سواليف:
2024-12-22@21:39:28 GMT

عُدةُ ُ النصر “الإيمان والتقوى” / د. نبيل الكوفي

تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT

عُدةُ ُ النصر / الأيمان والتقوى
د. نبيل الكوفحي
أتينا على بعض أسباب النصر في مقالات سابقة، وقد اوردنا أدلة من كتاب الله الكريم ومن أحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وشواهد من السيرة النبوية العطرة والصحابة والتابعين، وربطنا ذلك في صمود أهل غزة وجهاد مقاوميها، وختمنا المقالات بنصائح لاولى الامر وعامة الناس من باب ( وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين) .

وقد عمدت الى تأخير اهم سبب الا وهو ” الايمان والتقوى” اجتهادا مني لتوفير الارضية المناسبة لشمولية الفهم للموضوع واثارة الاهتمام بالسبب الأهم.

يقول تعالى في سياق الحديث عن الجهاد ( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) اذ جعل الله حقيقة الايمان سبب الثبات والعلو وهما من لوازم النصر ، وقد جسد الله الحقيقة الحتمية في تاريخ الصراع بين الحق والباطل بقوله تعالى ( وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)، واضح انه ذكر المومنين في نفيه القاطع ولم يذكر المسلمين والفرق بينهما واضح للكثيرين.
يقول تعالى ( إنا لننصر رسلنا والذين ءامنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)، حيث جعل نصرة المؤمنين مقرونة بنصرة الرسل عليهم السلام في الدنيا قبل الآخرة. وجعله وعدا بيّنا لا شك فيه في اية أخرى ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين). الله سبحانه وتعالى يوجه جنده لنصرة المؤمنين، ففي معركة بدر الكبرى كان التدخل الرباني كما في قوله ( اذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ).

الايمان ليس ادعاء فحسب بل هو اعتقاد وسلوك، وقد جاءت الايات دالة على هذا الاقتران كما في قوله ( إنما المؤمنون الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) كما اشارت اية اخرى الى انعكاس الايمان على الرقابة الذاتية وهي التقوى كما في قوله سبحانه ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون). والايمان يتجاوز الفرد الى المجتمع وعلاقات الناس ببعضهم كما دلت الاية الكريمة ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) وكما في قوله ايضا ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)

جعل الله التقوى معيارا للتفاضل بين البشر ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم) وجعل الوصية بالتقوى لازمة في كثيرا من الايات، وربط مالات العبادات بتحقيق التقوى كما في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

مقالات ذات صلة يا أهل غزة يا إخوتنا يا كرام 2024/01/23

كم نحن بحاجة لتحقيق معاني الايمان في حياتنا الشخصية والجمعية، في رقابتنا لله ( اعبد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فانه يراك) في علاقتنا بارحامنا وجيراننا وزملائنا، في وظائفنا وتجارتنا، في فرحنا و لهونا وحزننا، في اجتناب الكبائر والمحرمات، في ضبط اللسان والكتابة. كم كان جميلا ان نرى ابطال المجاهدين يحسنون معاملة الاسير من عدوهم الذي يقتلهم صباح مساء انطلاقا من الايمان. كلما تعاظمت قيم الايمان عندنا اصبحنا اكثر استحقاقًا لنصر الله، وكنا محل رعايته سبحانه ( إنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا).

اظن ان الله وفقني بهذه السلسة الثالثة التي ترتبط باحداث غزة، وانصح الاخوة والاخوات جميعا بتدبر الايات في كتاب الله المرتبطة بالجهاد وسنن الله الغالبة، وبالبحث عن مثل هذه الكتابات.
وأساله عز وجل ان يعطيني العزيمة والفهم للبدء بسلسة رابعة ان شاء الله تحت عنوان ( قراءات في الانتصارات).

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

حكم صبر الإنسان عند الإبتلاء بالفقر أو الغنى

الغنى والفقر.. أوضحت دار الإفتاء المصرية أن المكلف إذا التمس أسباب الرزق، فإمَّا أن يحصل له الغنى أو يُقدَّر له الفقر، فإن أصابه الغنى استوجب ذلك الشكر؛ قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7].

حكم الغنى والفقر

يقول الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (19/ 67، ط. دار إحياء التراث العربي): [الاستقراء دلَّ على أنَّ من كان اشتغاله بشكر نعم الله أكثر، كان وصول نعم الله إليه أكثر، وبالجملة فالشكر إنَّما حَسُن موقعه؛ لأنَّه اشتغال بمعرفة المعبود، وكل مقام حرَّك العبد من عالم الغرور إلى عالم القدس؛ فهو المقام الشريف العالي الذي يوجب السعادة في الدين والدنيا] اهـ.

وقال تعالى مثنيًا على نبيه إبراهيم عليه السلام: ﴿شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [النحل: 121].

ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ»، فقال: «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» أخرجه أبو داود في "سننه".

الغنى والفقر
وقالت الإفتاء إنْ طلب المكلَّف أسباب الرزق والغنى فقدَّر الله له الفقر؛ صار الصبر له مطلوبًا، والرضا بقضاء الله فيه عين العبادة، فقد قال تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 155].

قال الإمام الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 185، ط. دار ابن كثير): [عن ابن عباس في قوله: ﴿ولنبلونكم﴾ الآية، قال: أخبر الله المؤمنين أنَّ الدنيا دار بلاء وأنه مبتليهم فيها، وأمرهم بالصبر وبشرَّهم، فقال: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، وأخبر أنَّ المؤمن إذا سلم لأمر الله ورجع واسترجع عند المصيبة؛ كتب الله له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى] اهـ.

وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» أخرجه مسلم.

فالفقر والغنى ابتلاءان، أحدهما: ابتلاء بقلة النعمة، والآخر: ابتلاء بكثرتها؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35]. والفقر يستوجب الصبر، والغنى يستوجب الشكر.

يقول الإمام الطبري في "جامع البيان في تأويل القرآن" (18/ 439، ط. مؤسسة الرسالة): [ونختبركم أيها الناس بالشر وهو الشدة نبتليكم بها، وبالخير وهو الرخاء والسعة والعافية؛ فنفتنكم به] اهـ.

كما أن الله تعالى قد أوضح هذه الحقيقة جلية في قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ۝ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ۝ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ۝ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ۝ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا ۝ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر: 15-20].
 

مقالات مشابهة

  • ماذا يفعل القرين عندما تحزن؟.. 7 حقائق ينبغي معرفتها تقيك شروره
  • مختار جمعة: مراتب النوم في لغة القرآن دليل على بلاغته الفريدة
  • ثبات “الموقف اليمني” يفشل مخططات “عزل غزة”
  • مراتب الحزن في القرآن الكريم
  • المهندس “يوسف ندا ” في ذمة الله
  • من هم الرجال الستة الذين يظهرون قبل نهاية العالم؟
  • “تعليق طريف”.. خوسيلو يتحدث عن رائحة قميص رونالدو
  • حكم صبر الإنسان عند الإبتلاء بالفقر أو الغنى
  • التمسوا الصفاء وحلاوة الإيمان في رحاب الطبيعة البكر!
  • صلاح عبد الله يكشف سر غياب نبيل الحلفاوي عن التمثيل قبل رحيله