“جرس إنذار”.. قضية إجتماعية في قالب بوليسي
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
متابعة بتجــرد: في فيلمه الروائي الطويل الثاني “جرس إنذار”، يؤكد صانع الأفلام السعودي الشاب خالد الفهد ليس فقط على موهبته وحرفيته، وإنما أيضا على فهمه المختلف لوظيفة السينما، باعتبارها أداة للتوعية والإسهام في القضايا الاجتماعية والإنسانية الملحة.
يتناول “جرس إنذار”، الذي بدأ عرضه على منصة نتفليكس، قصة مدرسة بنات يشب فيها حريق هائل يودي بحياة طالبة ومعلمة، وتكشف التحقيقات الجنائية التي تجريها الشرطة، والتحقيقات الداخلية التي تجريها مديرة المدرسة عن الكثير من أوجه القصور المؤسساتية، والجرائم الصغيرة الشخصية، التي يرتكبها مسؤولون ومسؤولات وأهالي وطالبات داخل المدرسة، عن قصد أو دون قصد.
والفيلم، كما لاحظ البعض، وأقر صناعة، مستلهم من واقعتين حقيقيتين هزتا المجتمع السعودي، جرتا في مدينتي مكة في 2002، وجدة في 2011. وقد اختار خالد الفهد، مخرج الفيلم والمشارك في كتابته، إعادة صياغة هذه الوقائع وتغيير زمنها قليلاً.
كيف تولد الكوارث؟
تشير لوحة على الشاشة قبل بدء “جرس إنذار” إلى أن “بعض الأجزاء تم اختلاقها لأسباب درامية فقط”، وفي المشهد الأول تبث الأخبار المذاعة على “راديو” داخل كافيتريا المدرسة، نبأ حصول المملكة على مقعد غير دائم في مجلس الأمن، ما يشير ضمنياً لزمن أحداث الفيلم، وهو عام 2013، الذي يعود إليه هذا الخبر، وهو تاريخ له دلالته كما يمكن أن يستشف المشاهد.
من واقع لم يحدث مصادفة، إذن، بما أنه تكرر، يرسم خالد الفهد بمساعدة الكاتبة بسمة بنت عبد الله، المتخصصة في دراسات المرأة والجريمة، وصاحبة العديد من الروايات الخيالية، صورة لمجتمع تنبت فيه الكارثة كنبت طبيعي لسلوكيات سائدة خاطئة، لا يتوقف أمامها أحد إلا بعد أن تحل الكارثة، ومن هنا عنوان الفيلم الذي يذكر، وينبه، إلى هذه السلوكيات حتى لا تتكرر.
مخرج يحمل هماً
في أفلامه القصيرة “المستثمر”، “سيجارة الصباح”، وخاصة في “الطائر”، الحاصل على عدة جوائز، والذي يعرض على منصة نتفليكس ضمن مجموعة أفلام “أصوات سعودية جديدة”، ثم في فيلمه الروائي الأول “طريق الوادي”، يبدو الفهد وكأنما ينوء تحت هم الإصلاح الاجتماعي، وكشف السلبيات التي تحتاج إلى أجراس إنذار، مع التركيز على تأثير هذه السلبيات على الأطفال والصغار، وبالتالي على مستقبل المجتمع والأمة بأسرها.
في “الطائر” يعالج الفهد موضوعاً مأساوياً، وهو ما يمكن أن يتعرض له الأطفال من انحرافات، وكيف يمكن أن يؤدي عدم التصدي لها أو علاجها إلى استمرارها بطريقة أو أخرى.
وفي “طريق الوادي” يعالج موضوع صدمات الطفولة مجدداً، ولكن في قالب خيالي موسيقي وغنائي، قدم من خلاله أوراق اعتماده في مجال السينما الروائية الطويلة.
في “جرس إنذار” يواصل الفهد مهمته، ولكن داخل مدرسة بنات ثانوية، ذات يوم يبدأ بشكل عادي، تدور خلاله أحداث ومواقف وتصرفات تبدو عادية، مثل مجموعات التنمر بزملائهم والغيرة بين الطالبات، والانحرافات الصغيرة التي تستهوي المراهقين، وسلوكيات بعض المعلمات، بالإضافة إلى ما كان يمارسه رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من تجاوزات وأفعال غير منطقية، مثل منع خروج الفتيات من مدرسة تحترق ومنع أولياء الأمور من دخولها لإنقاذ بناتهم.
ثمن اللامبالاة
في المشهد الأول من “جرس إنذار” تدخل الطالبات المدرسة، ويقوم حارس اسمه “عتيق” بإغلاق البوابة بالأقفال، وتركز الكاميرا على البوابة والقفل ويد الرجل، كما لو أن المدرسة والمجتمع، قد تحولا إلى سجن كبير.
داخل المدرسة، ومع طابور الصباح، تبدأ المناوشات والمشاغبات من قبل بعض الطالبات الجامحات، وتقابل هذه المشاغبات بعنف حيناً، أو تجاهل حيناً آخر، ولكن من دون مبالاة في كل الأحيان، فقد اعتادت المعلمات ومديرة المدرسة على هذه السلوكيات، واعتبروها جزءاً من الحياة المدرسية لا يمكن منعها، وبذكاء يبين الفيلم أن مشكلة التنمر لا تكمن فقط فيما يتعرض له الشخص من قبل حفنة المتنمرين، ولكن في كون التساهل معه يشجع الآخرين على التنمر، ما يمكن أن ينقلب إلى جريمة أحياناً.
في الفيلم تتعرض الطالبة المثالية في المدرسة للتنمر من قبل 3 زميلات حاقدات، كما تتعرض الطالبة ابنة مديرة المدرسة للتوبيخ الدائم من قبل أمها؛ لأنها ليست أكثر تفوقاً من الطالبة المثالية، وتكون النتيجة أن ابنة المديرة تشعر بالغيرة من صديقتها.
من ناحية أخرى يصور الفيلم أشكال المخالفات المتعددة بداية بشكل الشعر والأظافر، وصولاً إلى مواعدة الشباب، مرورا بتدخين السجائر، ويحدث كثيراً، كما في حالة الفيلم، أن يركز المعلمون على الصغائر التي لا تشكل خطراً يذكر، فيغفلون عن المخالفات الأكبر التي يمكن أن تؤدي إلى مصائب.
يناقش الفيلم، علاوة على ذلك، الضغوط التي تتعرض لها هذه الفتيات المسكينات ومعلماتهن من قبل الأهل والمجتمع، وما تؤدي إليه هذه الضغوط من إحباط وغضب قد يتحول إلى شر.
تشويق وتمثيل.. وتصوير
على أهمية الموضوع، فإن ما يصنع الفن هو الشكل الذي تصب فيه القصة والحبكة وسائر العناصر الفنية، وهذا ما ينجح فيه “جرس إنذار” إلى حد كبير.
ورغم عنوانه “التوجيهي” (عنوانه بالانجليزية أفضل، وهو From the Ashes، أي “من الرماد”) فقد صيغ “جرس إنذار” في قالب بوليسي تشويقي، يظل محملاً بالمفاجآت حتى المشهد الأخير.
ومن العناصر المتميزة الأخرى فريق الممثلين الذي يضم عدداً من نجمات السينما السعودية المعروفات مثل شيماء الطيب، خيرية أبو لبن، عائشة الرفاعي، أضوى فهد، ودارين البايض، بالإضافة إلى عدد من الفتيات الجدد الموهوبات، يشكلن معاً فريقاً متجانساً، كل منهن جيدة في دورها، وكلهن يؤدين من مفتاح موسيقي مشترك، إحدى سماته الطبيعية والثانية هي الغموض وعدم البوح بما يعتمل داخل القلوب والعقول.
يتسم الفيلم أيضا بتصوير بارع لمدير التصوير عبد السلام موسى، يتماشى أيضا مع أسلوب الفيلم، حيث يتسم بوضوح الفيلم الاجتماعي الواقعي، ولكن الإضاءة وحركة الكاميرا وحجم اللقطات مع أداء الممثلين، دائما ما يوحي بوجود شيء مخفي، ويمكن أن نضيف أيضاً تحدي التصوير والمونتاج لمجموعة كبيرة من الشخصيات تتحرك داخل مكان صغير تشتعل فيه النيران!
“جرس إنذار” هو إعلان عن تدشين صانع أفلام شاب صاحب قضية، يعرف أن للفن شروطه، ولغته، وأدواته.
