خبراء أميركيون يشككون في قدرة واشنطن على هزيمة الحوثيين
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
واشنطن- لم تنجح الضربات الجوية والصاروخية التي تشنها إدارة الرئيس جو بايدن ضد الحوثيين في اليمن في استعادة الردع الأميركي، أو منعهم من مهاجمة سفن في جنوب البحر الأحمر، وبدل تهدئة التوتر في أحد أهم الممرات البحرية التجارية في العالم، أججته الضربات العسكرية أكثر.
ويخشى عدد من الخبراء تحدثت إليهم الجزيرة نت من تورط الولايات المتحدة في حرب أوسع في المنطقة، في وقت لا يبدي فيه الحوثيون أي إشارات على تراجع موقفهم المعلن من استمرار الهجمات ما دام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مستمرا.
وتأمل واشنطن في أن تدفع هجماتها -شبه اليومية- إلى ردع جماعة الحوثيين عن مهاجمة خطوط الشحن البحري في البحر الأحمر، أو أن تُدمر وتقضي على مخزونات الصواريخ لديها.
من جهته، دافع جون فينر نائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض عن ضربات التحالف بقيادة واشنطن ضد الحوثيين قائلا إن "الأهداف هنا تتجاوز الردع، نحن نسعى إلى إضعاف قدرتهم على مواصلة شن هذه الهجمات".
تأثير مفقودورغم استمرار الضربات التي تشارك فيها البحرية البريطانية، اعترف بايدن بأنها لم تسفر بعد عن التأثير المطلوب، ورد على سؤال أحد الصحفيين المرافقين له "هل سيتوقف الحوثيون؟"، فقال "لا". وأجاب عن سؤال "هل سيستمرون؟" بقوله: "نعم".
وفي مقابلة مع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قال الجنرال المتقاعد فرانك ماكنزي، الرئيس السابق للقيادة الوسطى الأميركية، إن الضربات الأميركية مرحب بها، وإن كانت متأخرة إلى حد ما، نظرا لأهمية مضيق باب المندب.
وقال ماكنزي "قد نكون قادرين على ردع الحوثيين عن مواصلة هذه الأعمال. لا يزال هناك قتال كثير للمضي قدما لتحقيق هذا الهدف، لكنني أعتقد أننا نفعل الشيء الصحيح".
وأعلن الجيش الأميركي، الأحد، مقتل اثنين من أفراد البحرية بعد اختفائهما قبل 10 أيام خلال عملية بحرية لاعتراض أسلحة من إيران متجهة إلى المقاتلين الحوثيين. ويُعدان من بين أوائل القتلى الأميركيين المعروفين في حملة الولايات المتحدة ضد الحوثيين.
وتزامن ذلك مع نشر تقارير متعاقبة عن احتمال أن يؤدي اتخاذ إجراءات ضد الحوثيين إلى تأجيج حرب أوسع في الشرق الأوسط، ويعتقد ماكنزي أن التهديد مبالغ فيه.
وفي لقاء مع شبكة "سي إن إن"، الأحد الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إنه "منذ بداية حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، التي أعقبت عملية أكتوبر/تشرين الأول، أطلقنا تحذيرات من أنه إذا لم تتوقف الهجمات وجرائم الحرب والإبادة الجماعية ضد غزة والضفة الغربية، فإن الحرب ستنتشر على نطاق واسع، وستصبح أكبر".
وأضاف "هذا لا يعني أننا أردنا أن نلعب دورا في هذا التوسع، نحن نهتم بالأمن البحري وسلامة الشحن، صادراتنا النفطية تتم عبر البحر. لذا، فإن أمن البحر الأحمر وبحر عمان والخليج الفارسي مهم جدا بالنسبة لنا. نحن نستفيد منه. وإلا فلن نتمكن من تصدير نفطنا".
واقع ضبابيفي المقابل، يرى ماكينزي أنه "ليست لدى إيران مصلحة حاليا في الدخول بحرب كبرى، لأنهم يفهمون في النهاية ما سيحدث. سيُهزمون. سيكون النظام تحت ضغط شديد وقد ينهار. لا أعتقد أن طهران ستصعد هجماتها بشكل كبير في المنطقة لأننا نضرب الحوثيين"، حسب تقديره.
ويتابع "حاليا، هذه حرب رخيصة غير مكلفة بالنسبة لهم. لقد شنوها بشكل فعال للغاية من خلال شحن الصواريخ والمكونات الفتاكة الأخرى إلى اليمن".
من ناحيته، اعتبر خبير الشؤون الأمنية ألكسندر لانغلوا، في مقال نشرته مجلة "ذا نيشن"، أنه في الوقت الذي تستمر فيه ضربات الحوثيين منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي يأمل فريق بايدن أن تردعهم خطوته عن مواصلة هذه الهجمات.
ولكنه يرى أن الواقع أكثر ضبابية، وسيفشل بايدن في وقف عدوان الجماعة بينما تزيد من إعاقة الشحن الدولي، إذ يتسلق كلا الفاعلين سلما تصعيديا يخاطر بحرب إقليمية أوسع.
وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر مدير مؤسسة دراسات دول الخليج جورجيو كافيرو أن صراع الحوثيين مع الولايات المتحدة يمنحهم مزيدا من التعاطف والدعم في جميع أنحاء العالم العربي في وقت ترتفع فيه المشاعر المعادية لواشنطن في المنطقة بسبب تقديم إدارة بايدن دعما قويا لإسرائيل وسط حرب الإبادة الجماعية على غزة.
وأضاف كافيرو أن الصراع مع واشنطن يُمكّن الحوثيين من تعزيز مكانتهم بشكل أفضل داخل "محور المقاومة" الذي تقوده إيران، "ويثبت لطهران مدى ارتباط الجماعة بهذا التحالف المناهض للهيمنة".
كما أشار إلى اعتياد الحوثيين الحرب والقتال بينما تقصف القوى الأجنبية أهدافهم في اليمن. ومن هنا، نشر الحوثيون أسلحتهم في جميع أنحاء البلاد مما جعل من الصعب بشكل متزايد على الجيش الأميركي أو أي قوة أخرى القضاء على قدرتهم القتالية عبر الغارات الجوية.
"إجراء وحيد ناجع"ويرى لانغلوا أنه بدل الاستمرار في السياسات الإقليمية الفاشلة، يجب على الولايات المتحدة النظر في الإجراء الوحيد الواضح الذي سينهي ضربات الحوثيين على الشحن الدولي بوقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مما سيحل مشاكل متعددة تواجه السياسة الخارجية الأميركية إذا أظهرت إدارة بايدن قيادة حقيقية بالضغط على إسرائيل.
ويتملك مساعدي الرئيس بايدن قلق مزدوج في عام انتحابي صعب أمام احتمال التصعيد من ناحية، والخوف من ظهوره كرئيس ضعيف إن لم يلجأ للأدوات العسكرية من ناحية أخرى.
وقال جودت بهجت، الأستاذ بمركز "الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الإستراتيجية" في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، للجزيرة نت، إن "تفوق واشنطن عسكريا وتكنولوجيا لا يمنحها القدرة على ردع الحوثيين. فسبق أن فشلت في أفغانستان، وانتصر الحوثيون، بشكل أو بآخر، في الحرب في اليمن".
ويضيف أن الحوثيين يستخدمون، مثل المليشيات الأخرى، حروبا وتكتيكات غير متكافئة لمواجهة الولايات المتحدة. وفي عام الانتخابات، لا يمكن للرئيس بايدن أن يبدو ضعيفا، مشيرا إلى احتمال أن تستمر واشنطن في مهاجمة الحوثيين، لكن من غير المرجح أن تُوقف هذه الضربات هجماتهم أو تمنعهم من اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة ضد الحوثیین
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري يكشف عن تحول وتطور جديد في المواجهة الأمريكية تجاه الحوثيين ولماذا استخدمت واشنطن قاذفات B2 وبدأت بقصف أهداف متحركة؟
قال الباحث بالشؤون العسكرية علي الذهب ان هناك تحول في المواجهة بين الولايات المتحدة والحوثيين، وان اميركا ستضاعف الهجمات على الحوثيين وتركز بشكل أكبر على تحركات الجماعة خارج صنعاء.
