بين تضخم الواردات وغياب الصادرات اقتصاد العراق على المحك
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
تؤدي الصادرات على وفق تجارب الدول والمفاهيم الاقتصادية، دورا أساسيا في تحديد صحة وقوة اقتصادات البلدان، وتكمن اهميتها لعدة أسباب، فهي تسهم في زيادة الإيرادات النقدية للدولة، بتحقيق فائض في ميزان المدفوعات، اذ يجري استيراد الأموال من الخارج نتيجة للصادرات، وهي تحفز النشاط الاقتصادي وتعزز النمو الاقتصادي عن طريق توفير فرص عمل وتحفيز الإنتاج، وتنويع المنتجات؛ وللصادرات تأثير في تحسين التوازن التجاري للدولة، اذ تزيد الإيرادات من الصادرات، عن النفقات على الواردات.
كما تتسبب الصادرات القوية في زيادة الثقة في الاقتصاد وتشجيع المستثمرين على ضخ مزيد من الاستثمارات في البلاد؛ وزيادة الإيرادات من الصادرات يمكن أن تترجم إلى تحسين مستوى المعيشة للسكان عن طريق توفير مزيد من الخدمات العامة والبنية التحتية، يؤدي كل ذلك الى تطوير اقتصاد الدول وتعزيز استقراره المالي.
ورأينا ان هناك دول تدفع باتجاه تخفيض عملتها مقابل الدولار ومنها اليابان والصين وتركيا مثلا، لتشجيع صادراتها، وبالنتيجة فتح وتشغيل المصانع وتشغيل الايدي العاطلة.
فاين نحن من تفعيل الصادرات وعدم الاقتصار على الريع النفطي القابل للزوال؟
لقد حل العراق في المرتبة الأولى عربيا والثانية عالميا في توقع نسبة نمو للناتج المحلي الإجمالي، بحسب تصنيفات صندوق النقد الدولي الصادرة في تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" في تشرين الأول 2022، الذي كشف أن معدل النمو الاقتصادي في العراق بلغ 9.3%، وأشار إلى أن هذا النمو جاء نتيجة ارتفاع الطلب العالمي على النفط الخام والغاز الطبيعي، كون العراق ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة "أوبك" بعد السعودية بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 4.6 ملايين برميل، يصدر منها قرابة 3.3 ملايين برميل في الظروف الاعتيادية، بحسب التقرير.
وبعد أن كشف صندوق النقد الدولي عن أن نسبة النمو لعام 2022 تعد الأعلى في تاريخ العراق، يتساءل العراقيون والمراقبون وذوو الاختصاص، عن مجالات النمو التي حققتها البلاد؟ وكيف انعكس ذلك على الشعب؟ وهل تمكن العراق من حل أزماته الاقتصادية المتراكمة؟
يجيب كثير من المتخصصين عن ذلك بالنفي لأن العراق يعتمد على الإنتاج الجاهز من النفط فحسب، ولم يفعل الإنتاج والصادرات الأخرى غير النفطية.
وكان وزير المالية العراقي السابق قد قدر في سنة سابقة إن العراق يستورد سلعاً بقيمة 60 مليار دولار سنويا، ويقول المتخصصون ان ذلك يلقي الضوء على الإشكالية الكبيرة في الميزان التجاري العراقي وتجمد اقتصاده كونه لا يستطيع ان يواجه تغيرات مفاجئة مثل انخفاض أسعار النفط لأي سبب لعدم امتلاكه بدائل لذلك.
ويقول باحث اقتصادي أن هناك حاجة لإعادة تأهيل القطاع الحكومي من أجل تحفيز النمو في القطاع الخاص، ما يسهم في خلق شراكات استراتيجية مع الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات غير مستغلة مثل النقل والسياحة والتحول نحو الزراعة الذكية، فضلا عن انشاء المدن الصناعية والتكنولوجية، على حد قوله، مشددا على ضرورة التحول نحو الاستثمار في جودة الحياة وتمكين العراق من بيئة اقتصادية رقمية، بحسب تعبيره.
ويقول أستاذ للاقتصاد في جامعة المعقل بالبصرة أن انتعاش أسعار النفط يزيد من إمكانيات الدولة وقدرتها على استثمار جزء من هذه العائدات في تطوير القطاعات غير النفطية، منوها الى ان واردات العراق من تصدير النفط تجاوزت 88 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، مع توقعات بارتفاع العائدات الى 120 مليار دولار نهاية العام (كانون الأول 2022)، مما يسمح للحكومة بسد النفقات العامة واستثمار الفائض.
وبرغم التفاؤل الذي يبديه البعض بشأن ذلك وبشأن النمو الاقتصادي الذي حققه العراق، فإن آخرين يرون أنه غير مستقر، بحسب خبير اقتصادي يقول إن "هناك ثلاثة أنواع للنمو الاقتصادي، أولها النمو التلقائي الذي يحصل ذاتيا كما في الدول الصناعية، والثاني النمو التخطيطي الذي تخطط له الدولة وتسعى إلى تحقيقه كما في الاقتصادات الاشتراكية"، أما النوع الثالث، فهو "النمو العابر الناتج عن التطور الكمي في الناتج المحلي الإجمالي، وهو الذي يرتبط بمتغير خارجي أو متعلق بالطبيعة أو المناخ، مثل أسعار النفط كما في الدول النفطية ومنها العراق".
ويوضح ان مؤشرات النمو الاقتصادي ترتبط عندئذ بأسعار النفط فعندما يرتفع سعر النفط يرتفع معه معدل النمو الاقتصادي، وبالعكس.
وبرأيه أن نمو الاقتصاد العراقي بأكثر من 9% الذي حدده صندوق النقد الدولي ليس حقيقيا، ولا يعبر عن نمط معين من التنمية الاقتصادية، ولا يعد انعكاسا لتطور القطاعات غير النفطية، إذ يعتمد على قيمة النفط ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وبالنتيجة، لا يعتد بهذا النوع من النمو، بحسب تعبيره.
ويقول خبير اقتصادي آخر "لم ينعكس النمو إيجابا على الواقع الاقتصادي، والدليل ارتفاع نسبة الفقر إلى ما يقارب 25%، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى مليونين و750 ألفا، بحسب الإحصاءات الرسمية"، على حد وصفه.
ويضيف "هذا يعني أن الوضع المالي لم ينعكس على الوضع الاقتصادي، وربما يعود السبب إلى القوانين القديمة الخاصة بالتنمية التي انتهت صلاحيتها ولم تعدل".
ومن المعلوم أن استراتيجية التنمية الصناعية وعلى مر الاوقات التي مر بها العراق، وبالتحديد منذ خمسينات القرن الماضي، كانت تشدد على جملة أمور لتطوير الاقتصاد العراقي منها تنفيذ برنامج شامل لكهربة البلاد، اذ أن الكهربة تعد عنصرا أساسيا من عناصر التقدم، وهنا يسجل المراقبون أن الطاقة الكهربائية قد تدهورت في عام 2005 الى أقل من طاقتها في عام 2003 .
الامر الآخر أقامه الصناعات الهندسية والتعدين والبتروكيماويات بصفتها تشكل مرحلة التطور النوعي في طريق أنشاء الصناعات الثقيلة، و المحور الثالث، الاتجاه نحو تطوير الصناعات الاستخراجية النفطية عن طريق الاستثمار الوطني المباشر، اما المحور الرابع فيتمثل بتوسيع وتطوير الصناعات الخفيفة والمتوسطة بما يسد الحاجة المحلية، ومن ثم التصدير، ثم برز محور خامس عن طريق الحرب العراقية الايرانية يمثل التوجه نحو أنشاء الصناعات الحربية لسد الحاجة المحلية من تلك الصناعات. ومشكلات الصناعة تمثلت بحسب المتخصصين بالاعتماد في الحصول على التقنيات على السوق الخارجي و الحاجة إلى المواد الأولية المستوردة مثل المعادن الفلزية، وضعف التنسيق بين العراق والدول العربية والمجاورة في مجال الصناعات التي هي بحاجة لأسواق واسعة، فضلا عن ضعف الترابط بين قطاع الصناعة وقطاعات الاقتصاد والخدمات وبخاصة الزراعي.
ومؤخرا يجري الحديث عن "طريق التنمية"، بقول خبراء الاقتصاد أن أكبر مكسب للاقتصاد العراقي من هذا المشروع هو تطوير قطاع النقل المتهالك، الذي يجلب معه نهضة في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة وغيرها من القطاعات التي عانت في الأربعين سنة الماضية، مشيرين الى انه ستُبنى مدن صناعية قريبة من هذا الطريق، ومدن سكنية جديدة تبعد عن مراكز المدن الكبرى من 10 إلى 20 كيلومترا في الأقل، تستوعب عددا كبيرا من السكان في ظل الكثافة السكانية التي أدت إلى أزمة سكنية في العراق؛ إلى جانب الانتعاش التجاري، إذ سيوفر هذا الطريق الوف فرص العمل، لاسيما بعد أن تتحول الفاو إلى مدينة صناعية كبيرة قد تُنقل إليها بعض المصانع الدولية، ومن ثم يجري تصدير منتجاتها الى الاسواق في الدول الاخرى، على حد قولهم.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي النمو الاقتصادی عن طریق
إقرأ أيضاً:
4.6 مليار دولارحجم صادرات الصناعات الغذائية خلال أول 9 أشهر من 2024
أظهرت بيانات حديثة صادرة من المجلس التصديري لـ الصناعات الغذائية عن حجم ما حققه قطاع الصناعات الغذائية خلال الفترة من يناير وحتى سبتمبر 2024، والتي بلغت ما قيمته 4.6 مليار دولار.
وحقق القطاع خلال تلك الفترة المذكورة نسبة نمو قدرها 18%، بـ قيمة ارتفاع 688 مليون دولار مقارنة بصادرات نفس الفترة من عام 2023، التي بلغت 3.9 مليار دولار.
وأشار محمود البزان، رئيس المجلس التصديري لـ الصناعات الغذائية إلى أن ما حققه قطاع الصناعات الغذائية هي أكبر نسبة نمو يحققها القطاع خلال تلك الفترة مقارنة بحجم ما حققه خلال فترات ماضية.
قائمة أكثر الدول استيرادا من قطاع الصناعات الغذائية الدول العربيةتربعت الصادرات إلى الدول العربية على قائمة أهم المجموعات الدولية المستوردة للأغذية المصنعة المصرية خلال الأشهر من يناير إلى سبتمبر من عام 2024، بقيمة 2405 مليون دولار، تمثل 52% من إجمالي الصادرات الغذائية، محققة نسبة نمو في القيمة 12%.
الاتحاد الأوروبييليها الاتحاد الأوروبي بقيمة 953 مليون دولار بنسبة نمو 42% وتمثل 21% من إجمالي الصادرات، الدول الأفريقية غير العربية بقيمة 371 مليون دولار وتمثل 8% من إجمالي الصادرات، وحققت نسبة نمو في قيمة الصادرات بلغت 14%، الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 249 مليون دولار وتمثل 5% من إجمالي الصادرات، محققة نسبة نمو بلغت 37%. باقي المجموعات الدولية بقيمة 641 مليون دولار، والتي تمثل 14% من إجمالي الصادرات الغذائية المصرية خلال نفس الفترة، محققة نسبة نمو 7%.
أهم السلع الغذائية المصدرة خلال الفترة من يناير وحتى سبتمبر 2025بالنسبة لأهم السلع الغذائية المصدرة خلال الأشهر من يناير إلى سبتمبر 2024، فقد تصدرت القائمة صادرات مركزات صناعة المشروبات الغازية بقيمة 421 مليون دولار وبنسبة نمو 7% مقارنة بصادرات نفس الفترة من عام 2023، يليها الدقيق والنشاء بقيمة 389 مليون دولار، محققة نسبة نمو 1%، الفراولة المجمدة بقيمة 337 مليون دولار ونسبة نمو 18%، السكر بقيمة 298 مليون دولار ونسبة تراجع 20%. عصائر بقيمة 229 مليون دولار ونسبة نمو 80%، زيوت طعام بقيمة 226 مليون دولار ونسبة نمو 153%، بسكويت ومحضرات من الحبوب بقيمة 184 مليون دولار ونسبة نمو 21%، خضار مجمد بقيمة 183 مليون دولار ونسبة نمو 21%، زيتون مائدة بقيمة 179 مليون دولار ونسبة نمو 87%، بطاطس مجمدة بقيمة 168 مليون دولار ونسبة نمو 860%.
اقرأ أيضاً«تصديري الصناعات الغذائية» يعلن نجاح بعثة العراق التجارية وتحقيق اتفاقيات مبدئية
بهدف تعزيز الصادرات المصرية.. مشاركة 150 شركة متخصصة في الصناعات الغذائية في «SIAL»
%31 ارتفاعا بصادرات مصر من الصناعات الغذائية خلال الربع الأول من 2024