاً
كيف تفاعل المغردون مع تحذير السيسي لإثيوبيا؟
سجن جغرافي
"من المتوقع بحلول عام 2030، أن يبلغ عدد سكان إثيوبيا 150 مليون نسمة، ولا يمكن لهذا العدد أن يعيش في سجن جغرافي. والسماح لإريتريا بالانفصال كان خطأ تاريخيا كبيرا"، بحسب رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد.
وقال نكو إنه "بعد انفصال إريتريا، المطلة على البحر الأحمر، عن إثيوبيا في عام 1993، أصبحت إثيوبيا أكبر دولة غير ساحلية في العالم؛ مما أثر عليها سلبا من حيث الأمن والنقل والاستثمار والاقتصاد".
وأردف: "وحاليا، تمنح إريتريا إثيوبيا نافذة عبر موانئ عصب ومصوع الصغيرة بالقرب من مضيق باب المندب".
وتابع أن "إثيوبيا هي إحدى الدول الإفريقية ذات الاقتصاد الأسرع نموا، إذ سجلت خلال العقد الماضي نموا بنسبة 9.9% (...) وجاءت مساهمة كبيرة في الاقتصاد من التجارة، ويمر 90٪ من منتجاتها عبر ميناء جيبوتي".
اقرأ أيضاً
اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال.. مخاطر محدقة باستقرار القرن الأفريقي
النفط والغاز
"وأدان المجتمع الدولي وكذلك أفريقيا بشدة هذا الاتفاق، وهددت الحكومة الصومالية بشن حرب على إثيوبيا"، وفقا لنكو.
ورأى أن "الخطوة الأكبر التي يمكن اتخاذها هي فرض عقوبات على إثيوبيا أو تعليق عضويتها في الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) أو الاتحاد الأفريقي (مقره في أديس أبابا)، لكن إثيوبيا تدرك خطورة وعواقب الاتفاق مع أرض الصومال، ويبدو أنها كانت مستعدة له".
وتساءل: "إلى متى سيفرض الاتحاد الأفريقي عقوبات؟.. الأمر لن يدم طويلا، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار ضعف الاتحاد، وكذلك الأهمية الاستراتيجية لميناء بربرة في التجارة والأمن العالميين".
و"من التوقعات الأخرى العزلة عن الدول المجاورة مثل جيبوتي، التي تهدف استراتيجية إثيوبيا إلى تقليل الاعتماد عليها، إذ تفيد تقديرات بأنه إذا نجحت إثيوبيا في استكمال بناء الميناء في أرض الصومال، فستخفض 30% من مرور بضائعها عبر ميناء جيبوتي، مما سيثر سلبا على اقتصادها، إذ يعتمد أكثر من 70% من ناتجها المحلي الإجمالي على إيرادات الموانئ"، كما تابع نكو.
وزاد بأن "دول، مثل مصر (في ظل الخلاف مع إثيوبيا بشأن سد النهضة) وإريتريا، سترى ذلك على أنه استعداد عسكري من الحكومة الإثيوبية للحرب".
نكو قال إنه "نظرا للأهمية الاستراتيجية لميناء بربرة وأرض الصومال بشكل عام في نقل النفط والغاز، وفي ظل الصراع في خليج عدن بين الولايات المتحدة والحوثيين والحرب بين روسيا وأوكرانيا، ستكون هناك حاجة لإثيوبيا على طاولة القرار العالمية لتسهيل نقل هذه المنتجات".
اقرأ أيضاً
عبر ميناء بربرة.. هل تهرب إثيوبيا من سجن الجغرافيا؟ وما دور الإمارات؟
المصدر | عزرا نكو/ مودرن دبلوماسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إثيوبيا أرض الصومال ميناء بربرة البحر الأحمر اتفاق أرض الصومال میناء بربرة
إقرأ أيضاً:
توتر صومالي مصري غير معلن.. هل تخسر القاهرة حليفتها بالقرن الأفريقي؟
تعيش العلاقات المصرية الصومالية حالة من التوتر غير المعلن، وسط تطورات إقليمية متسارعة وتقارب متزايد بين مقديشو وأديس أبابا.
وجاء الفتور الحاصل في علاقات البلدين عقب تعثر تنفيذ اتفاقية التعاون العسكري التي وقعتها مصر والصومال العام الماضي، وكان البلدان ينظران إليها على أنها ستعزز تحالفهما الذي كان يوصف بـ"الاستراتيجي".
ووفق تقارير إعلامية صومالية، فقد أوقفت السلطات المصرية جميع خطط الدعم العسكري التي تعهدت بها لمقديشو خلال العام الماضي.
واعتبرت وسائل إعلام صومالية أن وقف الدعم العسكري الصومالي وتجميد اتفاقية التعاون العسكري عمليا، بمثابة تعبير عن استياء القاهرة من التوجهات الجديدة للحكومة الفيدرالية الصومالية في إشارة إلى التقارب الحاصل مع أثيوبيا.
ورأت صحيفة "الصومال الآن" أن قرار تجميد الدعم العسكري المصري "يعكس غضب القاهرة من التوجهات الجديدة للقيادة الصومالية والتطورات المتلاحقة بشأن تقارب مقديشو مع أديس أبابا".
وكانت مصر وقعت العام الماضي اتفاقية تعاون عسكري مع الصومال، وذلك خلال زيارة أداها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود للقاهرة آب/ أغسطس الماضي.
وحينها رحب رئيس النظام المصري، السيسي ونظيره الصومالي "بالخطوات المتبادلة بين الدولتين لتعميق التعاون الثنائي، ومن بينها إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشو، وافتتاح السفارة المصرية في مقرها الجديد بالعاصمة الصومالية مقديشو، فضلاً عن توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين الدولتين".
