دبي : البلاد

أصبح الذكاء الاصطناعي موجوداً في كل مكان، ويتم تداول قصص تسرد الوعود والتهديدات التي قد يحملها. فهل سيصل الذكاء الاصطناعي إلى أقصى إمكاناته في العام المقبل؟ وللإجابة عن هذا السؤال، طلبت ساس، الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والتحليلات، من المديرين التنفيذيين والخبراء في جميع أنحاء الشركة التنبؤ بالاتجاهات والتطورات التجارية والتكنولوجية الرئيسية للذكاء الاصطناعي للعام 2024.

وفيما يلي بعض التوقعات التي قدّموها.

الذكاء الاصطناعي التوليدي سيعمل على تعزيز (وليس استبدال) استراتيجية الذكاء الاصطناعي الشاملة

“تمتلك تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي قدرات هائلة لفعل الكثير من الأشياء، لكنها لن تتمكن من القيام بكل شيء. وسنشهد في العام 2024 تحوّلاً جوهرياً، إذ ستنتقل المؤسسات من التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي باعتباره تقنية قائمة بذاتها، إلى دمجه كعامل مكمّل لاستراتيجيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالقطاع. أما في مجال قطاع المصرفي، ستكون البيانات عنصراً مساعداً لمحاكاة اختبارات التحمل وتحليل السيناريوهات على التنبؤ بالمخاطر والحيلولة دون وقوع الخسائر. ويعني ذلك في مجال الرعاية الصحية، وضع الخطط العلاجية الفردية. وعندما يتعلق الأمر بقطاع الصناعة، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي محاكاة الإنتاج لتحديد التحسينات في الجودة والموثوقية والصيانة وكفاءة الطاقة والإنتاجية”.

–           بريان هاريس، المدير التنفيذي للتكنولوجيا في ساس

الذكاء الاصطناعي سيخلق المزيد من فرص العمل

“ساد الكثير من القلق في العام 2023 بشأن الوظائف التي قد يقضي عليها الذكاء الاصطناعي. وبدلاً من ذلك، ستتركز النقاشات في العام 2024 على الوظائف التي سيخلقها الذكاء الاصطناعي. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك الهندسة السريعة التي تربط إمكانات النماذج بآفاق تطبيقاتها في العالم الحقيقي. ويساعد الذكاء الاصطناعي العاملين من مختلف مستويات المهارات والأدوار، ليكونوا أكثر فعالية وكفاءة. ومع أن تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة في العام 2024 والأعوام اللاحقة قد تؤدي إلى ظهور بعض الاضطرابات قصيرة المدى في سوق العمل، إلا أنها في الوقت ذاته ستخلق العديد من الوظائف والأدوار الجديدة التي ستساعد في دفع النمو الاقتصادي”.

–           أودو سغلافو، نائب الرئيس في قسم التحليلات المتقدمة – ساس

الذكاء الاصطناعي يعزز التسويق المسؤول

“ينبغي علينا كمسوقين ممارسة التسويق المسؤول وبطرق واعية. ويتضمن ذلك الانتباه إلى العيوب المحتملة في الذكاء الاصطناعي، والبقاء على يقظة تامة إزاء ظهور التحيّز. ومع أن الذكاء الاصطناعي يمتاز بالقدرة على تحسين مبادرات التسويق والإعلان، يجب الاعتراف بأن البيانات والنماذج المتحيزة يمكن أن تؤدي إلى انحراف نتائج والابتعاد عن الدقّة. ونقوم في ساس للتسويق بتنفيذ بطاقات نموذجية تشبه قائمة المكونات، ولكنها تكون مخصصة للذكاء الاصطناعي. وسواء كنت مشاركاً في إنشاء الذكاء الاصطناعي أو تعمل في مجال تطبيقه، يكون من الضروري إدراك تأثيره وتحمل المسؤولية عنه. ولهذا السبب، يمكن لجميع المسوقين مراجعة البطاقات النموذجية، والتحقق من فاعلية خوارزمياتهم وعملها بطريقة عادلة، وتعديلها حسب الحاجة، بغض النظر عن مستوى المعرفة التقنية.

–           جنيفر تشيس، المدير التنفيذي للتسويق – ساس

الشركات المالية تتبنى الذكاء الاصطناعي في مواجهة الاحتيال المتزايد

“مع ازدياد يقظة المستهلكين ضد الاحتيال، يتيح ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي وتكنولوجيا التزييف العميق للمحتالين أدوات قوية لتحسين خططهم التي تكلّف تريليونات الدولارات. وتبدو رسائل التصيد الاحتيالي ومواقع الويب المزيفة أكثر إقناعاً، ويمكن للمجرمين استنساخ الأصوات باستخدام مقاطع صوتية قصيرة والاستعانة بأدوات متاحة بسهولة عبر الإنترنت. إننا ندخل فترة يطلق عليها “عصر الاحتيال المظلم”، الأمر الذي يدفع البنوك والاتحادات الائتمانية إلى اللحاق بسرعة بركب تبني الذكاء الاصطناعي. وتعزى هذه الحاجة الملحّة إلى التغييرات التنظيمية التي تجبر الشركات المالية على تحمل المزيد من المسؤولية عن عمليات الاحتيال المتزايدة، بما في ذلك عمليات الاحتيال الخاصة بالدفع الفوري والأنشطة الاحتيالية الأخرى.

–           ستو برادلي، نائب الرئيس الأول لحلول المخاطر والاحتيال والامتثال – ساس

مدراء تكنولوجيا المعلومات يواجهون تحديات هائلة بسبب تقنيات الظل للذكاء الاصطناعي

“لقد واجه مدراء تكنولوجيا المعلومات مشكلة “تكنولوجيا معلومات الظل” من قبل، ويواجهون الآن تحدياً جديداً مع “تقنيات الظل للذكاء الاصطناعي”، وهي الحلول التي تستخدمها بعض المؤسسات أو تقوم بتطويرها من دون الحصول على موافقة رسمية أو مراقبة من قبل تكنولوجيا المعلومات. وسيستمر الموظفون في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية لتعزيز الإنتاجية بنوايا حسنة. وسيخوض مدراء تكنولوجيا المعلومات صراعاً يومياً حول مدى تبني أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية هذه، والحواجز التي يجب وضعها لحماية مؤسساتهم من المخاطر المرتبطة بها”.

–           جاي أبتشيرتش، المدير التنفيذي للمعلومات – ساس

بلوغ محاكاة الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط آفاقاً جديدة

“يعتبر دمج النصوص والصور والصوت في نموذج واحد بمثابة الحدود التالية للذكاء الاصطناعي التوليدي. وبما أنه يُعرف أيضاً باسم الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط، يمكنه معالجة مجموعة متنوعة من المدخلات في وقت واحد، الأمر الذي يتيح المزيد من التطبيقات الواعية للسياق لاتخاذ قرارات فعالة. ومن الأمثلة على ذلك، إنشاء العناصر والبيئات والبيانات المكانية ثلاثية الأبعاد. وسيكون لهذا النوع من الذكاء العديد من التطبيقات في الواقعين المعزز والافتراضي ومحاكاة الأنظمة الفيزيائية المعقدة مثل التوائم الرقمية”.

–           مارينيلا بروفي، مستشارة إستراتيجية الذكاء الاصطناعي/الذكاء الاصطناعي التوليدي – ساس

تسارع اعتماد التوأم الرقمي

“تلعب تحليلات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء أدواراً حاسمة في قيادة القطاعات الرئيسية للاقتصاد، مثل التصنيع والطاقة والحكومة. ويستخدم العاملون في المصانع وعلى المستوى التنفيذي هذه التقنيات لتحويل كميات هائلة من البيانات إلى قرارات أفضل وأسرع. وفي العام 2024، سوف يتسارع اعتماد تحليلات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء من خلال الاستخدام الأوسع لتقنيات التوأم الرقمي التي تحلل أجهزة الاستشعار والبيانات التشغيلية بشكل لحظي، إلى جانب إنشائها نسخاً مكررة من الأنظمة المعقدة، مثل المصانع والمدن الذكية وشبكات الطاقة. ومن خلال التوائم الرقمية، يمكن للمؤسسات تحسين العمليات وجودة المنتجات وتعزيز السلامة وزيادة الموثوقية وتقليل الانبعاثات.

–           جيسون مان، نائب رئيس إنترنت الأشياء – ساس

شركات التأمين تستعين بالذكاء الاصطناعي للتصدى لمخاطر المناخ

“تحوّل تغير المناخ من تهديد تخميني إلى تهديد حقيقي بعد عقود من الترقب. وتجاوزت خسائر التأمين العالمية الناجمة عن الكوارث الطبيعية 130 مليار دولار في العام 2022، لتشعر شركات التأمين حول العالم بالضغط نتيجة هذه التحديات. وعلى سبيل المثال، تخضع شركات التأمين الأمريكية للتدقيق بسبب زيادة الأقساط، الأمر الذي قد يجبرها على الانسحاب من الولايات المتضررة من الكوارث المناخية بشدة، مثل كاليفورنيا وفلوريدا، ما يترك عشرات الملايين من المستهلكين في وضع حرج. وفي إطار مساعيها للنجاة من هذه الأزمة، ستتبنى شركات التأمين الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد، للاستفادة من إمكانات مخازن البيانات الهائلة لديها لدعم السيولة والقدرة على المنافسة. وإلى جانب المكاسب التي يحققها في التسعير الديناميكي المتميز وتقييم المخاطر، سيساعد الذكاء الاصطناعي تلك الشركات على أتمتة وتعزيز معالجة المطالبات واكتشاف الاحتيال وخدمة العملاء والكثير من المجالات الأخرى”.

–           تروي هينز، نائب الرئيس الأول لأبحاث المخاطر والحلول الكمية – ساس

تنامي أهمية الذكاء الاصطناعي في العمل الحكومي

“ستبدأ آثار الذكاء الاصطناعي على القوى العاملة بالظهور في مجالات العمل الحكومي. وتواجه الحكومات مصاعب في جذب المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي والاحتفاظ بهم، لأن الخبراء يتقاضون رواتب مرتفعة. ومع ذلك، فإنها ستقوم بتوظيف الخبراء للاستفادة منهم في دعم الإجراءات التنظيمية. وكما هي الحال لدى الشركات، ستتجه الحكومات أيضاً بشكل متزايد إلى تبني حلول الذكاء الاصطناعي والتحليلات، بهدف تعزيز الإنتاجية وأتمتة المهام الروتينية والحدّ من نقص المواهب”.

–           ريجي تاونسند، نائب رئيس إدارة أخلاقيات البيانات – ساس

الذكاء الاصطناعي التوليدي يعزز رعاية المرضى

“بهدف تعزيز الصحة وتحسين تجارب المرضى والأعضاء، ستعمل المؤسسات على تطوير أدوات توليدية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في العام 2024 للطب الشخصي، مثل إنشاء صور رمزية خاصة بالمريض، لاستخدامها في التجارب السريرية، وتطوير برامج علاج فردية. وسنشهد أيضاً ظهور أنظمة توليدية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لدعم القرارات السريرية، وتقديم التوجيه في الوقت الفعلي للمستهلكين ومقدمي الخدمات والشركات الصيدلانية”.

–           ستيف كيرني، المدير الطبي العالمي – ساس

سيكون النشر الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي عاملاً حاسماً لشركات التأمين

“سيشهد العام 2024 توقف إحدى أكبر 100 شركة تأمين عالمية عن العمل نتيجة نشر الذكاء الاصطناعي التوليدي بسرعة كبيرة. وتطرح شركات التأمين في الوقت الحالي أنظمة مستقلة بسرعة مذهلة، من دون تكييف نماذج أعمالها. وتأمل هذه الشركات أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في أغراض معالجة المطالبات بسرعة إلى تعويض نتائج الأعمال السيئة خلال السنوات القليلة الماضية. ولكن بعد تسريح الموظفين في العام 2023، ستكون القوى العاملة المتبقية مرهقة للغاية، بحيث لا يمكنها تنفيذ الإشراف المطلوب لنشر الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي وعلى نطاق واسع. ومن شأن الفهم الخاطئ للذكاء الاصطناعي كحل عالمي أن يؤدي إلى صدور عشرات الآلاف من القرارات التجارية الخاطئة، ما قد يهدد بانهيار الشركات والتسبب في أضرار دائمة تطال ثقة المستهلكين والجهات التنظيمية.

–           فرانكلين مانشستر، المستشار الاستراتيجي للتأمين العالمي – ساس

الأوساط الأكاديمية تعزز الصحة العامة باستخدام الذكاء الاصطناعي

“تستفيد الصحة العامة من التكنولوجيا الحديثة بمعدل غير مسبوق. وسواء كان الأمر يتعلق في مجال التعامل مع الجرعات الزائدة أو مراقبة الأنفلونزا، يعتبر استخدام البيانات لتوقع التدخلات في مجال الصحة العامة أمراً ضرورياً. لقد أصبح التنبؤ وتطوير النماذج بسرعة حجر الزاوية في عمل الصحة العامة، ولكن تحتاج الحكومة إلى المساعدة. وسنشهد زيادة في عدد الباحثين الأكاديميين الذين يقومون بتطوير النماذج وصياغة التنبؤات القائمة على الذكاء الاصطناعي بالنيابة عن الحكومة. وبعد جائحة “كوفيد-19″، يبدو واضحاً أن حماية السكان ستتطلب توظيف التكنولوجي وتعزيز علاقات التعاون بمستويات استثنائية”.

–           الدكتورة ميغان شيفر، مستشارة الصحة العامة الوطنية وأخصائية الأوبئة – ساس

هل ترغب بمعرفة المزيد؟

في ربيع هذا العام، يمكن التحدث مع المديرين التنفيذيين في ساس حول توقعاتهم، واستكشاف أحدث التطورات في الذكاء الاصطناعي والتحليلات. وندعوكم للانضمام إلى قادة الأعمال وخبراء التحليلات في قمة “ساس إنوفيت” في الفترة من 16 إلى 19 أبريل 2024 بمدينة لاس فيغاس. ويمكن المبادرة بالتسجيل اليوم للحصول على تحديثات حول المؤتمر وأسعار الحجز المبكر.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي ساس الذکاء الاصطناعی التولیدی تکنولوجیا المعلومات الذکاء الاصطناعی فی للذکاء الاصطناعی شرکات التأمین الصحة العامة فی العام 2024 فی مجال

إقرأ أيضاً:

كيف أجاب الذكاء الاصطناعي عن تفاصيل اغتيال نصر الله ؟

#سواليف

ما إن أكد #حزب_الله مقتل زعيمه حسن نصر الله حتى ضجت #الضاحية_الجنوبية في #بيروت بالصرخات المتألمة ورشقات الرصاص المليئة بالغضب. حالة الذهول لم تكن فقط في لبنان، بل أيضا في معظم البلدان المجاورة التي طالما شاهدت العدو الأبرز لإسرائيل وهو يخطب عبر الشاشة المتلفزة رمز الاحتياط الأمني الشديد.

شكّل مقتل الأمين العام لحزب الله صدمة لمؤيديه ومتابعيه وحتى المراقبين، نظرا لأنه اعتبر طوال الوقت “محصنا” ولا يمكن الوصول إليه أو المساس بأمنه قياسا إلى #الحراسة_الأمنية المشددة التي ترافقه وتحيط به.

ستبقى واقعة الاغتيال محل تساؤل كبير، وفي محاولة لفهم ما جرى تمت الاستعانة بالذكاء الاصطناعي، وطرحنا مجموعة من الأسئلة على برنامج “شات جي بي تي” (chatgpt) لفهم كيف استطاعت إسرائيل #اختراق الحزب وقتل حسن نصر الله، خصوصا أن الاغتيال جاء في غضون أسبوعين ناريين عمدت فيهما تل أبيب إلى هز الحزب بعنف عبر اختراق شبكات الاتصال لديه وقتل قادته العسكريين والميدانيين بشكل سريع ومتتابع.

مقالات ذات صلة أبو زيد ..  جهد استخباري كبير بغزة بحثا عن الـــ Big fish 2024/09/30

تاليا الحوار مع “شات جي بي تي”، ونؤكد أن إجابات هذا التطبيق التقني تبقى نسبية وآلية اصطناعية، وهي تحتمل أن تحوي ما يسميها التقنيون “الهلوسات” التي تصدر أحيانا عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي:

كيف استطاعت إسرائيل اختراق حزب الله وقتل حسن نصر الله؟

إسرائيل استطاعت اغتيال حسن نصر الله، زعيم حزب الله، بعد عملية استخباراتية معقدة وتنسيق عسكري متقدم. تفاصيل العملية لا تزال غير واضحة تمامًا، لكن هناك مؤشرات على أن الاختراق كان نتاجًا لعدة عوامل:
اختراق استخباراتي متقدم: وفقًا لعدة تقارير، يبدو أن إسرائيل قد طوّرت قدرة على اختراق الشبكات الأمنية لحزب الله. قد يكون هذا عبر استخدام أدوات استخباراتية متقدمة مثل التجسس الإلكتروني، أو حتى الحصول على معلومات من مصادر بشرية داخل الحزب. هذه القدرات مكّنت إسرائيل من تحديد مكان نصر الله بدقة، وهو أمر كان يعدّ صعبًا نظرا لاحتياطاته الأمنية العالية.

التكنولوجيا المتقدمة: الهجوم الذي استهدف نصر الله كان شديد الدقة، مما يدل على استخدام تكنولوجيا متطورة مثل الطائرات من دون طيار أو الصواريخ الموجهة بدقة. الهجمات على ضاحية بيروت الجنوبية أظهرت أن إسرائيل كانت قادرة على تنفيذ ضربات مركزة استهدفت مواقع محددة بدقة عالية، مما يدل على تخطيط محكم وتنفيذ تقني متطور​.

العمليات السيبرانية: بعض المحللين يشيرون إلى احتمال أن تكون إسرائيل قد نفذت هجمات سيبرانية على أنظمة الاتصالات داخل حزب الله، مما سمح لها بتحديد تحركات نصر الله والتوقيت المناسب للهجوم​.

هذه العوامل مجتمعة أدت إلى واحدة من أعقد العمليات التي نفذتها إسرائيل ضد حزب الله، مما أحدث صدمة كبيرة في المنطقة وأثار ردود فعل واسعة، خصوصًا من إيران وحلفائها الذين اعتبروا هذا الاختراق تهديدًا كبيرًا لمستقبل المقاومة.

لنفرض أن جاسوسا زوّد إسرائيل بالمعلومات، فمن هو؟ وفي أي مستوى يجب أن يكون؟

إذا كان اغتيال حسن نصر الله ناتجًا عن معلومات زود بها جاسوس إسرائيل، فمن المرجح أن يكون هذا الشخص في مستوى قيادي أو قريب من الدائرة الضيقة التي تحيط بنصر الله. حزب الله يعتمد على هيكل أمني محكم للغاية، مما يعني أن الشخص الذي يوفر معلومات دقيقة حول تحركات نصر الله يجب أن يكون في موقع قريب ومطلع على تفاصيل حياته اليومية.

هناك عدة احتمالات حول مستوى هذا الجاسوس:

المستوى الأمني: قد يكون الجاسوس أحد الأفراد في الدائرة الأمنية المحيطة بنصر الله. هذه الدائرة تتضمن أفرادًا مسؤولين عن تأمين تحركاته ومواقع إقامته. قد يكون الجاسوس مسؤولاً عن نقل المعلومات الحساسة المتعلقة بالتحركات أو اللقاءات الأمنية السرية.

المستوى السياسي: من الممكن أن يكون الجاسوس في مستوى سياسي كأحد القادة أو المستشارين داخل الحزب. هؤلاء الأفراد لديهم وصول إلى خطط الحزب الإستراتيجية وتحركات القادة.

المستوى الاستخباراتي أو اللوجستي: حزب الله يعتمد على جهاز استخبارات داخلي، وقد يكون الجاسوس جزءًا من هذا الجهاز، مما يتيح له الوصول إلى معلومات حساسة حول تحركات نصر الله والعمليات العسكرية التي تنفذها إسرائيل.

السيناريو الأكثر احتمالا هو أن الجاسوس يتمتع بمكانة كبيرة داخل الحزب، حيث تتطلب مثل هذه العمليات الثقة والقدرة على الوصول إلى معلومات عالية السرية، مثل توقيتات الاجتماعات أو الأماكن السرية التي يوجد فيها نصر الله.
اعتاد الأمين العام لحزب الله أن يخطب عبر الشاشة المتلفزة (غيتي)

لنعد إلى فرضية الاختراق التقني والسيبراني، كيف يمكن أن تصل إسرائيل إلى مكان نصر الله وتحركاته من خلال التكنولوجيا؟

في حالة فرضية الاختراق التقني والسيبراني، يمكن لإسرائيل أن تصل إلى موقع حسن نصر الله وتحركاته عبر عدة وسائل تكنولوجية متقدمة، بالاعتماد على مجموعة من الأدوات الاستخباراتية التي تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

إليك بعض الطرق التي قد تكون استخدمتها إسرائيل في هذا السياق:

التنصت على الاتصالات: يمكن لإسرائيل استخدام أدوات تجسس سيبرانية متقدمة لاختراق أنظمة الاتصالات الخاصة بحزب الله. قد يشمل ذلك اعتراض المكالمات الهاتفية المشفرة أو التنصت على أجهزة الاتصالات اللاسلكية التي يستخدمها نصر الله أو حراسه.

برامج التجسس المتطورة مثل “بيغاسوس” (Pegasus)، التي طورتها شركات إسرائيلية مثل “مجموعة إن إس أو” (NSO Group)، تُعرف بقدرتها على اختراق الهواتف المحمولة وجمع بيانات دقيقة عن موقع الشخص وتحركاته.

الهجمات السيبرانية: من خلال اختراق أنظمة الحاسوب الخاصة بحزب الله، يمكن لإسرائيل الحصول على معلومات حساسة عن تحركات نصر الله، وتوقيتات اجتماعاته، أو حتى رسائل البريد الإلكتروني السرية التي يستخدمها الحزب لتنظيم أنشطته. هذا النوع من الاختراق قد يتم عبر استهداف البنية التحتية الرقمية لحزب الله أو أجهزته المركزية.

استخدام الطائرات المسيرة (الدرونز) وتقنية المراقبة الجوية: الطائرات الإسرائيلية من دون طيار تراقب المناطق التي يعتقد أن نصر الله يتحرك فيها، خصوصًا الضاحية الجنوبية من بيروت. الطائرات المسيرة يمكنها جمع معلومات استخباراتية حية وتحديد التحركات، وذلك باستخدام تقنيات مثل الكاميرات الحرارية والتصوير بالأشعة تحت الحمراء، مما يتيح تتبع الأشخاص حتى في الليل أو في المناطق المغلقة.

تقنيات تحديد الموقع الجغرافي “جي بي إس” (GPS) عبر اختراق الأجهزة الشخصية: في حال استخدام نصر الله أو فريقه أجهزة محمولة أو تكنولوجيا تعتمد على “جي بي إس”، يمكن لإسرائيل استغلال ذلك لاختراق تلك الأجهزة وتحديد موقعه بدقة. حتى لو كانت تلك الأجهزة مؤمنة بشدة، يمكن للتقنيات الإسرائيلية المتقدمة تجاوز مستويات الحماية وجمع البيانات حول مواقع الأهداف.

استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات: يمكن لإسرائيل استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات ضخمة من البيانات التي يتم جمعها من مختلف المصادر، مثل المكالمات، والاتصالات الإلكترونية، وتحركات المركبات. الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكشف عن أنماط سلوك أو تحركات غير عادية تدل على وجود نصر الله في مكان معين.

الشبكات الاجتماعية وتحليل البيانات المفتوحة: رغم السرية التي يحيط بها حزب الله قيادته، قد تتمكن إسرائيل من تتبع معلومات حساسة عن طريق التحليل السيبراني للمصادر المفتوحة، بما في ذلك مراقبة الأشخاص المقربين من نصر الله أو المناطق التي يتردد عليها. استخدام البيانات المفتوحة يمكن أن يكشف أحيانًا عن معلومات حساسة بطريقة غير مباشرة.

عبر دمج هذه التقنيات، تستطيع إسرائيل تكوين صورة دقيقة عن تحركات نصر الله، مما مكنها من تنفيذ عملية استهداف دقيقة للغاية. عمليات مشابهة تعتمد على تكنولوجيا متقدمة تعتبر محورًا في النزاعات الحديثة، خاصة ضد قادة ذوي حماية عالية مثل نصر الله.
حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفتها إسرائيل لاغتيال قيادات حزب الله (وكالة الأناضول)

هل يمكن أن تكتفي إسرائيل فقط بالاختراق التقني والسيبراني لتنفيذ عملية اختراق الحزب وقتل نصر الله دون الحاجة إلى وجود جاسوس بشري؟

رغم أن الاختراقات التقنية والسيبرانية تعد أداة قوية وفعالة، فإنه من غير المرجح أن تعتمد إسرائيل بشكل كامل على هذه الوسائل دون وجود عنصر بشري (جاسوس) في تنفيذ عملية اغتيال حساسة ومعقدة مثل تلك التي تستهدف حسن نصر الله.

إليك الأسباب التي تجعل من الضروري دمج الاختراقات التقنية والسيبرانية مع العنصر البشري:

الدقة في تحديد الموقع والتحركات الفعلية: رغم أن إسرائيل قد تعتمد على تقنيات متطورة مثل التنصت على الهواتف، والطائرات من دون طيار، والأدوات السيبرانية، فإن هناك قيودًا على مدى دقة هذه الوسائل في بعض الأحيان. مثلاً، نصر الله يتخذ إجراءات أمنية صارمة لتجنب التعقب التكنولوجي، مثل عدم استخدام الهواتف أو التنقل في قوافل مزيفة. العنصر البشري يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في توفير معلومات دقيقة وفورية حول تحركات نصر الله، مثل التوقيتات والأماكن غير المتوقعة التي قد لا يمكن رصدها من خلال التكنولوجيا فقط.

الحصول على معلومات داخلية: حتى مع استخدام الاختراق السيبراني، تحتاج إسرائيل إلى معلومات داخلية حول نشاطات نصر الله، مثل جدول لقاءاته وأماكن وجوده الآمنة. هذه المعلومات قد لا تكون متاحة عبر الأجهزة الإلكترونية فقط، حيث قد يتم التواصل بطرق غير تقليدية. هنا يأتي دور الجواسيس الذين يستطيعون الوصول إلى هذه المعلومات من داخل حزب الله نفسه.

التكامل بين المصادر المختلفة: تعتمد العمليات الاستخباراتية الحديثة على تكامل المعلومات من مصادر متعددة، بما في ذلك التقنيات السيبرانية والمصادر البشرية. على سبيل المثال، قد تحتاج إسرائيل إلى تأكيد المعلومات التي تم جمعها عبر تقنيات الاختراق باستخدام الجواسيس للتأكد من دقتها.

التكيف مع إجراءات الحماية: قادة مثل حسن نصر الله يتخذون إجراءات أمنية مشددة تهدف إلى منع الاختراق التقني، مثل استخدام طرق غير تقليدية للتنقل أو التواصل. وجود عنصر بشري (جاسوس) داخل التنظيم أو بالقرب منه يمكن أن يوفر معلومات حول كيفية تجاوزه لهذه الإجراءات، مما يزيد من فاعلية الضربات التقنية.

التخطيط والتنفيذ على الأرض: حتى في حال توفر جميع المعلومات التكنولوجية، تحتاج أي عملية اغتيال إلى التخطيط الدقيق والتنفيذ على الأرض، وقد يتطلب ذلك وجود مصادر بشرية لتنسيق التوقيت والمكان المناسبين للهجوم، بالإضافة إلى تجنب الكشف عن العملية في اللحظات الأخيرة.

الخلاصة: بينما يمكن للاختراقات التقنية والسيبرانية أن توفر معلومات قيمة حول تحركات نصر الله، فإن الاعتماد على عنصر بشري لا يزال ضروريًا لتوفير دقة ومرونة في المعلومات وضمان نجاح العملية. الجمع بين التقنيات المتطورة والجاسوسية البشرية هو ما يزيد من فرص نجاح العمليات المعقدة مثل اغتيال قادة محميين بشدة.

وضّح كيف أن استخدام البيانات المفتوحة يكشف المعلومات الحساسة؟

استخدام البيانات المفتوحة (Open Source Intelligence – OSINT) هو تقنية متقدمة تعتمد على جمع وتحليل المعلومات المتاحة بشكل علني من مصادر مثل الإنترنت، والشبكات الاجتماعية، والصحافة، والمنصات العامة. حتى في حالة الأفراد أو المنظمات ذات الحماية العالية مثل حزب الله، يمكن لاستخدام البيانات المفتوحة أن يكشف معلومات حساسة بشكل غير مباشر من خلال تتبع النشاطات الرقمية للأشخاص المحيطين أو الأحداث ذات الصلة. هنا توضيح لكيفية استخدام البيانات المفتوحة لكشف معلومات حساسة:

مراقبة الشبكات الاجتماعية حتى في حالة عدم وجود نصر الله أو القادة المستهدفين على الشبكات الاجتماعية بشكل مباشر، قد يستخدم مساعدوه أو أفراد من عائلته هذه المنصات. يمكن تحليل المنشورات والصور أو المواقع التي يزورونها للحصول على معلومات غير مباشرة عن أنشطته. على سبيل المثال، إذا نشر أحدهم صورة أو تعليقا حول حدث معين أو مكان ما، يمكن أن يكشف توقيت أو موقع تحركاته أو تحركات القادة المحيطين به.

مثال: إذا قام أحد أفراد حاشية نصر الله بنشر صورة أو مشاركة في منطقة معينة، يمكن للمخابرات الإسرائيلية ربط هذه المعلومات مع مواقع أخرى أو أحداث متزامنة لتحديد مكانه المحتمل.

تحليل الصور ومقاطع الفيديو التي يتم مشاركتها على الإنترنت حتى من قبل أفراد عاديين، والتي قد تحتوي على “البيانات الوصفية” (metadata) مثل الموقع الجغرافي (Geo-Tagging) أو وقت التقاط الصورة. من خلال تحليل هذه البيانات، يمكن معرفة مكان وزمان الصورة، مما قد يسهل تتبع تحركات الهدف.

