لم يتوقّف شغف محمد بن أحمد أمبوسعيدي بجمع الآثار والحصول على المقتنيات القديمة، ولكن توسع شغفه إلى عرض هذه القطع والمقتنيات التي بذل فيها الكثير من الجهد والمال في متحف خاص به يهدف من خلاله إلى تعريف الأجيال الجديدة وزائري الولاية بتاريخنا الحافل الضارب في القدم، حيث تخمّرت الفكرة لديه في بداية عام 2021 عندما عرض تلفزيون سلطنة عمان لقاءً خاصا معه وتقريرا عن شغفه بهواية جمع الآثار، الأمر الذي وجد صدى كبيرا من المتابعين وشجعوه على فكرة المتحف لتبدأ الفكرة في الظهور وليكتمل المشروع مؤخرا، حيث تزامن افتتاحه مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني الثالث والخمسين المجيد وبدأ في استقطاب الزائرين.

والتقت «عمان» بـ محمد أمبوسعيدي صاحب الفكرة ومالك المتحف حيث قال «إن متحف نزوى يعد مُجمعا حضاريا وطنيا متكاملا يُتيح لزائريه فرصةً للإبحار في رحلةٍ عبر التاريخ للتعرف على التراث والحضارة العُمانية من خلال ما يقارب 2000 من المقتنيات المعروضة في 8 قاعات، إضافة إلى أكثر من ثلاثة آلاف قطعة تنتظر عرضها قريبا»، مضيفا: إن هذه القطع تم اختيارها بعناية لتبرز التفاعل بين العمانيين والأرض التي عاشوا عليها على مر التاريخ، وتُظهر قُدرة الإنسان العُماني على تسخير الطبيعة في تمكين البناء والاستقرار، وفي المتحف تم تسليط الضوء على التراث العماني.

رؤية المتحف

وأوضح محمد أمبوسعيدي أن الهدف من إنشاء المتحف هو تحقيق رسالة مهمة جوهرها الارتقاء بالمنظومة السياحية التُراثية في سلطنة عُمان وفي ولاية نزوى بصفة خاصة، التي تُعد مقصدا سياحيا رئيسيا وركنا مهمّا من أركان السياحة في سلطنة عمان، بالإضافة إلى إظهار دور نزوى التاريخي والحضاري وجعل المتحف مركزا للإشعاع الحضاري ومرجعا تاريخيا متكاملا لمن يرغب في سبر أغوار التاريخ العماني والتعرف على مقتنيات السكان قديما بمختلف استخداماتها. وأشار إلى أن المتحف حاليا يضم 8 قاعات متنوعة تم تصنيفها بحسب المعروضات التي تناهز ألفي قطعة أثرية وتراثية تمثّلت في قاعة المخطوطات العُمانية، وتضم مجموعة من نوادر المخطوطات التي يعود تاريخها لأكثر من 400 سنة، وقاعة الفخار التي تتميز بوجود نوادر من الفخار العُماني من ضمنها أكبر خرس لاستخراج النيل وثلاثة من أندر الخروس الصغيرة «الحُب» التي تستخدم لاستخراج مادة النيل لصباغة الملابس، وقاعة النحاس التي تضم النُحاسيات العُمانية المصنوعة يدويًّا وبعض الأواني المعروفة، وقاعة الأسلحة وبها مجموعة من الأسلحة التقليدية وملحقاتها ويعود تاريخها إلى القرن السادس عشر، والأبواب والنوافذ والأخشاب ذات النقوش والألوان والأشكال المتنوعة، وقاعة الحرف اليدوية التي تحتوي على المعدات والآلات والمواد المستخدمة في الحِرف والصناعات اليدوية القديمة كصناعات النسيج والسين والزيجرة، وقاعة المرأة، وتضم مجموعة من المشغولات والمقتنيات الخاصة بالمرأة والملابس البدوية والحضرية ومهد الأطفال، بالإضافة إلى قاعة الإنسان وبها تاريخ الإنسان العماني القديم ومراحل تطوّر استخدامات المعدات والحرف وقاعة التواصل الحضاري وبها العديد من المقتنيات القديمة المستخدمة في أكثر من بلاد وتسهم في نقل المعارف والخبرات، كما أن هناك مجموعة من المتحجرات والأحافير التي يعود تاريخها إلى 260 مليون سنة، ومشغولات يدوية استخدمها السكان قديمًا، والكثير من القِطع التراثية التي تحكي قصة التواصل الحضاري والتجاري مع الشعوب الأُخرى؛ بالإضافة إلى وجود أكبر وأقدم باب أثري في سلطنة عمان والذي يزيد عمره على ٥٠٠ سنة مصنوع من خشب القرط، حيث يتم معرفة تاريخه عن طريق طبقات الشحوم المدهونة، بالإضافة إلى أعمدة الأبواب وما تضمّه من نماذج النقوش الجميلة والنقوش العمانية المتشابهة.

وعن السبب الذي دفعه للاستمرار في فكرته وإخراج المتحف إلى النور قال «إضافة إلى الهواية والشغف فإنني أسعى من خلال هذا المشروع إلى توصيل رسالة للعالم عن التراث العُماني في جميع المجالات الثقافية؛ وأن يُصبح المتحف مقرا دائما للمقتنيات من أجل خدمة المجتمع في التواصل الثقافي بين الماضي والحاضر، وهناك بعدٌ آخر وهو دعم وحفظ وترميم التراث الثقافي والتاريخي، وأن أكون شريكا لتعزيز أنشطة المجال المتحفي كعرض القطع الأثرية والأدوات المستخدمة في صناعة التراث الإنساني القديم»، مضيفا «قمت بوضع قواعد وأسس لزيارة المتحف أسوة بما هو متّبع في المتاحف المحلية والعالمية من بينها عدم الاقتراب كثيرا من القطع المعروضة أو لمسها حفاظا عليها من التلف، وتأمّل المعروضات من مسافة بعيدة نسبيا، كي لا يتم حجبها عن الزوار الآخرين والانتباه التام أثناء التجوال في قاعات المتحف للحفاظ على المقتنيات من أي حوادث أو العبث بالمقتنيات، كما أوجدت زاوية لبيع الهدايا التذكارية والتحف، إضافة إلى تثبيت صفائح بها نبذة عن المقتنيات وتاريخها».

آفاق التطوير

وتحدث عن خطته المستقبلية قائلا «هناك طموح للتطوير أولها التعاون مع جامعة السلطان قابوس والمتاحف الحكومية بغرض توثيق المعروضات بالتاريخ، حيث اكتشفت خلال الفترة الفائتة أن الزائرين يولون اهتماما بالأرقام بدقة، وأسعى لدراسة تاريخ المقتنيات وتثبيتها عِوضا عن التواريخ التقريبية، وتوسيع القاعات لاستيعاب المقتنيات التي لم يتم عرضها، ومن بين الأفكار سرد تفصيلي يستغني عن الشرح المرافق وهذه الأفكار تأتي من خلال انطباعات الزائرين، واستقطب المتحف أكثر من 3000 زائر في أول أربعين يوما بعد الافتتاح، والاتفاق مع الشركات السياحية لتضمين زيارة المتحف ضمن برنامج زياراتهم للولاية باعتباره مُكمّلا لهذه الزيارة».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بالإضافة إلى مجموعة من الع مانی من خلال أکثر من

إقرأ أيضاً:

بعد 14 عاماً على إغلاقه.. طرابلس تستعد لإعادة افتتاح «المتحف الوطني»

في خطوة تعكس اهتمام حكومة الوحدة الوطنية بإحياء المعالم الثقافية والتاريخية المهمة وضمن مشاريع “عودة الحياة”، يترقب الليبيون إعادة افتتاح المتحف الوطني في طرابلس، بعد إجراء أعمال الصيانة والترميم، وذلك في الثاني من أبريل خلال أيام عيد الفطر المبارك”.

ووفق المعلومات، “سيحتوي المتحف الوطني على مجموعة من القطع الأثرية الفريدة التي تمثل تاريخ ليبيا العريق، بدءا من العصور القديمة وصولا إلى العصور الإسلامية الحديثة، كما سيتم عرض مجموعة من الكنوز الأثرية التي تمثل ثقافات متنوعة مرت بها ليبيا على مر العصور، ومن بين أبرز المعروضات في المتحف، قطع أثرية تم استردادها بعد أن سُرقت خلال الأحداث التي تلت عام 2011”.

يذكر أنه “تم إغلاق المتحف منذ عام 2011 بعد أحداث الاضطرابات التي شهدتها البلاد، وبني المتحف عام 1919، وجرى افتتاحه رسمياً لأول مرة العام 1988، وهو أول متحف للآثار جرى انشاؤه في طرابلس، ويقع المتحف داخل قلعة السراي الحمراء، وهو مكون من أربعة طوابق، كما يحتوي المتحف على مجموعة مهمة من الكنوز والفنون، والتراث الأثري الفينيقي واليوناني والروماني والإسلامي وكذلك العصر الحديث، ويتكون من 48 قاعة مخصصة لعرض محتوياته، تحتوي على آثار جُمعت من كل أنحاء المدن الليبية.

مقالات مشابهة

  • بين السرقة والتدمير.. مواقع أثرية من ضحايا إبادة إسرائيل لغزة
  • تنفيذًا لأوامر النائب العام.. إزالة مخالفات على قطعة أرض بالخمس
  • العراق يكشف عن استعادة 23 ألف قطعة أثرية من أوروبا وأميركيا
  • بعد 14 عاماً على إغلاقه.. طرابلس تستعد لإعادة افتتاح «المتحف الوطني»
  • أكثر من 56 ألف زائر للمعالم التاريخية بجنوب الباطنة العام الماضي
  • ضبط 78 قطعة سلاح و305 قضايا مخدرات خلال 24 ساعة
  • رئيس الدولي للخماسي الحديث: مصر من أفضل الدول التي تنظم البطولات واللعبة أصبحت أكثر متعة وإثارة بالنظام الجديد
  • ضبط 331 قضية مخدرات و87 قطعة سلاح خلال 24 ساعة
  • برلمانى : المتحف المصرى الكبير إنجاز تاريخى ويدعم السياحة والاقتصاد الوطني
  • ضبط 226 قطعة سلاح و392 قضية مخدرات خلال 24 ساعة