الجزيرة:
2024-12-25@19:25:34 GMT

كيف تجنّد الإعلام الإسرائيلي طوعا في الحرب على غزة؟

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

كيف تجنّد الإعلام الإسرائيلي طوعا في الحرب على غزة؟

حرب الإبادة في قطاع غزة لا تكاد تصل إلى الجمهور الإسرائيلي، ليس لأن إسرائيل أغلقت أبواب القطاع أمام وسائل الإعلام وأعملت سيف الرقابة العسكرية فحسب، بل لأن الأغلبية الساحقة من الصحفيين الإسرائيليين أغلقت على نفسها باب النقد أيضا، واختارت الاصطفاف مع المستويين السياسي والعسكري في معركة "ننتصر معا" على غزة وعلى الحقيقة!

فلم تعد إسرائيل في حاجة أصلا إلى تفعيل سيف الرقابة العسكرية، ولا حتى إلى تحريك وازع الرقابة الذاتية داخل الصحفيين.

من صحفي القناة 12 داني كوشمرو الذي ظهر في الأستوديو حاملا بندقية، إلى مذيعة القناة 14 ليتال شيمش التي تمنطقت مسدسا أثناء تقديمها نشرة الأخبار؛ انقلب صحفيون إسرائيليين بندقيةً تقاتل مع الجيش، وأقصى مسافة يقتربون بها من الحقيقة هي نزولهم ضيوف شرف على ظهر دبابة تجوب قطاع غزة، وتعيد اجترار ما تكرره آلة الدعاية، حسب تعبير معلق إسرائيلي.

مذيع القناة 12 الإسرائيلية داني كوشمارو تطوع ليكون سلاحا في الحرب على قطاع غزة "اعذرونا!"

لذلك ليس صدفة ألا يسقط هؤلاء في الحرب، لأنهم خارج المعركة أصلا، وهم إن كانوا داخلها فغير مستهدفين بالسلاح الإسرائيلي.

تكفي بالنسبة لهم جملة تقال لرفع العتب وتسويغ كم الأكاذيب المتدفقة، كما فعلت يونيت ليفي من القناة 12 عندما خاطبت جمهورها قائلة "هذا هو المكان المناسب لنقول لمشاهدينا ومشاهداتنا إننا في وضع غير مسبوق. دولة إسرائيل لم تُنكب أبدا بحدث بهذه الأبعاد (…) لذا نقول: هنا، نحن أيضا لم نعرف حدثا بمثل هذه الأبعاد. نعتذر سلفا إن لم يستجب أمر ما لمقاييس معاييركم".

لذا لم يجد صحفي إسرائيلي حرجا وهو يصيح وسط الدمار، مبتهجا وفي حالة هستيريا: "اختفت غزة!" ولم يكن صعبا على زميل آخر الانضمام إلى قوة إسرائيلية وهو يخاطب مشاهديه منفعلا: "إننا نحضر الآن عملية قصف يا رفاق!"

كثير من المنتسبين إلى صناعة الإعلام في إسرائيل قرروا الانضمام إلى معركة الدعاية باسم الدفاع عن "الدولة"، فـ"الحديث عن الموضوعية أصبح بلا معنى"، على حد تعبير صانع محتوى ومدير شركة خدمات إعلامية اسمه ناعام شلو في لقاء مع هآرتس، فـ"أنا أقول كل يوم للزبائن: لو حدث في دولتكم أمر كهذا لما كان ردكم أقل قوة".

الصحفية ليتال شيمش مذيعة القناة 14 الإسرائيلية متسلّحة على الهواء (مواقع التواصل) معركة نتنياهو

عدد من هؤلاء لم يختر الاصطفاف مع الجيش فحسب، بل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أيضا، حتى وهو يعرف أن الأمر لا يتعلق بمعركة وجودية يواجهها الكيان فحسب، وإنما بمعركة مصيرية يواجهها رئيس الحكومة في سعيه لإطالة أمد الحرب ليطيل أمد الإفلات من الملاحقات القانونية.