وجاءت زيارة الرئيس الصومالي للقاهرة حينها على وقع توتر بين الجارتين، الصومال وإثيوبيا؛ جراء توقيع الأخيرة عام 2023 مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" الانفصالي، تمهّد لإقامة قاعدة عسكرية إثيوبية وتأجير ميناء بربرة على البحر الأحمر لمدة 50 سنة.
وتتصرف "أرض الصومال" التي لا تتمتع باعتراف دولي منذ إعلانها انفصالها عن الصومال عام 1991، باعتبارها كيانا مستقلا إداريا وسياسيا وأمنيا، مع عجز الحكومة المركزية في مقديشو عن بسط سيطرتها على الإقليم.
ورفض الصومال حينها هذا الاتفاق، باعتباره "غير شرعي ويشكل تهديدا لحسن الجوار وانتهاكا لسيادته"، وشدد على أنه "لا مجال لوساطة" في الخلاف مع إثيوبيا، ما لم تنسحب من الاتفاق، فيما أعلنت جامعة الدول العربية وعدد كبير من أعضائها بينهم مصر رفضها الاتفاق وتأكيدها سيادة الصومال على أراضيه كافة.
تغير مفاجئ
لكن وبعد أشهر على زيارة الرئيس الصومالي لمصر عرفت السياسية الخارجية للقيادة الصومالية تغيرات وصفت بالدراماتيكية، حيث توجهت نحو إثيوبيا وذلك على حساب علاقاتها الاستراتيجية مع مصر.
فقد وقعت أديس أبابا ومقديشو سبتمبر الماضي، اتفاقا لتسوية الأزمة بينهما وذلك بوساطة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبموجب الاتفاق تم الحفاظ على وحدة أراضي الصومال، مع التوصل إلى حل يضمن جهود إثيوبيا للوصول إلى البحر، كونها دولة حبيسة.
وفي فبراير الماضي أدى رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، زيارة إلى مقديشو هي الأولى له منذ توقيع اتفاق التسوية.
وأعلن البلدان في ختام الزيارة عزمها تعزيز التعاون الأمني والشراكات التجارية، وتعميق العلاقات الدبلوماسية، كما أكدا حينها أن الحكومة الفدرالية الصومالية هي بوابة العلاقات الرسمية بين الجمهورية الإثيوبية الفدرالية الدّيمقراطية والجمهورية الصومالية الفدرالية.
اتفاقات تعيد ترتيب التوازنات
السلطات الصومالية استمرت في اندفاعها نحو إثيوبيا، لتتوج ذلك بتوقيع اتفاق عسكري يهدف إلى إعادة نشر القوات الإثيوبية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم استقرار الصومال.
كما وقع البلدان اتفاقية تسمح لأديس أبابا باستخدام جزء من الساحل الصومالي، وهو ما تعتبره القاهرة تهديدًا مباشرًا لمصالحها الاستراتيجية، خاصة المرتبطة بمياه نهر النيل، إذ تخشى مصر من أن تمنح هذه التسهيلات البحرية لإثيوبيا مزيدًا من النفوذ الإقليمي يعزز موقفها في ملف سد النهضة.
وبالرغم من هذا التوتر أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، تمديد عمل القوات المصرية في الصومال ضمن بعثة حفظ السلام الإفريقية.
وأوضح مدبولي، خلال مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء أنه "زار الجمعة الماضي أوغندا، لمناقشة الأوضاع في الصومال، والتمهيد لمُهمة جديدة للأمم المتحدة وبعثتها في الصومال، والمُتضمنة في الشق الأمني أنه سيكون هناك تواجد للقوات المصرية في الصومال، إلى جانب مناقشة الأوضاع والترتيب لتفعيل البعثة الأممية، وما يتعلق بالجزء الخاص بالقوات المصرية".
تفكيك التحالف الثلاثي
ويرى المحلل السياسي المتابع للشأن الأفريقي، أحمد محمد فال، أن إثيوبيا، نجحت حتى الآن في مساعيها الهادفة إلى تفكيك التحالف الثلاثي بين مصر وإريتريا والصومال.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن هذا التحالف ظل يشكل تحديت رئيسا لأثيوبيا في المنطقة، مضيفا أن السلطات في أديس أبابا حرصت على تسوية كافة الأزمات مع الصومال لهدف رئيسي هو تفكيك التحالف بين مصر وإريتريا والصومال.
وتوقع أن تتحرك الدبلوماسية المصرية خلال الأسابيع القادمة من أجل التصدي للنفوذ الإثيوبي المتزايد في منطقة القرن الأفريقي، مضيفا أن أثيوبيا ستعمل هي الأخرى من أجل تعزيز حضورها في هذه المنطقة.
وتعتبر منطقة القرن الأفريقي من أكثر المناطق نزاعا على النفوذ بين القوى الدولية والإقليمية، فموقع القرن الأفريقي يعتبر استراتيجيا وبالغ الأهمية بالنسبة للقوى الدولية، حيث تعج بلدان المنطقة بالموانئ وتعبر من خلالها حاملات النفط والغاز والسفن المحملة بالبضائع والأسلحة.
وتسعى العديد من بلدان العالم لتعزيز حضورها في هذه المنطقة، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك قواعد عسكرية هناك، وكذلك الصين والهند وتركيا التي افتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها خارج حدودها في مقديشو.
ومنطقة القرن الأفريقي هي الجزء الواقع غرب البحر الأحمر وخليج عدن، وتشمل بمفهومها الواسع 8 دول في شرق أفريقيا، هي: الصومال وجيبوتي وأريتريا وإثيوبيا، وكينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا.