في حال نجحت اللجنة الخماسية...هل يلاقيها اللبنانيون إلى منتصف الطريق؟
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
يتناهى إلى مسامع بعض السياسيين في لبنان أن اللجنة الخماسية، التي قد تجتمع مطلع الشهر المقبل في العاصمة الفرنسية أو في الدوحة أو الرياض، سيكون لها موقف حاسم من الاستحقاق الرئاسي لجهة تفضيل الخيار الأنسب في الظروف الراهنة، على أن يكون هذا الخيار مقرونًا بسّلة إصلاحية متكاملة تشمل عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، بما فيها من تفاصيل تتعلق أولًا بهوية رئيس الحكومة، المفترض أن يكون على انسجام تام مع رئيس الجمهورية العتيد خلافًا لما شهده عهد الرئيس السابق ميشال عون من مناكدات بين رئيس الجمهورية ورؤساء الحكومات، الذين تعاقبوا طيلة فترة ولايته، التي طُبعت بأزمات حادّة نتيجة عدم الانسجام في الرؤية والاستراتيجية وحتى في التفاصيل بين سلطتين من المفترض أن يقوم بينهما تعاون إيجابي ومنفتح.
ومن بين أولويات عمل اللجنة الخماسية، في حال عقدت اجتماعها المبدئي بعد تذليل العقبات وتسوية ما بين أعضائها من خلافات، فصل الاستحقاق الرئاسي عن أزمات المنطقة، إضافة إلى حسم خيارها الرئاسي، وقد باتت معالم هوية من ترى فيه الأهلية لتولي هذا المنصب في هذا الظرف الأمني المصيري والخطير واضحة بالنسبة إلى جميع أعضائها تقريبًا، وكذلك هوية رئيس الحكومة الجديدة، التي ستتولى بالتنسيق مع رئيس الجمهورية الجديد ومجلس النواب خوض معركة الإصلاحات، وذلك بعد أن يكون الوضع الأمني في الجنوب المتأثر بالحرب على غزة، مساندة بالحديد والنار، قد وُضع حدّ له.
وقد يكون تكليف المبعوث الأميركي الى لبنان آموس هوكشتاين مهمة جديدة إلى مهمة البحث في ملف تهدئة الوضع في الجنوب وتخفيض التصعيد، وفتح مسار التفاوض حول تثبيت ترسيم الحدود، وهي مهمة المساعدة في إعادة تشكيل السلطة، أي انتخاب رئيس جديد للجمهورية بمواصفات غير استفزازية لأي مكوّن من المكونات اللبنانية، وتشكيل حكومة برئاسة شخصية على تماس مع الرئيس العتيد، الذي سينتخب آجلًا أم عاجلًا، وبتوافق دولي وعربي وإقليمي وداخلي بحدوده الدنيا، تكون من بين أهدافها الاشراف على عملية التفاوض في الخطوط العريضة لتثبيت الترسيم البرّي، الذي هو مكمّل للترسيم البحري.
وفي المعلومات المتداولة والمنقولة عن بعض الديبلوماسيين، الذين هم على تماس مع اللجنة الخماسية، أن الخلاف في وجهات النظر بين الفرنسيين والأميركيين بالنسبة إلى أولويات عمل اللجنة، آيل مصيرها إلى تضييق شقة الخلاف، بحيث ترسو "القناعة المشتركة" على برّ الفصل بين الاستحقاق الرئاسي والوضعين في غزة والجنوب، باعتبار أن أولوية انتخاب رئيس جديد للبنان هو المفتاح لأي حلّ ممكن، إذ لا يُعقل أن يذهب لبنان إلى أي مفاوضات في غياب رئيس للجمهورية، الذي هو رمز وحدة الوطن كما ينصّ عليه الدستور.
صحيح أن "حزب الله" ربط موقفه من الاستحقاق الرئاسي في لبنان بمدى نجاح الولايات المتحدة بالضغط على تل أبيب لوقف حرب الإبادة ضد غزة وأهاليها، ولكن ثمة قناعة لبنانية بدأت تتكوّن لدى أغلبية اللبنانيين، ومن بينهم من هم في الدائرة السياسية لـ "حارة حريك"، ومفادها أن المصلحة الوطنية تقضي بالفصل بين الاستحقاق الرئاسي وبين الوضع المتفجّر في غزة، الذي قد يطول كثيرًا. وهذا ما يتوقعه كثيرون، ومن بينهم وليد جنبلاط.
من جهة اخرى، ووفق نظرية "ربط الساحات"، فإنّه وبحسب ترتيب الأولويات قد تؤخّر الحرب الدائرة في غزة اجتماع اللجنة الخماسية، بعد حسم ما يتردّد عن موقف جديد لمصر بما لها من أهمية ودور معترف به. وقد يكون المخرج الذي تعمل عليه فرنسا بأن يُعقد الاجتماع الخماسي المتوقع قريبًا في القاهرة، مع تشديد باريس على التفريق بين الملفات اللبنانية، أي بين الملف 1701 والملف الرئاسي، كدليل حسّي إلى الاهتمام الفرنسي ليس فقط بالملف الرئاسي، بل في كافة الملفات الأساسية في لبنان، مع حرصها على عدم ربط الملفين ببعضهما لإنتاج الحلول، إلّا انّه لا يمكن لأحد إنكار انّ تطبيق القرار 1701 من شأنه ان يؤمّن جواً يساعد في تسهيل الملف الرئاسي. في المقابل يلفت المصدر نفسه انّ العكس ايضاً هو الأصح، بمعنى انّ الحرب الدائرة في المنطقة تستوجب انتخاب رئيس جديد للبنان لما يمكن أن يشكّل هذا الانتخاب من تسهيل تنفيذ القرار 1701 من قِبل الجانبين اللبناني والاسرائيلي.
ولكن الأهم من كل ذلك لا بدّ من التساؤل عن مدى قدرة اللبنانيين المختلفين على "جنس الملائكة" أن يلاقوا اللجنة الخماسية في مسعاها الرئاسي إلى منتصف الطريق. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الاستحقاق الرئاسی اللجنة الخماسیة من بین
إقرأ أيضاً:
استعادة الدولة لثروات النفط والغاز.. هل نجحت الوساطة السعودية بين دمشق وقسد؟
منذ إعلان حكومة دمشق عن بدء استجرار النفط والغاز من مناطق شمال شرقي سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أمريكياً، والأنباء تتوارد عن وساطة سعودية أفضت إلى هذا التفاهم المبدئي.
وكانت "قسد" قد أوقفت تزويد الداخل السوري بالنفط الخام منذ إسقاط النظام السوري، حيث كان النفط يصل مناطق سيطرة النظام بالصهاريج، عبر شركة "القاطرجي" الوسيطة.
وبعد تسلم الإدارة الجديدة برئاسة الرئيس السوري أحمد الشرع الحكم، دخلت في مفاوضات مع "قسد"، لكن يبدو أن حجم التباين قد حال حتى الآن دون التوصل إلى أي اتفاق.
واستمر الحال على ذلك، حتى الإعلان مؤخراً عن تفاهم مبدئي على تزويد الداخل السوري بالنفط وهي
الخطوة غير المسبوقة منذ سقوط النظام، الأمر الذي بدا كنتيجة لتقدم المفاوضات.
بموازاة ذلك، تحدثت مصادر محلية عن وساطة سعودية، بهدف كسر الجمود بين الطرفين عبر بوابة التعاون الاقتصادي، وذلك بضوء أخضر أمريكي، ضمن مساع لتهيئة مناخ أكثر استقرارا في سوريا.
وقال موقع "فوكس بريس": "نجحت الوساطة السعودية في تجديد عقد توريد الغاز من مناطق شمال وشرق سوريا إلى محطات توليد الكهرباء في حمص ودمشق، وهو الاتفاق الذي ساهم بشكل ملموس في زيادة ساعات التغذية الكهربائية بمعدل 4 ساعات يوميا".
لكن مصادر رسمية من دمشق أو من "قسد" لم تعلق على هذه الأنباء، وسط غموض يكتنف مصير المفاوضات بين الجانبين.
وساطة سعودية
من جهتها أشارت مصادر لـ"عربي21"، إلى دور سعودي "مباشر" في الاتفاق، مشيرة إلى "العلاقة القديمة" التي تجمع الرياض بـ"قسد"، حيث أجرت شخصيات سعودية رسمية زيارات سابقة إلى مناطق شمال شرقي سوريا، أكثر من مرة، برفقة وفود أمريكية.
ولا يستبعد المحلل الاقتصادي، رضوان الدبس، أن تكون السعودية التي تتمتع حالياً بعلاقة وطيدة مع الإدارة السورية الجديدة، قد توسطت للتوصل إلى تفاهم مع "قسد".
وأضاف لـ"عربي21" أن نجاح الوساطة السعودية هو نجاح للجهود العربية الداعمة للدولة السورية الجديدة، معتبراً أن "سوريا كانت ساحة صراع إقليمي أطرافه غير عربية (تركيا، إيران، روسيا)، وبعد سقوط النظام بدأنا نشهد دوراً عربياً تقوده الرياض".
واعتبر الدبس، أن التفاهم على استجرار النفط يعطي دفعة للمفاوضات بين "قسد" والدولة السورية، وقال: "الاتفاق أعطى بوادر أمل بالتوصل إلى اتفاق يحقن دماء السوريين".
وبحسب المحلل الاقتصادي، يُنتظر من الجانب السعودي أن تساهم في تطوير قطاع النفط السوري، وقال: "لن تدعم الرياض قطاع النفط، إلا في حال التوصل لاتفاق شامل بين "قسد" والدولة السورية".
وكان مدير العلاقات العامة في وزارة النفط السورية، أحمد سليمان، قد أعلن أنه تمت قبل أيام إعادة ضبط" العقود بين الجانبين بما يتناسب مع مصلحة الشعب السوري".
واعتبر أن العقود المبرمة في ظل حكم الأسد كانت "مجحفة جدا" و"توجد بها بنود غير قانونية"، من دون تقديم تفاصيل، موضحاً أن الاتفاق يشمل تسليم 150 ألف برميل نفط ومليون متر مكعب من الغاز يومياً، وقال: إن "العقود الجديدة صالحة لمدة 3 أشهر مبدئيا".
دمشق في حاجة لشراء النفط
في المقابل أكد الكاتب السياسي الكردي علي تمي لـ"عربي21" أن استجرار النفط من مناطق "قسد" جاء بعد طلب الدولة السورية شراء النفط.
وقال إن "خطوط الاتصال بين دمشق وقسد مفتوحة، والحكومة بحاجة النفط، واضطرت إلى شراء بعض الكميات من "قسد"، وذلك بعد تنصل الدول من وعود تزويد الدولة السورية بالنفط".
واعتبر تمي، أن الولايات المتحدة عرقلت توجه الدول لتزويد سوريا بالنفط، تحت مبرر "العقوبات"، بهدف إضعاف دمشق، ودفعها إلى تقديم تنازلات لـ"قسد".
سبب وراء قرار ترامب
بدورها، نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرًا قالت فيه إن السيطرة على الموارد الطبيعية، التي يتركز جزء كبير منها في المناطق الشمالية الشرقية من سوريا، أحد أدوات النفوذ السياسي لكل من القادة الأكراد وحلفائهم الخارجيين، على رأسهم الولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة أن ملف النفط هو السبب الرئيسي وراء قرار دونالد ترامب الإبقاء على وجود عسكري أمريكي محدود في سوريا خلال ولايته الرئاسية الأولى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم إصرار دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى على مسألة سحب القوات الأمريكية من سوريا، إلا أنه عدل عن رأيه في أواخر سنة 2019 مقررا الإبقاء على مئات من الجنود هناك، مبررًا ذلك بأهمية السيطرة على النفط.
وعليه، فإن توصل قوات سوريا الديمقراطية والحكومة الانتقالية في دمشق إلى اتفاق من شأنه إعادة منطقة شرق الفرات تحت سيطرة السلطات الجديدة بشكل كامل، ويجعل وجود القوات الأمريكية دون جدوى.
ووفقًا لمصادر شبكة "إن بي سي" بدأ البنتاغون في دراسة خيارات تقليص وجوده في سوريا. وقد قامت القيادة الأمريكية بمحاكاة هذه السيناريوهات بشكل منتظم، حتى خلال عهد الرئيس جو بايدن.
وبعد كشف أحد قادة قوات سوريا الديمقراطية، أبو عمر الإدلبي، عن استعداد الوحدات الكردية للاندماج في القوات المسلحة الموحدة التي تعمل الإدارة الانتقالية في دمشق على تشكيلها حاليًا، باتت بوادر تحقيق تقدم في الحوار بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق في الفترة الأخيرة جلية للعيان. وأشار الإدلبي بشكل خاص إلى إمكانية خروج المقاتلين الأجانب من صفوف قوات سوريا الديمقراطية، في إشارة إلى عناصر حزب العمال الكردستاني.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط أنطون مارداسوف أن تصريح أبو عمر الإدلبي بشأن الاندماج لا يعني قطعًا انتهاء عملية التفاوض بين السلطات الفعلية في شرق الفرات ودمشق، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتعدى حدود كونه إشارة إلى الإمكانية، خاصة على ضوء المحادثات الأخيرة بين مختلف الفصائل الكردية ذات النفوذ.
الاتفاق الكلي بعيد
وبحسب مارداسوف خلال المفاوضات تم التطرق إلى مسألة الاندماج في الجيش الوطني السوري الجديد، لافتًا الى ظهور خلافات واضحة داخل المجموعات، مما يعني أن التوصل إلى اتفاق نهائي سيستغرق وقتًا طويلًا. وأكد مارداسوف أن وحدة قوات سوريا الديمقراطية كقوة عسكرية وسياسية ترتبط بالظروف.
وذكر مارداسوف أنه في ظل الظروف الراهنة، تمتنع الحكومة السورية المؤقتة عن اتخاذ قرارات تصعيدية بشأن المناطق الشمالية الشرقية. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب من بينها رغبة دمشق في الحفاظ على صورتها كقوة بناءة في نظر اللاعبين الدوليين والنأي بنفسها عن سمعة "القوة الوكيلة" لتركيا، التي تسعى إلى القضاء على قوات سوريا الديمقراطية.
وفي ختام التقرير نوه مارداسوف بأن دمشق تحتاج إلى تأمين إمدادات ثابتة من النفط والغاز من منطقة شرق الفرات.
يُذكر أن المفاوضات بين دمشق و"قسد"، لا زالت تراوح مكانها، بسبب رفض الحكومة السورية انضمام "قسد" ككتلة واحدة في الجيش السوري الجديد، إلى جانب مواضيع خلافية أخرى.
وتسيطر "قسد" على محافظتي الرقة والحسكة وأرياف دير الزور، وهي المناطق الغنية بالثروات الباطنية.