لم يكن عبثا أن يعين نتنياهو في الأسبوع الأول من الحرب -وفي خطوة غير معتادة- همزة وصل بين مكتبه وبين المراسلين العسكريين الإسرائيليين.

فقد اختار للمنصب إلي فلدستاين، المتحدث السابق باسم وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير، رغم وجود منصب الناطق باسم الجيش، في حين جرت العادة أن تكون وسائل الإعلام في تماس مع وزير الحرب وقائد الأركان لا مع رئيس الحكومة.

وسائل الإعلام النادرة التي تغرد -قليلا فحسب- خارج السرب يُسلط عليها سيف التهديد، بحجب الإعلانات عنها مثلا، كما هي الحال مع هآرتس، رغم أن الصحيفة تصطف إجمالا في خندق معركة "ننتصر معا"، وما ينشر فيها في باب النقد متروك لمقالات الرأي حيث يكتب معلقون مثل جدعون ليفي.

صور معقّمة

من نافلة القول إن حجم الدمار في غزة غائب تماما عن الشاشات وصفحات الجرائد الإسرائيلية حيث لا تظهر إلا عمليات الجيش، ونجاحاتها المزعومة والمُعقّمة دائما من دم الأبرياء.

لا صور للدمار المروع، ولا للجثث الملقاة في الشوارع ينهشها الطير، ولا للمستشفيات التي انقلبت مقابر.

على الجانب الآخر، اختار عشرات الصحفيين الفلسطينيين أن ينقلوا للعالم جزءا مما يجري في معركة يمكن تسميتها "معا ننتصر للحقيقة"، واكتست معداتهم بطبقة سميكة من غبار الخراب، الذي لم يلامس أي منه كاميرات المراسلين الإسرائيليين التي حافظت على نقائها لبقائها خارج الخدمة أصلا.

دفع هؤلاء الصحفيون الفلسطينيون دون ذلك حياتهم، وكان حريًا بالصحفيين الإسرائيليين أن يُحنوا لهم الرؤوس احتراما لأنهم قرروا أن تبقى "التغطية مستمرة"، حتى وهم يراسلون من فوهة الجحيم نفسها، على حد تعبير الصحفية والكاتبة أورلي نو، ومع ذلك "يتقاسم هؤلاء وهؤلاء المهنة نفسها"، اسميا على الأقل.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يكشف عن فشله الدعائي والإعلامي خلال حربه على غزة

لا تتوقف الاعترافات الاسرائيلية المتلاحقة عن الفشل الذريع في معركة كسب الرأي العام العالمي، في ظل حالة الفوضى التي تعتري أجهزة الاحتلال ومؤسساته ذات العلاقة، وما تصدره من رسائل متضاربة، ونقص التنسيق، مما أسفر في النهاية عن انخفاض حاد في الدعم العالمي، رغم أن التحذيرات الاسرائيلية حادة وقوية بأن وسائل الإعلام باتت ساحة معركة، لكن الاحتلال يواجه مشكلة معها في عدم توفيره "ذخيرة" للمعلومات الضرورية للتسلح بها.

وقالت كاترينا كونرت مراسلة موقع "زمن إسرائيل"، إن "الحرب على غزة، وهي تدخل شهرها الخامس عشر، سجلت أبرز الإخفاقات الإعلامية لإسرائيل، ووصلت ذروتها في الصورة التي نشرها الجيش لمقتل يحيى السنوار زعيم حماس، حيث تداول أنصار الحركة الصور ومقاطع الفيديو باعتبارها تعزز صورة مقاتلي المقاومة الشجعان ضد إسرائيل الشريرة".

وأضافت، أن "الصورة أضرت بنا بشدة على الساحة الدولية، وهي نتيجة طبيعية لأن العديد من صناع القرار لدينا لا يفهمون أن وسائل الإعلام هي ساحة معركة حقيقية".