مثال: صورة لحدث أو لقاء، حتى لو لم يظهر فيها نصر الله، قد تكشف عن حضوره إذا تم تحليل تفاصيل الصورة مثل الخلفية أو الأشخاص الموجودين فيها.

الربط بين المعلومات المختلفة البيانات المفتوحة تشمل مصادر مثل الصحافة والمواقع الحكومية والتقارير والمدونات. من خلال الربط بين المعلومات المتاحة في أماكن متعددة، يمكن استخلاص معلومات حساسة حول التحركات والأنشطة. إذا نشرت صحيفة محلية خبرًا عن اجتماع غير معلن أو وجود أمني مكثف في منطقة معينة، يمكن استنتاج وجود قادة الحزب أو تجمعات مهمة.

مثال: تقرير إخباري عن حركة مرورية غير عادية أو إغلاق طرق في منطقة معينة قد يشير إلى وجود شخصية رفيعة المستوى مثل نصر الله في هذه المنطقة.

تحليل الحضور العام والنشاطات: رغم أن حزب الله يتخذ تدابير أمنية عالية، فإن النشاطات العامة كالمناسبات الدينية أو الاجتماعية قد تتضمن تحركات قيادية يمكن تتبعها. تحليل تواريخ وأماكن الأحداث العامة التي يحضرها مسؤولون مرتبطون بنصر الله قد يكشف عن وجودهم في منطقة محددة.

مثال: إذا تم رصد مسؤول كبير في حزب الله في حدث معين، وتم تحليل تواريخه ومواقع الأحداث السابقة، يمكن استنتاج أن نصر الله قد يكون قريبًا أو على تواصل مباشر معه.

تعليقات الجمهور والتسريبات غير المقصودة: أحيانًا يقوم أفراد الجمهور أو أشخاص أقل اطلاعًا بتسريب معلومات عن غير قصد على المنصات المفتوحة، مثل التعليقات على الأخبار أو الملاحظات العفوية على الشبكات الاجتماعية. هذه المعلومات قد تتضمن تفاصيل دقيقة يمكن استغلالها.

مثال: شخص يذكر في تعليق على خبر محلي أنه شاهد وجودًا أمنيا مكثفًا أو قافلة سيارات غير عادية، وهذا قد يشير إلى وجود شخصية مهمة في المكان.

التتبع الجغرافي والزمني: جمع بيانات عن التحركات السابقة للأهداف عبر المعلومات المتاحة في المصادر المفتوحة يمكن أن يساعد في التنبؤ بتحركاتهم المستقبلية. الأنماط الجغرافية والزمانية تكشف عن جدول أعمال أو خط سير معين.

مثال: إذا كان نصر الله أو حزبه قد أقاموا اجتماعات في تواريخ معينة في أماكن محددة سابقًا، قد يمكن استنتاج الأنماط المستقبلية.

الخلاصة: من خلال تحليل هذه البيانات وربطها ببعضها بعضا يمكن للمخابرات الإسرائيلية أو أي جهة أخرى جمع معلومات كافية لتحديد مكان وزمان وجود قادة مثل حسن نصر الله. استخدام البيانات المفتوحة يُعد جزءًا أساسيا من عمليات الاستخبارات الحديثة التي تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا والمعلومات المتاحة علنًا.

مقالات مشابهة

  • موبيليس توقع اتفاقية شراكة مع المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي
  • تجربة المستقبل ..كشف النقاب عن رؤية  TECNO للذكاء الاصطناعي في IFA Berlin 2024!
  • إنترسك السعودية 2024 يسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في توحيد نظم السلامة من الحرائق
  • الذكاء الاصطناعي والتمويل في صدارة اهتمامات “أديبك 2024”
  • قوة صاعدة: فرص الإمارات في سباق الذكاء الاصطناعي
  • نصائح كاسبرسكي للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي في بيئة العمل
  • خبراء الصحة والذكاء الاصطناعي يؤكدون أهمية تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير القطاع الصحي بالمملكة
  • حوكمة البيانات ركيزة لتمكين أدوات الذكاء الاصطناعي
  • كيف أجاب الذكاء الاصطناعي عن تفاصيل اغتيال نصر الله ؟
  • الذكاء الاصطناعي: هكذا اغتالت إسرائيل حسن نصر الله