علي الذهب، تحدث للأناضول إن "التطورات تشير إلى تحول في المواجهة بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي".
وأضاف: "هناك تطور ملحوظ في آلية المواجهة الأمريكية تجاه الحوثيين، وهو الانتقال إلى تعقب التهديدات المتحركة".
وأوضح: "بمعنى البدء في تزاوج الاستهداف لتشمل معاقل أو مناطق المنشآت المحصنة التي تضم طائرات غير مأهولة أو صواريخ بالستية أو مجنحة أو أي قذائف أخرى تهدد الشحن البحري وكذلك تشمل في الوقت نفسه منصات متحركة أو وسائل نقل المقذوفات والقادة والمدربين الخبراء المعنيين بهذه التقنيات".
الذهب عزا التحول في المواجهة إلى "توفر مزيد من المعلومات الاستخبارية الأمريكية عن مصادر التهديد الثابتة والمتحركة والمعاقل التي توجد فيها المقذوفات".
ورأى أن "الأمريكيين استفادوا خلال عام مضى من جمع بيانات عن الحوثيين وانتقلوا إلى المواجهة".
وبشأن دلائل التحول، قال الذهب إن "الولايات المتحدة لجأت مؤخرا إلى استخدام قاذفات ’بي 2’ (B2 الاستراتيجية)، لأن الهدف يحتاج إلى ذخيرة انفجارية شديدة وأكثر فاعلية".
واستطرد: "الهدف المراد ضربه محصن تحصينا شديدا وعلى مسافة كبيرة تحت الأرض، واستخدام هذه القاذفات تؤدي إلى هذا الغرض".
وعن مستقبل المواجهات، رجح الذهب أن "الولايات المتحدة ستضاعف الهجمات على الحوثيين وتركز بشكل أكبر على تحركات الجماعة خارج العاصمة صنعاء".
وتابع مبينا: "أي استهداف مناطق إعداد وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة في المحافظات خصوصا تعز (جنوب غرب)، والحديدة وريمة (غرب)، والبيضاء (وسط)، والمناطق القريبة من البحر الأحمر".
وتصاعدت خلال الأيام الماضية المواجهات العسكرية بين التحالف الأمريكي وجماعة الحوثي اليمنية، بعد نحو عام من بدء الأخيرة هجماتها البحرية "إسنادا" لقطاع غزة الذي يتعرض بدعم أمريكي لحرب إبادة إسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلنت جماعة الحوثي تنفيذ "عمليتين عسكريتين نوعيتين" بصواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيّرة استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية "إبراهام لينكولن" في البحر العربي ومدمرتين أمريكيتين في البحر الأحمر.
وأكد متحدث وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاغون" بات رايدر، في اليوم نفسه، أن الحوثيين أطلقوا صواريخ ومسيّرات باتجاه مدمّرتين أمريكيين أثناء عبورهما مضيق باب المندب.
وأوضح أن المدمرتين "تعرّضتا لهجوم استُخدمت خلاله 8 طائرات مسيرة و5 صواريخ بالستية مضادة للسفن و3 صواريخ كروز مضادة للسفن، وتمّ التعامل معها بنجاح"، دون إيضاحات.
وجاء هذا الهجوم بعد أن شنت الولايات المتحدة في 9 و10 نوفمبر الجاري، سلسلة هجمات على مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.
وادعت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، في بيان، أن قواتها "نفذت في هذين اليومين سلسلة ضربات جوية دقيقة على منشآت لتخزين أسلحة في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين".