استقصى برنامج "للقصة بقية" تنامي ظاهرة الهجرة غير النظامية انطلاقا من شواطئ شمال لبنان عبر لقاءات مع بعض ممن خاضوا رحلات الموت ومهربين ومسؤولين وقانونيين.

وتابع البرنامج بتاريخ 2023/7/17 قصة "حرّاقة المشرق"، وبحسب الفيلم الوثائقي الذي بثه البرنامج، فإن أكثر من 25 ألف مهاجر غير نظامي وارت أحلامهم مياه البحر الأبيض المتوسط غرقا أو فقدا منذ عام 2014 وفق تقارير دولية.

وشارك كل من أحمد سمسم وبارع صفوان وأسامة تلاوي قصص فقد أحبائهم الذين ابتلعهم البحر ومعهم أحلامهم بحياة أفضل لكونهم ساروا وراء أحلام الهجرة إلى الشمال الأوروبي هربا من أوطان ضاقت بهم وبأحلامهم بالعيش بكرامة.

وسلط "الوثائقي" الضوء على الوضع في لبنان الذي لا يزال تخيم على أجوائه مشاعر الحزن والغضب بعد مأساة غرق وفقد مئات المهاجرين غير النظاميين -بينهم لبنانيون وسوريون ومصريون وباكستانيون- قبالة السواحل اليونانية.

وأشار التقرير إلى تشكيك المنظمات الحقوقية والإنسانية بالروايات الرسمية التي تقدمها السلطات الرسمية في أعقاب كل حادثة غرق، وهنا توقف عند قصة مواطنة لبنانية كانت على متن أحد قوارب الهجرة مع عدد من أفراد عائلتها الذين فقدتهم بعد استهداف اصطدام للجيش اللبناني بالقارب الذي كانوا يستقلونه مع عشرات المهاجرين غير النظاميين.

لكن السلطات اللبنانية رفضت هذه المزاعم وأكدت أن قارب الهجرة غير النظامية هو الذي ارتطم بقارب الجيش، وأن عناصر الجيش بذلوا كل ما في وسعهم لإنقاذ من كانوا على متن القارب، فتمكنوا من إنقاذ 45 شخصا، فيما فُقد 17 آخرون.

وتعود جذور هذه الظاهرة بالأساس إلى دول المغرب العربي، ثم امتدت إلى دول المشرق العربي، إذ جاء في تقرير البرنامج أن أعداد الساعين إلى الهجرة غير النظامية قد تضاعف بمقدار 3 مرات منذ عام 2014، وبخصوص الجنسيات المشرقية المقبلة على الهجرة غير النظامية يأتي السوريون في المقدمة ثم اللبنانيون وبعد ذلك الفلسطينيون.

وقد بدأت الشعلة الأولى للحرّاقة (المهاجرون غير النظاميين) في المغرب العربي عام 1995 نتيجة لتشديد بعض الدول الأوروبية القيود على المهاجرين، وعرفوا تاريخيا بـ"الحرّاقة" لأنهم كانوا يحرقون وثائقهم عند الوصول إلى الضفة الأوروبية، ثم امتدت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة إلى دول الشرق الأوسط، ومنها لبنان.

مأساة حقيقية

وفي هذا السياق، قال الخبير السياسي زياد الصايغ إن الهجرة غير النظامية تمثل مأساة حقيقية تواجهها الأجهزة القضائية اللبنانية والقوى العسكرية والأمنية اللبنانية، والتي قال إنها مطالبة بتوقيف المتورطين في الجريمة المنظمة بالاتجار بالبشر.

وأشار الصايغ إلى أن شبكات المهربين لا تقتصر على لبنان، بل إنها مرتبطة بالبلدان الحدودية المجاورة، مشيرا إلى أن التحقيقات مستمرة، وهناك عمليات توقيف مستمرة لمجموعات تنظم عمليات الاتجار بالبشر وتهريبهم، مشددا على أن المقاربة الأمنية لا تكفي ويجب الانكباب على معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية لهذه الظاهرة.

من جهته، حمّل المحامي والمستشار في القانون الدولي مادس هارلم الدول الأوروبية جانبا كبيرا من مسؤولية وقوع جرائم الاتجار بالبشر "لكونها تدفع بعيدا بالمهاجرين ومن يسعون للجوء السياسي، وهو ما يجعل أغلب المهاجرين يلجؤون إلى الطرق غير النظامية".

كما طالب هارلم الدول الأوروبية بإجراء التحقيقات الدولية الشاملة في حوادث الهجرة غير النظامية، مؤكدا أن الضحايا يتم التغرير بهم، وأن الدول المعنية عليها البحث عنهم في البحر والوصول بهم إلى بر النجاة بغض النظر عن قانونية الطرق التي انتهجوها للهجرة.

وروى اللاجئ السوري في لبنان وسام التلاوي -وهو أحد ضحايا محاولات الهجرة غير النظامية من لبنان- قصته، حيث فقد زوجته وأولاده الأربعة جراء غرق مركب استلقوه في رحلة هجرة غير نظامية في البحر المتوسط، وكان المركب الذي استقله وسام في 20 سبتمبر/أيلول الماضي قد انطلق من طرابلس في رحلة إلى أوروبا، لكنه غرق قبالة جزيرة أرواد السورية.

كما تمكن فريق البرنامج من الوصول إلى كواليس عمليات شبكات تهريب البشر عبر اثنين من عناصرها، وأفاد أحدهما -الذي التقاه الفريق في شمال لبنان- بأنه أوقف لدى الجهات الأمنية لمدة ساعات فقط، ثم أخلي سبيله لعدم كفاية الأدلة.

وتحدث المهرّب عن تعاون أشخاص في الأجهزة الأمنية مع المهربين، وتسهيل عمليات التهريب لهم، مثل إبلاغهم بحركة الدوريات الأمنية البحرية، وأفضل المناطق التي يجب انطلاق مواكب الهجرة غير النظامية منها، وأفضل الطرق التي يجب سلوكها قبل الوصول إلى المياه الإقليمية، وذلك مقابل مبالغ مالية طائلة.

يشار إلى أن المنظمة الدولية للهجرة قالت إن 84% من المهاجرين غير النظاميين الذين لقوا حتفهم في البحار ما زالوا مجهولي الهوية، ولم تستبعد أن يكون العدد الفعلي للوفيات بسبب الهجرة غير النظامية داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعلى بكثير مما أعلن عنه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الهجرة غیر النظامیة غیر النظامیین

إقرأ أيضاً:

منصة صينية تعرض صورا لاستهداف ابراهام .. الجيش اليمني لم يعد ذلك الذي يرتدي النعال

حيث نشرت المنصة الصينية باسم الاستخبارات العسكرية الأولى تقريرا عن استهداف حاملة الطائرات الأمريكية وكيف اختبأت سفن البحرية الأمريكية ضمن الأسطول الصيني.

ومما ورد في التقرير: ان مدونين أجانب كشفوا صورتين من صور الأقمار الصناعية، ما تمثل صفعة بوجه الأمريكيين والتي تُظهر مغادرة المدمرتين الأمريكيتين "ستوكدايل" و"سبرونز"، اللتان تعرضتا لهجوم يمني في البحر الأحمر إلى خليج عدن.

وقال التقرير ان المثير للاهتمام أن الأسطول الصيني رقم 46 كان أيضاً في المنطقة، حيث كانت المدمرة الصينية "جياوزو" من طراز 052D وسفينة الإمداد الشاملة "هونغهو" من طراز 903A تجوبان نفس المياه، وقد اختبأت السفينتان الأمريكيتان ضمن تشكيل الأسطول الصيني.

واضاف: من الواضح أن السفن الأمريكية، التي تعرضت للهجوم اليمني، وفرت مذعورة قررت الالتصاق بأسطول جيش التحرير الشعبي لتجنب الصواريخ والطائرات بدون طيار التابعة للقوات المسلحة اليمنية.

واشار التقرير إلى:إن هذا السلوك الذي قام به الجيش الأمريكي وقح للغاية، فقد تسلل إلى التشكيل الصيني وأراد منا أن نقدم "حماية" غير مباشرة "لأفعاله الشريرة".

وتابع : في الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي يفعل فيها الغرب ذلك، ففي السابق، بعد أن "أغلقت" القوات المسلحة اليمنية البحر الأحمر، "اختلطت" السفن التجارية من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى مع السفن التجارية الصينية التي تمر عبر البحر الأحمر. ومن حسن الحظ أن اليمن صديقة نسبياً للصين ولن تهاجم السفن الصينية، ولهذا نجحت أفكار الغرب التافهة. ولكن هناك حالة طوارئ في كل شيء.

متسائلة .. ماذا لو كانت معلومات استخبارات القوات المسلحة اليمنية خاطئة واعتقدوا أن السفينة الصينية هي أسطول أمريكي - أو تعرض الصاروخ لحادث أثناء الطيران وأصابه عن طريق الخطأ؟ ولذلك، يجب علينا أن ندين بشدة هذا السلوك غير المسؤول للغاية من جانب الولايات المتحدة.

وسرد التقرير : في بداية هذا العام، كاد اليمنيون ان يغرقو إحدى السفن الحربية الأمريكية. حيث استغل اليمنيون جنح الليل وأطلقوا صاروخ كروز نحو المدمرة "غريفلي" التي كانت تبحر في البحر الأحمر. . وفي النصف الأول من هذا العام، أعلنوا بفخر أنهم "أصابوا" حاملة الطائرات الأمريكية "آيزنهاور"، مما أثار ضجة واسعة على الإنترنت. وما زاد من التكهنات هو مغادرة الحاملة "آيزنهاور" البحر الأحمر في صمت تام وسط تشكيك عالمي، مما جعل الكثيرين يعتقدون أنها ربما تعرضت لحادث غير عادي.

ووصف التقرير القوات المسلحة اليمنية بانها لم تعد "الجيش الذي يرتدي النعال" كما كانت في السابق، ولكنها قوة حديثة حقيقية تستحق هذا الاسم. وهي تمتلك صواريخ كروز وصواريخ باليستية وطائرات بدون طيار، وهي تستغل موقعها الجغرافي الفريد لحراسة المضيق في البحر الأحمر.
وفي الوقت نفسه، فإنه يعكس أيضًا أنه مع تطور الطائرات بدون طيار وأنواع مختلفة من تكنولوجيا الصواريخ، تغيرت قواعد الحرب بشكل كبير، الأمر الذي أدى إلى حد ما إلى كبح طموح الجيش الأمريكي في الاعتماد على حاملات الطائرات لإثارة الصراعات الإقليمية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

مقالات مشابهة

  • إلتون جون يكشف آخر وجبة يتمنى تناولها قبل الموت
  • منصة صينية تعرض صورا لاستهداف ابراهام .. الجيش اليمني لم يعد ذلك الذي يرتدي النعال
  • ارتفاع أعداد المهاجرين الإسرائيليين إلى كندا بسبب حرب غزة
  • ترامب يختار صاحب فكرة “فصل المهاجرين عن أطفالهم” في حكومته
  • المهاجرين غير الشرعيين.. هل ستسوي كندا وضعيتهم ؟!
  • توم هومان قيصر الحدود الأميركي وصاحب فكرة فصل المهاجرين عن أطفالهم
  • عاجل.. إمام عاشور يكشف كواليس مسيرته الكروية وسبب فشل تجربته مع ميتيلاند
  • آيات قرآنية قبل الغرق.. رسالة مهاجر غير شرعي تلخص مأساة قوارب الموت
  • وزير الداخلية التركي يكشف عن إحصائيات جديدة حول ملف الهجرة
  • محامي لاعبي سموحة يكشف كواليس القضايا المرفوعة ضد «علي غزال»