أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن تخفيض أسعار نحو 4500 دواء بين أصلي وجنيس بسبب استفادة هاته الأدوية من الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة ابتداء من فاتح يناير الجاري.
وجاء هذا القرار بالموازاة مع توسيع نطاق الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة، التي كانت محددة في 7 في المائة، ليشمل جميع الأدوية والمواد الأولية التي تدخل في تركيبها وكذا اللفائف غير المرجعة.
وتهم اللائحة تلك الأدوية التي تستخدم لعلاج مجموعة من الأمراض الخطيرة والمزمنة، كالسرطانات، والقلب والشرايين والتهابات الكبد (ب) و(س) وفقر الدم، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وغيرها، بالإضافة إلى العقاقير الموصوفة للاضطراب ثنائي القطب، وعلاجات مرض الفصام لدى البالغين والمراهقين، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 سنة وأكثر، ناهيك عن الأدوية التي تدخل في علاج ونقص المناعة المكتسب مرض متلازمة (السيدا) ومرض التهاب السحايا واللقاحات.
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
غياب المعايير.. أم تغير المتطلبات؟ قراءة في خلفيات إعفاء وزيري الخارجية والأوقاف في السودان
إن تداعيات الحرب الضروس التي تعصف بكيان الدولة السودانية، تفرض على القيادة الانتقالية تحديات وجودية ومسؤوليات تنفيذية ، لتأتي قرارات الإعفاء الوزاري المتتالية، وآخرها إعفاء وزيري الخارجية والأوقاف ضمن هذه التداعيات ، وتثير في ذات الوقت تساؤلات مشروعة حول منهجية الاختيار، ووضوح المعايير، ومستقبل العمل التنفيذي في البلاد.
اللافت أن الوزيرين لم يمضيا في منصبيهما سوى بضعة أشهر، وهي فترة لا تكفي – وفق المعايير المؤسسية – لتقييم أداء موضوعي ومؤسسي وعلمي ، إلا إذا كانت هناك مؤشرات خطيرة على الفشل أو الانحراف، أو أن التقييم تم بناء على معايير أخرى غير معلنة.
إن التساؤل الجوهري الذي يفرض نفسه .. هل تكمن المشكلة في آلية الاختيار نفسها؟ أم أن متغيرات الحرب تفرض ديناميكية مختلفة تتطلب مواصفات خاصة في شاغلي المناصب العليا، لا تتوافر بالضرورة في أصحاب الكفاءات الأكاديمية أو الخلفيات التقليدية؟
غياب معايير واضحة وثابتة في عملية التعيين يُنتج بالضرورة هشاشة في البنية التنفيذية، ويجعل من كل وزير “تجربة قابلة للإلغاء”، بدلاً من أن يكون “مشروع بناء مؤسسي”. كما أن القرارات المفاجئة بالإعفاء تُضعف ثقة الرأي العام في جدية الدولة، وقدرة مؤسساتها على التخطيط بعيد المدى.
ومما لا شك فيه أن من سيُعيَّن بعد الوزيرين المقالين، سيتقدم للمنصب مثقلاً بالهواجس، خائفًا من أن يلقى المصير ذاته، في ظل ضبابية المعايير. وهذا قد يؤدي إلى ارتباك في الأداء، أو إلى انتهازية في التصرف، إذ يحاول البعض إثبات الولاء بدلًا من الكفاءة وهذه في تقديري رسائل سلبية لمن يأتي بعد..
فالمرحلة التي تمر بها البلاد لا تحتمل المجاملات ولا التجارب. وعليه فإن الواجب على القيادة العليا للدولة – وخاصة في ظل ظروف الحرب – فإني أرى أن توضع معايير شفافة لاختيار القيادات ، تقوم على:-
– الكفاءة المهنية والسيرة العملية النزيهة.
– القدرة على العمل تحت الضغط، وفهم تعقيدات المرحلة الانتقالية.
– الالتزام الصارم بخطاب الدولة السياسي والإعلامي، وعدم الارتجال.
– الخضوع لتقييم دوري مبني على مؤشرات أداء واضحة.
– كما يجب أن يصاحب ذلك تصور استراتيجي لكل وزارة، يتم من خلاله تحديد المطلوب من الوزير قبل تعيينه، وليس بعد ذلك. فالفشل غالبًا ما يكون في التخطيط لا في الأفراد.
وآخراً فإن الإقالات المتسارعة، دون خطاب توضيحي شفاف للرأي العام، تُضعف الثقة، وتثير الشكوك، وتمنح خصوم الدولة مادة جاهزة للتشكيك في كفاءتها. والمطلوب اليوم ليس فقط “من يشغل الكرسي”، بل “من يحمل المشروع”، ويصمد في معركة بناء الدولة تحت نيران الحرب.
* ..بقلم د.إسماعيل الحكيم..*
*Elhakeem.1973@gmail.com*