نتائج الإخفاقات
وأوضحت في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "فشل الاحتلال بالحفاظ على الدعم الدولي، تمثل في نتائج عديدة أهمها أن الجيش بات يجد صعوبة في تلبية احتياجات قواته في الميدان عقب ارتفاع عدد الدول التي امتنعت عن تصدير الأسلحة إليه، ومنها إيطاليا وكندا والولايات المتحدة، الحليف الأكبر، وفي ألمانيا، أقرب حليف لإسرائيل في أوروبا، يعارض أكثر من 60% من مواطنيها سلوكيات الاحتلال في غزة".

وبينت معدة التقرير، أن "الإخفاق الدعائي للاحتلال وجد طريقه في قيام الدول بقطع وخفض العلاقات الدبلوماسية معه، واعتراف الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية؛ وإصدار المحكمة الجنائية في لاهاي أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الحرب غالانت، والخلاصة أنه منذ هجوم حماس في أكتوبر 2023 تراجعت مكانة الاحتلال الدبلوماسية، والدعم العالمي بشكل كبير".

ووفقا للتقرير فإن ذلك الفشل يشير إلى وجود مشكلة خطيرة في جهود الاتصالات الاستراتيجية التي يبذلها الاحتلال، رغم امتلاكه ثروة من المعلومات والصور، لكنه يجد صعوبة بإيصال رسالة موحدة وفعالة للعالم، وحين تصل، تأتي متأخرة".

وأكدت أن "هناك عدة أسباب تفسّر عدم تحقيق المناصرة الإسرائيلية لنتائجها المرجوة، مما دفع وزير الخارجية غدعون ساعر للإعلان أن وزارته ستحصل على زيادة في الميزانية قدرها 545 مليون شيكل لتحسين التواصل مع الخارج، وتغيير المواقف تجاه الاحتلال وسياساته، والعمل مع الجالية اليهودية، مع بقاء المشكلات الرئيسية المتمثلة في تعدد الهيئات التي تهدر الوقت والموارد في نفس المهمة، وغياب خطة عمل موحدة، رغم وجود هيئة دبلوماسية عامة مركزية ذات موارد جيدة وخبرة عالية وتتمثل في وحدة المتحدث باسم جيش الاحتلال".

كما كشفت كونرت، أن "هذه الوحدة كان لديها عشرة جنود فقط للتعامل مع تدفق الاستفسارات بداية الحرب، لكن الجيش سارع لإنشاء فرق للتحدث باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وتسجيل دخول أكثر من 2000 صحفي في الأشهر الأولى من الحرب، ناقلة عن الجنرال يوناتان كونريكوس، الرئيس السابق للإعلام الدولي باسم الجيش أنه تم إنشاء وثيقة ديناميكية وحديثة تم إرسالها للمتحدثين الرسميين، وعقد اجتماعات سريعة للتحضير للمقابلات، وجلب الصحفيين للكيبوتسات المدمرة في غلاف غزة".



معلومات مسيئة
وأوردت المراسلة مسألة حساسة تتعلق بانتشار أخبار الجرائم الاسرائيلية في غزة، ناقلة عن أرييه شليكر، الصحفي الإسرائيلي الألماني الذي خدم عدة مرات في وحدة المتحدث باسم الجيش، وعمل مع وسائل الإعلام الألمانية، أنه "عندما تكون الصفحة الأولى من الصحيفة مليئة بالمعلومات المسيئة للاحتلال، ويظهر تصحيحها بعد ثلاثة أيام في أسفل الصفحة الثالثة، فلا يصل للعدد اللازم من القراء، ورغم أن الوحدة تعمل الآن بشكل أكثر فعالية، فلا يزال العديد من الصحفيين الأوروبيين والدوليين متشككين بشأن المعلومات الواردة من جيش الاحتلال، وهم حذرون من حيث المبدأ من هذه المعلومات".

وأكد مراسلان بريطاني وألماني، لم يكشفا هويتهما "تزايد الشكوك بشأن معلومات الجيش، لأن لديه ما يخفيه، مما يجعلني مشككاً في تصريحاته حول الوضع الإنساني في غزة، مما دفع المتحدث السابق باسمه للاعتراف بأن الجيش والحكومة لا يقدران بشكل كافٍ أهمية وسائل الإعلام الدولية، فيما يتم تخصيص الموارد في كثير من الأحيان لوسائل الإعلام الإسرائيلية".

ونقل عن "عاملين بوحدة الناطق العسكري شكواهم من الطريقة التي تدار بها، رغم اقتراحهم تخصيص 5% من الموارد الاستخباراتية لإنتاج المعلومات لأغراض الدبلوماسية العامة، لأن السفراء الأجانب متعطشون للمعلومات التي تؤثر بشكل أكبر على صورة إسرائيل في العالم، وتشكل تقاريرهم طبيعة الصورة التي يُنظر بها لإسرائيل في بلدانهم، لكن وزارة الخارجية لا تعقد إحاطات منتظمة لهم، وغالباً ما يتلقون المعلومات من خلال فرقهم في إسرائيل والتقارير الإعلامية، أي أن إسرائيل تفوت الفرص لعرض مواقفها بشكل مباشر عليهم".

وعقد إيلون ليفي، أحد العاملين في مجال الدعاية الإسرائيلية، جلسات إحاطة يومية بمشاركة صحفيين ودبلوماسيين، وتم تعيينه سريعًا بشكل غير رسمي متحدثاً باسم الحكومة لوسائل الإعلام الأجنبية بعد بضعة أيام من هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

وقد أجرى 270 مقابلة في التلفزيون والإذاعة والبودكاست، و70 مؤتمرًا صحفيًا حتى إقالته في مارس 2024 بعد أقل من ستة أشهر، بعد شتكوى بريطانية من تغريدة رد فيها على تصريحات وزير الخارجية السابق ديفيد كاميرون حين طلب تقديم مساعدات لغزة، فيما يعتقد كثيرون أن سارة نتنياهو دفعت لإقالته بسبب مشاركته في الاحتجاجات ضد الانقلاب القانوني قبل بضعة أشهر من الحرب.



تشويه الصورة
يقول ليفي إن "الهيئات الإسرائيلية غير قادرة على الاستجابة في الوقت الفعلي للقصص الصحفية، خاصة الآتية من غزة،في حين أن التركيز بشكل كبير على المتحدثين الرسميين بالزي العسكري، ليس في صالح صورة إسرائيل، لأنهم يتوسعوا في شرح العمليات العسكرية فقط، فيما لا يتمكن المتحدثون الرسميون من إخبار العالم برواية الاحتلال".

وختم بالقول إنه "في ضوء أن المؤسسات الدعائية الإسرائيلية المختلفة تشبه "الأوركسترا"، فإذا لم يكن هناك قائد، فلن نتمكن من إيصال رسالة مشتركة، وفي هذه الحالة يفترض أن تقدم وزارة الخارجية خططها التوعوية الجديدة في الأسابيع المقبلة، وبعدها، سيصبح واضحا ما إذا كان الاحتلال قد تعلم من الأخطاء العديدة التي ارتكبها، ورغم أن هناك وفرة من الأدوات الإعلامية لديه، لكن التنسيق ضعيف للغاية بينها".

مقالات مشابهة

  • هل يفعلها «نور» فى «المتحدة»؟!
  • وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: تحقيقات الجيش تثبت أن عودة أبنائنا لن تكون إلا عبر صفقة
  • هآرتس: عندما يصبح الجيش الإسرائيلي نموذجا للوحشية
  • بمعدل واحد كل ساعة..أونروا: الجيش الإسرائيلي قتل 14500 طفل في غزة
  • الجيش الإسرائيلي: دوي صفارات الإنذار في عدة مناطق بوسط إسرائيل إثر إطلاق صاروخ من اليمن
  • ظهور عفاش بتعز والإخوان يؤيدون العدو الإسرائيلي وتفاصيل معركة قادمة
  • الإعلام العبري: بايدن قدم “هدية الفراق” لمصر
  • الكشف عن عملية خاصة للاحتلال فشلت بانقاذ أحد الأسرى الإسرائيليين في غزة
  • الاحتلال يكشف عن فشله الدعائي والإعلامي خلال حربه على غزة