ضرباتها لن توقف الحوثيين.. أمريكا تتجاهل الحل الواقعي الوحيد
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
أثرت الضربات الأمريكية والبريطانية بشكل طفيف على قدرات الحوثيين القتالية واستعدادهم لمواصلة الهجمات على سفن في البحر الأحمر؛ مما يظهر فشل خيار الحرب وأن حل القضايا الإقليمية المعقدة يتطلب وقف إطلاق النار في قطاع غزة والالتزام الصريح بإقامة دولة فلسطينية.
تلك القراءة طرحها ألكسندر لانجلوا في تحليل بـ "منتدى الخليج الدولي" (Gulf International Forum) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء استهداف جماعة الحوثي اليمنية لسفن شحن في البحر الأحمر مرتبطة بإسرائيل؛ ردا على شن الأخيرة بدعم أمريكي حربا مدمرة على غزة.
وقال لانجلوا إن "البحر الأحمر لا يزال نقطة محورية رئيسية في غرب آسيا، في أعقاب العمليات العسكرية المتعددة التي قادتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين؛ مما أثار مخاوف من نشوب حرب إقليمية موسعة مع استمرار إسرائيل في حربها على غزة (منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)".
ولفت إلى أنه بعد أن شنت الولايات المتحدة أولى ضرباتها، مساء 12 يناير/ كانون الثاني الجاري، وعد الحوثيون بمواصلة القتال ضد الولايات المتحدة، و"هو سيناريو ينطوي على خطر توسيع الحرب في غزة إلى صراع إقليمي كارثي".
وأضاف أن "هذا السيناريو يكشف عن حماقة حجج الردع والمصداقية التي ترددها واشنطن لتبرير الضربات على اليمن، والتي تمثل أحدث تكرار لاستراتيجية أمريكة منقوصة في غرب آسيا، تركز على الحلول العسكرية للمشاكل التي تتطلب أساليب أكثر تعقيدا وإبداعا".
اقرأ أيضاً
الاتحاد الأوروبي يتفق على عملية عسكرية لردع الحوثيين في البحر الأحمر
هدفان للضربات
ردا على انتقادات بشأن هذه الضربات، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في 16 يناير الجاري: "لم نقل عندما شننا هجماتنا، إن الحوثيين سينهون هجماتهم مرة واحدة وإلى الأبد".
"في الواقع، بدا أن سوليفان يقلل من أهمية الردع كمبرر للضربات؛ مما يشير إلى أن الإدارة شنتها للحفاظ على مصداقيتها و/أو ربما لمنع (حليفتها) إسرائيل من اتخاذ إجراءات أحادية"، كما تابع لانجلوا.
وأضاف أن "الجهات الفاعلة الإقليمية، التي تتحوط بالفعل في علاقاتها مع القوى العظمى، قد تنظر إلى هذه الضربات على أنها امتداد للسياسة الخارجية الأمريكية الطويلة الأمد والمفككة والمتناقضة على مدى العقود العديدة الماضية".
وأردف أن "المسؤولين في الإدارة تقدموا بالاقتراح تلو الآخر لكبح جماح الصراع، بينما رفضوا النظر في الحل الواقعي الوحيد، وهو وقف إطلاق النار بين إسرائيل و(حركة) حماس والالتزام الصريح بإقامة دولة فلسطينية".
اقرأ أيضاً
الضربات تزداد خطورة.. هل تقترب أمريكا وإيران من حافة الحرب؟
نتائج كارثية
لانجلوا شدد على أن "رد فعل التحالف الأمريكي غير المحسوب على الحوثيين بالضربات يهدف إلى حل الأعراض بدلا من حل الأسباب الجذرية".
ولفت إلى "التضامن العربي مع فلسطين والإجراءات الحقيقية أو السطحية لأصحاب المصلحة الإقليميين، الذين يعملون داخل هذا التضامن وحوله لتعزيز المصالح الفلسطينية أو مصالحهم الخاصة. وهذا الواقع إما يغيب عن أعين المسؤولين في واشنطن أو يتم تجاهله؛ مما قد يؤدي إلى نتائج كارثية".
ومضى لانجلوا قائلا إنه "يجب على صناع السياسة في الولايات المتحدة أن يفهموا أن التصعيد الإقليمي الذي يخشوه كثيرا يحدث بالفعل (...)، فالشرق الأوسط أصبح غارقا في حالة من عدم اليقين بشكل متزايد".
وزاد بأنه "في ظل هذه الظروف فإن مصداقية الولايات المتحدة من الممكن، بل وينبغي لها، أن تتجسد في القوة الناعمة والقدرة على خلق السلام وليس الحرب".
لكن "إذا استمر (الرئيس الأمريكي جو) بايدن وفريقه في تبني أساليب عفا عليها الزمن في التعامل مع المنطقة، فسيخاطر باندلاع صراع إقليمي وحشي، وبالتالي سيخاطر باحتمال إعادة انتخابه في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل"، بحسب لانجلوا.
اقرأ أيضاً
المجلس الأوروبي: الحل الدبلوماسي لاحتواء هجمات الحوثيين وتقييد شعبيتهم يبدأ من غزة
المصدر | ألكسندر لانجلوا/ منتدى الخليج الدولي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الحوثيون اليمن ضربات أمريكا البحر الأحمر حرب غزة فلسطين الولایات المتحدة البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
على وقع هجمات الحوثيين.. تقرير غربي: البحر الأحمر أصبح ساحة للعلاقات العالمية المعقدة (ترجمة خاصة)
أفاد تقرير غربي أن منطقة البحر الأحمر تعد نقطة ساخنة جيوسياسية. فهي تتمتع بأهمية بحرية استراتيجية كطريق عبور للتجارة العالمية وتلعب دورًا حاسمًا في أمن المنطقة الأوسع واستقرارها الاقتصادي.