ناقد فني.
main 2024-01-23 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: جرس إنذار یمکن أن من قبل
إقرأ أيضاً:
بعدما ورّطته ” منى ليمام” في قضية مخدرات ..البراءة ل”كلونديستان” بالعاصمة
برّأت محكمة الجنح بدار البيضاء اليوم الخميس، المتهم الموقوف” ق.محمد ياسين” القاطن بمدينة السمار بالعاصمة، من التهم المنسوبة إليه في قضية المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي المتهمة الموقوفة ” منى ليمام”.
والمتعلقة بحيازة المؤثرات العقلية والمخدرات وعرضها على الغير، التي بسببها تم ايداعها الحبس والحكم عليها بعام حبسا نافذا .
وجاءت براءة المتهم في الحكم الذي نطقت به القاضي بالجلسة بعدما كان المتهم يواجه أقصى عقوبة بلغت 10 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 1 مليون دج التمسها في حقه وكيل الجمهورية بالجلسة.
وتم استخراج المتهمة من سجن النساء بالقليعة من طرف رجال الدرك الوطني، لتمثل كشاهدة، وتدوين أقوالها امام المحكمة فيما يخص الملف الجزائي المتابع فيه سائقها المتهم ” ق.ياسين”.
هذا الأخير حيث تم ايقافه تنفيذا لأمر القبض الجسدي الصادر عن ذات الهيئة القضائية مع الحكم عليه غيابيا ب10 سنوات حبسا نافذا، لدى المحاكمة الأولى للمتهمة “منى ليمام” شهر أوت الفارط .
حيث أنكر المتهم” ق.ياسين” لدى مواجهته بالتصريحات الأولية للمتهمة ” منى ليمام” حين ذكرت أنه ايعد سائقها الشخصي وتستعين به في تنقلاتها بين البويرة مسقط رأسها والعاصمة، كما أنه هو من يبيع لها المخدرات من نوع القنب الهندي.
وقال المتهم للقاضي بأنه يعد ناقل شرعي، ويعرف المتهمة كزبونة فقط حيث اعتادت استئجاره برفقة أفراد عائلتها نافيا علاقته بالمخدرات نفيا قاطعا.
وهي الأقوال التي أكدتها الشاهدة ” منى ليمام” ، متراجعة عن تصريحتها الأولية في الجلسة.
وخلال استجواب المتهمة في قضيتها الموقوفة بسببها أقرت أمام القاضي بكل تلقائية بأن المتهم الحالي ” ق. ياسين” تعرفه منذ سنوات ، وهو من يتكفل بتنقلاتها بالعاصمة وخارجها
كما أنه معتاد تزويدها بالمخدرات التي تتعاطاها مقابل مبالغ مالية، مؤكدة أن الأقراص المهلوسة المضبوطة بحوزتها اشترها من عند ” ب.كمال” بوهران قبل أن تتوجه الى مسكنها العائلي بالبويرة.
وبالرجوع الى تفاصيل القضية فإن تورط المدعو “ق.ياسين” في أعقاب توقيف المتهمة ” منى ليمام” ذات 23 ربيعا بعد اكتشاف أمرها بمطار هواري بومدين الدولي، أين نزلت به للتوجه نحو مسكن جدها الكائن بالبويرة، بعد عودتها من ولاية وهران على متن طائرة الخطوط الجوية الجزائرية.
بحيث وبعد الاشتباه في أمرها تم اخصاعها للتفتيش الجسدي، أين تم العثور على ما يقدر ب 32 قرص مهلوس من نوع ” ترامادول ” أخفتها المتهمة في منطقة حساسة بجسدها بإحكام لتمويه رجال الشرطة ،كما أخفت قطعة أخرى من المخدرات من نوع القنب الهندي تم حجزها بالإضافة إلى مبلغ مالي يقدر ب 89مليون سنتيم.
ولدى إحالة المتهمة على التحقيق ، اعترفت بحيازة تلك الممنوعات منذ الوهلة الأولى، كما ورطت شابين آخرين معتادة التعامل معهما في بيع وشراء المخدرات والمؤثرات العقلية من بينهم المتهم الحالي ” ق. ياسين” .