بتجرد:
2025-04-22@21:59:45 GMT

“جرس إنذار”.. قضية إجتماعية في قالب بوليسي

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

“جرس إنذار”.. قضية إجتماعية في قالب بوليسي

متابعة بتجــرد: في فيلمه الروائي الطويل الثاني “جرس إنذار”، يؤكد صانع الأفلام السعودي الشاب خالد الفهد ليس فقط على موهبته وحرفيته، وإنما أيضا على فهمه المختلف لوظيفة السينما، باعتبارها أداة للتوعية والإسهام في القضايا الاجتماعية والإنسانية الملحة.

 يتناول “جرس إنذار”، الذي بدأ عرضه على منصة نتفليكس، قصة مدرسة بنات يشب فيها حريق هائل يودي بحياة طالبة ومعلمة، وتكشف التحقيقات الجنائية التي تجريها الشرطة، والتحقيقات الداخلية التي تجريها مديرة المدرسة عن الكثير من أوجه القصور المؤسساتية، والجرائم الصغيرة الشخصية، التي يرتكبها مسؤولون ومسؤولات وأهالي وطالبات داخل المدرسة، عن قصد أو دون قصد.

والفيلم، كما لاحظ البعض، وأقر صناعة، مستلهم من واقعتين حقيقيتين هزتا المجتمع السعودي، جرتا في مدينتي مكة في 2002، وجدة في 2011. وقد اختار خالد الفهد، مخرج الفيلم والمشارك في كتابته، إعادة صياغة هذه الوقائع وتغيير زمنها قليلاً.

كيف تولد الكوارث؟

تشير لوحة على الشاشة قبل بدء “جرس إنذار” إلى أن “بعض الأجزاء تم اختلاقها لأسباب درامية فقط”، وفي المشهد الأول تبث الأخبار المذاعة على “راديو” داخل كافيتريا المدرسة، نبأ حصول المملكة على مقعد غير دائم في مجلس الأمن، ما يشير ضمنياً لزمن أحداث الفيلم، وهو عام 2013، الذي يعود إليه هذا الخبر، وهو تاريخ له دلالته كما يمكن أن يستشف المشاهد.

من واقع لم يحدث مصادفة، إذن، بما أنه تكرر، يرسم خالد الفهد بمساعدة الكاتبة بسمة بنت عبد الله، المتخصصة في دراسات المرأة والجريمة، وصاحبة العديد من الروايات الخيالية، صورة لمجتمع تنبت فيه الكارثة كنبت طبيعي لسلوكيات سائدة خاطئة، لا يتوقف أمامها أحد إلا بعد أن تحل الكارثة، ومن هنا عنوان الفيلم الذي يذكر، وينبه، إلى هذه السلوكيات حتى لا تتكرر.

مخرج يحمل هماً

في أفلامه القصيرة “المستثمر”، “سيجارة الصباح”، وخاصة في “الطائر”، الحاصل على عدة جوائز، والذي يعرض على منصة نتفليكس ضمن مجموعة أفلام “أصوات سعودية جديدة”، ثم في فيلمه الروائي الأول “طريق الوادي”، يبدو الفهد وكأنما ينوء تحت هم الإصلاح الاجتماعي، وكشف السلبيات التي تحتاج إلى أجراس إنذار، مع التركيز على تأثير هذه السلبيات على الأطفال والصغار، وبالتالي على مستقبل المجتمع والأمة بأسرها.

في “الطائر” يعالج الفهد موضوعاً مأساوياً، وهو ما يمكن أن يتعرض له الأطفال من انحرافات، وكيف يمكن أن يؤدي عدم التصدي لها أو علاجها إلى استمرارها بطريقة أو أخرى.

وفي “طريق الوادي” يعالج موضوع صدمات الطفولة مجدداً، ولكن في قالب خيالي موسيقي وغنائي، قدم من خلاله أوراق اعتماده في مجال السينما الروائية الطويلة.

في “جرس إنذار” يواصل الفهد مهمته، ولكن داخل مدرسة بنات ثانوية، ذات يوم يبدأ بشكل عادي، تدور خلاله أحداث ومواقف وتصرفات تبدو عادية، مثل مجموعات التنمر بزملائهم والغيرة بين الطالبات، والانحرافات الصغيرة التي تستهوي المراهقين، وسلوكيات بعض المعلمات، بالإضافة إلى ما كان يمارسه رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تجاوزات وأفعال غير منطقية، مثل منع خروج الفتيات من مدرسة تحترق ومنع أولياء الأمور من دخولها لإنقاذ بناتهم.

ثمن اللامبالاة

في المشهد الأول من “جرس إنذار” تدخل الطالبات المدرسة، ويقوم حارس اسمه “عتيق” بإغلاق البوابة بالأقفال، وتركز الكاميرا على البوابة والقفل ويد الرجل، كما لو أن المدرسة والمجتمع، قد تحولا إلى سجن كبير.

داخل المدرسة، ومع طابور الصباح، تبدأ المناوشات والمشاغبات من قبل بعض الطالبات الجامحات، وتقابل هذه المشاغبات بعنف حيناً، أو تجاهل حيناً آخر، ولكن من دون مبالاة في كل الأحيان، فقد اعتادت المعلمات ومديرة المدرسة على هذه السلوكيات، واعتبروها جزءاً من الحياة المدرسية لا يمكن منعها، وبذكاء يبين الفيلم أن مشكلة التنمر لا تكمن فقط فيما يتعرض له الشخص من قبل حفنة المتنمرين، ولكن في كون التساهل معه يشجع الآخرين على التنمر، ما يمكن أن ينقلب إلى جريمة أحياناً.

في الفيلم تتعرض الطالبة المثالية في المدرسة للتنمر من قبل 3 زميلات حاقدات، كما تتعرض الطالبة ابنة مديرة المدرسة للتوبيخ الدائم من قبل أمها؛ لأنها ليست أكثر تفوقاً من الطالبة المثالية، وتكون النتيجة أن ابنة المديرة تشعر بالغيرة من صديقتها.

من ناحية أخرى يصور الفيلم أشكال المخالفات المتعددة بداية بشكل الشعر والأظافر، وصولاً إلى مواعدة الشباب، مرورا بتدخين السجائر، ويحدث كثيراً، كما في حالة الفيلم، أن يركز المعلمون على الصغائر التي لا تشكل خطراً يذكر، فيغفلون عن المخالفات الأكبر التي يمكن أن تؤدي إلى مصائب.

يناقش الفيلم، علاوة على ذلك، الضغوط التي تتعرض لها هذه الفتيات المسكينات ومعلماتهن من قبل الأهل والمجتمع، وما تؤدي إليه هذه الضغوط من إحباط وغضب قد يتحول إلى شر.

تشويق وتمثيل.. وتصوير

على أهمية الموضوع، فإن ما يصنع الفن هو الشكل الذي تصب فيه القصة والحبكة وسائر العناصر الفنية، وهذا ما ينجح فيه “جرس إنذار” إلى حد كبير.

ورغم عنوانه “التوجيهي” (عنوانه بالانجليزية أفضل، وهو From the Ashes، أي “من الرماد”) فقد صيغ “جرس إنذار” في قالب بوليسي تشويقي، يظل محملاً بالمفاجآت حتى المشهد الأخير.

ومن العناصر المتميزة الأخرى فريق الممثلين الذي يضم عدداً من نجمات السينما السعودية المعروفات مثل شيماء الطيب، خيرية أبو لبن، عائشة الرفاعي، أضوى فهد، ودارين البايض، بالإضافة إلى عدد من الفتيات الجدد الموهوبات، يشكلن معاً فريقاً متجانساً، كل منهن جيدة في دورها، وكلهن يؤدين من مفتاح موسيقي مشترك، إحدى سماته الطبيعية والثانية هي الغموض وعدم البوح بما يعتمل داخل القلوب والعقول.

يتسم الفيلم أيضا بتصوير بارع لمدير التصوير عبد السلام موسى، يتماشى أيضا مع أسلوب الفيلم، حيث يتسم بوضوح الفيلم الاجتماعي الواقعي، ولكن الإضاءة وحركة الكاميرا وحجم اللقطات مع أداء الممثلين، دائما ما يوحي بوجود شيء مخفي، ويمكن أن نضيف أيضاً تحدي التصوير والمونتاج لمجموعة كبيرة من الشخصيات تتحرك داخل مكان صغير تشتعل فيه النيران! 

“جرس إنذار” هو إعلان عن تدشين صانع أفلام شاب صاحب قضية، يعرف أن للفن شروطه، ولغته، وأدواته.

ناقد فني.

main 2024-01-23 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: جرس إنذار یمکن أن من قبل

إقرأ أيضاً:

“نزع سلاح المقاومة”

منير شحادة

نزع سلاح المقاومة أو تسليم سلاح المقاومة، مقولتان انتشرتا مؤخرًا عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، على لسان مسؤولين وإعلاميين. كما جرى التطاول على المقدسات والرموز الدينية بشكل تخطّى الخطوط الحمراء بطريقة أدت إلى بلبلة وإلى احتقان في الشارع اللبناني وإلى التأثير على معنويات جمهور المقاومة.

فخامة رئيس الجمهورية يعرف تعقيدات وحساسية هذا الموضوع، وقال إن حل موضوع السلاح لا يمكن أن يكون إلا بالتروي وبالحوار وغير ذلك سيؤدي إلى خطر على السلم الأهلي، وإنه ضنين على هذا الموضوع ويعتبره خطًا أحمر. واكد أن قرار حصر السلاح وقرار السلم والحرب بيد الدولة قد اتخذ ويبقى آلية التنفيذ التي ستكون من ضمن إستراتيجية أمن وطني وأن التوقيت سيكون في الوقت المناسب.

فريق واحد في لبنان يسعى إلى زعزعة الاستقرار وإلى توتير الأجواء بتصريحات وعنتريات مستخدمًا قوة العدوّ الصهيوني كعصا تهديدية، هذه العصا التي طالما استعان بها خلال الحرب الأهلية، والتي يبدو أنه لا يزال يراهن عليها وكأنه لم يتعلم من التاريخ الذي بسبب هذه العصا تم تدمير لبنان وتقسيمه وتفتيته.

فريقٌ يدعي السيادة وهو بعيد كلّ البعد عنها تعوَّد العيش تحت الوصاية، وفي كثير من الأحيان العمالة، لتماهيه الدائم مع العدوّ الصهيوني.

فريقٌ لا مشكلة لديه إذا دخلت “إسرائيل” إلى وسط العاصمة بيروت، المهم أن يشفي غليله وحقده على المقاومة وسلاحها، مما دعا الأمين العام لحزب الله إلى الخروج بكلمة ليضع النقاط على الحروف والتأكيد أن لا شيء اسمه نزع أو تسليم سلاح المقاومة، واضعًا شروطًا أساسية أولها انسحاب “إسرائيل” من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها وخروقاتها وتسليم الأسرى والشروع الجدي بإعادة الإعمار، ومن بعدها تصبح المقاومة جاهزة للجلوس على الطاولة لمناقشة الإستراتيجية الدفاعية.

سبق تصريح الأمين العام تصريحٌ للحاج وفيق صفا متحدثًا بنفس الأسلوب، الأمر الذي أدى إلى ارتياح عارم لدى جمهور المقاومة وإلى عودة معنوياتهم التي أصيبت بالإحباط خلال الفترة السابقة.

وقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بمؤيدين ومنتقدين لتصريح الأمين العام لحزب الله واشتعلت حرب تصريحات وتصريحات مضادة.

السلم الأهلي عمود أساسي من أعمدة الوطن، ومن يستسهل زعزعته، يسعَ إلى (خراب البصرة) غير آبه لنتائج هذه المخاطرة التي لدينا تجربة مريرة فيها في الحرب الأهلية عام ١٩٧٥ التي كانت نقطة سوداء في تاريخ لبنان يصر فريق في لبنان على استذكارها والاحتفال والإشادة بها وأنها بطولة من بطولاته بدلًا من إظهار ندمه عليها.

على فرض أننا استفقنا غدًا صباحًا وبسحر ساحر رأينا أن المقاومة قررت تسليم سلاحها للدولة، وقام الجيش اللبناني باستلام هذه الترسانة، وطبعًا قام بتلفها خلال فترة شهر لأنه ممنوعٌ على جيشنا امتلاك أسلحة كاسرة للتوازن. ومن ثمّ استفقنا في صباحٍ آخر لنرى أن المقاومة اتّخذت قرارًا بحل نفسها.

سؤال لكل المطبلين لتسليم السلاح:
– هل هناك ضمانة لانسحاب “إسرائيل” من أرضنا ووقف الاعتداءات؟
أعرف إجابتكم سلفًا:
– فلتسلم المقاومة سلاحها ولكل حادث حديث.
– أو الإجابة المدفونة في أعماقكم: (مش مهم المهم يسلمو سلاحن ونخلص من سماهن)

يريدون وضع العربة أمام الخيل وأن يعطوا مبررًا للإسرائيلي لاستمرار اعتداءاته وخروقاته رابطين ذلك بتسليم سلاح المقاومة.

أي عاقلٍ في هذا العالم يمكن أن يرضى بأن يصبح أعزل عاريًا أمام عدو صهيوني أثبت التاريخ القديم والحديث أنه لا أمان له وأنه لا يلتزم لا بقرارات ولا قوانين ولا اتفاقات دولية وأنه لا ضمانات من دول عظمى لردع هذا العدوّ عن الاعتداء وعن التوسع في احتلاله.

لا أحد في هذا العالم لا يتمنى أن يعيش في بلد يتمتع بسيادة وكرامة ولديه جيش قوي قادر على حماية أراضيه ويكون السلاح محصورًا بيده. لكن كيف ذلك وممنوعٌ على الجيش اللبناني أن يمتلك أسلحة نوعية رادعة لأي عدوانٍ خارجي أم داخلي؟ كيف ذلك ونحن نرى على المقلب الآخر عدوًا جزارًا مدعومًا من طغاة العالم ومحميًّا في المحافل والمحاكم الدولية ويرتكب مجازر دون أي رادع، ويتوسع في أراضي الدول المحيطة به بشعار حق الدفاع عن النفس وهو يعتدي على كلّ المحرمات؟

نحن أصبحنا في عالم تحكمه شريعة الغاب وعميت فيه البصيرة. عالم يحكمه مجانين متفلتون من كلّ الضوابط. عالم ينتشر فيه الخانعون المتزلفون متلطين خلف حبّ العيش ونبذ العنف بينما هم أزلام عند أسياد متسلطين لا رحمة فيهم.
الكرامة والعزة ثمنهما دماء وتضحيات لا يفقهها من لا يمتلكها.

مقالات مشابهة

  • “يافا”.. التسمية التي أظهرت غيظ نتنياهو
  • شاهد بالصورة والفيديو.. شاعرة وصانعة محتوى سودانية: (الكرشة أو “التنة” التي أمتلكها تعتبر من علامات الجمال وتساعدني على ربط التوب)
  • شاهد بالفيديو.. وسط ذهول واستغراب الجمهور.. عمارة “آراك” الشهيرة بالسوق العربي تحافظ على حالتها الطبيعية رغم احتراق ودمار جميع المباني التي من حولها
  • جبهة العمل الاسلامي يقرر “تجميد” عضوية (3) منتسبين على خلفية قضية تصنيع الاسلحة 
  • 750 طالبًا و”فصلان فقط”: قصة مدرسة سودانية ولدت من رحم اللجوء في ليبيا
  • شاهد | كمين “كسر السيف” يقلق الصهاينة
  • “نزع سلاح المقاومة”
  • إنذار صحي.. سلاح فتاك في الهواء الذي نتنفسه
  • “الآلة التي عطشت” .. “من رواية: قنابل الثقوب السوداء”
  • “إسرائيل” تدخل إنذارًا جديدًا الى منظومتها للتحذير من صواريخ اليمن