وقال موقع theconversation في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن جهات فاعلة مختلفة تتنافس على النفوذ في هذه المنطقة المهمة. ومن بينها تركيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والصين والولايات المتحدة وإيطاليا، التي أنشأت قواعد عسكرية.
وأكد أن انعدام الأمن في منطقة البحر الأحمر له تأثير مضاعف على تكلفة التجارة العالمية. وتهدف هذه القواعد العسكرية إلى حماية النفط والشحن التجاري.
"مع المصالح المتضاربة هنا، أصبح حوض البحر الأحمر ساحة للعلاقات العالمية المعقدة. وكان هذا واضحًا بشكل خاص بعد اتفاق أوائل عام 2024 بين إثيوبيا غير الساحلية ودولة أرض الصومال المنفصلة لمنح أديس أبابا حق الوصول إلى البحر الأحمر. وكان للاتفاق، الذي اعتبرته الصومال إهانة، آثار ضخمة لا تزال مستمرة. فقد أشعل فتيل اتفاقيات أدت إلى تحالفات جديدة - ولكنها اختبرت أيضًا التحالفات القديمة"، وفق التقرير.
وحسب التقرير فإنه مع تصادم المصالح المحلية والأجنبية، تعمل ديناميكيات جديدة على تشكيل سياسات المنطقة.
اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال
نقل الموقع عن أليكسي إيلونين قوله "في 1 يناير 2024، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ورئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي عن خطة لمنح إثيوبيا غير الساحلية إمكانية الوصول إلى ساحل أرض الصومال لمدة 50 عامًا. وفي المقابل، ستفكر إثيوبيا في دعم سعي أرض الصومال للحصول على الاعتراف الدولي كدولة ذات سيادة. وأعلنت الصومال، التي تطالب بأرض الصومال، أن الاتفاق عمل عدواني. توضح الصفقة ــ والمعارضة الدولية اللاحقة التي أثارتها ــ الشبكة المعقدة من التحالفات والمنافسات التي تشكل سياسة المنطقة، كما يوضح.
التهديد الحوثي
كما سلط أوائل يناير الضوء على التأثير العالمي لانعدام الأمن في منطقة البحر الأحمر. أصبحت ميليشيا الحوثي، التي هي عبارة عن متمردين متمركزين في اليمن، واحدة من أكثر التهديدات الأمنية إلحاحًا في حوض البحر الأحمر.
وزعم المتمردون أنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل للاحتجاج على حرب إسرائيل ضد حماس في غزة. ومع ذلك، كانت السفن السعودية هي الضحية الأكبر لهجماتهم.
وأكدت هذه الهجمات على انعدام الأمن المستمر في أحد أكثر الممرات المائية استراتيجية في العالم. ويقترح المحلل الأمني بوراك شاكر أن معالجة هذا الأمر تتطلب استجابة دولية منسقة.
تركيا في المياه الصومالية
ردًا على التهديد الحوثي والتهديدات الأمنية الأخرى في المنطقة، عمقت تركيا مشاركتها في الصومال. أعلنت أنقرة عن اتفاقية دفاع جديدة مع مقديشو في فبراير 2024.
وبموجب شروط الصفقة، ستقدم تركيا مساعدات عسكرية وتدريبًا لمساعدة الصومال على حماية مياهها من القرصنة والصيد غير القانوني.
ولكن كما يوضح أستاذ العلاقات الدولية فيديريكو دونيلي، فإن الاتفاق ما هو إلا جزء من الاستثمار الاستراتيجي الطويل الأجل لتركيا في المنطقة.
ويدعم الانخراط في الدفاع البحري استراتيجية أنقرة الأوسع في السياسة الخارجية لكسب قدر أعظم من الاستقلال في السياسة العالمية.
حوض البحر الأحمر
ويرى التقرير أن انخراط تركيا المتزايد في الصومال قد أدى إلى توتر علاقاتها التاريخية مع إثيوبيا. فإثيوبيا، التي تحاول بالفعل التعامل مع تداعيات اتفاقها مع أرض الصومال، تنظر إلى التطورات البحرية مع مقديشو باعتبارها تهديدًا محتملاً.
وأشار إلى أن العلاقات بين إثيوبيا وتركيا كانت ودية منذ أوائل القرن العشرين، وازدادت تقاربًا في السنوات الأخيرة مع مواجهة كل منهما لانتقادات من الغرب بشأن السياسات الداخلية.
ويوضح عالم التاريخ مايكل بيشكو أن علاقات تركيا مع إثيوبيا اقتصادية إلى حد كبير، في حين أن علاقاتها مع الصومال عاطفية. ويتطلب التعامل مع المصالح المختلفة في المنطقة عملاً متوازنًا دقيقًا.
وقال إن مثل هذه الصراعات المحلية والعالمية تؤكد على الأهمية الجيوسياسية للبحر الأحمر، حيث تعمل المصالح الاقتصادية والسياسية على تغذية التعاون والتوتر.
وخلص التقرير إلى أن استقرار المنطقة - أو عدم استقرارها - له عواقب بعيدة المدى على التجارة والأمن والسياسة العالمية.