شبكة اخبار العراق:
2024-07-08@15:48:27 GMT

إلى متى يبقى العراق أسيرا لعقدة الخاكي

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

إلى متى يبقى العراق أسيرا لعقدة الخاكي

آخر تحديث: 23 يناير 2024 - 9:48 صبقلم: باسل الخطيب هل كتب على العراق أن يبقى أسيراً لعقدة الخاكي؟ وإلى متى يبقى يخوض حروباً عبثية تفتك بأبنائه كما ثرواته؟ ومن المستفيد من تغول عقدة الخاكي المعفر بالدم والتراب، على مدى السنوات الـ65 الماضية؟ وإلى متى تبقى طموحات العراقي مقتصرة على جوانب خدمية باتت بديهيات تجاوزها الآخرون في عصر ثورة الذكاء الاصطناعي والروبوتات؟ ومن المسؤول عن استفحال القوى التي تحاول إعادة العراق إلى العصر الحجري؟لقد حبا الباري عز وجل في علاه، العراق بثروات طبيعية قل نظيرها في العالم، منها النفط والكبريت والفوسفات، فضلاً عن الأرض الخصبة والمياه، على سبيل المثال لا الحصر، ما يمكن أن تكون أساساً لقاعدة زراعية وصناعية واقتصادية مهمة، لكنه تفنن طوال السنوات الماضية في تبديد تلك الثروات بشتى الطرق والوسائل، كالحروب الداخلية والخارجية والفساد، ما أضاع عليه فرصا ثمينة لا تعوض للبناء والتنمية.

وبالرغم من بعض الومضات القليلة التي شهدت إرهاصات تنموية حقيقية، لعل أهمها ما قام به مجلس الإعمار الذي شكله الباشا نوري السعيد عام 1950، وما اقترحه وأنجزه من مشاريع تنموية وخدمية حيوية، ما تزال أهمية غالبيتها قائمة حتى الآن.. وما تحقق في عقد السبعينات من القرن الماضي، في أعقاب الطفرة العالمية بأسعار النفط.. إلا أن تأثير تلك الومضات تبدد أو كاد، ولم يتم البناء عليه لأسباب معروفة أهمها الحروب والحصار ومن ثم الاحتلال الأميركي وما تلاه من خراب وفساد. ولم يتمكن العراق من استلهام تجارب الشعوب التي عانت الأمرّين من تأثير الحروب والتخلف، كاليابان وأوروبا والنمور الآسيوية (مصطلح اقتصادي أطلق على اقتصادات كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة وهونغ كونغ)، على صعيد البناء والتنمية، وجنوب أفريقيا على صعيد لملمة جراح الماضي والانطلاق نحو المستقبل، مثلما لم يكلف الأميركيون وباقي أعضاء التحالف الدولي أنفسهم تقديم مساعدة حقيقية بناءة لإعادة بناء العراق، مفضلين على ذلك إظهار عضلاتهم وجبروت قواتهم المسلحة، وفرض منظومة سياسية حملت في داخلها عقد الماضي وأحقاده بنحو مرضيّ مضخم، كان من نتائجها تفاقم النعرات الطائفية والمناطقية، وتغول مشاعر الفرقة والنفور والحقد والكراهية بين العراقيين، وبالتالي مظاهر الجريمة والفساد والسلاح المنفلت، وبروز طبقة رثة من السياسيين وأمراء الحرب في المجتمع.وهكذا وبعد أكثر من عقدين على احتلال العراق، ما يزال البلد أسيراً لعقدة الخاكي، وما تزال ثرواته أسيرة التخبط والعشوائية والنهب المنظم، من دون تنفيذ مشاريع حقيقية أو خطط تنموية جدية، ليصنف ضمن الدول الأكثر فسادا وفشلاً في العالم، إذ احتل المرتبة 157 من أصل 180 دولة عالمياً عام 2022، ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية، مثلما تذيل أو بات خارج باقي المؤشرات العالمية، التي تعدّ أساساً لمعرفة واقع كل بلد ومدى إسهامه في النشاط العالمي وقدرته على المنافسة والابتكار وإمكانية جذب الاستثمارات الخارجية. وحسب تصريحات العضو السابق بلجنة الخدمات في البرلمان العراقي، جاسم البخاتي، فإنّ عدد المشاريع الوهمية في العراق منذ سنة 2003 وحتى 2019، زاد عن ستة آلاف مشروع، وأن المبالغ التي تكبّدها العراق بسبب ذلك تبلغ قرابة 200 تريليون دينار عراقي، أي نحو 178 مليار دولار.. فيما قدّر الخبير في شؤون الفساد، محمد رحيم، نسبة الأموال المهدورة على المشاريع الوهمية بين 25 في المئة و45 في المئة من الموازنة العامة للدولة.إن العراق وبعد أكثر من عقدين على إسقاط نظام الرئيس صدام حسين، ما يزال لا يعرف ما يريد، ولا إلى أين يتجه، ففي حين يعلن عن تبنيه النظام الفيدرالي، نجد غالبية القوى السياسية لا تكاد تطيق ذلك، والحكومة الاتحادية تحاول تطبيق النهج المركزي، وافتعال المشاكل والأزمات مع إقليم كردستان.. وفي حين يعلن عن تبنيه اقتصاد السوق، نجده يطبّق عكس ذلك عملياً، وفي حين يوقع اتفاقيات متعددة مع الولايات المتحدة ويطمع بمساعدتها وصداقتها، سواء بالسر أم العلن، نجد فيه من يجاهر بالعداء لها بل والسعي لطرد سفارتها، متناسياً أنها هي وليس غيرها، من مكنته من العودة إلى العراق وتسلم السلطة!لقد بات العراق على مفترق طرق مصيري يتطلب منه إعادة النظر جدياً وجوهرياً بنظامه السياسي، مثلما هو في حاجة ملحة إلى وضع حد لتغول عقدة الخاكي وعسكرة المجتمع، وإعادة هيكلة قطاعه الصناعي الرث والمتهالك، وقطاعه الزراعي البدائي، وبالتالي اقتصاده الريعي المعتمد كلياً على النفط، وكيفية مواجهة المشاكل والتحديات المصيرية التي يواجهها، منها التدخل السافر لدول الجوار في شؤونه وانتهاكها لسيادته، وشح المياه والبطالة المتفاقمة، على سبيل المثال لا الحصر، وتمكين القطاع الخاص من أخذ دوره الحقيقي في المجتمع والاقتصاد بنحو حقيقي، علماً أن ذلك كله لن يتم في ظل بقاء الواقع الحالي على ما هو عليه، بكل ما ينطوي عليه من تحجر وتخلف وفساد وتغول أمراء الحرب وعقده الخاكي، والأخطر تفضيل مصالح الآخرين على المصلحة الوطنية.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

ثقافة الطعام جوهر الهُوية

يشير الطعام إلى تلك العادات الغذائية الصحية التي تحافظ على حياة الناس وصحتهم، وبالتالي فإنها تعكس الثقافة المجتمعية وما يرتبط بها من عادات وممارسات تميِّز مجتمعا ما عن غيره، أو فئة اجتماعية عن غيرها، فهذه الثقافة مكوِّن أصيل لا تقل أهميته عن القيم الإنسانية الأخرى التي تشكِّل الهُوية، لذا فإن الطعام ليس ذا قيمة غذائية وحسب، بل أيضا له قيمة ثقافية متأصِّلة في المجتمع ومترسِّخة في فكره وممارساته اليومية.

إن ثقافة الطعام تتضمن تلك العادات المرتبطة بالإعداد، والتقديم، وطريقة الأكل، والتخزين، وأيضا كيفية استهلاكه، وما يرتبط به من احتفالات وغير ذلك، وهي بذلك ترتبط بعوامل عدة كالموارد المتعلقة بالإنتاج سواء أكانت المناخ أو التربة أو المياه، وحتى الوقود والتقنيات، إضافة إلى أنها تكشف طبيعة الحياة التي يعيشها أفراد المجتمع ومدى التطوُّر التقني ومستوى الرفاه، وكذلك مدى انفتاحهم على الثقافات الأخرى، ولهذا سنجد أن هذه الثقافة من القيم الأصيلة التي تحرص المجتمعات على الحفاظ عليها وترسيخها ونقلها إلى الأجيال بل واتخاذها قيمة مضافة لهُوية الدولة، وهذا ما نراه جليا في مفاهيم (سياحة الطعام).

لقد حرصت الأمم على هذه الثقافة وجعلتها رمزا من رموز المحبة والعطاء والإيثار؛ ذلك لأن تقديم الطعام وتبادله وتهاديه وحتى تقديمه في الولائم والمناسبات الاجتماعية والدينية وغيرها، يُعد رمزا لتلك القيم الإنسانية التي تربَّت عليها المجتمعات، كلٌ حسب عاداته وتقاليده وطرائقه وقدرته، ولهذا فإن الطعام يُعد تعبيرا عن تلك المحبة بين أفراد المجتمع أو بين المجتمعات بعضها بعضا.

إن الطعام بالنسبة للمجتمعات صمام الأمان الذي يحميها اجتماعيا وصحيا واقتصاديا، ويحافظ على رفاهها، ولأنه كذلك فقد عملت الدول على الحفاظ على موارده المستدامة التي تحقق (الأمن الغذائي)، وتجعله متاحا للجميع بما يدعم مبادئ المساواة والعدالة، فالطعام هنا أساس للحفاظ على روابط مجتمعية قادرة على النمو الصحي والمجتمعي، وبالتالي ضمان مشاركة فاعلة في التنمية المجتمعية.

ولذلك فإن هذه الثقافة في ارتباطها بالمجتمع ونموه المعرفي والصحي والاقتصادي، لا تقوم على الحفاظ على سياقاتها العامة باعتبارها ثقافة مجتمعية وقيمة إنسانية، بل أيضا تتجلى في أنماط الاستهلاك التي تتَّبعها المجتمعات؛ فتلك الأنماط تكشف مدى وعي الأفراد بأهمية الطعام وقدرتهم على الحفاظ عليه بما يضمن لهم وللأجيال أمنا غذائيا مستداما، وهنا تكون ثقافة استهلاك الطعام من القيم الإنسانية المهمة في المجتمعات الحديثة.

يكشف تقرير مؤشر هدر الأغذية 2024، (فكِّر في توفير الطعام. متابعة التقدم المحرز للحد من هدر الغذاء إلى النصف)، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، أن هذا الهدر يُعد فشلا في المجتمعات على مستوى العالم، إذ يتم «التخلُّص من أكثر من تريليون دولار أمريكي من الطعام كل عام»، وهو كذلك فشل بيئي حيث «توِّلد نفايات الطعام ما يُقدَّر بنحو 8-10%من انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم»، الأمر الذي يدُّل على وجود إشكال على المستوى المجتمعي والبيئي وكذلك الاقتصادي، إضافة إلى التحديات التي تواجه المجتمعات في مجالات الزراعة والتصنيع وغيرها.

إن أنماط التخلُّص من الطعام تكشف ثقافة الاستهلاك التي جرَّت المجتمعات الحديثة إلى النظر إلى الطعام باعتباره مادة مستهلكة، الأمر الذي أصبح شراؤه والتخلُّص منه أمرا يسيرا، ولهذا فإن هذه المجتمعات بقدر اهتمامها بالطعام بوصفه قيمة، فإنها تستهلكه وتتخلَّص منه دونما النظر إلى تلك التحديات والإشكالات البيئية والاقتصادية التي يمكن أن تواجهها مستقبلا، والأمر هنا لا يعني أن الأفراد وحدهم من يتسبَّبون في هدر الأغذية بل أيضا سياسات التصنيع وسلاسل التوريد، وأنظمة البيع وغير ذلك كله يزيد من ذلك الهدر إلاَّ إذا ما تم العمل على تحسينها وتطويرها بما يضمن الحفاظ على الأغذية وأمنها.

ولأن ثقافة الطعام قيمة حضارية ومعرفية وأصل من أصول الهُوية الإنسانية، فإن طرائق الاستهلاك أيضا تنضوى تحت تلك الثقافة، بل إنها تقدِّم صورة ذهنية عن المجتمع و وعيه وفهمه لأهمية الطعام في ظل التداعيات الاقتصادية والتحديات التي تواجهها سلاسل التوريد في العالم، خاصة مع تلك الإشكالات السياسية والحروب، إضافة إلى تنافس القوى الاقتصادية العالمية، وهذا الفهم والوعي ينعكس على أنماط حمايتنا لثقافتنا الوطنية المرتبطة بالطعام والحفاظ عليه باعتباره قيمة؛ فالرفاه لا يعني الاستهلاك بقدر ما يعني جوهر تلك القيمة ومحورها.

ولعل ما أشار إليه تقرير مؤشر هدر الأغذية 2024، من أن هناك مجتمعات تهدر الأغذية بكميات عالية، في حين توجد في المقابل مجتمعات تعاني من نقص الأغذية بل هناك من يموت جوعا في دول قريبة، حيث «يتأثَّر ما يقارب 783 مليون شخص بالجوع كل عام، ويعاني 150 مليون طفل دون سن الخامسة من توقف النمو بسبب النقص الحاد في العناصر الغذائية الأساسية في وجباتهم الغذائية» – حسب التقرير –، ولهذا فإن الأمر هنا لا يتعلَّق بثقافتنا وحسب بقدر ما يكشف عن قيمنا الإنسانية ومشاركتنا للآخر.

لهذا فإن الحد من هدر الطعام يُعد تضامنا مع تلك المجتمعات التي تعاني من تحديات حقيقية مهما كانت الأسباب سواء أكانت بسبب الحروب أو الظروف الاقتصادية أو غير ذلك، الأمر الذي سيوفِّر فرصا للحفاظ على استدامة الأغذية وأمنها في المجتمع، وبالتالي الحد أيضا من إشكالات التضخم الذي تعاني منه الكثير من الدول؛ فهدر الطعام وتحويله من وجبات ذات قيمة ثقافية إلى نفايات تشكل عبئا على المجتمع لا يعني سوى عدم شعورنا بالمسؤولية.

وانطلاقا من هذه الأهمية اعتنت عُمان بالأغذية وتوسَّعت في دعم النُظم الغذائية المستدامة، وأوجدت البرامج والخطط لتوفير الغذاء في الأسواق بأسعار مناسبة لتكون في متناول أفراد المجتمع، كما عملت في مقابل ذلك على توعية المجتمع بأهمية الأغذية والحد من هدرها، وضرورة الحفاظ عليها باعتبارها موردا تنمويا مهما؛ فتوفُّر الأغذية والحفاظ عليها مرتبط باقتصاد الدولة والنمو السكاني وتغير المناخ وغير ذلك، وبالتالي فإن إدارة مواردها وحمايتها والعمل على تنميتها مطلب وطني مشترك.

إن فهمنا لثقافة الطعام والاهتمام بأنماطه وسبل الحفاظ عليه، بل وحتى طرائق إنتاجه، يمكِّننا من تطويره باستخدام التقنيات الحديثة الصديقة للبيئة، والاقتصادات الحيوية، وتثمين الموارد الطبيعية وإلائها أهمية في التنوُّع الاقتصادي، وبالتالي العمل على تحسين الإنتاجات المرتبطة بالأغذية وتكثيرها، بما يضمن مستويات عالية من الأمن الغذائي، ولعل ما تقوم به الدولة في هذا المجال يعكس الوعي المتزايد بأهمية هذه الثقافة وتقديم أفضل الخدمات المرتبطة بها.

ولأن الدولة تقوم بجهود كبيرة في مجالات الأمن الغذائي وما يرتبط به من ناحية، والحفاظ على خصوصية الأغذية العمانية وثقافتها باعتبارها أحد أصول الهُوية العمانية من ناحية أخرى، فإن علينا جميعا واجبا في ترشيد الاستهلاك والنظر إلى الطعام بوصفه قيمة أكثر منه استهلاكا، فهو جوهر وليس مادة، ولذلك وجب الحد من هدره لأنه نعمة من نِعم الله علينا، والنعمة واجبة الشكر والمحافظة عليها لأنها أمانة، فلنحافظ على الأمانات.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة في مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • الدمار قادم.. مسؤول حكومي: دخلنا معركة كسر العظم وقد لا يبقى شمال أو جنوب ولا إصلاح ومؤتمر
  • عاجل| التعليم تكشف ادعاء معلم بعرض فلاش ميموري عليه بأسئلة الامتحان خلال مارس الماضي
  • محافظ الفيوم: نجدد العهد أمام الجميع وسنبذل قصارى جهدنا
  • هل بقي الريف.. كما يزعمون؟
  • أستاذ بالأزهر: تماسك المجتمع في دولة المدينة سر عبور الأزمات
  • "مبالغ طائلة".. إيران تحصي قيمة صادراتها الى العراق خلال 2024
  • صادرات العراق النفطية لأمريكا تتراجع خلال الأسبوع الماضي
  • فاطمة عيد:"لو الزوجة غلطت في زوجها يبقى الدنيا خربت"
  • ثقافة الطعام جوهر الهُوية
  • الحصادي : المعلم المخلص المدرك لدوره المؤمن برسالته يبقى صمام الأمان في وجه الغش وأنصاره